الموضوع: الموت ... عطفاً
عرض مشاركة واحدة
قديم 23-08-2006, 12:28 AM   #1
شوق ودموع
عضو فعال


الصورة الرمزية شوق ودموع
شوق ودموع غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 17390
 تاريخ التسجيل :  08 2006
 أخر زيارة : 02-10-2006 (11:35 AM)
 المشاركات : 38 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
الموت ... عطفاً



كانت تعالج قسوة الخروج الى فضاء الحرية، محاولة مد عنقها عبر فتحة صغيرة في الطرف والفتحة تتصلب حول رأسها الصغير وتكاد أن تبتره، بدت الشرنقة صلبة مثل نفق صغير يتقلص رويدا رويدا فينغرز في فجوة أعماقه رأس الفراشة الغضة، ولم تفلح لفترة في شق الشرنقة المتكلسة حول جسدها الطري فبدأت تتلوى وتصارع عظام الغلاف المتحكم بها بلا جدوى، بدا الموقف أكثر إيلاما مما يمكن توقعه وهي لا تزال تعاني من صعوبة موقفها وتخيفها أكثر عتمة المكان الذي يقسو عليها بظلمتة، فيمزق قدرتها على الفرح والتلهف للحياة. لم تدرك تلك الفراشة الصغيرة أنها قد خلقت في شرنقة فكانت تقاوم الغلاف الذي يقيد جناحيها ويحد من حريتها في التحليق كما يقاوم العدو، وتشكو لنفسها من ظلم الأم التي وضعت بيضتها وتركتها تواجه المأساة وحدها،كرهت الفراشة حياتها وأظلمت في عينها فكرة المستقبل وما يمكن أن ينتظرها خلف هذه الشرنقة الشرسة،فبكت والتاعت حينما سمعها طائر صغير كان عابرا في فضاء المكان، هبط الطائر يقوده أنين المشتكية ولاحق صوتها فعثر على الشرنقة المنغلقة وبداخلها فراشة محبوسة تعافر رغبتها في الخلاص من سجنها المضطرب بها، صاحت الفراشة تشكو ربها من ظلم ماهي فيه،فأشفق الطائر الرؤوف على التعيسة، وذاب قلبه عطفا على مصيبتها، واقترب من الغلاف ينقده بمنقاره الحاد، ورغبتة تخليص البائسة تغلب مشاعره وتتغلب عليهز توقفت الفراشة مترقبة، وانحسرت عنها حالة الهياج التي عاشتها وهي تسمع نقرات الطائر فوق غلافها،كأنها تدعوها للحياة وتبشرها بالإنفراج بعد الضيق وبالأمل بعد اليأس، سكتت تنفرج في نفسها أبواب الأمل المنغلقة وقلبها يخفق متعاليا. بدأت الشرنقة تتهاوى ولمحتها تتشقق متفككة عن جسدها المشتاق للحرية ببطء، حتى انفلقت وتساقطت قشورها مفرجة عن أجنحتها الصغيرة.فرح الطائر لأنه أنقذ المخلوقة الضئيلة، فصفق بجناحيه وغرد مزقزقا لأجلها، لكن الفراشة كانت تبكي وتزيد مع البكاء حرقتها وكأنها لم تفرح بالنجاة من ظلمة قبرها. زاد بكاء الفراشة من استغراب الطائر فاقترب منها مستفهما عن السبب حينما لمحها أضعف من أن تطير،وكلما حاولت رفع جسدها تهالكت أجنحتها وتهدلت ذابلة حول جنبيها، وعلم الطائر يومها بأن الشرنقة كانت تقسو على جسد الفراشة الغض كي تدرب الأخيرة جناحيها على الخفق والطيران كلما حاولت تكسير قيودها وكلما قاومت السجن المفروض عليها. فر الطائر خجلا من محاولته الفاشلة وسقطت الفراشة الكسية فوق بقايا قشور الشرنقة المحطمة صريعة.
المصدر: نفساني



 

رد مع اقتباس