عرض مشاركة واحدة
قديم 18-11-2008, 11:21 AM   #43
اينار
المركز الثالث (عقد من ضياء)


الصورة الرمزية اينار
اينار غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 18469
 تاريخ التسجيل :  09 2006
 أخر زيارة : 04-04-2024 (04:42 AM)
 المشاركات : 2,518 [ + ]
 التقييم :  71
 الدولهـ
Yemen
 الجنس ~
Female
لوني المفضل : Hotpink
# خطوه إلى الأمام .. خطوّناها .. معاً



جاءتنا أخبار سارّه عن .. أخي العزيز .. من اليمن .. فاإنه يعمل الآن .. وأصبح له دخله الخاص ..
وأيضاً .. وصلته أخبارنا الحزينه .. بأن حالنا بعد السفر هو ذاته .. قبل السفر .. وبشكل أسوء ..
ولأنه لن يسمح بترك كل ما فعله بنا .. من غربه .. وتحمّل حياه بدأت من الصفر .. وغيره .. أن يذهب سدا ..
فماكان له إلاّ أن يبدأ .. بالتفكير الجدّي .. ويرفع شعار.. الأعتماد على النفس ..

إن لي أخت .. تصغر أخي الأكبر بسنتين .. وتكبرني .. أيضاً بسنتين .. كانت هي الأكثر شجاعه فينا ..
وأكثرنا قوه وتحمل للمسؤليه .. فهي الآن أصبحت أكبرنا .. وأصبح الحمل الأكبرعلى عاتقها ..
ولذلك .. وَكّلَ أخي الأكبر أختي .. بمهمة البحث عن طبيب نفسي جيد .. بالخفاء .. دون علم أمي ..
لأننا قررنا بالبدء بعلاجها .. دون أن تعلم .. بالدواء .. وذلك كان تبعاً لنصيحة طبيب نفسي لنا ..
وبما أننا أصبحنا نعيش في بلد ليست بالمنغلقه .. والمرأه فيها متخلّله جميع ثنايا وثغرات المجتمع ..
أصبح من السهل التحرك .. الخروج والدخول .. بحساب .. لكن ليس .. كما كان من قبل ( في اليمن ) ..
والتنقّل في أنحاء المدينه .. في جميع الأوقات .. ليس صعباً أو مستحيلاً .. فهي بلد تتميز بالحياه ليلاً ونهاراً ..
وبماأن أخي أصبح يملك دخلاً خاص .. تحمّل هو مسؤلية المصاريف ( الشؤن الماليه لهذه المهمه ) ..
رغم علمه بأنه بذلك .. سوف يضع نفسه في دائرة .. التقشف .. فليس هناك خيار ..
وكان كل ذلك .. في سبيل أنقشاع الغيمه الداكنه .. من على سماء حياتنا ..

عثرنا على طبيب نفسي .. جيد .. له سُمّعه جيده .. وشهرته واضحه .. في المدينه التي نعيش فيها ..
شرحنا له تفاصيل كل شيء .. وهو بدوره .. لم يبخل بسرد النصائح .. والتعليمات علينا ..
ثم أخذ يكتب حروف .. بطريقه سريعه ومُحترَفه .. لعقاقير قد تكون هي بداية نجاح مشوار مهمتنا ..

بدأت التحركات المريبه .. تحتل بيتنا .. خاصه عند قرب موعد الطعام بالليل ..
وكان مُحدثها .. هم عصابه صغيره .. ظريفه .. تسعى للخير ( والله ) .. كان لكل فرد فيها له مهمه ..
مهمة المراقبه .. مهمة تهريب شريط الحبوب من الحجره إلى المطبخ .. دون جذب الأنتباه ..
مهمة طحن واحده من هذه الحبوب بهدوء .. ودقه متناهيه .. ( وطبعاً أصبحتُ محترفه في ذلك .. بما أنها كانت مهمتي )
ومهمة وضع الحبّه المطحونه .. وبشكل محترف .. في الطعام أو الشراب .. الخاص بأمي ..
يأتي وقت بدء الطعام .. تبدأ قلوبنا بالدق بصوت .. هو مسموع .. فقط .. لآذاننا ..
ونظراتنا المترقبه .. الغير ثابته .. تتنقل مابين طعام أمي وتعابير وجهها .. وبيننا لبعضنا البعض ..
تقول أمي وعلامات الضيق تعتلي وجهها .. والريبه تنبع من عينيها ..
" أحس بطعم مُرّ في الطعام .. ( وتسأل ) .. هل تشعرون أنتم أيضاً بشيء .. أم هو لساني ..؟؟ "
ننظر لها والبراءه ترتسم على وجوهنا .. و نردّ على سؤالها بكل برود .. وتعجّب .. " لا .. لا نشعر بشيء "
ونعود إلى طعامنا بسرعه .. ونختلق أي موضوع جاد وحاد لنتناقش فيه على الطعام .. ( والله ننفع ممثلين .. ياجماعه )
لتلتهي أمي بنا عن الطعم .. وتنهرنا على أسلوبنا السيء في النقاش بهذه الطريقه .. وفي وقت الطعام .. ( وطبعاً .. أمي
ماكانت تاخذ وقت عشان تسكتنا .. لأن أصلاً مافي .. أي شيء بينا .. )
وهكذا أستمر هذا السيناريو في كل ليله .. وماكان يكتمل .. وينتهي .. إلاّ بعد تأكدّنا بإلتهامها الطُعم كاملاً .. (ياشرّ إشترّ)

أعتدتُ على رؤية أمي في .. لباس المرأه القويه ذات الجبروت .. الذي أكتسبته نتيجة هذا المرض ..
ولكن تأثير الدواء عليها .. أعادها لتكون كائن لطيف .. هاديء .. متوقف التفكير تقريباً .. ومتقبل لأي شيء ..
كنت أشعر ببعض الحزن حين رؤيتها .. بهذا الشكل .. فقد أصبحت مختلفه ..

أستمرينا على هذا الحال لمدة لا بأس بها ( لاأتذكر المدة بالتحديد ) .. حتى إعتادت على الهدوء ..
وعلى قلة التفكير والتحليل .. الذي لم تنال منهما إلا كل تفسير خاطيء مَرَضّي .. وتوقفنا ..
( وهي لاتعلم .. حتى الآن .. مافعلناه من أجلها .. ولم تعلم .. أيضاً .. حقيقة حالتها التي مرّت بها )
وبسبب ظروفها الصحيه التي جدّت في الموضوع .. وتعرضها للسرطان .. وخضوعها لعمليه جراحيه ..
أصبح كل شيء منسّي .. لا حبوب مطحونه .. ولا طبيب نفسي .. ولا من يحزنون ..
فقد أصبح الآن أكمال علاجها النفسي .. معتمد علينا نحن أبناءها .. الذين يجب أن نكون دائماً حولها .. مهما فعلت ..
ومشاركتها أجزاء .. ولو بسيطه .. من حياتنا .. لمحاولة تحريرها من شعورها .. بالوحده ..

كل شيء أختلف .. وبدأ الثلج يذوب .. تدريجياً .. وببطء .. من حول قلوبنا ..
لا أعلم إذا كان هذا .. بسبب بدء أعتيادنا عليها في حياتنا .. أم بسبب .. بدء أكتشاف حقيقة قلبها البريء .. أم ماذا ..
ولكنني أعلم جيداً أن هذه كانت .. وبكرمه سبحانه ولطفه .. أول خطوه حقيقيه للنجاح ..


 

رد مع اقتباس