19-03-2007, 05:58 AM
|
#1
|
الدبلوماسي
بيانات اضافيه [
+
]
|
رقم العضوية : 17098
|
تاريخ التسجيل : 07 2006
|
أخر زيارة : 04-07-2007 (05:47 PM)
|
المشاركات :
1,034 [
+
] |
التقييم : 10
|
|
لوني المفضل : Cadetblue
|
|
أيها العرب .. أنتم مازوخيون حتى في مجاملاتكم :)
تحية طيبة ، ،
يُعرف العرب بين شعوب العالم بأنهم مبالغون في كل شيئ ، وزي ما بيقولوا بيعملوا من الحبة قبة . وأحد صور هذه المبالغة هو المبالغة في صيغ المجاملة للصديق والحبيب والعزيز . والمميز في المجاملة العربية للحبيب أنها لا تتميز فقط بتمني الخير للمحبوب ، وإنما تشمل أيضاً تمني العكس للداعي المحب .
كنت أجلس قبل فترة أمام التلفاز وإذا بي أستمع لعبارة مجاملة من بلاد الشام وهي (تـِشكـُـل آسي) . وتوقفت برهة أمامها لعدم معرفتي بمعناها الذي ظننت أنها تحمل خيراً لقائلها باعتبار (الياء) ضمير يعود للمتكلم ، وإذا بي أفاجأ بأن عبارة المجاملة الرقيقة هذه تعني أن يضع الشخص المحبوب نبات الآس على قبر المحب المتكلم عند موته . والآس نبات أخضر يضعه الشاميون على قبور موتاهم عند زيارة قبورهم !! أي أن عبارة المجاملة هذه وبمعنى آخر تعني طول العمر للمحبوب بشرط أن يموت القائل المحب قبله !!
وبلغ العجب مني أقصاه عندما حسبتها في رأسي وقلت في نفسي : لماذا إن كان على المحبوب الذي أجامله أن يعيش طويلاً مشروطاً بأن أتمنى الموت قبله !! طبعاً زال تعجبي فوراً عندما تذكرت أن العرب مشهورين بالمبالغة في مشاعرهم .
ولم ألبث وقتاً طويلاً حتى تذكرت بعضاً آخر من عبارات المجاملة العربية (المتطرفة) التي أيضاً تنطوي على المازوخية ، كقولهم (عسا يومي قبل يومك )أو (يجعل يومي قبل يومك) ، والمعنى هنا أن أموت قبلك أيها الحبيب .
وليت الأمر توقف عند تمني الموت بل يتعدى ذلك إلى الدفن ، ومن هنا ظهرت عبارة مجاملة عربية أخرى ألا وهي : تِـئـْبــِرني (تقبرني) ، أي أموت أنا قبلك أيها الحبيب وأنت من يضعني في القبر . ومرة أخرى هي تمني بطول عمر المُخاطَب ، على حساب قصر عمر القائل المجامل . ولكن بما أن كلمة المجاملة (تِئْبِرني) ليست بكافية للتعبير عن المحبة ، فقد ذهب بعض المجاملين العرب إلى جعلها أكثر تطرفاً وطرافة أيضاً وحوروها إلى (تـُؤبر ألبي) أو (تقبر قلبي) !! أي بأسلوب آخر ليس فقط أن أموت قبلك أيها الحبيب وتقبرني ، ولكن أيضاً تخرج قلبي من صدري كما كان تفعل شعوب المايا مع أضحياتهم البشرية وتقبره لوحده ، وبكدة تكون أبرتني (قبرتني) أكثر من مرة وهذا دلالة على عظم المحبة ، وعظم المازوخية أيضاً .
وبطبيعة الحال فنحن نعرف أن القلب هو موطن المحبة للمحبين وهو كذلك منبض الحياة ، وبالتالي فالتضحية بالقلب وقبره بيد الحبيب لا بد أنها تمثل أعلى درجات الود ولذلك أخرج لنا المجاملون العرب عبارة مجاملة أخرى تتعلق بالقلب وعلى نفس المنوال المازوخي نفسه ، فقالوا للمحب والمودود (يا بعد قلبي) أي معناها بشكل مفصل أن يتوقف قلبي عن العمل وأموت وتكمل أنت بعدي وتفضل حي . وفي بعض اللهجات يقولونها صريحة دون لف أو دوران (يا بعد عمري) ، أي لك أيها المحب طول العمر ولي أنا قصر العمر . لكن ومن حيث التجديد المستمر في صيغ المبالغة في المجاملات فكان لا بد من ابتكار صيغة أخرى لتمني طول عمر المحبوب فابتدع العرب جملة (يا بعد روحي) .
وحيث أن البعض من مبتكري المجاملات لم تعجبه قضية المجاملة بتوقف القلب عن العمل في سبيل المحب ، بل قام باختيار عضواً حيوياً آخر ليجعله وسيلة مجاملة تخصصية فقالوا ( يا بعد شبدي) أي (يا بعد كبدي) ، لكن الظاهر أن هذه المجاملة أصبحت تدل على محبة أقل ولا تقال في درجات الحب العالي ، لأن عمليات زراعة الكبد أصبحت متوفرة ، وتوقف الكبد عن العمل لفترة بسيطة لا يعني الموت المحقق ، بعكس توقف القلب . لذلك إن قال لك أحدهم يا بعد شبدي ، فهو يحبك بدرجة أقل من أن يقول لك : يا بعد قلبي أو يا بعد روحي . ولكن عليك أن تكون حذراً في استخدام أعضاء حيوية أخرى في المجاملة ، لأنك إن قلت لمحبوبك (يا بعد شلوتي أو كلوتي) أو (يا بعد معوتي) فقد تفهم بشكل خطأ وتصبح عبارة محاربة لا مجاملة .
وحيث دخلنا في سيرة المقابر والشراشير ، فقد ابتكر بعض المجاملين العرب صيغة مجاملة بديعة وغاية في الجمال وهي ( تِـئـْبــِشْني ) ولا بد أنها كانت بالفصحى (تقبشني) أحياناً بكسر التاء وأحياناً بضمها . ولكن ما هو الأبش ؟
الأبش هي العقدة التي تعقد في كفن الميت بعد لفه عند رأسه وعند قدميه . وبذلك يكون معنى ( تِئْبِشْني ) هو : أيها الحبيب الذي سيلف كفني ويعقده بعد موتي ، وبالمختصر المفيد أنك أيها المحب تموت بعدي ، أو بصيغة موجزة : الله يطول عمرك !!
وكالعادة طبعاً لا بد أن تتطور صيغة المجاملة وتصبح أكثر تخصصية ، ولهذا كانت النقلة التطويرية التالية في هذه العبارة إلى ( تـُـؤبش عضامي ) ، أي بمعنى آخر : ليتني أيها الحبيب أموت وينسلخ جلدي ولحمي ولا تبقى إلا عظامي التي عليك أن (تؤبشها) أي تعقدها في كفن دلالة على محبتي لك !!
واستكملاً لسيرة المجاملات القبورية ، فقد ابتكر بعض العرب صيغة مجاملة أكثر موضوعية ، فقالوا للحبيب (ريتك تطلع على قبري) ، فلم يكتفي المحب المازوخي من تمني توقف قلبه ودفنه على يد المحب وتكفينه وأبشه ، بل على المحبوب أن يطلع على قبره أيضاً . ولو تفكرنا قليلاً في هذه العبارة لفطنا إلى أن المحب القائل يلمح إلى أنه يريد من حبيبه أن يضع (صرمايته) عليه بعد موته عندما يقف على قبره . وهنا يتضح لنا أكثر درجات المجاملة مازوخية ً، فالمحب يطلب من الحبيب ان (يهينه) في قبره . وطبعاً مع الوقت تطورت هذه العبارة المجاملة لتصبح (ليتك تمشي على قبري) ، وبمعنى آخر : لا تكتفي بالطلوع بل عليك بالمشي علي وأنا في قبري . بطبيعة الحال فإن المرحلة التطورية التالية والمتوقعة لهذه العبارة المازوخية لا بد أن تكون من قبيل (ليتك ترقص على قبري) ، أي : تفرح بموتي بالرقص على جثماني ، لأن فرحك أيها الحبيب هو غايتي المازوخية .
هل توجد في أدبيات الأمم الأخرى صيخ مجاملة مازوخية كالتي لدينا نحن العرب ؟
هل يوجد عند الهندوس مثلاً صيغة مجاملة تقول : ليتك تحرقني !! أو ريتك ترش رمادي في نهر اليانج ؟
هل توجد عند العلمانيين في الغرب صيغة مجاملة تقول : ليتك تحط رمادي في زجاجة ؟
ربما .....................
|
|
التعديل الأخير تم بواسطة خريف العمر ; 19-03-2007 الساعة 10:14 AM
سبب آخر: وضع صورة هيكل عظمي وصورة قبر وهذه
|