الموضوع: الطاعون .
عرض مشاركة واحدة
قديم 25-12-2008, 01:14 PM   #1
qaswara
عضـو مُـبـدع


الصورة الرمزية qaswara
qaswara غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 10666
 تاريخ التسجيل :  11 2005
 أخر زيارة : 11-04-2024 (01:35 AM)
 المشاركات : 484 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
الطاعون .



إنها قصة يختلط فيها الواقع مع الخيال ... قال فيها القدر كلمته ... فأوجد هؤلاء الاشخاص . تاهوا نوعاً ما . و لكنهم لم يضيعوا و لم يذوبوا ..بل بقوا اكثر أنتماء الى اصلهم .
ـــــــــــــــــ


... لم يذق طعم النوم .. و راح يتقلبُ في فراشه علّه يجد هدىً ، عما يريد المديرالعام من استدعائه ... و توالتِ الكوابيسُ الجاثمةُ على صدرهِ بكلكلها ... و تساءل في قرارةِ نفسه : تُرى ما يريده مني هذا المدير ؟..
و في الصباح توجه كعادته إلى مقر عملهِ . و لكن هذه المرة كان غير منشرح النفس .. هاله أن وجد رئيسة القسم تنتظره . فجن جنونه ،و قال في قرارة نفسه ، لابد أن ّ هناك أمراً ما سيحدث ...
فتقدم من السيدة رئيسة القسم و صافحها ، متبادلاً واياها أطراف الحديث مع تحية الصباح ... بعدها قالت له : هيا بنا عزيزي (علي) فالمدير العام في انتظارنا ... حاول أن يعرف منها سبب هذا الاستدعاء .. و لكنها خاطبته : ستعرف كل شيءٍ في أوانه ... ثم ساد الصمت ...
و في ديوان مكتب المدير العام ، طلبت السكرتيرة منهما التريث ريثما ينهي المدير العام من مكالمة هاتفية .. و ما هي إلا لحظات و طلبت منهما : انه في انتظاركما ...
و دخلا .. و بعد إلقاء التحية .. بدأ المدير العام يتكلم ...فأحس (علي) أن الكلام يعنيه .. حيث مما جاء في كلام المدير العام : ... لابد من الاعتناء بالمظهر ،و كذلك الهندام .. أليس كذلك أيها المهندس علي؟.. و ساد الصمت لحظات .. ثم استطرد : انظر يا (علي) فقد قررنا الاستغناء عنك ، فلا داعي لوجودك بمركزنا هذا .. فقال (علي) : كما تريد سيدي .. فاخذت رئيسة القسم الكلمة ، و قالت : ألا تريد أن تعرف ، لماذا هذا الاستغناء ؟.. ـ لا يهمّ يا سيدتي ... (قالها على مضض) .. ـ قال المدير العام : عزيزي (علي ).. لقد تم قبول اختيارك لإدارة مؤسسة علمية في (؟) في اطار نقل التكنولوجيا و التبادل الثقافي و العلمي بين بلدنا و ذلك البلد ... فلم ينبس (علي) ببنت شفة لحظات معدودات .. ثم افاق ، و قال : الحمد لله ( بلسان عربي ) ... فالبلد الذي أختير لادارة مؤسسة علمية فيها . هي بلد اجداده ...
يعود (علي ) بخياله الى ما حكاه له جده (حسين ) ... حيث اصبحت تلك القصة منقوشة في الذاكرة نقشًا ..
... فقد مرت على (حسين ) فترات متعاقبة متقاربة ممسكةً بتلابيب بعضها، يتجرَّعها كأسا علقما يفيض ويستفيض حتى يخالَه بلغ حدا لا بعدَه حيزٌ من آلامٍ .. يتذكرها لحظات ودقائق أليمة ومؤلمة منقوشة في الذاكرة لا تبرحها، مغروزة في الخاصرة كأنها موسى حادة تحركها الحوادث والأحداث كلما ظن أن الجرح برأ والتأم، يتذكر الطاعون الذي ضرب بلده في أواخر العشرينات و بداية الثلاثينات من القرن الماضي .. و يتذكر كيف كان في بيت كان ميسورا يتراوح بين الغنى والثراء، بين السؤدد والجاه، بين الهناءة والرضا، بين الأمن والسكينة ...لكن الدهر لم يمهله قليلاً مع هناءة العيش و رغده .. حيث بدأ طوفان الطاعون يقترب من قريته ... و وصل الطاعون .. رأى (حسين) أفراد عائلته يدعون إلا الموت دعّا .. تموت زوجته فتُلحق بولديهما .. رأى الطاعون يلسع كالعقارب تَغرز شوكَها وتُفرز سمَّها ... فيأخذ أبواه و أعمامه و عماته .. فلم يبق من العائلة إلاّ (حسين) .. و إبنة عمٍّ له طفلة خرساء ذات خمسة عشر سنة ..
ومع هول المنظر، وخوف المخطر ..قرر الرحيل عن قريته و الهروب بجلدته خشية أن يأتي عليه الطاعون .. ينظر إلى (فاطمة ) الخرساء ، فيشفق عليها .. و يأخذها معه رحمة بها . لانها اصبحت لا سند لها و لامعين من بعد الله إلا هو .. و ركب البحر و هو لا يلتفت وراءه خشية أن يرى قريته من عباب البحر فيضعف و يعود ... و ما هي إلا ليلة و ضحاها ، حتى وجد (حسين) نفسه بين قوم غير القوم الذين ألفهم ، تتبعه تلك الطفلة الخرساء .. لا تسأله عما يفعل ، و لا عما يبحث . خشية منه ، و كذلك لعدم نطقها ..
و بعد ايامٍ أستقرّ في منظقة ما في البلد الذي هجر اليه .
و تمر الايام ..


... يتبع
المصدر: نفساني



 

رد مع اقتباس