07-03-2008, 01:46 PM
|
#12
|
عضـو مُـبـدع
بيانات اضافيه [
+
]
|
رقم العضوية : 20885
|
تاريخ التسجيل : 08 2007
|
أخر زيارة : 20-08-2011 (01:36 AM)
|
المشاركات :
611 [
+
] |
التقييم : 10
|
|
لوني المفضل : Cadetblue
|
|
هذه بقيه الفتوى للشيخ جاد الحق علي جاد الحق
الآثار وسيلة لدراسة التاريخ وإذ كان ذلك وكانت الأمم الموغلة فى القدم
كالمصريين القدماء والفرس والرومان ، وغير أولئك وهؤلاء ممن ملئوا جنبات الأرض صناعة وعمران قد لجئوا إلى تسجيل تاريخهم اجتماعيا وسياسيا وحربيا نقوشا ورسوما ونحتا على الحجارة،
وكانت دراسة تاريخ أولئك السابقين والتعرف على ما وصلوا إليه من علوم وفنون أمرا يدفع الإنسانية إلى المزيد من التقدم العلمى والحضارى النافع ، وكان القرآن الكريم فى كثيرة من آياته قد لفت نظر الناس إلى السير فى الأرض ودراسة آثار الأمم السابقة والاعتبار والانتفاع بتلك الآثار،
وكانت الدراسة الجادة لهذا التاريخ لا تكتمل إلا بالاحتفاظ بآثارهم وجمعها واستقرائها . إذا منها تعرف لغتهم وعاداتهم ومعارفهم فى الطب والحرب والزراعة والتجارة والصناعة، وما قصة حجر رشيد الذى كان العثور عليه وفك رموزه وطلائمه فاتحة التعرف علميا على التاريخ القديم لمصر ،
وما قصة هذا الحجر وقيمته التاريخية والعلمية بخافية على أحد . والقرآن الكريم حث على دراسة تاريخ الأمم وتبين الآيات فى هذا الموضع إذ كان كل ذلك .
كان حتما الحفاظ على الآثار والاحتفاظ بها سجلا وتاريخا دراسيا، لأن دراسة التاريخ والاعتبار بالسابقين وحوادثهم للأخذ منها بما يوافق قواعد الإسلام والابتعاد عما ينهى عنه، من مأمورات الإسلام الصريحة الواردة فى القرآن الكريم فى آيات كثيرة .
منها قوله تعالى { أفلم يسيروا فى الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها أو آذان يسمعون بها فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التى فى الصدور } الحج 46 ، وقوله تعالى { قل سيروا فى الأرض فانظروا كيف بدأ الخلق ثم الله ينشئ النشأة الآخرة إن الله على كل شىء قدير } العنكبوت 20 ،
وقوله سبحانه { أولم يسيروا فى الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم كانوا أشد منهم قوة وأثاروا الأرض وعمروها أكثر مما عمروها وجاءتهم رسلهم بالبينات فما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون } الروم 9 ، وقوله تعالى { أولم يسيروا فى الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم وكانوا أشد منهم قوة
وما كان الله ليعجزه من شىء فى السموات ولا فى الأرض إنه كان عليما قديرا } فاطر 44 ، إقامة المتاحف ضرورة لما كان التحفظ على هذه الآثار هو الوسيلة الوحيدة لهذه الدراسة أصبح حفظها وتهيئتها للدارسين أمرا جائز
إن لم يكن من الواجبات باعتبار أن هذه الوسيلة للفحص والدرس ضرورة من الضروروات . وقاعدة الضرورة مقررة فى القرآن الكريم فى قوله تعالى { وقد فصل لكم ما حرم عليكم إلا ما اضطررتم إليه } الأنعام 119 ، وغير هذا من الآيات . ولعل مما نسترشد به فى تقرير هذه الضرورة الدراسية والأخذ بها ما نقله أبو عبد الله محمد ابن أحمد النصارى القرطبى فى كتابه الجامع لأحكام القرآن عند
تفسيره قول الله تعالى فى سورة سبأ { يعملون له ما يشاء من محاريب وتماثيل } سبأ 13 ، من استثناء لعب البنات المجسمة من تحريم صنع التماثيل . فقد قال فى المسألة الثامنة ما نصه وقد استثنى من هذا لعب البنات لما ثبت
(عن عاشئة رضى الله عنها أن النبى صلى الله عليه وسلم تزوجها وهى بنت سبع سنين ، وزفت إليه وهى بنت تسع ولعبها معها ومات عنها وهى بنت ثمان عشرة سنة)
وعنها أيضا قالت (كنت ألعب بالبنات عند النبى صلى الله عليه وسلم وكان لى صواحب يلعبن معى) فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل ينفمعن منه أى يتخفين حياء منه فيسر بهن أى يرسلهن ويبعثهن إلى ليلعبن معى .
أخرجهما مسلم . قال العلماء وذلك للضرورة إلى ذلك وحاجة البنات حتى يتدربن على تربية أولادهن . ثم إنه لا بقاء لذلك، وكذلك ما يصنع من الحلاوة أو من العجين لا بقاء له . فرخص فى ذلك .
وتخريجا على هذا كان الاحتفاظ بالآثار سواء كانت تماثيل أو رسوما أو نقوشا فى متحف للدراسات التاريخية ضرورة من الضرورات الدراسية والتعليمية لا يحرمها الإسلام لأنها لا تنافيه ، بل إنها تخدم غرضا علميا وعقائديا إيمانيا حث عليه القرآن فكان ذلك جائزا إن لم يصل إلى مرتبة الواجب ، بملاحظة أن الدراسات التاريخية مستمرة لا تتوقف .
حرمة وضع التماثيل فى المساجد أو حولها وحرمة الصلاة فى المتاحف هذا ويجب الالتفات إلى ضرورة البعد بهذه التماثيل وكافة الآثار عن المساجد إذ يحرم جمعها ووضعها فيها أو حولها أو قريبا منها ، كما تحرم الصلاة فى الأماكن التى
تحتويها (المتاحف) حتى لا تشتبه الأمور وتؤول إلى عبادتها وتصير بتقادم الزمان وضعف العقائد آلهة تعبد، ويسجد لها من دون الله الذى نعوذ به من كل سوء فى الدنيا والدين .
وبعد فإنه مما سلف يستبين الجواب واضحا على الأسئلة المطروحة . بما موجزه أولا لا يحرم الإسلام إقامة المتاحف بوجه عام ، لأن ما يحفظ بها من آثار وسيلة لدراسة تاريخ الأمم السابقة .
ثانيا لا يحرم الإسلام عرض أى شىء من الآثار ما دام حفظها وغرضها بهدف الدراسة ، ويحرم عرض الجثث الإنسانية للموتى لما فيه من امتهان الإنسان الذى كرمه الله سبحانه .
ثالثا وبناء على ما سلف لا يحرم الإسلام عرض التماثيل والصور المجسمة بالمتاحف للتاريخ والدراسة ويحرم عرضها على وجه التعظيم، كما يحرم صنعها لهذا الغرض . والله سبحانه وتعالى أعلم .
|
|
|