عرض مشاركة واحدة
قديم 18-10-2006, 02:17 AM   #11
اصالة مصرية
عضو نشط


الصورة الرمزية اصالة مصرية
اصالة مصرية غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 18661
 تاريخ التسجيل :  09 2006
 أخر زيارة : 26-10-2006 (06:22 PM)
 المشاركات : 157 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue


القِسم الثالث: ما يكونُ بعِبارات محرمةِ في ذاتِها
كالحَلِفِ بغيرِ الله، أو رد القَدَرِ، أو ذِكرِ مُقرَداتِ الفُخشِ والبَذاءِ، وكتغزلِ الرجالِ بالذكورِ، وشعر الإغراءِ بالحَرامِ، كالشًعرِ المُغري بالنَّظَرِ المحرًمِ، والمتْعَةِ المحرمة، كتقَبيلِ مَن لا تحل، وَوَضعِ الشفاهِ على الشفاهِ، وذِكرِ تَوريدِ الخُدودِ وتَقبيلِها من أجنبيةِ، فهذا الغِناءُ لا يَحل.
وهذا مَوجود في غِناءِ المغنينَ في القَديمِ والحديثِ، وإن كانَ قليلا.
والعاقِلُ فيما يَختارُ سَماعَهُ من حَسَنِ الشعر والنظمِ يَعودُ فيهِ إلى ما أوتِيَ من العَقلِ والحِكمَةِ، ومُفرَداتُ الشعرَاءِ خَليطٌ ، وما يَلهو به الناسُ ويغنيهِ المغنونَ فيهِ كَثير من الشعر الذي يَغلبُ عليهِ العَبَثُ، ويترفعُ عن سَماعِهِ العُقلاءُ، كَما فيهِ ما أشَرتُ إلمِهِ من الحِكمَةِ وشعر العاطِفَةِ المباحِ وحَسَنِ الكَلامِ، والعاقِلُ مَن اختارَ لأذُنِهِ كَما يَختارُ لبَطْنِهِ وفَرجِهِ وسائِرِ مُتعَتِهِ.
وبعدَ ذلكَ، فيَجِبُ أن يُعتَبَرَ دائما في بابِ المباحاتِ: أن لا تَصُدَ عنِ الواجِب، ولا توقِعَ في الحَرامِ، فإن صيرَت صاحِبَها إلى ذلكَ حَرُمَ عليهِ القَدر الذي خَرَجَ بهِ عن حَدهِ.
وَدونَ اعتِبارِ هذا التفصيلِ، وَتَعميمُ الحُكْمِ بمَنْع أو إباحَة بإطلاق، ليسَ مما يأتي على استِعمالِ جَميعِ النصوصِ الوارِدَةِ في هذا البابِ، على ما تقدم بَيانُهُ.

فهذا هُوَ حاصِلُ القول في حُكمِ الموسيقَى والغِناءِ.
فإذا ظَهَرَ هذا، فاعلَنم أن الأمرَ الذي تَبينَ أصل حُكْمِهِ من جِهَةِ الشْرعِ بدَليلِهِ، فالواجِبُ الثباتُ على حُكمِ الشرع فيهِ، والتسليمُ لهُ، ولا يحل أن يُجعَلَ من تغيرِ الزمانِ ذَريعَة إلى تَغييرِ أصل ذلكَ الحُكمِ، فإن اللّه تبارَكَ وتعالى عَليم خَبيرٌ ، فشَرَعَ لعبادِهِ الشرائعَ بما يُناسِبُ مِكنَتهم واستِطاعَتَهم:
فبينَ الحَلالَ بطَريقَيْنِ: الإجمالِ، لتعذرِ حَصرِ أفرادِهِ، حيثُ سَخَّرَ تعالى لعبادِهِ ما في السماوات وما في الأرضِ جَميعاً منهُ رَحمةً ونعمَةً.
والتفصيلِ، وذلكَ لبعض أمثلةِ الحلالِ إظهاراً لمنتِهِ على عبادِهِ لا حَصراً. وبينَ الحرامَ تَفصيلًا فلم يَدع لأحَدِ شُبهَة في حُكمِ شيءِ من أفرادِهِ، كَما قال تعالى: (وقد فَصَّلَ لكُم مَا حَرَمَ عَلييكم إلَا مَا آضطُرِرتُم إليه) الأنعام:117،.
وثَبَتَ أبي الدرداء "ر"، قالَ: قالَ رَسولُ اللّه "ص": ((ما أحَل اللهُ في كتابهِ فَهُوَ حَلال، وَما حَرمَ فَهُوَ حَرام، وَما سَكَتَ عنهُ فَهُوَ عَفو، فَاقبَلوا مِنَ الله عافِيَتَهُ، فإن الله لم يَكُن لِيَتسَى شَيئاً"، ثُمَّ تَلا: (وما كان ربك نسِيا).
وتحصَّلَ من الدراسَةِ المتقدًمَةِ أن الموسيقَى والغِناءَ كانَت مَوجودَةً قبلَ الإسلامِ، وجاءَ الإسلامُ ونَزَلَ التشريعُ، ولم نَجدها فيما فَصَّلَ اللهُ تعالى ورَسولُهُ تَحريمَهُ، وَلو ثَبَتَ قائل على ذلكَ لكانَ مُغنياً له للقول: هِيَ على أصل الحِم، لكنا بينا أيضاً من البراهينِ المثبِتَةِ لصحةِ هذا الأصل بخُصوصِ هذهِ القضيةِ ما لا يَدع رِيبَة في ذلكَ، والحمدُ للّه.


 

رد مع اقتباس