عرض مشاركة واحدة
قديم 06-10-2002, 05:39 PM   #118
البتــار!!!!
شيخ نفساني


الصورة الرمزية البتــار!!!!
البتــار!!!! غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1771
 تاريخ التسجيل :  06 2002
 أخر زيارة : 15-05-2016 (07:36 AM)
 المشاركات : 5,426 [ + ]
 التقييم :  63
لوني المفضل : Cadetblue


الخامس عشر : الانشغال بعمل من الأعمال أو علم من العلوم النافعة

فإنها تلهي القلب عن اشتغاله بذلك الأمر الذي أقلقه . وربما نسي بسبب ذلك الأسباب التي أوجبت له الهم والغم ، ففرحت نفسه ، وازداد نشاطه ، وهذا السبب أيضا مشترك بين المؤمن وغيره . ولكن المؤمن يمتاز بإيمانه وإخلاصه واحتسابه في اشتغاله بذلك العلم الذي يتعلمه أو يعلمه ، ويعمل الخير الذي يعمله ، إن كان عبادة فهو عبادة وإن كان شغله دنيوياً أو عادة دنيوية أصحبها النية الصالحة ، وقصد الاستعانة بذلك على طاعة الله ، فلذلك أثره الفعال في دفع الهموم والغموم والأحزان ، فكم من إنسان ابتلي بالقلق وملازمة الأكدار ، فحلت به الأمراض المتنوعة فصار دواءه الناجح : نسيانه السبب الذي كدره وأقلقه، واشتغاله بعمل من مهماته.

وينبغي أن يكون الشغل الذي يشتغل فيه مما تأنس به النفس وتشتاقه ؛ فإن هذا أدعى لحصول هذا المقصود النافع والله أعلم. الوسائل المفيدة للحياة السعيدة : ابن سعدي

السادس عشر : النظر إلى الجوانب الإيجابية للأحداث التي يظهر منها بعض ما يُكره

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يَفْرَكْ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً إِنْ كَرِهَ مِنْهَا خُلُقاً رَضِيَ مِنْهَا آخَرَ رواه مسلم 1469.

ومن فوائد هذا الحديث : زوال الهم والقلق وبقاء الصفاء ، والمداومة على القيام بالحقوق الواجبة والمستحبة وحصول الراحة بين الطرفين ، ومن لم يسترشد بهذا الذي ذكره النبي صلى الله عليه وسلم بل عكس القضية فلحظ المساوىء ، وعمي عن المحاسن ، فلا بد أن يقلق ، ولابد أن يتكدر ما بينه وبين من يتصل به من المحبة ، ويخلّ بكثير من الحقوق التي على كل منهما المحافظة عليها. الوسائل المفيدة للحياة السعيدة : ابن سعدي

السابع عشر : معرفة القيمة الحقيقية للحياة وأنها قصيرة وأنّ الوقت أغلى من أن يذهب في الهمّ والغمّ

فالعاقل يعلم أن حياته الصحيحة حياة السعادة والطمأنينة وأنها قصيرة جداً ، فلا ينبغي له أن يقصرها بالهم والاسترسال مع الأكدار فإن ذلك ضد الحياة الصحيحة ، فيشح بحياته أن يذهب كثير منها نهباً للهموم والأكدار ولا فرق في هذا بين البر والفاجر ، ولكن المؤمن له من التحقق بهذا الوصف الحظ الأوفر ، والنصيب النافع العاجل والآجل . وينبغي أيضا إذا أصابه مكروه أو خاف منه أن يقارن بين النعم الحاصلة له دينية أو دنيوية . وبين ما أصابه من مكروه فعند المقارنة يتضح كثرة ما هو فيه من النعم ، واضمحلال ما أصابه من المكاره وكذلك يقارن بين ما يخافه من حدوث ضرر عليه ، وبين الاحتمالات الكثيرة في السلامة منها فلا يدع الاحتمال الضعيف يغلب الاحتمالات الكثيرة القوية وبذلك يزول همه وخوفه ، ويقدر أعم ما يكون من الاحتمالات التي يمكن أن تصيبه ، فيوطن نفسه لحدوثها إن حدثت ، ويسعى في دفع ما لم يقع منها وفي رفع ما وقع أو تخفيفه.

جعل الأمور النافعة نصب عينيك واعمل على تحقيقها، ولا تلتفت إلى الأمور الضارة لتلهو بذلك عن الأسباب الجالبة للهم والحزن واستعن بالراحة وإجماع النفس على الأعمال المهمة. الوسائل المفيدة للحياة السعيدة : ابن سعدي

الثامن عشر : ومن الأمور النافعة عدم السماح بتراكم الأعمال والواجبات

وذلك بحسمها في الحال والتفرغ للمستقبل ، لأن الأعمال إذا لم تُحسم اجتمع عليك بقية الأعمال السابقة ، وانضافت إليها الأعمال اللاحقة ، فتشتد وطأتها ، فإذا حسمت كل شيء في وقته تفّرغت للأمور المستقبلة بقوة تفكير وقوة عمل.

وينبغي أن تتخير من الأعمال النافعة الأهم، فالأهم وميز بين ما تميل نفسك إليه وتشتد رغبتك فيه، فإن ضده يحدث السآمة والملل والكدر ، واستعن على ذلك بالفكر الصحيح والمشاورة ، فما ندم من استشار ، وادرس ما تريد فعله درساً دقيقاً ، فإذا تحققت المصلحة وعزمت فتوكل على الله إن الله يحب المتوكلين الوسائل المفيدة للحياة السعيدة : ابن سعدي، بتصرف.

التاسع عشر : التوقع المستمر والاستعداد النفسي لجميع الاحتمالات

فإن الإنسان إذا استحضر في نفسه فقد عزيز أو مرض قريب أو وقوعاً في دين أو قهر عدو أو أي احتمال سيئ مما لم يحدث بعد - مع استعاذته بالله من ذلك ورجاء السلامة - فإنه لو وقع له شيء من ذلك حقيقة سيكون أهون عليه وأخف وطأة لتوقعه المسبق.

ومما ينبغي التنبّه له أن كثيراً من الناس من ذوي الهمم العالية يوطنون أنفسهم عند وقوع الكوارث والمزعجات على الصبر والطمأنينة . لكن عند الأمور التافهة البسيطة يقلقون ، ويتكدر الصفاء ، والسبب في هذا أنهم وطنوا نفوسهم عند الأمور الكبار ، وتركوها عند الأمور الصغار فضرتهم وأثرت في راحتهم فالحازم يوطن نفسه على الأمور الصغيرة والكبيرة ويسأل الله الإعانة عليها ، وأن لا يكله إلى نفسه طرفة عين فعند ذلك يسهل عليه الصغير ، كما سهل عليه الكبير ويبقى مطمئن النفس ساكن القلب مستريحاً.

العشرين : ومن العلاجات أيضا الشكوى إلى أهل العلم والدين وطلب النصح والمشورة منهم

فإن نصائحهم وآراءهم من أعظم المثبتات في المصائب. وقد شكى الصحابة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ما كانوا يلقون من تعذيب...

فهذا خَبَّاب بْن الأَرَتِّ رضي الله عنه يقول : شَكَوْنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ مُتَوَسِّدٌ بُرْدَةً لَهُ فِي ظِلِّ الْكَعْبَةِ قُلْنَا لَهُ أَلا تَسْتَنْصِرُ لَنَا أَلا تَدْعُو اللَّهَ لَنَا قَالَ كَانَ الرَّجُلُ فِيمَنْ قَبْلَكُمْ يُحْفَرُ لَهُ فِي الأَرْضِ فَيُجْعَلُ فِيهِ فَيُجَاءُ بِالْمِنْشَارِ فَيُوضَعُ عَلَى رَأْسِهِ فَيُشَقُّ بِاثْنَتَيْنِ وَمَا يَصُدُّهُ ذَلِكَ عَنْ دِينِهِ وَيُمْشَطُ بِأَمْشَاطِ الْحَدِيدِ مَا دُونَ لَحْمِهِ مِنْ عَظْمٍ أَوْ عَصَبٍ وَمَا يَصُدُّهُ ذَلِكَ عَنْ دِينِهِ وَاللَّهِ لَيُتِمَّنَّ هَذَا الأَمْرَ حَتَّى يَسِيرَ الرَّاكِبُ مِنْ صَنْعَاءَ إِلَى حَضْرَمَوْتَ لا يَخَافُ إِلا اللَّهَ أَوِ الذِّئْبَ عَلَى غَنَمِهِ وَلَكِنَّكُمْ تَسْتَعْجِلُونَ البخاري الفتح 3612

وكذلك شكى التابعون إلى صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

يقول الزبير بن عدي : أَتَيْنَا أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ فَشَكَوْنَا إِلَيْهِ مَا نَلْقَى مِنَ الْحَجَّاجِ فَقَالَ اصْبِرُوا فَإِنَّهُ لا يَأْتِي عَلَيْكُمْ زَمَانٌ إِلا الَّذِي بَعْدَهُ شَرٌّ مِنْهُ حَتَّى تَلْقَوْا رَبَّكُمْ سَمِعْتُهُ مِنْ نَبِيِّكُمْ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رواه البخاري الفتح رقم 7068

فيسمع المسلم من أهل العلم والقدوة ما يسليه ويخفف عنه آلام غمومه وهمومه.

ومن هذا الباب أيضا : اللجوء إلى إخوان الصدق والأقرباء العقلاء والأزواج والزوجات الأوفياء والوفيات فهذه فاطمة رضى الله عنها لمّا أصابها الهمّ شكت إلى زوجها عليٍّ رضي الله عنه كما روى القصة عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَى فَاطِمَةَ رَضِي اللَّه عَنْهَا فَوَجَدَ عَلَى بَابِهَا سِتْراً فَلَمْ يَدْخُلْ قَالَ وَقَلَّمَا كَانَ يَدْخُلُ إِلا بَدَأَ بِهَا فَجَاءَ عَلِيٌّ رَضِي اللَّه عَنْه فَرَآهَا مُهْتَمَّةً فَقَالَ مَا لَكِ قَالَتْ جَاءَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيَّ فَلَمْ يَدْخُلْ فَأَتَاهُ عَلِيٌّ رَضِي اللَّه عَنْه فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ فَاطِمَةَ اشْتَدَّ عَلَيْهَا أَنَّكَ جِئْتَهَا فَلَمْ تَدْخُلْ عَلَيْهَا قَالَ وَمَا أَنَا وَالدُّنْيَا وَمَا أَنَا وَالرَّقْمَ ( أي النقش والرسم ) فَذَهَبَ إِلَى فَاطِمَةَ فَأَخْبَرَهَا بِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ قُلْ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا يَأْمُرُنِي بِهِ قَالَ قُلْ لَهَا فَلْتُرْسِلْ بِهِ إِلَى بَنِي فُلانٍ [ وَكَانَ سِتْراً مَوْشِيّاً ] (أي مزخرفاً منقوشاً) رواه أبو داود كتاب اللباس باب في اتخاذ الستور وهو في صحيح أبي داود 3496.

الحادي والعشرون : أن يعلم المهموم والمغموم أن بعد العسر يسراً ، وأن بعد الضيق فرجاً

فليحسن الظن بالله فإنه جاعل له فرجاً ومخرجاً .

وكلما استحكم الضيق وازدادت الكربة قرب الفرج والمخرج .

وقد قال الله تعالى في سورة الشرح ( فإن مع العسر يسراً إن مع العسر يسراً ) فذكر عسراً واحداً ويسرين فالعسر المقترن بأل في الآية الأولى هو العسر في الآية الثانية أما اليسر في الآية الثانية فهو يسر آخر غير الذي في الآية الأولى.

وقال النبي صلى الله عليه وسلم في وصيته لابن عباس رضي الله عنهما النَّصْرَ مَعَ الصَّبْرِ وَأَنَّ الْفَرَجَ مَعَ الْكَرْبِ وَأَنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً رواه أحمد 1/293 السلسلة الصحيحة 2382 وصححه الألباني في صحيح الجامع برواية الخرائطي عن أنس بلفظ رقم 6806


 

رد مع اقتباس