17-03-2008, 09:20 PM
|
#2
|
عضو فعال
بيانات اضافيه [
+
]
|
رقم العضوية : 23050
|
تاريخ التسجيل : 02 2008
|
أخر زيارة : 29-03-2008 (12:40 AM)
|
المشاركات :
49 [
+
] |
التقييم : 10
|
|
لوني المفضل : Cadetblue
|
|
تابع
القرآن الكريم هو المعجزة الكبرى الوحيدة، التي أيَّد الله تعالى بها رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم، وقد ذكر ذلك عز وجل، مبيناً أن لا معجزات سوى هذا القرآن الكريم بقوله تعالى:
{وَقَالُوا لَوْلَا أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَاتٌ مِّن رَّبِّهِ قُلْ إِنَّمَا الْآيَاتُ عِندَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُّبِينٌ، أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} (50ــ51) سورة العنكبوت.
ألم يكفهم أنه أنزل على رجل منهم لا يعرف القراءة والكتابة، والذي يتحدى به بل بسورة منه، أمراء البيان وفحول الشعراء، أن يأتوا بمثله وفي سائر الأزمان والعصور، وعجزوا ويعجزون إلى يوم القيامة، ولو كان الإنس والجن بعضهم لبعض ظهيراً. ألا يعتبر بحق معجزة. بل أعظم معجزة دائمة لمن أراد وجه الحق!.
أوليس ما نحن واقعون فيه بهذا الزمان، من إشارات وعلامات للساعة، قد بينها تعالى في كتابه الكريم، منذ أربعة عشر قرناً ونيف، أليس هذا بمعجزة؟!!. ألا يستدل من علامات الساعة المذكورة في القرآن الكريم، أن هذا الكتاب، لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه؟. كيف وصف رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا الزمان بهذا الوصف الدقيق، وعبّر عنه بكلمات جامعة مانعة... أليس هذا بمعجزة؟!.
إن كلمة شروق الشمس من مغربها، وانشقاق القمر، وغيرها من الآيات التي تخص الساعة، لهي من أكبر المعجزات والرحمات الإۤلهية، التي أفاضها تعالى على رسوله الكريم، لكي نتدارك أمرنا، ونعود إليه تعالى.
قال تعالى : {وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي الزُّبُرِ، وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ مُسْتَطَرٌ} (52ــ53) سورة القمر.
* هذا ولما كان الغيب لله، فإنه لا يطلعه إلا لمن ارتضى من رسول، وهذا الغيب قد كشفه جلّ وعلا لرسوله الكريم ليلة أسرى به، والرسول عليه الصلاة والسلام لم يضن علينا بما كشف له تعالى من علم الغيب(2).
فذكر الأحداث الكبرى التي ستجري في المستقبل. وما علامات الساعة التي نتحدث عنها الآن إلا من آثار تلك الفتوحات الغيبية، التي أراه الله إياها. وأوردها تعالى في كتابه العزيز.
إذن: فإن انشقاق القمر كما بيّنا آنفاً ليس بمعجزة، وإن الروايات التي ذكرت حول هذه الآية، لا صحة لها أبداً أنه انشق فلقتين، فلقة من دون الجبل، وفلقة من خلف الجبل. فقال النبي صلى الله عليه وسلم بزعمهم: (اللهم اشهد) فذلك يتنافى مع القرآن الكريم بما أوردناه بآيات سابقة،ويتنافى مع القوانين الكونية التي سنَّها تعالى، وإنما آية الانشقاق، وحديث طلوع الشمس من مغربها، ودابة الأرض، إشارات ودلائل لقرب وقوع الساعة، ولو أن آية انشقاق القمر حصلت بزمن الرسول صلى الله عليه وسلم حينها لوقعت الساعة في تلك الأثناء، وهذا ما لم يحدث، بل امتدت الدنيا إلى وقتنا هذا، ونحن الآن نعيش هذه العلامة، وقرب الساعة الحتمية.
لقد بيّنا قبل قليل عن طلوع الشمس من مغربها، وبيّنا بأنها رمز للحضارة القادمة من الغرب، هذه الحضارة التي ظلت محجوبة وبشكل عملي، عن الشرق الإسلامي حتى أوائل القرن العشرين تقريباً، وبدأ إشراقها بدون حجاب، بعد الحرب الكونية الأولى، وبدأ العالم الإسلامي عامة، والعربي خاصة، ينسلخ عن منبع النور الإسلامي، من شمس النبوة، السراج المنير صلى الله عليه وسلم، مستمداً نوره من هذه الشمس الدنيوية المحضة التي بانت من الغرب، فأصبح قمراً للغرب، يعكس وهج شمسها.
لقد اختار الله تعالى هذه الأمة الإسلامية العربية أمة وسطاً، ليكونوا شهداء على الناس بما يستمدونه من نور الله، عن طريق رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم، إلا أنهم الآن هجروا هذا النور واستبدلوه بنور الحضارة المادية المحموم، وبذلك فقد الأمل منهم تقريباً في إقامة الحق على الأرض، لأن هذه الأمة الوسط بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلق الله، والمكلفة بإنقاذ العالم، من الظلمات إلى النور الإۤلهي، قد تحولت بوجهتها إلى الغرب، لذلك، فإن اقتراب وقوع الساعة بات محققاً، ولا بد في هذه الحالة، من مجيء منقذ للبشرية ينقذها من شمس الباطل إلى شمس الحق، والسيد المسيح رسول السلام، هو المهيأ لهذا الإنقاذ.
فيا أيها الناس اتقوا ربكم، إن زلزلتها لشيء عظيم، وإن عذابها لشديد.
هذا وإن انشقاق القمر الذي ورد ذكره في الآية الكريمة، إن هو إلا حدث من الأحداث المسطرة في الزبر، يبين الله تعالى فيها لأهل كل عصر، ما يهمهم من الآيات في الوقت المناسب، ليعلموا أن الله حق، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم وما جاء به هو الحق من ربه(1)، وليعلموا أن الله على كل شيء شهيد، وبيده نجاة ونصر من يتقيه.
فبما أن القمر المذكور بالآية الكريمة: {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانشَقَّ الْقَمَرُ} (1) سورة القمر: لا يعني ذلك الكوكب المنير كما ذكرنا، إنما يشير إلى معنى مجازي، وهو البلد الذي يستمد من الحضارة الغربية، التي هي الشمس للعالم، من الاختراعات والإبداعات، ولها التبعية وبكافة الأقطار الإسلامية وغير الإسلامية، ولفترة وجيزة كانت هذه الدول تتنعم بنتاج حضارة شمس الغرب، ونتاج علومه الدنيوية المحضة، عوالم المادة، من سيارات وطائرات وقطارات والمصانع الضخمة، وشبكات الاتصال والفضائيات، ووسائل اللهو والإنترنت، ونقلت كل فنونه حتى في اللباس والأدوات المنزلية والغناء، فأصبح العالم يعيش بتلك الصور الدنيوية محجوباً عن الحقائق الباقية، بالاتجاه الكلي نحو هذه الشمس. فقد أشاح الناس بالعالم أجمع، عن مبدع السموات والأرض، وما أعدّه لهم من جنات باقيات، باتباعهم لهذه الحضارة الآنية، والتي تعقبها خسارة أبدية.
لقد أصبح الشرق كله، قمراً يستمد نوره من شمس حضارة الغرب، وما العالم الإسلامي إلا جزء لا يتجزأ من الشرق، شأنه شأن باقي الدول، يستمد نوره أيضاً من هذه الشمس الحضارية. ثم وبفقدان الروح والغذاء القلبي للبشر، بدأت تدرك ما فيه من خطر، وبدأت بالانشقاق، كإيران وشعوب وقبائل باكستان وأفغانستان والقرن الأفريقي والعراق وغيرهم، حتى أن الانشقاق حاصل بين الدولة الواحدة فيما بينها(إذاً الانشقاق حاصل في كل الدول على أعلى وأصغر المستويات) بكل ما تتضمن كلمة الانشقاق من معنى. أما انشقاق الصين فتمّ نحو الأسوأ، ويا ليتهم لم ينشقّوا.
انشقّوا عن استعمار بلادهم ولكنّهم قتلوا أنفسهم إذ غدوا (كالمستجير من الرمضاء بالنار)، أو كما يقول المثل العامي (طلعنا من تحت الدلف إلى تحت المزراب)، لقد هووا بانشقاقهم عن الغرب إلى قاع الشيوعية التي لا روح فيها أبداً ولا حياة قلبية، بل فيها نكران الإۤله والآخرة، فهم بالضلال غارقون، وثبت عليهم وعلى بلادهم ما أطلقه أهل الصلاح الأوّلون (أن بلاد الصين هي بلاد الخَطا)، حتى الكثير من الأثرياء في العالم وغيرهم، عبروا عن انشقاقهم عن هذه الحضارة وإفلاسها في نفوسهم، بما سجلت من حالات كثيرة في الانتحار، وخاصة في الدول الراقية. وإليك نبذة من اعترافاتهم:
وحتى عن ملذات وملاهي مدينة نيويورك المتنوعة فإن "جيمي والكر" المتهم بكل شيء إلا بعمق نظرته وغور تفكيره قال عنها في آخر سني حياته:
( أصبحت اليوم لا أرى سحر وفتنة الأمس إلا شيئاً مبهرجاً تافهاً).
ويقول "دراموند": ( إن أعلى متع الأرض ليست إلا ألماً متنكراً "مقنعاً").
ويقول "سير أرنولد": (عجباً، كما هي الريح كذلك هي الحياة البشرية الفانية، عويل، ندب، تحسر،غضب، كدح).
قال تعالى: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا ...} (124) سورة طـه. وهكذا فليست اللذائذ الدنيوية المحضة سوى شقاء وألم وخسارة أبدية وحسرات مغلفة بغلاف برَّاق مخادع.
إن ما نعيشه اليوم من كوارث وفيضانات وزلازل ومجاعات، وحروب وأعاصير مدمرة وحرائق في الغابات والمدن، ومن ذوبان القطبين الشمالي والجنوبي وانخفاض في المياه الإقليمية ونقص كبير من مستويات الأنهار، وارتفاع درجة حرارة الأرض وفساد البيئة نتيجة لما ذكره تعالى: {وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ ...}(71) سورة المؤمنون:وبما أن الله تعالى منح الإنسان حرية الاختيار، وهم اختاروا وصمَّموا على ما لم يرضه الله لهم. لِما يعود عليهم بذلك من هلاك، ولكنهم أصرُّوا فأعطاهم طلباتهم ومشتهياتهم،وكل واحد سار بهواه فتغير نظام الكون، زلازل، طوفانات، قحط. حلّ البلاء الذي أشرنا إليه وسيعقبه الهلاك العام إن لم يثوبوا إلى رشدهم ويلتجئوا إلى ربهم، ليصلحوا ما أحدثوا من عظيم الفساد، والذي عاد عليهم بأمراض غريبة أصابت الإنسان، وأمراض أخرى أصابت الأنعام، مصدر غذائنا، ومن آلام وأمراض نفسية على مستوى العالم، حتى أوصلت الكثير منهم إلى الانتحار، وكل ذلك نتيجة انغماس الناس بالحياة الدنيا، واتباعهم شمس هذه الحضارة الغربية، التي أعمتهم عن الحقائق، وأصمتهم عن سماع الحق، بسبب ما اقترفت أيديهم من آثام: {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} (41) سورة الروم.
فكم هو ربنا رحيم ورؤوف بهذا الإنسان، فالدنيا لا يمكن أن تكون جنة، لأنها ليست باقية، ومصيرها إلى الزوال، وأما المؤمنون بما يستمدون من شمس الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، الذي يأتيهم بالأنوار من الله، فهم في الجنّة، وبه تعالى الحياة الأبدية السرمدية الباقية، وما وصلت الناس إليه اليوم من ضيق وحزن وألم، فلا بد أن يبدل الله شقاءهم سعادة، بعودة وشروق شمس السيد المسيح، حبيب الله، رسول السلام، والأنبياء جميعاً هم شموس الحقائق، وكان ظهورهم دوماً في الشرق الأدنى، مهبط الرسل والنبيين، والانشقاق ظهر في هذا العصر فقط، عن شمس الغرب المادية المحضة. وهذا الانشقاق مرحلي، ورفْض مبدئي لأمّ الحضارة التي ولّدتها، والكشْف عن زيفها وغرورها، وتهيئة لرفضها الكلّي إثر الحرب العالمية الثالثة وعظيم أهوالها الكبرى وكربها، فعندها يتمّ الرفْض الكلّي والتقبّل بالأشواق لعصر المنقذ رسول الله المسيح عليه السلام، عندها تزول عن العيون الغشاوة، وعن الآذان الوقر، وتتفتّح القلوب لأنوار الحقيقة بقدوم السيّد المسيح عليه السلام.
وخلاصة القول:
إن سورة القمر ومن بدايتها، تتحدث عن التكذيب والإعراض الكلي عن الله تعالى، وتستعرض الأقوام السابقة حين أتاها العذاب، ابتداءً من قوم سيدنا نوح، إلى قوم سيدنا هود، إلى قوم سيدنا صالح، إلى قوم سيدنا لوط، إلى قوم سيدنا موسى، وبعد هلاك المكذبين على طول الزمان، يذكر تعالى في آخر السورة، تكذيب أهل هذا الزمان، والنهاية المؤسفة التي سينتهون إليها، شأنهم في ذلك، شأن من سبقهم من الكافرين، الذين كذبوا دعوة الرسل، وقد اجتمعت فيهم جميع علل الأقوام، من كفر وعناد وتطاول في البنيان، وشذوذ في الأخلاق، وغش وإعراض:{أَمْ يَقُولُونَ نَحْنُ جَمِيعٌ مُّنتَصِرٌ}: بالحرب القادمة: {سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ}: إذ أن هذه الحرب النووية الهيدروجينية، لا نصر فيها أبداً:{ بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ...}:ساعة البلاء العام:{... وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ }(44ــ46) سورة القمر: هذه الساعة هي أدهى بهلاكهم، من الساعات التي مرت على الأقوام السابقة، وكلمة {... وَأَمَرُّ }: أي أشد مرارة من غيرها، وذلك لعموميتها بأرجاء الكرة الأرضية.
* * *
|
|
|