07-11-2006, 11:23 PM
|
#7
|
V I P
بيانات اضافيه [
+
]
|
رقم العضوية : 12743
|
تاريخ التسجيل : 02 2006
|
أخر زيارة : 19-06-2009 (03:19 PM)
|
المشاركات :
6,234 [
+
] |
التقييم : 45
|
|
لوني المفضل : Cadetblue
|
|
نقاط التحول
عندما تأخذ الحياة اتجاهاً جديداً[1]
هايكو ايرنستHeiko Ernst [2]
ترجمة الدكتور سامر جميل رضوان
في كل حياة هناك نقاط عدة من التحول. إننا نريد أو علينا إنهاء مرحلة من مراحل الحياة والبدء بمرحلة أخرى. وأحياناً تشكل الأزمات والانكسارات نقاط التحول - البطالة و الطلاق يخرجاننا عن السكة، وأحياناً تكون اللا أحداث هي التي تجبرنا على البدء من جديد - لقد انتظرنا طويلاً شيئاً ما لن يصل : النجاح، الاعتراف ، الحب. وفي كل الأحوال يتعلق الأمر بإنهاء العلاقات أو العادات القديمة بشكل صحيح - عندئذٍ فقط نكون أحراراً للبدء من جديد.
يستلقي بينيامين متهادياً على فراش هوائي في حوض السباحة بمنزل والديه. فهو منذ عدة أسابيع يتسكع في البيت على هذا النحو ، وبدأ قعوده يوتر والديه. وحتى النصيحة التي أسر له بها أحد أصدقاء والده في العمل والمتمثلة في ( " لن أقول إلاّ : بلاستيك ! " ) لم تعطه أي دفع . كان بينيامين - المعروف باسم دوستين هوفمان - قد أنهى تعليمه، غير أن " امتحان النضج " الحقيقي مازال بانتظاره: فما زال عليه العبور من خلال ضياع ولتشتت شاب على أعتاب الرشد.
أصبحت الحياة المهنية ” للأب " لوريوتس ( " ante Portas " ) وراءه. إنه يمثل صعوبة وسخرية التمكن من بناء معابر لاحقة في الحياة - على نحو المعبر من الحياة المهنية إلى التقاعد: فالمتقاعد لم يتقبل خروجه بشكل حقيقي وحاول " تنظيم " حياة الأسرة كما اعتاد ذلك في المهنة. وكانت النتيجة : فوضى كلية.
إننا نحب بعض الأفلام والمسرحيات لأننا نرى فيها أزمات ومتاعب حياتنا الخاصة. فعندما تعالج على المسرح أو الشاشة دراما وجودنا الخاص بصورة نموذجية فإننا نتأثر ويمكننا الضحك حول ذلك. وهذه الدراما هي بشكل خاص دراما المعبر:
فحياة الإنسان ما هي إلا نتيجة لأطوار بارزة كثيراً أو قليلاً. وتتعلق الصحة النفسية وسعادة الحياة بمدى جودة السيطرة على المعابر بين هذه المراحل . وعلى الرغم من أن بعض العلامات الفارقة كالدخول للمدرسة أو الشهادة الثانوية أو الدخول في الحياة المهنية أو الزواج أو التقاعد تشير خارجياً إلى أن مرحلة من مراحل الحياة قد انتهت وبدأت مرحلة أخرى ، غير أن التغلب النفسي على المعبر لا يتم دائماً.
فإلى جانب نقاط التحول المحددة ثقافياً أو زمنياً - المُعَلَّمة بالدخول إلى المدرسة أو خاتم الزواج أو بالساعة الذهبية في التقاعد - تخبئ الحياة عداً كبيراً من نقاط التحول الأخرى: فالانتقالات و الانفصالات ، العطالة عن العمل أو الطلاق أو تغيير المهنة أو الأمراض ناهيك عن الأحداث الإيجابية كالترقيات ونمو الأسرة تجبر - أو تتيح - البدء من جديد.
و تشكل كل واحدة من نقاط التحول هذه مواقف حرجة. وإعادة الضبط تنتج الاضطرابات والإرهاق وفوضى المشاعر والمخاوف وعدم الأمان. كما وتتنوع إمكانات خسران معبر ما - إذ قد يظل المرء غارقاً بما هو قديم، بما هو مألوف ، أو يغرق في الإمكانات الجديدة أو يحمل معه الكثير من الأثقال النفسية من المراحل الحياتية السابقة إلى المرحلة الجديدة.
إن من يصل إلى نقطة تحول في حياته عليه التغلب على ثلاث خطوات:
1- إيجاد نهاية: فكل بداية جديدة تبدأ بنهاية ولا بد من إنهاء و " إغلاق " العلاقات والعادات و المواقف القائمة حتى الآن ليس بشكل خارجي فحسب وإنما نفسياً كذلك.
2- إعادة التوجه: فنقاط التحول تشكل فرصة لتصحيح المسار وللنمو الشخصي - ومن أجل ذلك نحتاج إلى " منطقة حيادية " أو لوقت مستقطع نستطيع فيه إدراك كيف وإلى أين سنتابع.
3- البدء من جديد: عندئذ يمكن وبشكل متحرر من الأشياء " غير المنجزة " من المراحل السابقة وبهدف جديد أن يتم دفع التطور الشخصي والقيام بالبداية الجيدة.
وتشبه الخطوات الثلاثة طقوس العبور “ rites de Passage" التي لاحظها ووصفها عالم الأجناس الهولندي أرنولد فان غينيب Arnold van Genepp في الثقافات التقليدية . وتدور الطقوس حول ثلاثة أطوار عبور : الموت الرمزي والفوضى والخلق. وفي المجتمع الحديث لم يعد يوجد إلا القليل من الطقوس التي تسهل للفرد العبور من طور حياة إلى آخر. وعليه التعرف بنفسه على نقاط التحول و التغلب على أزمات تغيير الاتجاه وحده في الغالب. وبشكل أكثر بكثير من الناس في العصور السابقة يرى نفسه مواجهاً بضرورة التعامل مع التصدعات والتغيرات في اتجاهات برنامج الحياة. إن التبديل المستمر للاتجاه والبدء من جديد أقرب لأن يكونا علامات مميزة لسير حياة أناس مجتمع ما بعد الحداثة: فعدد التبديل الاختيارى أو القسري للمهنة والسكن أو أرقام الطلاق تظهر من الناحية الإحصائية الخالصة وحدها مدى الحراك الاجتماعي والنفسي في هذه الأثناء. فسيرة حياة أناس هذه الأيام تتميز بقسر التعلم مدى الحياة وإعادة التلاؤم المستمرة والتبديل المتعدد للأدوار.
المشكلة تكمن في إيجاد نهاية جيدة
فنحن نطور منذ وقت مبكر " أساليب شخصية من المعابر " : هل يصعب أو يسهل علينا البدء بشيء ما جديد والتخلي عن القديم ؟ وهل نحن " متشبثون " لا نستطيع الترك إلاّ بصعوبة أم أننا أقرب " للمتهورين " يسهل علينا البدء من جديد؟ إن تذكر مواقف الانفصال والعبور يعطينا دلالة على الأسلوب الذي سنقود فيه نقاط التحول في المستقبل أيضاً. ومهما يكن نوع الأسلوب الذي طورناه -فعند الخطوة الأولى لعبور ما يمكن أن نرتكب الكثير من الأخطاء:
إذ يصعب على كل إنسان تقريباً إيجاد نهاية جيدة ، على الرغم من أن ثقافتنا تفضل أسلوب الانفصال السريع، فقد تعلمنا أنه على المرء " إلا يولول على الحليب المدلوق " وبأن لكل شيء نهاية في الحياة وعلى الإنسان التطلع للأمام وما هو أكثر من حكم الحياة اليومية . ووفقاً لذلك نريد " الخروج " بسرعة كبيرة قدر الإمكان ونبدأ من جديد عندما يلوح المعبر ونأسف أو ننتقد أولئك الذين يصعِّبون على أنفسهم إيجاد نهاية . ولكن لابد من تمثل كل نهاية وهذا التمثل يحتاج إلى وقت كافٍ. فمن يجتاز خسارة ما ( كالموت أو الطلاق ) أو تغيير مهم
( كالانتقال أو تبديل العمل ) بسرعة كبيرة فإنه يخاطر على المدى البعيد بحدوث مشكلات نفسية.
لقد اعتدنا النظر للتطور على أنه نمو و صعود و تقدم مستمر. غير أن التطور يشترط وجود جدل بين التهديم Des-organization و إعادة التنظيم New - Organization ، الذي يتم دفعه للأمام أيضا ًمن خلال الخسارة بالتحديد : ففي البدء لا بد من نسيان أو التخلص من شيء ما قبل أن يتم التمكن من تعلم شيء جديد.
إن أزمات الحياة التي تفتح باب الوداع و إعادة التوجه تترافق مع واحد أو أكثر من السمات التالية :
n فقدان المعتاد: فالنوبة القلبية والانفصال وتبديل السكن تعني الخروج من سياق ما. فظروف الحياة الخارجية تتغير بسرعة وتتطلب تكيفاً.
n فقدان الهوية : تنتج غالبية نقاط التحول الشعور المقبض المتمثل في : " أأنا الذي يحدث معه ذلك؟ ما الذي فعلته في الواقع؟ " إننا نقف إلى "جانب أنفسنا " ولكننا لم نعد " نحن أنفسنا ".
n فقدان الأوهام: توجد في كل حياة سلسلة لا متناهية من الخيبات. فمنذ الطفولة علينا إدراك بأنه لا وجود لأرنب عيد الفصح وأن الوالدين ليسا كاملين . ولاحقاً يضايقنا جحود رئيس أو غدر صديق . ويتكشف غباء وأنانية المعبودين. والسياسيون القلائل الذين يعتبرهم الإنسان شرفاء هم فاسدون كالآخرين تماماً. ويسيء شريك حياتنا استخدام ثقتنا به. وتتحول العطلة إلى رحلة مقززة، وهكذا دواليك. ينبغي للخيبات أن تقود إلى تصحيحات للتصورات المثالية ( غير الواقعية ): فبمجرد أن نتخلى عن الأوهام يمكننا التعلم من جديد. غير أن الخيبات غالباً ما تشكل مناسبة للإزعاج المستمر . ولأنه لم يقم أي نزع حقيقي للأوهام فلا التغيير يمكن أن يتم ولا التقدم : فنبحث من جديد عن أصدقاء أكثر وفاء وشركات أكثر أمانة و معبودين أكثر جدارة بالتصديق. ويدور السيناريو في حلقة، بسبب اعتقادنا " بإيجاد شخص ما " لن يخيِّب أملنا هذه المرة - حتى المرة القادمة . أو أننا نشعر بالمرارة و السخرية و نصبح شكاكين مزمنين .
n فقدان التوجه : عندما ينتهي شيء ما فإن الجديد على الغالب غير موجود بعد. إننا نشعر بالفشل والضياع والفراغ الداخلي. ويشبه هذا في ميثولوجيا المعبر الطور الذي يهيم فيه البطل على وجهه في حديقة الضياع أو في غابة ما أو عندما يبتلعه حيوان.
يتبع
|
|
|