28-03-2008, 01:38 AM
|
#5
|
عضو فعال
بيانات اضافيه [
+
]
|
رقم العضوية : 23050
|
تاريخ التسجيل : 02 2008
|
أخر زيارة : 29-03-2008 (12:40 AM)
|
المشاركات :
49 [
+
] |
التقييم : 10
|
|
لوني المفضل : Cadetblue
|
|
متابعة
الاخوة الكرام شكرا لتشجيعكم وجبر الله خواطركم احسن جبر
متابعة
المـوت بالمرصاد :
على حين نظر المترفون إلى الرفاه المادي نظرة المنقذ لهم من الشقاء والآلام، فبدأ التسابق وبدأ السعي
في اختلاق تفننات جديدة في الحياة غير مألوفة، وبذلك أخذت الحياة نحو التعقيد بدل التبسيط والشقاء بدل السعادة. على كلٍّ مهما حقق الإنسان، فإنه يبقى أمام المصير المحتوم الذي لا بدَّ منه ولا فرار، ألا وهو الموت" هاذم اللذات ومفرِّق الجماعات" وانتهاء مرحلة الحياة، فما أعظم تلك الساعة، وما أشقى صاحبها!.
إنها ساعة الفراق والرحيل إلى غائب مجهول، والإنسان عدو ما يجهل.
لقد نسي الإنسان أن مع الحياة موتاً، ومع الدنيا آخرة، بل غفل عن تلك الساعة التي يجرَّد فيها المرء من جميع ما يملك حتى ملابسه التي على جسده، ثم يساق إلى القبر فريداً وحيداً بلا أنيس ولا جليس، ولا فراش ولا مستند مادي، إنه الأجل قد حلَّ وجاء، وما أصعب العيش بعد فقدان الأمل. فهل يغني عنه ماله؟. وهل يدفع عنه شيئاً مما سيحل به؟. ولو كان ملء الأرض ذهباً في ذلك القبر الضيق، والظلام الدامس!.
هذا الذي اعتمد طيلة حياته الدنيا على أنوار مادية، وعلى حواس جسدية، لا على أحوال قلبية إيمانية، ومشاهداتٍ ربانية، الآن أضحى الجسم جثة هامدة، وزالت الحواس وفقد النور البصري، وبقي المسكين غارقاً في الظلمات رهيناً، فمن هو؟. وأين هو؟. ومن أتى به إلى هذه الدنيا؟!. النفس والجسد غريبان، والمكان مظلم ورهيب .. إنه انتقال سريع ومفاجئ، فأين الصاحب والحبيب، و المال والبنون ؟ ..
إنه سجن وأغلال وقيد ثقيل لا مفرَّ منه يومها ولا مخرج، لقد انطفأت آخر شعلة بالمصباح، وانقطعت الحياة، وانهار أساس ذلك البرج الذي بناه على الرمال:
يا من بدنياه انشغل ................وغرَّه طول الأمل
الموت يأتي بغتــة ..................والقبر صندوق العمل
فأين السعادة المرجوة إذا كان هذا هو المصير؟. وأين السرور و الحبور إذا كانت النهاية تنحصر في هذه الحفرة؟. أين النعيم المقيم والصفاء المنشود إن لم يعرف الإنسان الخالق أو لم يتعرف عليه، إذ المصير الحتمي إليه، والحياة الأبدية به وإليه؟! ..
وبعد هذه الجولات وجد الفريق العلمي الكبير أن الرفاهية لدى الأغنياء طعامها ذو غصة، وأن عليها لشوباً من حميم، والسعادة المنتظرة التي كان الأغنياء يحلمون بها إنما كانت كسراب بقيعة، يحسبه المترفون ماءً فيه الحياة والهناء، فلمَّا جاؤوه لم يجدوه إلا وهماً وضنكاً، وكان المال مبعثاً لشقائهم وضياعهم عن السعادة الأبدية الحقيقية. وعند الموت ينزلون عراة، لا يأخذون معهم درهماً ولا بنساً.
في سماء الفقراء :
عند هذه النتيجة غير المتوقعة بادئ ذي بدء قام الفريق الباحث عن السعادة ويمَّم وجهه نحو البسطاء
والفقراء، علَّه يجد السعادة عندهم،تلك الطبقة الكادحة في المجتمع التي تسعى وراء لقمة العيش، لترد شبح الموت والجوع أن يفترس أفرادها.
وعند السؤال ظهر السخط والتذمر وعدم الرضى هو الجواب، وفُتح الباب ليُسفر عن منظر رهيب من الكآبة والقنوط واليأس وفقدان الأمل، فكل فقير يندب حظه التعيس أن قضى عمره في القلَّة والحرمان، وينشد أناشيد يحلم فيها أن يكون له كما للأغنياء ( أهل السعادة بظنه وخياله ) من مال وفير، وغنى كبير ، وقصور تناطح السحاب، فنراه يكدّ ويسعى لبلوغ أمجاد كبرى، ولكن دون جدوى، يخال في مسيره نحو أحلامه أنه سوف يصل للسعادة إذا كان لديه ما للأغنياء من رفاهية وبحبوحة في الحياة، فالجوع قد عضَّه بنابه، والحاجة مزَّقت رداءه، والفقر قرض بنانه، فليس للسعادة من سبيل لدخول بيته أو حتى أن تطير فوق سمائه.
هذا لأن طبقة الأغنياء قد أفسدت معيشته، فبيته الذي كان في عينه جميلاً، قد أصبح كوخاً حقيراً أمام القصر المنيف الذي شيد إلى جانبه، فالإنسان يظل راضياً بمعيشته في مجتمع متوازن، أما إن حصل التفاوت، عندئذ ينظر إلى ما كان يستحسنه بالأمس ويرتضيه، نظرة ازدراء واحتقار، ويحل بساحته الضجر والسخط والتبرم من الحياة.
فلقد أفسد المترفون على السواد من أفراد المجتمع حياتهم، إذ ليس بوسع الناس جميعاً أن تبني قصوراً، وتقتني أثاثاً فاخراً فخماً.
لهذا نرى الفقراء وقد أكل الحقد نفوسهم، وسيطر عليهم حب الانتقام، ولا عجب أن يتكتلوا ضد الأغنياء، ليُسْقِطوا فوق رؤوسهم فؤوساً، ويسقونهم كأساً علقماً، كما هم يتجرعونه. .
هذا نتيجة الظلم والاستغلال الذي يمارس عليهم بظنهم من قبل الأغنياء، من أجل لقمة العيش وستر للحال، فذاقوا بسببها الذل والهوان، إنها حقيقة تطوف البلاد، وتمر بها العامة من الناس، إنها فقدان السعادة من كلتا الطبقتين على السواء، واستبدالها بالأحقاد والسخط والتبرُّم والضغائن وعدم الرضى، جراء التفاوت الطبقي بين الفقراء والأغنياء.
فالعمال الكادحون تراهم يخططون لإحداث انقلاب أو ثورة على أرباب العمل والانتقام منهم، لأن أولادهم في ، يشقون.
وكذلك الفلاحون يثورون ضد الإقطاعي المستبد، إلا أن الأخير يضع كعب رجله على أفواه الألوف من ذوي الحقوق، فيقهرها ويخرسها عن المطالبة بحقوقها المسلوبة بنظرهم .
فالمترفون يزدادون غنى وتسلطاً واستغلالاً، والمحرومون يزدادون فقراً وعبودية وحقداً وإذلالاً.
أمام هذه الصراعات والأضداد، وقف الفريق الباحث عن السعادة خلف جدار منيع تلفُّه الحيرة وتحيط به إحاطة السوار بالمعصم، فعبثاً صرفت اللجان العلمية العليا الباحثة عن السعادة الجهد في البحث والتنقيب، وهباءً ضاعت المساعي، فلم يعثروا على أثرٍ للسعادة لدى الأغنياء المترفين، ولا عند الفقراء البسطاء.
يتبع باذن الله مع فئة الشباب
|
|
|