عرض مشاركة واحدة
قديم 22-09-2001, 09:47 PM   #1
ليلى عناني
كاتبة في جريدة البلاد


الصورة الرمزية ليلى عناني
ليلى عناني غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 672
 تاريخ التسجيل :  09 2001
 أخر زيارة : 02-01-2006 (03:45 PM)
 المشاركات : 128 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
الصياد و السمكة و......!؟



الصياد
كان يجلس عند نهاية الشاطيء الرملي في مواجهة الغرب ! وظله يتكسر فوق الصخرة التي تتدلى منها ساقيه وتتلاطم فوقها الأمواج بحنان ! فقد احتضنت الصخور المجاورة شدتها وامتصت سرعتها قبل الوصول اليه! وأخذت تتحمل صدمات العنف التي تتلقاها من الأمواج التي لاتهدأ، تلك الصخور التي اعتادت أن تكتم اسرار صائدي السمك وتحفظ أغانيهم التي يترنمون بها عند انتظارهم لصيدهم الثمين .
كنت أراقبه من بعيد ورأيته عندما القى بسنارته في الماء ثم جلس بهدوء وتأني في انتظار الرزق! وكل موجة تأتي أتخيل أنه قد آن الأوان لكي تعلق السمكة بالطعم اللذيذ المتدلي أمامها بشهية! ولكن مرت ساعة وراء أخرى ولم تأتي السمكة المنتظرة.. وتلك الإبتسامة ماتزال تعلو شفتيه، وقد اعتقدت أن ابتسامته تلك ربما تدل على تخيله السمكة في المقلاة تُطهى وبجانبها قدر الأرز ؟ أو أنه لايعبأ أصلاً بالصيد بل هذه طريقته ليربط نفسه بالبحر الذي تشبه أمواجه تقلب الأيام التي يعيشها! فهذه موجة تأتي من بعيد مندفعة بقوة الرياح التي تثيرها ولا تهدأ حتى تتكسر فوق أقرب صخرة تصادفها! وأخرى تأتي على مهل وترتد راجعة من حيث أتت خوفاً من الهزيمة التي لاتقبلها وتفضل السلام على العنف؟
وغيرها تفضل أن ترتمي في أحضان الشاطيء الذي يظل دائماً في انتظارها بدون ملل أو تذمر وتحتضن رماله لفترة تكفي لغسلها من آثار المارة في اصرار على تركها ملساء كما يريدها هذا البحر المحيط بالفضاء الشاسع!.
تساءلت ما سر هذه الإبتسامة التي ظلت مصاحبة له كل تلك المدة؟ هل ترسمت فوق تضاريس وجهه وطبعت عليه مع مرور الزمن الذي أكتشف أنه من العبث أن يعبث فيه بوجه أضاف الله عليه السكينة والإطمئنان! ؟ فما هي ياترى السعادة في نظره؟ .
وبدون أن أجد أي تفسير لتساؤلاتي التي احتفظت بها في نفسي تحولت عيناي إلى اتجاه الغرب وأخذني منظر غروب الشمس التي خلبت بجمالها عقلي وقلبي وهي منعكسة فوق سطح المياه التي هدأت أمواجه عند الغروب لمشاركة عشاق الطبيعة في الإستمتاع بأجمل لوحة ترسم عليه! .. وأخذت الشمس تختفي في الأفق مسرعة ولونها يصبغ وجه الماء خجلاً وتسرع وتسرع وكأنها على موعد مع بحر آخر وعشاق آخرين! تملكني الحزن وكدت أن أستعطفها كي تبقى معي لفترة أخرى ولكنني وعدت نفسي بلقائها في نفس الموعد في الغد! .. ثم أدرت رأسي كي أرى ماذا حدث للصياد وبكل أسف كان قد اختفى ولم يعد هناك؟ وفضلت أن احتفظت بما يملء رأسي من تساؤلات لصياد آخر يوماً ما.


:) :) :) ;) ;)
المصدر: نفساني



 

رد مع اقتباس