الوصاية في زمن الحرية ...
نعيش هذه السنوات منهجا مختلفا عن الماضي في اسلوب الحياة ، من جميع نواحي الحياة ، ثقافيا واجتماعيا وفكريا بل وحتى علميا ، وهذا يعود في المقام الأول إلى أمور عديدة منها الانفتاح الإعلامي الكبير ، الذي جلب لنا الجميل والقبيح دفعة واحدة فأصبحنا في مواجهة متلاحقة ، وقضايا متعددة ومتنوعة ، تخبرنا كيف نستقبل الجديد ، ثم كيف نتعامل معه ، وكيف نتفاعل معه إيجابا ، وكيف نطرده لعدم ملائمته لنا ...
كثير من الناس لا زال يقبح تحت طائلة الوصاية ، وأمام هذا الانفتاح يعتقد أن بإمكانه السيطرة على من حوله بطريقة المنع والكبت ومصادرة الرأي والتقليل لمن حوله .. وهو في الحقيقة يعذب نفسه ، ويعذب من تحت يده ، بل ولربما يفسد الصالح ، وهو يعتقد أنه يصلح الفاسد ، وبعدها تخيل كيف تصبح حياته .... !!
أستشهد بكلام للأخ يقال له ( متشائل ) كتب مقالا في هذا المنتدى سنة 2001 ، حيث يقول :
التركيز على التربية الصحيحة والتي قوامها احترام الذات وزيادة جرعات الثقة بالنفس وإعطاء الفرد حرية الرأي والقرار والابتعاد عن مايسمى بعهد الوصاية من قبل الأفراد لهي أول درجات التربية النافعة ، وعندئذ لانحتاج لأن نذهب إلى أخصائى نفس أو اجتماع لأن المجتمع عندها يكون مستغنياً عنها إلا في حالات خاصة والدور لايكون منصباً على المؤسسات التعليمية فقط بل كل شرائح المجتمع عليها مسؤولية إعداد الجيل القادم . انتهى كلامه ..
إن الآباء والمعلمين والموجهين والمديرين ( ذكورا وإناثا ) يجب أن يفسحوا مجالا وحرية أكبر مما تربوا عليها ، وذلك لاختلاف الزمان ، ليس انفتاحا لا حد له ، ولكن انفتاحا يجعل للإنسان حرية في اختياراته وقراراته ...
عمر بن الخطاب كان يقول : (لا تكرهوا أبناءكم على أخلاقكم فإنهم خلقوا لزمان غير زمانكم)
ويعلق عليها د . سلمان العودة بقوله : ثمت متغيرات بين الأجيال يجب اعتبارها، لئلا تكون التربية قسرا وإكراها يقتل شخصية الولد ويفقده الثقة بنفسه.
إن الوصاية في زمن الحرية يجب أن تتراجع ، لا أقول تختفي ، فهذا غير مطلوب وغير ومرغوب وغير مستحب ، ولكن لنوجد فيمن ولينا أمرهم الاختيار الذاتي ، الذي يتم اختياره بناء على دينه وخلقه لا بناء على السلطوية ...
وإن كثرة التضييق وكبت الأنفس والسيطرة عليها والتدخل في اختياراتها يحدث في المؤسسة فشلا ذريعا قد لا يوصف مداه ..
فهل يدرك من كان وصيا هذا الأمر ؟
|