13-10-2008, 12:35 PM
|
#17
|
عضو نشط
بيانات اضافيه [
+
]
|
رقم العضوية : 25866
|
تاريخ التسجيل : 09 2008
|
أخر زيارة : 18-04-2016 (05:44 PM)
|
المشاركات :
210 [
+
] |
التقييم : 10
|
الدولهـ
|
|
لوني المفضل : Cadetblue
|
|
وفي صباح اليوم التالي كان البرد يتلاشى .. والشمس تحاول أن تتحرر
من أسر الغيوم .. فعدت الى قلبي كموعد أمس .. وبين الأمس واليوم
مسافة لا يستطيع ردمها أحد ..، وقبل أن أصل بخطوات ليست
بكثيرة .. رأيت رجلاً يخرج من البيت الذي تسكنه فتاتي .. يبدو لي أنه
والدها .. كان يتمتم .. لا أدري ماذا كان يقول .. ولكنه كان يوجه كلامه
الى السماء .. كمن يدعو الى الله بالرزق .. فقلت في نفسي :
- أأكثر من هذا تريد ؟ .. يا للطمع !..
ثم بعد خطوات .. خرجت وراءه سيدة جميلة .. وأعتقد أنها والدتها ..
كانت تدفع بيديها عربة .. كانت عربة جميلة أيضاً.. ولكنها تحمل كل
معاني الأسى والألم .. لم أصدق عيني حين رأيت تلك الفتاة تركبها ..
- يا إلهي .. انها مقعدة !
شعرت حينها أن كل الهواء الذي أتنفسه حزن عميق .. فتمنيت
البكاء .. تمنيت أن أطلق صرخة أفجر فيها الغيوم والجبال .. ولكني
كتمتها في أعماقي حفاظاً على شعورها .. فابتسمت لها مرغماً ..
ولكنها لم تستطع أن تبادلني الابتسام .. ثم بكت خلسة عن أبويها ..
وأما أنا .. فاستكملت طريقي كأي عابر سبيل .. حتى لا أعذبها أكثر ..
ذهبت الى البيت محملاً بكل مرارات الحزن والألم .. دخلت حجرتي
الصغيرة .. ورميت نفسي كالميت على فراشي .. ويبدو أن أمي
سمعت صوت خطواتي عندما دخلت البيت .. فجاءت إلي .. خلعت
عني ثياب الوحدة والشرود .. جلست بجانبي وقالت :
- ما بك يا ولدي ؟
فارتميت بحضنها باكياً .. وقصصت عليها كل ما حدث .. وأخبرتها عن
قلبي الملهوف الذي فر من جسدي..، وبعد أن ارتحت قليلاً .. قالت :
- استعذ بالله يا ولدي.. واستعد قلبك.. وادع لها بالشفاء
- ولكن كيف يا أمي ..؟ فأنا غارق في هواها .. وهي بغاية الرقة والجمال
- (متلعثمة) .. هي جميلة يا ولدي .. ولكن
- (مقاطعاً) .. ولكن ماذا يا أمي ؟
- لا شئ ياولدي .. وفقك الله
لم تكن أمي راضية عن هذا .. ولم أكن أحب أن أخرج عن طوعها ..
لولا شعوري بغد مشرق .. سيحقق ماتتمناه لولدها .. (السعادة).
وعند المساء .. ذهبت لفتاتي الجميلة أصارحها بحبي .. كانت قد عادت
من مشوارها الطويل .. وها هي تجلس على شرفتها الحزينة .. تنظر
إلي بكره مصطنع .. وأما أنا فوقفت صامتاً .. أسافر بعينيها السوداوين.. ثم قلت لها:
- قلبي يفر من جسدي اليك .. كورقة بيضاء اتسخت برياح
أحزاني .. وها شاعرك الحزين يزف اليك الحقيقة والحلم..
- (بغضب) .. دعني من هذه التفاهات .. أي حقيقة وأي حلم هذا ؟
- حلم الدنيا الجميلة .. وحقيقة حبي
- ما الذي يغريك بالرحيل من أحلامك إلى لياليّ الطويلة
الحزينة ؟ .. هل هي الرغبة في الثراء .. أم الرغبة في اقتحام
المجهول .. أم هو الإحساس بالملل يجئ بك لقتل أوقات فراغك عندي..؟
- لا .. لا .. لا تقولي هذا .. (صمت قليلاً .. ثم تابعت) .. أنا حقاً
لا أدري ما الذي حرك في أعماقي الرغبة في الرحيل .. بعد أن
استكانت بي الأيام .. ولكن حبك الآن أقوى من قدرتي على الاستكانة.
قالت والدموع كالنار أخذت طريقها تحفر خديها :
- أنا لا أكذب ان قلت بأني اشتقت إليك لحظة .. بل أكذب ان
قلت بأني أحبك .. فكيف يجئ هذا الحب ؟!
- صدفة .. مثلما كان اللقاء .. فرب لقاء دون موعد وفاء ..،
أحبيني وصبي لي كؤوس الحزن واسقيني.. فقدري أن أقضي حياتي
في حزن .. أحبيني ومدي يديك إلي .. فلقد ملّت يداي القلم .. أحبيني
ريثما تورق أحلامي حباً ودفئاً .. وريثما عشقاً وصباً يورق عمري .. هذا
العمر الذي شاخ قبل الأوان.. أحبيني حباً يحملني إلى ما وراء
جفنيك .. الى امتداد سراب عينيك .. فأنت بجمالك قصيدة شعري ..
ولغة العشق شعري ..
- إن حبنا هذا لا تكافؤ فيه .. ولا يجب عليك أن تحاول .. فأرجوك ابتعد عني.
- ترفقي يا فلذة قلبي .. ترفقي .. فإذا كان حبنا مأزق لك .. سأبتعد .. وإذا
كان في بعدي عنك سعادتك.. سأبتعد .. ولكن .. هلاّ أعدتني الى أمي ..
الى وعيي ورشدي ..؟ .. هلاّ أيقظتني من هذا الحلم الوردي.. وأعدت إليّ قلبي ؟ ..
فقالت بسخرية ..
- يا عزيزي .. لست بطفل حتى أعيدك إلى أمك .. والحلم الورديّ
حلمك .. وكلك أحلام .. وأما قلبك.. فالقلب لا يفرّ من جسد الإنسان.
فدهشت لما سمعت .. ولم أكن أتوقع منها هذا ..، وقفت قليلاً صامتاً .. أودعها ..
ثم مشيت مبتعداً .. أخذتني قدماي.. لا أدري إلى أين .. فتسكعت قليلاً في
الشوارع الباردة .. ثم عدت الى البيت أجر ورائي البؤس وخيبة الأمل..
يتبــــــــــــع ...........
|
|
|