21-08-2007, 07:47 AM
|
#8
|
عضومجلس إدارة في نفساني
بيانات اضافيه [
+
]
|
رقم العضوية : 18029
|
تاريخ التسجيل : 08 2006
|
أخر زيارة : 14-01-2019 (04:21 PM)
|
المشاركات :
15,872 [
+
] |
التقييم : 69
|
|
لوني المفضل : Cadetblue
|
|
ناقصات عقل.. ناقصات دين
الدليل الثاني من الحديث الشريف قوله صلى الله عليه وآله وسلم للنساء : (ما رأيت من ناقصات عقل ودين أغلب للرجل الحازم منكن..) [62] ، وفي رواية : ( ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للب الرجل العاقل منكن ..) والحديث من رواية الشيخين فهو حديث صحيح معتد به، ولكنه سيق في غير سياقه ووظف في غير ما أراده الشارع منه..
لأن الشرع لم يترك الحكم مطلقاً وإنما بينه وحده.
ومعلوم أن بيان الشارع يفيد المطلق ويخصص العام بما ورد نص فيه.. لأنه صلى الله عليه وآله وسلم سئل عن حقيقة هذا النقصان ومداه فلم يذكر بأنوثة، ولا عاطفة، ولا قلة حزم، ولا ضعف تدبير.
وإنما ربط نقصان الدين.. بترك المرأة الصيام والصلاة أيام إقرائها فقط .
وربط نقصان العقل بأن شهادة المرأة في بعض الأمور جعلت على النصف من شهادة الرجل، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (ما رأيت ناقصات عقل ودين أغلب لذي لب منكن، أما نقصان العقل فشهادة امرأتين بشهادة رجل، وأما نقصان الدين، فإن إحداكن تفطر رمضان، وتقيم أياماً لا تصلي) [63] ، فلا يجوز لأحد أن يتعدى في إطلاق هذا الحديث ما رسمه الشارع وحدده وذلك لأسباب :
أولاً : لأننا لو أدرناه عقلياً لرأينا أن الحديث يثبت للمرأة هذا الكائن (الضعيف) أو (اللطيف) ، سمه كما شئت، قدرة خفية على غلبة هذا (القوي) (الحازم) المفتول العضلات.
صحيح أن الرجل لو صارع المرأة لصرعها غالباً.
ولكن حين تكون المعركة بينها وبين (حزمه) على رواية البخاري وبين (لبه) على رواية مسلم وأبو داود فإن الغالبة هي المرأة على وجه العموم، ما رأيت من ناقصات عقل ودين أغلب للرجل الحازم اللبيب، وبالتالي فإذا كان منطوق الحديث يثبت للمرأة ضعفاً ونقصاً، فإن مفهومه يثبت لها قدرة وتغلباً وتفوقاً، والذين يتحدثون عن ضعف المرأة في حقل السياسة، وعن عجزها عن التدبير، ينسون هذا الجانب من الحديث الشريف وينسون أن الله سبحانه وتعالى وصف النساء.. بأن (كيدهن عظيم..) قال : (قال إنه من كيدكن إن كيدكن عظيم) [64] .
ثانياً : لا يجادل المسلم في صحة الحديث الشريف، بأن النساء (ناقصات عقل ودين..) ونتوقف جميعاً في ذلك عند الحد الذي حده الشارع والبيان الذي بينه.
ولكن، هذا النقصان، لا يصل بالمرأة إلى حد إسقاط التكاليف عنها ، ولا إلى حد حرمانها من حقها في الولاية على نفسها في إطار ما قدمناه، أو الولاية على مالها، ولا إلى حد حرمانها من حقها في العقود المدنية – البيع والشراء والرهن والوكالة والكفالة والهبة والعتق، ولم يحتج أحد بهذا الحديث لمنع المرأة من شيء من ذلك كله.
وإنما كان جل الاحتجاج بما قرره الشارع من المساواة بين الشقيقين، وأن النساء شقائق الرجال، وأن للرجل على المرأة درجة واحدة، وما عدا هذه الدرجة فإن لها مثل الذي عليها بالمعروف..
وهذه النصوص المتقدمة هي عام الشريعة ومطلقها ونص من مثل حديثنا هو من الخاص الذي يلزم أن يبقى في خصوصه.
ولذا قال ابن حجر رحمه الله تعالى وهو ينبه إلى نقطة مهمة في الحديث : (وليس المقصود بذكر النقص في النساء لومهن على ذلك لأنه من أصل الخلقة ولكن التنبيه على ذلك تحذير من الافتتان بهن) [65] .
فإذا كان مقصود الحديث كما بين ابن حجر رحمه الله تعالى ، التحذير من الافتتان بالنساء، فكيف يجوز أن يساق الحديث الشريف مساق إسقاط حقوق، أو تكاليف قررها الشارع الحكيم للمرأة ..؟
ولقد أجرى العلماء الأحكام للنساء والرجال مجرى واحدا .
وانظر ما قرره الشوكاني في نقض الرجل شعره للغسيل، وكيف أجراه مجرى شعر المرأة فقال تعليقاً على ذلك :
(ويؤيد ذلك أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يوجب ذلك على النساء كما في الصحيح من حديث أم سلمة أنها (قالت : يا رسول الله إني امرأة شديدة عقص الرأس، أفأحله إذا اغتسلت؟ قال : إنما يكفيك أن تحثي عليه ثلاث حثيات..) والنساء شقائق الرجال فهذا تعليم لأم سلمة يدل على أن حكم الرجال في ذلك حكم النساء، ولم ينتهض دليل صحيح يدل على التفرقة بين الرجال والنساء- يعني في المسألة-) [66]
مما تقدم يتبين لنا أنه للتفريق بين الرجال والنساء في الأحكام لابد له من دليل صحيح، وأن حديث ناقصات عقل ناقصات دين، لا يستشهد به لمنع المرأة من تولي الولايات مطلقاً لأن الولايات لا تقتضي (كمال العقل) الذي تفتقده المرأة فاحتاجت لتعزيز أخرى أثناء أداء الشهادة .
فما تسببه الأنوثة من نقص في العقل، لا يقدح في أهلية المرأة للولاية .
وما توفره الذكورة من كمال لا يثبت أهلية مطلقة لكل رجل في هذا الميدان تلغي أهلية من سواهم من النساء الرشيدات، وتقطع عليهن كل سبيل لتولي أية ولاية دون استثناء.
فليست العبرة دائماً (بذكورة) و (أنوثة) وإنما العبرة بما تنطق به شواهد الواقع من عقل، وعلم، وحزم، وحكمة، وتدبير .
بناء على أن العقل فطري، وكسبي يمكن لكل من الرجل والمرأة إحرازه من خلال العلم، والعمل الصالح، والتجارب الرشيدة في واقع الحياة.
وفي هذا المضمار قد تقُعد بالرجل همته الضعيفة عن اكتسابه، وتدفع بالمرأة همتها العالية لإحرازه.
لأن العقل يزيد بالعلم، والإيمان، والعمل الصالح، والتجارب، وبالإخلاص، والصدق، والتقوى.
وينقص بالخلو منها قال تعالى "يا أيها الذين آمنوا أن تتقوا الله يجعل لكم فرقانا ويكفر عنكم سيئاتكم ويغفر لكم والله ذو الفضل العظيم" [67] ، ومن هذا المنطلق فكم من رجال هو (كل على مولاه أينما يوجهه لا يأت بخير..)
فلا ينبغي أن تُجعل الذكورة عنوان كمال مطلق، ولا يجوز أن يجعل من الأنوثة عنوان نقصان مغلق، غير نقص شرعي حدده الشارع وبينه في موطنه، لا تلام المرأة عليه ولا تؤاخذ به، ولا يحرمها حقاً، ولا يسقط عنها تكاليفاً.. إلا في إطار ما قدمناه.
بين نقصان العقل، ونقصان الدين
فرق الإسلام في قبوله (الخبر) بين الرواية والشهادة .
فبينما قبل في الرواية التي يقوم عليها أمر الدين خبر (الواحد) (الواحدة) واعتمده، لم يقبل ذلك في أمر الشهادة التي يعتمد عليها في بيان حقوق الآدميين المتعلقة بالدماء والأبضاع والأموال.
فاشترط في سائر المواطن أن تُعزز شهادة العدل بآخر، قال تعالى "واستشهدوا شهيدين من رجالكم" [68] وتشدد أكثر في موضوع (الأعراض) فوصل بالعدد إلى أربعة.
وسر التفرقة بين (الرواية) و (الشهادة) أن الأولى لا تتعلق بحق (معين)وبالتالي فلا سبيل إلى أن تتزاحم عليها العوامل السلبية أو الإيجابية للتحريف أو التغيير أو التبديل.. مما يجعلها سبباً في مجاحدة أحد الخصمين (المشهود عليه) ، وذريعة لرد الشهادة، والتظلم من صاحبها، بينما لا يوجد سبب شخصي يدفع صاحب الرواية إلى الكذب في روايته إلا أن يكون صاحب (هوى) أو (بدعة مضلة) وهؤلاء اُخرجوا تلقائياً من دائرة والرواية المعتمدة بما من الله به على هذه الأمة من علم الجرح والتعديل، والتوثيق والتضعيف..
وحين أكد الإسلام على ضرورة أن تُشفع شهادة (العدل) بأخيه في سائر الأحكام، وبإخوانه (الثلاثة) في الشهادة على الزنا، صار في هذا المقام محتاطاً لئلا يؤتى هذا العدل من جانب عقله وذاكرته، فيطرأ على عقله ضعف في الإحاطة بجزئيات المشهود عليه عند التحمل، أو على ذاكرته بعض النسيان عند الأداء.. أو أن يؤتى من (بهر) أو (حصر) في مجلس القضاء.
كما احتاط الإسلام في الشاهد وإن كان عدلاً .
وعدالة الشاهد لا ترقى إلى عدالة الراوي، فالمسلمون كلهم عدول عند الشهادة، إلا من جاهر بمعصية أو فسق أو عُرف بما يخرم المروءة .
بينما تعديل الراوي يمر بمراحل أكثر دقة وتفحصاً واستيعاباً، لجميع جوانب شخصيته وسيرة حياته، وتاريخ تحمله وأدائه.
نقول احتاط الإسلام في الشاهد لئلا يُؤتى من قبل نفسه، فيدفعه هواءه إلى تحريف الشهادة، أو تغيير بعض جزئياتها لصالح هذا الطرف، أو ذاك، فأكد أيضاً على ضرورة أن تُشفع شهادة الرجال بشهادة أخيه، وهكذا أقام الإسلام بُنيانه الحقوقي على شهادة رجلين
|
|
|