الموضوع: السلام
عرض مشاركة واحدة
قديم 07-11-2006, 11:34 PM   #11
يتيم الحظ
V I P


الصورة الرمزية يتيم الحظ
يتيم الحظ غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 12743
 تاريخ التسجيل :  02 2006
 أخر زيارة : 19-06-2009 (03:19 PM)
 المشاركات : 6,234 [ + ]
 التقييم :  45
لوني المفضل : Cadetblue


يفيد تشكل الصراعات العصابية "الأوديبية" بشكل خاص في صد المحتويات النفسية المهددة الناجمة عن الرفض و التقليل من القيمة المبكرين. وكل العلاجات النفسية التي تهتم بشكل مكثف ولفترة طويلة بتفسير التورطات الإنسانية اللانهائية والأزمات والاعتلالات المتصدرة، تشكل بأسلوبها هذا خطراً كبيراً يتمثل "بتهذيب" عواقب الأزمات الباكرة، من أجل تمويه عدم الأمن الحياتي الأساسي والسببي. ولابد من الاعتراف أنه لن يتمكن المرء في كثير من الحالات فتح الهلع الباكر على الإطلاق أو لا يجوز له ذلك على الإطلاق، لأن الإطار العلاجي أو الطاقة الموجودة للمعالج لن تكفي، من أجل أن يترك مارد الحياة الباكرة الذي لا يمكن تصوره يصبح مدركاً و يتم تمثله انفعالياً.

والأريكة Couch ليست في كل الأحوال هي المكان الأمثل الذي ينفجر عليه الغضب القاتل والكره العميق والألم الجارح والنفور المسبب للإقياء والحزن الممزق للقلب، والذي يمكن نقله بشكل مقصود من خلال عملية النقل إلى المعالج. إذ أن الانفعالات الباكرة والتوق الباكرين يكونان شديدان إلى درجة أنه لا بد من اتخاذ إجراءات علاجية أخرى، نسعى إلى تحقيقها في علاج نفسي تحليلي للجسد في غرفة نكوص وحماية مركزية. وتشير الخبرات العلاجية التي أمكن حتى الآن جمعها في هذه الأطر العلاجية إلى أن الأطفال الذين يعانون من نقص باكر في الأم (عجز أمومي)، أي يعانون من انجراج نرجسي أساسي يحاولون بطرق ووسائل متنوعة ومتعددة الحصول على حب الأم، ذلك أن نقص الحب يهدد بقاءهم.

تمثل جنسنة العلاقة محاولة متكررة للشبان، من أجل "امتلاك" الأم، ومحاولة البنت نحو إيجاد نوع من التعويض عند الأب على الأقل. ويبعث الاهتمام الجنسي genital النامي والمعرفة المتنامية حول جنسانية الوالدين مع ما ينتمي لذلك من هوامات إضافية الأمل بإمكانية التحرر و إيجاد سر الحب في الجنسية. ولا يمكننا أن نؤيد ونثبت وجود ما يسمى بالتشكيلة "الأوديبية:" باعتبارها مرحلة طبيعية من النمو النفسي ، يرغب فيها الولد تبجيل أمه و ويكبت الأب. ففي كل الأحوال فإن مثل هذه الرغبات تقوم على أساس اضطراب طفلي مبكر. ففي "عقدة أوديب" يتم السعي نحو تعويض نقص الأم المبكر، الأمر الذي لا يمكن أن ينجح على الإطلاق، غير أن التثبيت غير السعيد على الأم والصراعات بالنيابة تضمن ذلك التوازن، ويمكنها أن تقدم دعماً كذلك.

تصف أسطورة أوديب عواقب الذنب الأسري: فعندما لا يريد الوالدان تقبل الطفل، ينزلق الأب وابنه – بتحد من الأب- في نزاع قاتل كرمز للعنف الدموي بين الرجال، وتدخل الأم وابنها في زواج غير مسموح – الأمر الذي لا يمكن أن يعرفه إلا الأم- كرمز للعلاقات الزوجية غير السعيدة والمدمرة. كلاهما ناجم عن الكره وضعف التماهي من المأساة المبكرة.

أما في عقدة ليليت فإنه يرمز إلى عدم نضج الرجل والمرأة بشكل خاص، الذي نمى عن حاجة مبكرة غير مذللة (للأم). و "آدم" و" حواء" يورثان عدم نضجهما إلى أولادهما، بحيث أنهما يتوقعان بالنسبة لحاجاتهما من الأطفال أكثر مما يكونان قادران على إدراك حاجات طفلهما وإشباعها بقدر ما يستطيعون. وعن عقدة ليليت عند الوالدين تنشأ "الاضطرابات المبكرة" عند الأطفال، والتي يرغبان بشفائها من خلال التورط "الأوديبي".

عقدة ليليت تجعل من الأمهات أمهات كاذبات، يخدعن أطفالهن بوعود الحب الزائفة، أكثر مما يستطعن منحه لهم في الواقع. ويردن في النهاية وبشكل لاشعوري أن يكافئهن أولادهن على مساعيهن الشديدة، لأنهن هن أنفسهن غير ممتلئات بحب الأم بالأصل، حيث يقمن عندئذ باستغلال حب أطفالهن، الأمر الذي يبرر "تسمم الأم[8] " Poisoning –Mother . أما الرجال فيظلون في عقدة ليليت صبيان طفليون متعلقون بالأم، ويتحولون إلى آباء محبطين أو هاربين، حيث لا يكونوا موجودين كثالث محرر و موازن، لأنهم يستجيبون بغيرة مرضية على اهتمام زوجاتهم بأطفالهم، حتى وإن كانت هذه الأمومة تعاش ناقصة ومتشنجة.

وهكذا يتم إهداء عقدة ليليت غير المتغلب عليها عند الأمهات والآباء في كل الأحوال إلى الطفل على شكل نقص الأم وتسممها وفشل الأب وسوء استخدام الأب و إرهاب الأب.

والمرأة التي تنكر "ليليت" وتعيش "حواء" سوف تلحق بشكل حتمي بطفلها الأذى من خلال إنكارها اللاشعوري و أنوثتها المخفضة و الأحادية الجانب. وهذا يفسر لنا كثرة اضطرابات الشخصية النرجسية لدى كثير من الناس، عدا عن العنف الصريح النادر على سبيل المقارنة ضد الأطفال و والخطر المتنامي لمرض مجتمع نرجسي متفش – مجتمع عليه أن يوجد مزيداً من مصادر الإشباع النرجسي الأولي وبالتالي ينمي طبيعة إدمانية هدامة على المستوى الفردي والجماعي.

والرجل الذي ينكر "ليليت" ويعيش "آدم" سوف يعيش بشكل حتمي في الطفل صورة منافس على الأم. ولهذا سوف يرعب الطفل أو يسيء معاملته، وسوف يوجه غضب خيبته نحو شريكته ويهرب إلى المومسات أو إلى الكحول أو إلى العمل أو إلى صراع السلطة.

أما المرأة المدموجة فيها ليليت (المتكاملة فيها كل من حواء وليليت بالتساوي) سوف ترغب بالرجل كشريك لها تكمل ذاتها معه كند لها، لا تكون معه مضطرة للخضوع ولا ترغب بالسيطرة ولا ترهق نفسها معه في صراع تنافسي. وتكون أماً مع إدراك ما يرتبط بذلك من تقييد وارتباط حر، الأمر الذي يمكنها من مواجهة الطفل بإخلاص وصراحة ضمن حدودها، وإدراك الألم حول القصور الذي لا يمكن تجنبه والتعبير عنه. وسوف تمتلك الشجاعة للاعتراف أمام الطفل بشكل خاص أنها يمكنها أن تشعر بالرفض والخوف والكره لطفلها، ولكن هذه مشكلتها هي وليست مشكلة الطفل، وأن الأمور ستسير بخير عندما يستجيب الطفل لهذا بضيق و حزن. غير أنه لن يكون للحقيقة التي تشعر بها أية عواقب هدامة على الإطلاق. بالمقابل فإنه من المؤكد أن الحب الكاذب والاتجاه المتخفي يسبب الاضطرابات والمرض والعنف. والأم الصادقة والأصيلة سوف تبارك منذ البداية انفصال واستقلالية الطفل من حيث المبدأ.

أما الرجل المدمجة ليليت فيه (التي تتكامل فيه كل من ليليت وحواء) فسوف لن يحول زوجته إلى أم له وسوف يعيش زوجته نداً وإغناء وإكمال وتنمية له، ويتشارك معها الحياة ويبنيها بشكل فاعل وإبداعي. إنه رجل منفصل عن الأم، يتصرف بالفعل من داخله، من ذاته، دون أن يكون عليه لأن يحقق شيئاً أو يبرهنه أو يصارعه مدفوعاً بعوزه الداخلي. إنه لا يستطيع تحمل وجوده لوحده فحسب بل ويستطيع الاستمتاع بفردانيته النادرة وخصوصيته الوجودية. طفله ليس منافساً له وإنما وظيفة طبيعية، يتحول بالنسبة له معلماً و مدرباً ومثالاً أعلى. ويستطيع احترام اختلاف الخلف بوصفه تعبير عن عمليات النمو الحيوية


 

رد مع اقتباس