07-11-2006, 11:24 PM
|
#8
|
V I P
بيانات اضافيه [
+
]
|
رقم العضوية : 12743
|
تاريخ التسجيل : 02 2006
|
أخر زيارة : 19-06-2009 (03:19 PM)
|
المشاركات :
6,234 [
+
] |
التقييم : 45
|
|
لوني المفضل : Cadetblue
|
|
مأساة اللاحدث
لا تقتصر ضرورة السيطرة على المعابر في الحياة على نقاط التحول التي نحددها نحن بأنفسنا أو على الأحداث الخارجية التي نصطدم بها . فعندما لا يكون مفرق الطريق معلماً بوضوح تصبح المهمة أصعب بكثير جداً - أي عندما يتعثر نمونا لأن شيء ما بالتحديد لا يحصل.
واللاأحداث تعد خطيرة على الصحة النفسية والعافية مثلها مثل الفوضى والأزمات المرتبطة بمواقف عبور واضحة . إننا نعاني من عدم حدوث شيء ما: إذ لا نجد شريك حياتنا المناسب، بل ولا حتى الحب الكبير. ولا نستطيع العمل في المهنة التي نرغب ولا تتم ترقيتنا. ولم ندرك فرصة ما كبيرة ، وربما تكون هي فرصة حياتنا، ولا نحصل على الاعتراف الذي نتوقعه، ولا نحصل على النجاح الذي نأمل ، ولا نستطيع الحصول على الطفل الذي نتوق إليه ، أو حتى عندما لا يقتفي الابن أثرنا . إننا نأمل بشيء بلا طائل، لن يحصل ، إننا ننتظر غودوت Godot.
واللا أحداث عبارة عن خيبات، بل إنها توقعات غير محققة ومجالات متصدعة . اللاحدث ليس دراما، ولكنه غالباً ما يكون مأساة صامتة . لقد انزلقنا في مأزق - ولا نرى مخرجاً: لقد استقلنا " داخلياً " ، ولكننا لا نرى فرصة لترك العمل غير المحبوب. نجد أنفسنا محصورين في علاقة ولكننا لا نريد المغامرة بالطلاق فما زال الأولاد هنا و القرض العقاري للمنزل. اللاأحداث تنخر في وعي الذات وغالباً ما تكون أسباباً متجاهلة للاكتئابات.
إن الإحساس بتفويت شىء ما جوهري وبعدم وجود أمل يشل ويعيق التطور النفسي. ويمكن وصف الإحساس بالحياة للإنسان الذي يعاني من اللاحدث من خلال ملاحظة لهينري ديفيد تورري Thoreau Henry David مؤلف رواية التطور تحت عنوان Walden " " على النحو التالي: " تعيش غالبية البشر حياتها في شك صامت " . يمكن للاّأحداث أن تحطم الفؤاد بالحرف الواحد. وتشكل مقاومة هذا القنوط وإدراك الخيبات عموماً والتوديع المبكر للأحلام غير المحققة وغير القابلة للتحقيق مهمة مركزية في الحياة، يجد كل الناس تقريباً أنفسهم في مواجهتها منذ سن الثلاثين على الأكثر .
ويغلب ألاّ يتم الاهتمام بهذه المهمة الحياتية لأنه من الممكن أن يكون أن يكون الاعتراف بالأخطاء وتوديع الآمال مؤلماً جداً. وهكذا يتشبث كثيرون بمخططاتهم ورغباتهم بصورة لا شعورية - حتى عندما يصبح واضحاً بأنها لن تتحقق على الإطلاق. إنهم يفضلون التمسك بالتعاسة وأخيراً " باليأس الصامت " ، بدلاً من وضع " البرنامج ب "، من وضع بديل ومنح حياتهم اتجاهاً جديداً.
وغالبية اللاأحداث يدركها الإنسان فجأة - يراها أمام أنفه : جواب قاطع بالرفض لا يترك ما يمكن للمرء أن يتمناه. أو نلتقي بصديق دراسة تجاوزنا مهنياً ويتباهي بالإضافة إلى ذلك بحظه الخاص ( " منزلي ، سيارتي، سائسة خيولي " ). و أخرى تأتينا بالتدريج: لقد رفض مخطوط الرواية من 23 دار نشر . وتنهار لاأحداث أخرى علينا ثانية و بعد سنين - يتلف الأمل بالتدريج ونقترب بخطوات قصيرة من توديع الأحلام والأهداف.
وبعض الاأحداث تؤلم لأنها تفضحنا ويصبح الآخرون شهود فشلنا ( " لم يحقق \ تحقق
النجاح ") ، في حين أن لا أحداث أخرى تؤلم لأنها خاصة جداً وعلينا وحدنا التعامل معها . في كل حال ترهقنا المشاعر السلبية- إنها الإشارات الأكثر وضوحاً بأننا أمام لا حدث : الخجل والحزن و الغضب والحسد وكذلك اللامبالاة والبلادة.
وتغلب ملاحظة اللاأحداث المؤلمة في بعض مجالات الحياة بشكل خاص:
n تشكل الرغبة في الحب المفعم والحميمية والمشاركة السماد للآمال الخائبة . ويمكن ملاحظة مدى شدة التوقعات من شريك الحياة ( أو حتى من رفيق المرحلة الحياتية ) على سبيل المثال من إعلانات الزواج في الجرائد اليومية : فبما أن الإنسان يصور نفسه وكأنه فارس الأحلام ( بعيوب صغيرة على أقصى تقدير ولكن محببة )، فإنه يحتمل - طبعاً كشريك فقط - أن يكمن خلف ذلك إنسان مثالي آخر. فالرغبات الرومانسية ، مختلطة غالباً مع الخوف من فوات قطار الزواج ، تولد وجداناً مدهشاً، لا يمكن واقعياً إلاّ وأن ينجم عن واقع خائب.
n فإذا ما حصل وتم تأسيس أسرة فإنها تتحول إلى بيت بلاستيكي للاأحداث. فالخيبات تكمن في كل مكان : الرغبة بالأطفال لا تتحقق. أو لا يتطور الأولاد بالشكل المرغوب _ إنهم ناكرون للجميل (الأولاد الجاحدون أحدُّ من ناب الأفعى : الملك ليير Leer )، إنهم "يفشلون " في المدرسة أو لا ينفذون "وصايا " أخرى لوالديهم ، لوطيون أو سحاقيون أو أنهم بشكل آخر " غير " التصورات المرغوبة.
n تعتبر الحياة المهنية بالنسبة لغالبية البشر أهم مصدر لأحاسيس القيمة الذاتية .إن الحاجة الأساسية بأن يكون الإنسان نافعاً ومهماً والتمكن من إثبات قدراته الذاتية والانتماء إلى كل أكبر ، تكون قوية إلى درجة أننا غالباً ما نستثمر الجزء الأكبر من طاقتنا في المهنة. وما زال اعتبارنا في المجتمع يتعلق بدرجة كبيرة بالنجاح المهني. وبالتالي تكون اللا أحداث المهنية والإحباطات والخيبات أشد مأساوية. وغالباً ما تمتد آلام الإزعاجات المهنية حتى التقاعد: عدم الاعتراف، انكسار في الترقي المهني ، عدم الترقية ، عدم النجاح . وضمن ظروف سوق العمل الراهنة فإن الاأحداث المهنية مبرمجة : فالتطور المهني الحلم في المهنة الحلم يعتبر من الناحية الإحصائية الخالصة استثناء كبيراً ، وفرص الترقي - وفق قانون الهرم - محدودة جداً. : فإيجاد عمل عموماً غالباً ما يكون اليوم عبارة عن حظ خالص. حتى أن التعليم الشكلي الجيد لم يعد يضمن إيجاد العمل. ومن يمتلك عملاً لا يجوز له اعتباره وظيفة ثابتة ولا الاعتماد على " امتنان " أو على الأقل على إخلاص مؤسسته له.
والتغلب على المآزق واللاأحداث المهنية يصبح أسهل عندما :
n لا يتمسك المرء بشدة بهدف رغبة ، أي بسيرة مهنية محددة.
n لا يحدد " النجاح " من خلال رموز الوضع الاجتماعي والدخل، وإنما من الرضى عن العمل: المساحات المتاحة من حرية اتخاذ القرار ، الاعتراف من الزملاء، حق المشاركة بالرأي.
n يستطيع تقبل بأنه حتى عند وجود كفاءة جيدة فإن الترقي لا يمكن برمجته ( حتى البابا قد وصل مهنياً إلى مرحلة النجد Plateauphase ): غالباً ما يعني الترقي القليل من الحرية وأسرة أقل وإرهاق أكثر .
وبرجع كون اللاأحداث سبباً لعدم الرضى والاكتئابات " والمآسي الصامتة " في تاريخ بشر هذه الأيام لأنهم يرون أنفسهم في مواجهة ضغط توقعات رهيبة:
n توقعات مجتمع جعل من الإنجاز واللياقة البدنية والنجاح آلهة له ويقدم لنا باستمرار نماذج جديدة علينا الإقتداء بها. وفي الوقت نفسه يقيد المجتمع ذاته فرص إمكانية تحقيق هذه
" المُثُل " .
n التوقعات التي نطرحها نحن على أنفسنا ( والتي أصبحنا عاجزين عن التفريق بينها وبين توقعات الآخرين ): فنحن نتوقع الشيء الكثير جداً من أنفسنا. لقد تمثلنا إيديولوجية التوقعات ونريد تحقيق كل ما خُدعنا به على أنه قابل للتحقيق: سعادة لا متناهية في الحب، جنس رائع ، ترقي مهني متصاعد ، أولاد مطيعون ، نحافة، لياقة بدنية، إبداعية وذكاء ..الخ.
متى يحين الوقت للخطة ب
لقد استنتجت بيرنايس نويغارتن Bernice Neugarten المتخصصة بعلم النفس النمائي بأن راشدين هذه الأيام يميلون بشكل دائم تقريباً إلى الملاحظة الذاتية : من أكون ؟ أين أقف؟ وهنا يتم وضع " برنامجاً زمنياً " : أما زلت ضمن البرنامج؟ أم أنني قد تجاوزت الحدود " التقليدية " للوقت من أجل تحقيق هدف حياتي ما؟
صورتنا عن ذاتنا صارت أكثر فأكثر تشبه تحت قسر المقارنة باستمرار مع التصورات المثالية ، موازنة عاجزة. ما الذى لم نفعله، لم نحققه، لم ننجزه؟ . إننا أقل تساهلاً مع أنفسنا، بالإضافة إلى أنه من النادر جداً أن ندرك بأن اللاأحداث هي بشكل خاص تحديات للطبع والخيال: فهناك دائماً طريق آخر، الخطة ب . فالإنسان يستطيع التعلم من الخيبات - حتى وإن كان ذلك مجرد المعرفة بعدم هدر وقت أطول بأهداف غير قابلة للتحقيق أو بتوقعات الآخرين. ومن أجل إدراك فيما إذا كنا قد عنَّدنا -أو أننا ننتظر حدثاً بلا طائل، ينصح مارتين سيلغمان بتقنية " الجدل " Disputation : نتناقش مع أنانا الأعلى الذي لا يرحم حول التقديرات الخاطئة ومشروعيتها إلى أن يقتنع بأن الأهداف كانت غير واقعية و نقد الذات قاسياً.
ويمكن التغلب على الإحساس بالشلل والخسارة الذي ينطلق من اللاحدث عندما نحدده على أنه نقطة تحول ونبدأ بالبحث عن " الخطة ب " .
علينا أن نخضع للحقيقة وندرك الأوهام على أنها أوهام : فجائزة نوبل أو الأوسكار واقعان خارج المدى في هذه الحياة. إننا لن نجد فارس أحلامنا و لن نتمكن من كسب حب طفل أو احترام رئيسنا حتى عندما نجهد أنفسنا في سبيل ذلك. لقد لاحظ النفساني جيمس بوغنتال بأننا نبتلي في أواسط حياتنا تقريباً بخبرات " اللاعودة ". وهذا الشعور يظهر في أغنية لماريانه فايتفول Marianne Faithful، : " ففي سن 37 أدركت بأنها مجرد ربة منزل ولن تسافر مع كابريو Cabrio في رياح الصيف الدافئة إلى باريس ….."
وعندما يساورنا الشعور بأننا قد تهنا في الحياة نبحث عندئذ - مثلما هو الأمر في مدينة غريبة - عن إحدى تلك الخرائط التى تظهر لنا : أنت هنا! وعندما نعرف موقعنا عندئذ نستطيع التفكير، إلى أين سنمضي؟ ما هي الطرقات التي مازالت متاحة لي ؟ ماذا أمتلك من وسائل وإمكانات ؟ وبدلاً الهدف غير المحقق وغير القابل للتحقيق أبداً لا بد من أن يظهر مخطط آخر.
وتقترح النفسانية نانسي شلوسبيرغ قاعدة أل 75% : فعندما نشعر في موقف حياتي ما بأننا غير سعداء في ثلاثة أرباع الوقت ونمعن التفكير بالفرص الضائعة والرغبات غير المحققة ، عندئذ يحين الوقت للثورة. علينا أن نرمي الصابورة[4] النفسية للخطة أ ونتوجه نحو الخطة ب.
برنامج المعابر ذو النقاط العشرة
1- أخذ الوقت الكافي: قد تتغير الظروف الخارجية بسرعة كبيرة ، غير أن السيرورة الداخلية للتلاؤم تأخذ وقتها ولا يمكن تسريعها.
2- التخطيط لحلول مرحلية : من أجل حدوث التلاؤم الداخلي بدون أن يصل كل شيء إلى السكون لابد في كثير من الأحيان تغيير روتين الحياة اليومية من خلال حلول مؤقتة - التنظيم المؤقت للبيت أو للعمل يساعدان في تخطي زمن التوجه.
3- عدم فعل أي شيء، من أجل أن يحدث شيء ما: غالباً ما تكون أوقات العبور مرهقة ومقلقة - والإغراء من أجل فعل أي شيء كي تتحرك الأمور أخيراً يكون كبيراً.
4- ملاحظة الذات: إدراك لماذا يشعر المرء بالضيق . يشير القلق والتوتر إلى أن المرء واقع في مرحلة عبور.
5- تدليل النفس: في مراحل العبور بالتحديد تكون الترابطية Continuity أو الاستمرارية مهمة - العادات التي تمتعنا، بدون التأثير على سيرورة التغير الكبيرة : الموسيقى المفضلة، الطعام المحبب طقوس الاسترخاء الخ.
6- استقصاء " الوجه الآخر" : فسواء كان التغيير اختيارياً أم قسرياً فإنه من المناسب في كل الأحول التفكير بثمن وفوائد الموقف " فيما بعد ".
7- إيجاد شخص يستطيع الإصغاء: إنه لمن المهم الحديث حول التغيرات التي يستتبعها العبور معه . ولا يتعلق الأمر هنا كثيراً بالحصول على نصيحة ما وإنما صياغة السيرورة الداخلية و إدراكه بوضوح.
8- استقصاء الإمكانات الذاتية: ما هي المواهب والمهارات التي كانت مهملة حتى الآن والتي يمكن استخدامها في المرحلة الجديدة؟ ما هي الاهتمامات التي يمكن أن تتفتح؟
9- التعلم الجديد: غالباً ما تتطلب المرحلة الجديدة معارف ومهارات جديدة - فكرية
واجتماعية. فالتقنيات من المراحل السابقة لا تساعد كثيراً . والاستعداد
للتعلم ضروري.
10- إدراك النمط الأساسي للمعبر : يتمثل النمط الأساسي لكل معبر بانحلال التنظيم القديم وما ينجم عن ذلك فوضى ونشوء تنظيم جديد. ومما يساعد هو إدراك هذه المراحل كضرورة للتطور اللاحق والإحساس بمشاعر الفوضى على أنها مشاعر طبيعية وبشكل أقل توتراً.
|
|
|