عرض مشاركة واحدة
قديم 05-09-2002, 02:41 AM   #1
أبوأنـس
عضو


الصورة الرمزية أبوأنـس
أبوأنـس غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 2358
 تاريخ التسجيل :  08 2002
 أخر زيارة : 09-03-2003 (06:11 AM)
 المشاركات : 18 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
الحياة مع القرأن العظيم0



بسم الله الرحمن الرحيم

القرأن يا امة الاسلام0

فالحياة مع القرآن هي الحياة مع الله ؛ فالقرآن الحبيب كتاب الله المنزل ، وكلامه الموجه للإنسان إلى نفسه وقلبه وفكره وروحه ، وهو حديث متصل من الله تعالى ؛ يصفه بأسمائه وصفاته وأفعاله ... يصفه بقدرته المعجزة ، ورحمته الواسعة ، وعلمه الشامل ، يصفه بكبريائه وجبروته يصفه بمغفرته وحلمه ومعيته ورقابته ... يصفه بكل ما تستطيع النفس البشرية أن تدركه من صفات الكمال والجلال .

وحين يعيش المسلم مع القرآن فهو يعيش مع الله تعالى ؛ سواء حين يحس برحمته الواسعة وفضله الغامر الذي يتناوله بالرعاية ؛ فيرسل إليه رسوله الحبيب ـ عليه الصلاة والسلام ـ ويقرئه كتابه المنزل يهدي به نفسه ويلمس مِنَـة الرب عليه : ( لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ) ( 1 ) أو حين يتتبع الحديث المتصل في القرآن الكريم عن الله سبحانه وتعالى ، وما أسبغه عليه من النعم الظاهرة والباطنة ، يلمس ذلك بحسه ؛ إذ يسمع قول ربنا عز وجل : ( الرَّحْمَنُ * عَلَّمَ الْقُرْآنَ * خلق الإنسان * عَلَّمَهُ الْبَيَانَ ) ( 2 ) .

{ بهذا الرنين الذي تتجاوب أصداؤه الطليقة المديدة المدوية في أرجاء هذا الكون وفي جانب هذا الوجود . الرحمن : بهذا الإيقاع الصاعد الذاهب إلى بعيد يجلجل في طبقات الوجود ويخاطب كل موجود وتلفت على رنينها كل كائن ، وهو يملأ فضاء السماوات والأرض ، ويبلغ إلى كل سمع وإلى كل قلب ، ويسكت . وتنتهي الآية . ويصمت الوجود كله ، وينصت في ارتقاب الخبر العظيم ، بعد المطلع العظيم ، ثم يجيء الخبر المرتقب ؛ الذي يخفق له ضمير الوجود ... علّم القرآن ... هذه النعمة الكبرى التي تتجلى فيها رحمة الرحمن بالإنسان .. القرآن .. الترجمة الكاملة لنواميس هذا الوجود ومنهج السماء للأرض ؛ الذي يصل أهلها بناموس الوجود ، ويقيم عقيدتهم وتصوراتهم ، وموازينهم ، وقيمهم ، ونظمهم ، وأحوالهم : على الأساس الثابت الذي يقوم عليه الوجود فيمنحهم اليسر والطمأنينة والتفاهم والتجاوب مع الناموس .
القرآن الذي يفتح حواسهم ومشاعرهم مع هذا الكون الجميل ؛ كأنما يطالعهم أول مرة ، فيجدد إحساسهم بوجودهم الذاتي ، كما يجدد إحساسهم بالكون من حولهم ، ويزيد فيمنح كل شيء من حوله حياة نابضة تتجاوب وتتعاطف مع البشر ؛ فإذا هم أصدقاء ، ورفاق أحبة ، حيثما صاروا ، أو أقاموا طوال رحلتهم على هذا الكوكب ! . القرآن : الذي يقر في أخلادهم أنهم خلفاء في الأرض ، أنهم كرام على الله ، أنهم حملة الأمانة ... فيشعرهم بقيمتهم التي يستمدونها من تحقيق إنسانيتهم العليا } ..( 3 )
__________________________

( 1 ) (آل عمران:164)
( 2 ) ( الرحمن : 1/4 )
( 3 ) الظلال : 6/3446

================================================== ========
كفاية المؤمن

لقد تلقى الصحابة الكرام ـ رضوان الله عليهم ـ القرآنَ من رسول فيّ الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأشربته قلوبهم ، و اقشعرت جلودهم ، ورطبت به ألسنتهم ، وكان للقرآن الحبيب المنزّل الأثر الكبير في نفوسهم ؛ منزل لا يعدله شيء .. كيف لا وهو كلام الله تعالى ، فقد روي عن سيدنا عكرمة بت أبي جهل ـ رضي الله عنه ـ فيما أخرجه الحاكم : ( كان عكرمة بن أبي جهل يأخذ المصحف فيضعه على وجهه ويبكي ويقول : كلام ربي كتاب ربي ) .
وعن أمير المؤمنين عثمان بن عفان ـ رضوان الله عليه ـ قال : ( لو طهُرت قلوبنا ما شبعت من كلام ربنا عز وجل ) .

و أدرك الصحابة الكرام الأطهار عِظم نعمة القرآن الكريم ، فتعاهدوه بالتلاوة وإدامة النظر ، آناء الليل وأطراف النهار ، وعلِم الصحابة الكرام فضل الله عليهم بإنزاله كلامه سبحانه وتعالى إليهم ،واستشعروا قول الله تعالى : ( أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) ( 4 ) .

يقول الأستاذ سيد رحمه الله : ( أولم يكفهم أن يعيشوا مع السماء بهذا القرآن ؟ وهو يتنزل عليهم ، ويحدثهم بما في نفوسهم ، ويكشف لهم ما حولهم ، ويشعرهم أن عين الله عليهم ، وأنه معنيٌ بهم ، حتى ليحدثهم بأمرهم ، ويقص عليهم القصص ويعلمهم .. وهم هذا الخلق الصغير الضئيل التائه في ملكوت الله الكبير ، وهو وأرضهم وشمسهم التي تدور عليها أرضهم .. ذرات تائهٍ في هذا الفضاء الهائل ، لا يمسكهن إلا الله ، والله بعد ذلك يكرمهم حتى لينزل عليهم كلماته تُتلى عليهم ..والذين يؤمنون هم الذين يجدون حس هذه الرحمة في نفوسهم وهم الذين يتذكرون فضل الله عليهم وعظيم مِنته على هذه البشرية بهذا التنزيل ، ويستشعرون كرمه وهو يدعوهم إلى حضرته ، وإلى مائدته ، وهو العلي الكبير ، وهم الذين ينفعهم هذا القرآن ، لأنه يحيا في قلوبهم ويفتح لهم من كنوزه ويمنحهم ذخائره ، ويُشرق في أرواحهم بالمعرفة والنور ) ( 5 )

وهذه النعمة وهذه الكفاية ـ القرآن الكريم ـ لَلَمسلم المعاصر أشد حاجةً إلى تذوقها وتنسم عبيرها والعيش في رحابها ؛ إذ الواقع المعاصر المادي لهو أشد ضغطاً وقوةً مما كانت عليه حياة سلف الأمة الأطهار ، ومن ثَم فإن تذوق معاني القرآن الكريم والعيش بها سيكون بتوفيق الله تعالى متناسباً مع قوة ضغط الحياة المادية المعاصرة .. وهذا لكون القرآن الكريم كتاب هذه الأمة الخالد وعندما يتذوق المسلم معاني القرآن ويستشعر بها في كيانه وكيان من حوله ، يقول ساعتئذ : لو إن أهل الجنة في مثل هذا إنهم لفي خير كبير .. إذ هو يعيش بكلام ربه الكبير المتعال .

يتبع إن شاء الله
_____________________________

( 4 ) (العنكبوت:51)
( 5 ) ( الظلال : 2747 )
المصدر: نفساني



 

رد مع اقتباس