25-08-2008, 06:29 AM
|
#2
|
عضو نشط
بيانات اضافيه [
+
]
|
رقم العضوية : 24369
|
تاريخ التسجيل : 05 2008
|
أخر زيارة : 28-08-2008 (08:53 AM)
|
المشاركات :
52 [
+
] |
التقييم : 10
|
|
لوني المفضل : Cadetblue
|
|
العلم الكاذب والرغبة في الإبهار:
يعمد كثيرون من المشتغلين بالبرمجة اللغوية العصبية أو التنمية البشرية المبنية عليها أن يضمنوا كتبهم وأقوالهم بعض الأرقام أو الإحصاءات أو المعلومات لإعطاء ما يقولونه صبغة العلم معتمدين على جهل قرائهم ومستمعيهم بالأرقام والإحصاءات الصحيحة أو بالحقائق العلمية كأن يقول أحدهم أن المخ يحتوي على 150 مليار خلية عصبية (وهو رقم لم يتأكد) , أو يقول آخر بأن النيكوتين يضعف الذاكرة (وهي مقولة ثبت عكسها , وإن كان للنيكوتين أضرار أخرى كثيرة غير هذا الأمر) .
وكثير منهم يستخدم الأرقام بطريقة عشوائية وشخصية وغير موثقة , ومع هذا يستخدمها بجرأة وطلاقة توحي للمستمعين أو للقراء باستناد القائل إلى صحيح العلم وإلى المؤكد من الإحصاءات والتجارب , وهو ليس كذلك . وحتى إن استند أصحاب البرمجة إلى بعض الحقائق العلمية الصحيحة جزئيا فإنهم يوظفون ذلك بشكل غير علمي للوصول إلى ما يريدون إقناع المتلقي به وإبهاره إن أمكن . والعلم الحقيقي ليس فيه هذه الرغبة في الإبهار , وإنما يتميز بكونه موضوعي ومتواضع ونسبي وقابل للنقد والتغير , ومع هذا يحمل إمكانات التغيير والنمو والتطور بشكل متدرج ومنطقي وتراكمي ومتصاعد ومؤثر , أما شبه العلم أو العلم الكاذب فإنه يميل للأقوال والمفاهيم المطلقة , والألفاظ الرنانة , والشعارات الضخمة , وهو مثل بالونة هائلة وملونة ولكنها مجرد هواء .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عمل من لاعمل له :
وعلى الرغم من أن الرواد الأوائل فى البرمجة اللغوية العصبية كانت لهم ثمة صلة بالعلوم النفسية والعلوم الإدارية بشكل حقيقي , إلا أن غياب الثوابت والمعايير والقواعد في هذا الأمر أدى إلى تسلل أعداد هائلة من أنصاف المحترفين أو الهواة أو المغامرين أو راغبي المكسب السريع أو الشهرة , بحيث أصبح العمل في البرمجة أو التنمية البشرية وظيفة يلجأ إليها كثيرون ممن لم يجدوا فرص عمل أخرى مناسبة , إذ لا يكلف الأمر غير شقة يكتب عليها "المركز الفلاني للتدريب والتنمية البشرية" ويعمل فيها بعض الشباب الذين حضروا بعض الندوات أو ورش العمل أو قرأو كتاب "الأسرار السبعة" أو "المفاتيح العشرة" ومعهم شهادات حصلوا عليها من أشخاص أو معاهد لاتحظى بمصداقية خارج حدود ذاتها .
وأدى هذا إلى نمو عشوائي استرزاقي لمراكز التدريب وبرامج التنمية البشرية , وتسللت الفيروسات الفكرية والإيهامات والإيحاءات والتهويمات , وأصبح الهم الأكبر هو إقناع العميل (الزبون الضحية ) بأنه يتلقى علما راسخا ومبادئ وقواعد محددة ومؤكدة تنقله فورا من الفشل الذريع إلى النجاح الباهر والمؤكد , وأن تملكه لمفاتيح وأسرار هذه البرمجة ستجعل العالم ملك يديه يحركه كيف يشاء , ولم لا وقد فهم أسرار عقله الباطن وأطلق طاقاته غير المحدودة .
وهو عمل مربح في الأغلب وجالب للشهرة في ذات الوقت لأنه يلعب على وتر مهم وهو رغبة الناس في النجاح من أقصر طريق وبأقل جهد , ويا حبذا لو كان ذلك من خلال قوة خفية كقوة العقل الباطن اللامحدودة (كما يوهمهم المدرب) , وهم في حالة حلم لذيذ بالنجاح والثروة في حين لا يحقق ذلك إلا المدرب بحصوله على أموالهم . ولا توجد نقابة أو هيئة أو مؤسسة موثوق بها تمنح تراخيص العمل لمراكز التدريب أو تغلقها إن هي خالفت الشروط والمواصفات , ولا توجد أخلاقيات للمهنة تحدد المقبول والمرفوض فيها , ولا توجد جهة رقابية تحاسب المخطئين والمدّعين , ولهذا فنحن في منطقة ضبابية تشبه إلى حد كبير مناطق العلاج بالأعشاب وإخراج الجن وعمل السحر ولكن بشكل عصري جذّاب وبأسلوب شبه علمي أو نصف علمي . وقد يكون هذا النشاط قد فتح بابا واسعا للشباب الذين لا يجدون فرصة عمل , وفتح لهم أيضا بابا للشهرة الواسعة وربما الثراء السريع , ولكن اتصاله بسوق العمل الحقيقي وبالإنجاز الواقعي تحوطه الكثير من علامات الإستفهام
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــ
نرجسية المدرب العالمي:
كثيرون منهم يصفون أنفسهم بوصف "المدرب العالمي" , ولست أدري إن كانت هذه درجة علمية أم حالة وظيفية ومن يمنحها أو يحددها ومن يسحبها أو يلغيها وماهي معاييرها وأخلاقياتها ؟ . بعد ذلك تسمع من المدرب حديثا رائعا عن رحلة حياته وكيف حقق خلالها أشياء أشبه بالمعجزات , وكيف أنه وصل إلى أعلى المراتب المهنية في شركات وفنادق ومؤسسات العالم , وأنه قد تقابل مع أشهر الشخصيات وأثر فيهم , وأنه طاف بكل دول العالم وأسس مراكز التدريب ووضع البرامج وغير الكثير من البشر , ومنح الشهادات , وصنع المدربين , ووضع أسسا جديدة للعلم الذي سوف يغير وجه العالم كله في فترة وجيزة . قد تنبهر بهذا الكلام خاصة وأن المتحدث لديه كاريزما شخصية وقدرة على الإيحاء وله ظهور إعلامي مكثف , ولكن حين تسأل معارفه وجيرانه وأهل بلده عن تاريخه الطولي وعن سيرته الذاتية تجد شيئا مخالفا تماما لذلك , فهو لم يحصل على الدكتوراه التي يدّعيها , ولم يتقلد الوظائف التي يفخر بها , ولم يحقق النجاحات التي يتباهى بها , ليس هذا فقط بل تظهر حقائق صادمة عن إخفاقات وتلفيقات ومحاولات فهلوة وادعاء لا نهاية لها .
وحين كنت أسمع شرائط أحدهم أو أقرأ كتبه كان أكثر ما يلفت النظر هو كلامه عن نفسه كنموذج رائع للنجاح , وهو متمحور بشدة حول هذه الذات المنتفخة يدللها ويداعبها ويلونها وينفخها أكثر وأكثر كطف [/size]
معذرة على الإطالة
|
|
|