الموضوع: السلام
عرض مشاركة واحدة
قديم 07-11-2006, 11:30 PM   #10
يتيم الحظ
V I P


الصورة الرمزية يتيم الحظ
يتيم الحظ غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 12743
 تاريخ التسجيل :  02 2006
 أخر زيارة : 19-06-2009 (03:19 PM)
 المشاركات : 6,234 [ + ]
 التقييم :  45
لوني المفضل : Cadetblue


لقد أسهمت عقدة ليليت في نشوء حركة تحرير المرأة. إنهن يناضلن بالدرجة الأولى ضد السيطرة غير المحقة للرجال، المستندين في تسلطهم إلى السلطة التي منحهم إياها العهد القديم. ولكن كما رأينا فإن هذا الفهم خاطئ، لأن وجود ليليت وبالتالي عدم نضج آدم قد تم حجبه بالأصل. وكذلك فعلت المسيحية، حيث أنكرت ليليت إلى أكبر حد، ويندر جداً أن نجد أي طفل قد عرف شيئاً في الكنيسة عن ليليت. غير أن الحركة النسائية قد جعلت من أسطورة ليليت أسطورتها هي وغالباً ما استخدمت اسم ليليت، غير أن عقدة ليليت الكلية عادة ما لايتم إدراكها، لأن صراع الجنسين يظل هو النقطة المركزية. فالرجل يعد هدفاً منافساً ووغداً، وغالباً ما يتم تمجيد الجنسية في صورتها الاستمنائية أو السحاقية، وغالباً ما تظل إشكالية الأمومة محجوبة. وفي صراع المرأة نحو الحصول على العمل والشهرة الاجتماعية الموازية للرجل يتم إنكار الأمومة وتبخيسها، ويتم النظر لرياض الأطفال مع الانفصال المبكر جداً للطفل عن أمه على أنه ضرورة لا بد منها. وعلى هذا النحو يتم بشكل حتمي توريث نقص الأم الذي تقوم عقدة لوليت عليه، إلى الجيل التالي.

أما أهم جزء من عقدة ليليت، الذي اعتبره شخصياً مدمراً للحضارة ومصدراً أساسياً للعنف والحروب –الصغيرة منها والكبيرة- فهو المظهر المعادي للأطفال. إنه الطراز البدئي للأم المرعبة والموحشة والمستنزفة والملتهمة، التي تسرق الأطفال المولودين حديثاً وتقتلهم، التي تمتص دماء الطفل وتشفط حتى لب العظم. ولهذا فإن اليهود الأرثودوكسيين ما زالوا حتى اليوم يلبسن النساء اللواتي يلدن حجباً. وفي ثقافات و ميثولوجيا كثير من الشعوب تظهر المخلوقات الخاطفة للأطفال والماصة للدماء على هيئة امرأة غاوية، وهذا يدل على نموذج بدئي عام.

يدرك و يشير المرضى الذين يعانون من ضعف في التماهي و اضطرابات القيمة الذاتية وحالات من القلق –أي من أعراض أمراض مبنية بصورة مبكرة للذات- في الجلسات التحليلية المعمقة إلى خبرات رفض مهددة من الأم. وغالباً ما يكونوا قد فصلوا بشكل مبكر عن أمهاتهم وكانوا ضحايا للاستغلال النرجسي من الأم. وتتحول معرفة أن الأم كانت متسلطة وعدوانية ومطالبة و وماصة، وأن الطفل كان موضوعاً لإشباع هذه الحاجات، تتحول إلى معرفة مرة ومؤلمة وممزقة للقلب ومعذبة، غالباً ما تثير كذلك حنقاً قاتلاً واشمئزازاً مكثفاً.

والمظهر المعادي للأطفال للأم ليس هو المشكلة المرهقة والمهددة بحد ذاته، وإنما إنكاره وكبته في عقدة ليليت. فأسطورة ليليت تظهر لنا جانباً طبيعياً وحتمياً من شخصية الأنثى، يتيح لنا فهم رفض الأم، لأنه من خلال الولادة تتم إعاقة الاستقلالية والمساواة المهنية والاجتماعية، وحتى الاهتمامات الجنسية لفترة زمنية معينة. وغالبية الأمهات يرفضن هذه الحقيقة من خلال من خلال الأمومة نفسها أو من خلال الالتزام بحركة تحرير مع صراع إيدويولوجي من أجل حقوق المرأة، لا يحتل فيه الأطفال أي مكان.

وعلينا ونتيجة لكم من الخبرات العلاجية أن نفترض بأن الطفل يشعر باتجاه الأم هذا نحوه، قبل فترة طويلة من تمكنه من فهم ذلك بطريقة منطقية وقبل أن يتمكن من مواجهة ذلك لفظياً.

وقد تعلمنا من خلال الأبحاث الحديثة حول الرضيع، أنه ينشأ منذ البداية تواصل متبادل بين الطفل والأم. أي أن الطفل ليس مجرد متلق سلبي للرعاية الأمومية الطيبة أو السيئة، وإنما يسهم بفاعلية في بناء العلاقة مع الأم. وبالتالي فهو مجهز بمجموعة من المنعكسات الولادية والقدرات التواصلية، تساعده على الاتصال وتنظيم العلاقة. وبهذا فإن كل أم ستتذكر لا شعورياً من خلال طفلها بصورة حتمية خبراتها الأولى المبكرة. فالطفل يتواصل مع "الطفل الداخلي" لأمه إن صح التعبير. ويتحدث دانييل شتيرن عن "تشكيلة الأمومة" motherhood-consنقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةlation الخاصة. وهي حالة تدخل فيها كل أم بعد الولادة، تختلط فيها لا شعورياً الخبرات مع أمها- الخبرات كابنة- مع بديهية الأم الشعورية المترافقة بالاتجاهات المعروفة والمرغوبة تجاه الطفل. إن القدرة المهمة للأم على التعاطف المتفهم مع طفلها يتحدد بدرجة كبيرة من خلال خبراتها الباكرة عندما كانت هي نفسها رضيعاً. فالكيفية التي استجابت من خلالها لها أمها، وتفهمتها وفهمتها وتقبلتها فيها، ووضعت حدودها، وعاشت فيها حبها و أوصلت إعاقاتها، تحدد إلى مدى بعيد على ما يبدو الأمومة الذاتية.

تنتقل حالة الأم، أي مخاوفها وشكها، عدم ثقتها وصراعاتها المتناقضة، رفضها وخيباتها، وحبها وتعاطفها بصورة جسدية في بادئ الأمر، حيث تحتوي نوعية النظرات والملامسات وطريقة الحمل والحضن والإيماءات والإشارات والصوت تأثيرات جوهرية. ومن هنا فليس من المستغرب أن يعزى لبريق عينا الأم، و تقبلها للوجود الطفولي و التعرف الحنون على حاجاته أهمية كبيرة في تشكيل خبرة القيمة الذاتية عند الطفل.



في كثير من العلاجات كان علي أن أشهد الضياع الحائر للناس و رعبهم العميق عندما يدركون أنهم لم يحصلوا ولا مرة على نظرات الحب من أمهاتهم، وأحياناً لم تقع نظراتهم على نظرات أمهاتهم على الإطلاق. إن الاتجاه اللاشعوري للأم نحو طفلها، وحتى الخبرات الباكرة غير المذللة وغير المعروفة للأم تؤثر على ما يبدو على الطفل بشكل أشد بكثير من الأمومة المرغوبة والشعورية، وحتى أكثر من تلك الأمومة المكتسبة من خلال دراسة كتب التربية والإرشاد. وهكذا يتحول الطفل المستجيب والطبيعي جداً والناشط حيوياً إلى تهديد للدفاع الأمومي ويضع تعويض خبراتها الذاتية المبكرة الصادمة موضع الشك. وهذا بالأصل نتيجة لعقدة ليليت أم الأم، أي عقدة الجدة. وعندما تقوم الأم الشابة بإنكار ذلك الجزء من عقدة ليليت فيها، ذلك الجزء الرافض للطفل والخائف منه لأنه يمكن أن يلحق الأذى بالأنوثة المستقلة والتواقة، فإنها سوف تنقل إلى طفلها نتيجة عدم أصالتها أو إرهاقها المتعب للأعصاب وتوترها الاتهامي، وتفرخ فيه "اضطراباً مبكراً" من خلال الجرح النرجسي.

لا يوجد رجل يستطيع أن يكون رجلاً مع "حواء" ، ولا توجد امرأة تمتلك فرصة أن تنضج مع "آدم" إلى امرأة. فآدم وحواء يعيدان إنتاج حياة لا تطاق نتيجة عقدة ليليت، يسممان حياتهما المشتركة من خلال خيباتهما المتنامية ويزيدان بهذا معاناة أطفالهما التي يمكن تجنبها. فقط من خلال دمج "ليليت" في ذاتهما يمكنهما أن يصبحا مثالاً لأولادهما في الحب والحياة السعيدة ولتمثل وتقبل المعاناة التي لا يمكن تجنبها في حياة زوجية مسؤولة. غير أن كلاهما أرادا بكل السبل الهروب من "ليليت". وهنا يتحول "آدم" بالنتيجة إلى "محارب" و "حواء" إلى "شيطان رجيم".

ولا يستطيع الطفل الانفكاك من أمه وكسب زوجته كشريك حياة وشريك جنسي مساو له، إلا عندما يكون اشتياقه الأمومي مشبعاً، أو عندما يتعلم التمكن من الحزن على نقص الأم لديه بين الحين والآخر-ليس بهدف تصحيح الواقع أو تهدئة النقص لاحقاً، كما هو الأمر في ثقافة كاملة متمركزة على المتعة تسعى نحو التسويق بشكل إدماني أو حتى كما يوهم كثير من المعالجين النفسيين متعالجيهم.

ترغب كثير من النساء إعطاء الرجل الذي يعاني من عقدة ليليت ما كان يمكن لأمه أن تعطيه إياه وما هو مفقود للأبد. أو أنه يريد معاقبة كل امرأة بكل وسيلة ممكنة لتعاسة أمه.

كان على فرويد أن يخترع "عقدة أوديب" من أجل جنسنة التثبيت المنتشر بكثرة على الأم ، ومن أجل إعطاء –بطريقة خاطئة للأسف- المأساة النفسية الاجتماعية الباكرة تفسيراً دافعياً نظرياً. إن إساءة استخدام التحليل النفسي الفرويدي الأرثوذوكسي لأسطورة أوديب و تحميل الذنب العظيم للوالدين اللذين أرادا قتل ابنهما في علم نفس الجنس الموهوم، جعلت جزءاً كبيراً من العلاج النفسي يتحول إلى نظام إنكار وتكيف في خدمة عقدة ليليت.

.


 

رد مع اقتباس