عرض مشاركة واحدة
قديم 18-10-2006, 02:26 AM   #16
اصالة مصرية
عضو نشط


الصورة الرمزية اصالة مصرية
اصالة مصرية غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 18661
 تاريخ التسجيل :  09 2006
 أخر زيارة : 26-10-2006 (06:22 PM)
 المشاركات : 157 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue


رابعاً: القول في عَدالَةِ المغني، والمستَمِعِ إلى الغِناءِ.
بِناءَ على ما حَررناهُ في حُكمِ هذهِ المسألَةِ، من القول بالإباحَةِ فيِها تأصيلاً، فإن فعل المباحِ لا يَقدَحُ في العَدالَةِ، إذ القادِحُ في العَدالَةِ إنما هُوَ الفِسقُ، ولا يَقسُقُ الإتسانُ بفعل المباحِ.
فإن ذَهَبتَ إلى خلافِ ما حَررناهُ، وقلتَ بحُرْمَةِ الموسيقَى والغِناءِ، فإن صحةَ وقوعِ الخلافِ اجتِهاداً في حُكمِ هذهِ المسألَةِ، يَمنَعُ من القدح في عَدالَةِ المخالفِ بمجرد فعلهِ ذلكَ، لجَوازِ أن يَكونَ يَرى خِلافَ رأيِكَ، وهُوَ الإباحَةُ، وإنما الفِسقُ لازِم لمن يَفعل ما يَراهُ حَراماً.
والذي نَراهُ مَتعُ الطعنِ على المخالفِ فيما يَجوزُ فيهِ الاجتِهادُ مُطلقاً، إذ لو صَححنا ذلكَ لأنفُسِنا جَوزنا لمخالِفنا الحُكمَ علينا بمثلِ ما حَكَمنا عليهِ.
وَما أحسَنَ ما قالَ الشافعي في ذلكَ، قالَ: "وَالمستَحِل لنكاحِ المتعَةِ، وَالمفتي بِها، وَالعاملُ بِها، مِمن لا تُرد شَهادَتُهُ، وَكذلكَ لَو كانَ مُوسِراً فَنكَحَ أمَة مستَحِلَا لنِكاحِها، مسلِمَة أو مُشرِكَة، لأنا نَجِدُ مِن مُفتي التاسِ وَأعلامِهم مَن يَستَحِل هذا، وَهكذا المستَحِل الدينارَ بالدينارَينِ، وَالدرهَمَ بالدرهَمَيْنِ يَداً بِيًدٍ ، وَالعامِلُ بهِ، لأنَّا نَجِدُ من أعلامِ الناسِ مَن يُفتِي بهِ وًيعمَلُ بهِ وًيرويهِ، وَكذلكَ المستَحِل لإتيانِ النًساءِ في أدبارِهن، فَهذا كُلهُ عندَنا مَكروة محرم، وَإن خالَفنا الناسَ فيه فَرَغِبنا عَن قولهم، وَلم يَدعُنا هذا إلى أن نَجرَحَهم وَنَقولَ لهم: إنكم حَللتم ما حَرمَ الله وَأخطأتم، لأنهم يَدعونَ علينا الخطَأ كَما نَدعيهِ عَليهم، وًينسبُونَ مَن قالَ قولنا إلى أنَه حَرمَ ما أحَلَّ اللّه " (الأم.. للشافعي).

خامساً: الرقصُ.
بالتظَرِ إلى مُجرد وُقوعِهِ، فلا دَليلَ على مَتعِهِ البتَةَ، خِلافا لِما ادعى بعضُهُم من تَحريمِهِ، بل ثَبَتَ الدليلُ المؤكدُ لأصل الإباحَة:
فعَن عائِشَة "ر"، قالَتْ: جاءَ حَبَش يَزْفِنُونَ (يرقصون) وفي رِوايةِ: جاءَ السودانُ يَلْعَبونَ بينَ يَدَي رَسولِ اللّه "ص"، (وفي رِوايةٍ : كانَ الحَبَشُ يَلعبونَ بحِرابٍ لهُم)، (وفي رِوايةٍ : إن الحَبَشَةَ لَعبوا لرَسولِ اللّه"ص")، فدَعاني التبيُّ "ص"، فاطلَعتُ من فوقِ عاتِقِهِ، فطأطاً لي رَسولُ الله "ص" مَتكِبَيهِ،، فوَضعتُ رأسي على متكِبِهِ، فجعَلت أنظُرُ إلى لَعبهِم، حتى كنتُ أنا التي أنصرِفُ عنِ النظَرِ إليهِم.
وزَجَرَهم عُمَرُ بنُ الخطابِ حينَ رآهُم يَفعلونَ ذلكَ، فقالَ النبي "ص":" دَعهُم، أمناً بَني أرفِدَةَ" يعني منَ الأمنِ .
كانُوا يَرقصونَ بِما يُمكِنُ أن نُسميَه اليومَ (دَبكَة شَعبية) في مَسجِدِ رَسولِ الله "ص"، بمحضَرِهِ عليهِ الصلاةُ والسلامُ، فأينَ أصحابُ الفِقهِ من هذا الهَديِ لئلاً يَشُقوا على أمةِ مُحمد "ص"؟
وَمِنَ العُلماءِ من أكدَ إباحَةَ الرقصِ بِما ثَبَتَ أن جَعفَر بنَ أبي طالبٍ حَجَلَ في مَحضَرِ النبي "ص" في مَقامِ فَرَحٍ وسُرورِ .
والحَجلُ: أن يَرفَعَ رِجلَا وًيقفِزَ على الأخرَى.
ثُم إنَّ الرقصَ أعراف وتَقاليدُ شائِعَة في الشْعوبِ، تُعبر عن اتتماءاتِها لأوطانِها ومُجتَمعاتِها.
لكن يَنبَغي أن تُلاحِظَ أنه يَمتَنِعُ إذا اقتَرَن بهِ شَي: مما يَلي:
أولاً: اتكِشافُ ما لا يحل من العَوراتِ، وذلكَ لإيجابِ الشريعَةِ سَترَ العَورَةِ بنُصوصِ كَثيرَةٍ دلت على ذلكَ في الكتابِ والسُّنة، كحَديثِ مُعاوِيَهَّ بنِ حَيدَةَ، قالَ: قلتُ: يا رَسولَ الله، عَوراتُنا ما نأتي منها وما نَذَرُ؟ قالَ: "احفَظ عَورَتَكَ إلا من زَوجَتِكَ أو ما ملَكَت يَمينُكَ". وَيشتَد المنعُ إذا انْضَم إلى انكِشافِ العَورَةِ تَبرج بزينَةٍ .

ثانِياً: التكسرُ والتثني المغري بالفاحِشَةِ، كهَز الوَسَطِ أو الأردافِ، إذا وَقَعَ من أجنَبي، كالذي يَقَعُ في كَثيرِ من الأغاني المصورَة في زَمانِنا.
والمقياسُ فيهِ ما تَقَعُ بسَبَبِه شَهوَةُ التظَرِ، والدليلُ عليهِ قولهُ "ص":
"كُتِبَ على ابنِ آدَمَ نَصيبُهُ من الزًنا، مُدرِك ذلكَ لا مَحالَةَ، فالعَينانِ زِناهُما التظَرُ ".
فإن بَرئ من الشهوَةِ فىِ هذهِ الحالِ لم يَمتَنِع وإن كانَ بتكسرِ وتثن، كرَقصِ النساءِ معَ النساءِ، لأننا حينَ مَنَعنا متهُ فإنما بَنَينا المنعَ على اعتِبارِ الشهوَةِ، وليسَ لدَليلٍ خاص، فحيثُ تَتعَدِمُ هذهِ العلةُ يَتعَدِمُ مَعَها الحُكمُ.
فإن وَقَع الرقصُ مِمن يحل النظَرُ إلى عورَتِهِ ويُباحُ اشتِهاؤُهُ على أي وجه، كالزوجينِ فيما بَينَهُما، فهُوَ حلال على أيٌ وجه، فإن اللهَ أباحَ بَينَهُما ما هُوَ غايَةُ الشهوَةِ، وهُوَ الجِماعُ، فما دونَه أولى بالإباحَةِ. وتكلفَ بعض الناسِ، فحرمُوا الرَّقصَ مُطلقاً، ولم يَستدلوا بشَيءِ يَسْتَحق الوقوفَ عتدَه، إذ عَرِيَ من العلمِ والفِقهِ، بل وتضمَّنَ من بعضهم رد السنة الصحيحَةِ في لَعبِ الحَبَشَة، بالهَوى !!


 

رد مع اقتباس