26-07-2007, 05:55 AM
|
#3
|
عضو فعال
بيانات اضافيه [
+
]
|
رقم العضوية : 20723
|
تاريخ التسجيل : 07 2007
|
أخر زيارة : 18-09-2007 (02:51 PM)
|
المشاركات :
38 [
+
] |
التقييم : 10
|
|
لوني المفضل : Cadetblue
|
|
أيها المسلمون: ومن الصغائر السب دون القذف كالتنابز بالألقاب، وكذلك الأشراف على بيوت الناس والتجسس على أحوالهم وأخبارهم، وكذلك هجر المسلم فوق ثلاث، والأكل بالشمال من غير حاجة، وغير ذلك مما لا يترتب عليه حد في الدنيا ولا وعيد في الآخرة.
أيها المسلمون: ولا يعني كون هذه الذنوب صغائر أنها سهلة وهينة، كلا بل إن المعاصي كلها سبب للضلال والعقوبة والعذاب، قال تعالى: ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالاً مبيناً [الأحزاب:36].
وقال عز وجل: ومن يعص الله ورسوله فإن له نار جهنم خالدين فيها أبداً [الجن:33]. قال بلال بن سعد – رحمه الله -: ((لا تنظر إلى صغر الخطيئة أو المعصية، ولكن انظر إلى عظمة من عصيت))[3]. وقال علي بن أبي طالب لإبنه الحسن – رضي الله عنهما -: ((يا بني احذر من أن يراك الله عند معصية، ويفقدك عند طاعة فتكون من الخاسرين)) وقال النبي – : ((إياكم ومحقرات الذنوب، فإنما مثل محقرات الذنوب كمثل قوم نزلوا بطن واد، فجاء ذا بعود، وذا بعود، حتى حملوا ما انضجوا به خبزهم، وإن محقرات الذنوب متى يؤخذ بها صاحبها تهلكه))[4]. وعن أنس – - قال: ((إنكم لتعملون أعمالا هي أدق في أعينكم من الشعر إن كنا لنعدها على عهد رسول الله – - من الموبقات))[5]. قال: يعني بذلك المهلكات، وقال النبي – : ((إن المؤمن إذا أذنب نكتت نكتة سوداء في قلبه فإن تاب ونزع وأستغفر صقل قلبه، فإن زاد زادت، فذلك الران الذي ذكره الله في كتابه: كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون [المطففين:14])).
وقال النبي – -: ((لأعلمن أقواما من أمتي يأتون يوم القيامة بحسنات أمثال جبال تهامة، فيجعلها الله – عز وجل – هباءا منثورا، أما إنهم إخوانكم ومن جلدتكم، يأخذون من الليل ما تأخذون، ولكنهم إذا خلوا بمحارم الله انتهكوها))[6].
فعلينا معشر المسلمين أن نتقي الله تعالى ونذر ظاهر الإثم وباطنه قال تعالى: إن الذين يكسبون الإثم سيجزون بما كانوا يقترفون [الأنعام:120]. نسال الله تعالى أن يعيذنا من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا وأن يجنبنا سبيل الذين طبع على قلوبهم واتبعوا أهواءهم، الذين سول لهم الشيطان وأملى لهم، وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
[2] رواه البخاري ومسلم .
[3] الجواب الكافي :46.
[4] رواه الامام احمد ج1 ص402 من حديث ابن مسعود .
[5] رواه البخاري.
[6] رواه ابن ماجة .
[7] رواه أحمد:5/238.
[8] رواه مسلم .
[9] تحفة الواعظ: ص99- 101.
[10] رواه مسلم .
[11] رواه الترمذي .
الخطبة الثانية
الحمد لله، الذي له ملك السموات والأرض، والله على كل شيء شهيد، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له ذو العرش المجيد فعال لما يريد، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الوعد والوعيد.
أما بعد:
فيا أيها المسلمون: اتقوا الله تعالى الذي يعلم سركم وجهركم ويعلم ما تكسبون.
معشر المسلمين: إن للذنوب والمعاصي آثارا سيئة، وعقوبات في الدنيا والآخرة، قد جمعها ابن القيم – رحمه الله – في كتابه (الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي). فمما ذكره رحمه الله: أن المعاصي توهن القلب والبدن، وتسبب محق البركات ونقص الخيرات في العلم والعمل والمال والأهل، قال ابن مسعود – -: ((إني لأحسب الرجل ينسى العلم كان تعلمه للخطيئة يعملها)) كما أن الذنوب تورث الذلة على صاحبها، قال سليمان التيمي – رحمه الله : إن الرجل ليصيب الذنب في السر فيصبح وعليه مذلته، ومن ذلك أنها تسبب حلول النقم وزوال النعم، فما زالت عن العبد نعمة إلا بسبب ذنب، ولا حلت به نقمة إلا بذنب، كما قال علي بن أبي طالب – -: ((ما نزل بلاء إلا بذنب ولا رفع إلا بتوبة))، وقد قال تعالى: وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم [الشورى:30].
أيها المسلمون: إني احذر نفسي وإياكم من التساهل بمعصية الله تعالى ومعصية رسول الله – - فإن ذلك موجب لسخط الله تعالى، قال النبي – -: ((إياكم والمعصية، فإن بالمعصية حل سخط الله – عز وجل -))[7]. ولو لم يكن في ترك المعصية إلا حصول العافية، ومحبة الله تعالى، لكان جديرا بالمؤمن والمؤمنة أن يفرح بترك المعاصي، قال الحسن بن آدم – رحمه الله -: ترك الخطيئة أيسر من طلب التوبة، وقال محمد بن كعب القرظي –رحمه الله -: ما عبد الله بشيء أحب إليه من ترك المعاصي، ويؤيده قوله – -: ((إذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم وإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه))[8]. فأتى بالاستطاعة في جانب المامورات، ولم يأت بها في جانب المنهيات، إشارة إلى عظيم خطرها وقبيح وقعها، وأنه يجب بذل الجهد والوسع في المباعدة عنها، سواء استطاع ذلك أم لا، بخلاف المأمورات، واعلم أيها المسلم أن أعظم زاجر عن الذنوب هو الخوف والخشية من الله علام الغيوب.
سئل سعيد بن جبير – رحمه الله – عن الخشية، فقال: أن تخشى الله تعالى حتى تحول خشيته بينك وبين معاصيه، وقال بعض السلف: أرق الناس قلوبا أقلهم ذنوبا[9].
أيها المسلمون: من رحمة الله بنا وفضله علينا، أن جعل لتكفير السيئات ومغفرة الذنوب أسبابا، من ذلك اجتناب الكبائر مع فعل الطاعات كالصلوات وسائر الحسنات، قال النبي – -: ((الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان، مكفرات لما بينهن، إذا اجتنبت الكبائر))[10]. قال – -: ((واتبع السيئة الحسنة تمحها))[11]. وقال تعالى: إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين [هود:144].
ومن المكفرات القرض والصدقات، قال تعالى: إن تقرضوا الله قرضا حسنا يضاعفه لكم ويغفر لكم والله شكور حليم [التغابن:17]. وقال عز وجل: إن تبدو الصدقات فنعمّا هي وإن تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم ويكفر عنكم من سيئاتكم [البقرة:270].
ومن أسباب المغفرة الإستغفار مع عدم الإصرار، قال تعالى: والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون أولئك جزاؤهم مغفرة من ربهم وجنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ونعم أجر العاملين [سورة آل عمران:135-136]. وقال تعالى: ومن يعمل سوء أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفوراً رحيماً [النساء:110]. علينا معشر المسلمين أن نبادر إلى تنظيف قلوبنا بالاستغفار وأن نحفظ جوارحنا من أدران الذنوب والإصرار، لنحظى بطعم الإيمان ولذة العبادة.
اللهم طهر قلوبنا من النفاق وسائر الأمراض، وطهر جوارحنا من الرياء وسائر المعاصي، وأعذنا من الخيانة، فإنك تعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، اللهم إنا نسألك خشيتك في الغيب والشهادة، والعدل في الغضب والرضى، والقصد في الفقر والغنى.
أيها المسلمون: إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليماً ، اللهم صلي على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد، وارض اللهم عن الصحابة أجمعين وعن التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وعنا معهم بعفوك وإحسانك ورحمتك يا أرحم الراحمين.
|
|
|