كما ذكرنا أن الترهيب الفكري مارسته كل الشعوب على مدى العصور وعانى منه الكثيرين عبر الزمان .
وأكثر من عانى منه هم الرسل ... فالرسل والأنبياء عليهم صلوات ربي وسلامه لم يتعرضوا للإرهاب الجسدي بالقدر الذي تعرضوا له بالترهيب الفكري .
كيف كان يواجه المشركون والضالون والمجرمون دعوات الرسل ؟
بترهيب الناس من دعوتهم ،،،
بترهيب الناس من التخلي عن عبادة ما كان يعبد الآباء والعار الذي سيلحق بمن يرتد عنها
بترهيب الناس من الأنبياء والرسل باتهامهم بالسحر والكذب والكهانة والشعر ....
بترهيب الناس من غضب الأصنام وتركهم لها وعدم نصرتهم لتلك الأصنام ....
ولماذا يقومون بالترهيب الفكري من دعوة الرسل للوحدانية وعبادة الله ؟
لأنهم لا يملكون أي حجة على كفرهم (وأقوالهم) ، فالرسل كانت دائماً تطالبهم بالحجة ((قل هاتوا برهانكم)) ، ولكن لعدم وجود حجة لدى هؤلاء الضالين واتباعهم لما كان (يفعل) آبائهم من قبلهم ، ويقينهم أن أي محاججة ستودي بهم وبفكرهم إلى القاضية ، لذلك فقد كانوا يؤثرون ترهيب الناس من هؤلاء الأنبياء ودعوتهم .
بل إن كل محاججة كانت بين الأنبياء والمصلحين وبين عتاة الكفر كانت دائماً تنتهي لصالح الدعوة الحق ، كما فعل إبراهيم عليه السلام مع النمرود ، وكما فعل موسى عليه السلام مع فرعون ، وكما فعل الغلام المؤمن مع صاحب الأخدود . فعندما يحتج أصحاب الحق ويضعون الحجج والبراهين ، فلا بد من أن (تتثبت) دعواهم لدى الناس ، ويقتنعوا بها ويؤمنوا بها ، لأنها دعوة مبنية على الحجة الناصعة البينة ، لا على (الترهيب الفكري) ، الذي يلصق الأفكار (بكويها) بالأجسام بدلاً من إقناع العقول بها .
لقد انتصرت دعوة التوحيد في عهده عليه الصلاة والسلام ، وانتشر التوحيد لأن الحجج والبراهين التي بعثه الله بها كانت الأقوى بفضل الله ، فما عاد بعد ذلك ينفع الترهيب الجسدي مع المؤمنين ، فالحجة لهم أصبحت بينة في عقولهم ، فلم تعد التهديدات تفيد في نزعها ..
إن من يستخدم الترهيب الفكري في فرض (قناعاته وآرائه) على الآخرين فلا بد وأن ينهزم أمام أي (حجة) تطير بكل (قناعاته) وتجعلها هباءً منثوراً ....
لهذا يخاف أصحاب (الترهيب الفكري) من النقاش أو المجادلة ، لأنهم يعلمون أن ما يحملونه من (آراء) لا تتجاوز أن تكون (نصوص) محفوظة بالعقول ، وليس بفكر (منسوج) بالفهم والقناعة .
يتبع إن شاء الله ...