عرض مشاركة واحدة
قديم 27-12-2008, 06:08 PM   #1
micha
( عضو دائم ولديه حصانه )


الصورة الرمزية micha
micha غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 24854
 تاريخ التسجيل :  06 2008
 أخر زيارة : 26-11-2009 (02:55 PM)
 المشاركات : 3,051 [ + ]
 التقييم :  55
لوني المفضل : Cadetblue
الانتحــــــار بين المــــرض والاختيــــــار



الانتحــــــار المــــرض والاختيــــــار xBj63790.gif

المقدمـــــــــة

على الرغم من قوة وعنفوان غريزة الحياة ( حب البقاء ) لدى الإنسان

والتى تدفعه نحو التشبث بالحياة والتملك والتفوق والزواج والإنجاب

والإنتاج والتعمير ، إلا أن هناك غريزة أخرى كامنة فى الظل تدفعه –

حين تنشط – إلى تدمير كل هذا ، تلك هى غريزة ، الموت الرابضة فى

اعماقنا والمحركة للسلوك الانتحارى الذى نهتز له وتهتز به ثوابتنا ،

ويجعلنا فى مواجهة حادة ومباشرة مع حقيقة الموت وحقيقة الحياة

ودوافع كل منهما بداخلنا .

والانتحار سلوك متعدد الدوافع ينشط حين يختل التوازن بين غريزتى

الحياة والموت ، وهو لا يولد فى لحظة تنفيذه أو محاولة تنفيذه وإنما

يكون رابضاً كخيار فى طبقات الوعى الغائرة إلى أن يطفو فوق السطح

وينشط فى ظروف بعينها ليكون الخيار الوحيد الذى يراه الشخص فى

تلك اللحظة على أنه أفضل الحلول .

والانتحار بهذا المعنى ليس حدثاً عشوائياً ، وإنما هو منظومة فكرية

ووجدانية وسلوكية تنتظم أجزاؤها عبر السنين والأحداث ليبرز

كوسيلة للخروج من مأزق أو أزمة فى شخص وصل إلى حالة من

انعدام الأمل وقلة الحيلة وقع تحت ضغوط فاقت احتماله ، وضاقت

أمام عينيه الخيارات أو تلاشت ، أو أرادها هو أن تضيق وتتلاشى،

عندئذ أعذر وأنذر، وأرسل إشارات استغاثة لكنها لم تصل إلى من

يهمه الأمر ( فعلاً ) ، أو وصلت ولم يسمعها أحد، أو سمعت ولم

يفهمها أحد، أو فهمت ولم يستجب لها أحد، وهنا وقعت الواقعة .


معدلات الانتحار ( أرقام ودلالات )

غالبية المنتحرين ( 98 % منهم) كانوا مصابين بأمراض نفسية أو

عضوية فى حين أن نسبة ضئيلة جداً منهم ( 2 % ) كانوا أسوياء

(بمعنى أنهم غير مرضى ) . وهذا الرقم الإحصائى يكاد يغرى

باستنتاج متعجل وهو : هل هؤلاء المنتحرين المرضى ( 98 % ) كانوا

فاقدى القدرة على التحكم فى دوافعهم نحو الإنتحار ( أى مجبرين ) ،

وأن 2 % فقط من المنتحرين ( وهم الأسوياء ) هم الذين انتحروا

مختارين .. ؟ .. والإجابة بنعم هنا تتوق إليها كثير من القلوب لأناس

فقدوا أعزاء عليهم منحرين ويتمنون لو تزول عنهم فكرة اختيار الانتحار

( وبالتالى مسئولية الإنتحار الأخلاقية والدينية ) ويصبحوا فى نظرهم

بشهادة العلم الإحصائى مرضى مجبرين غير مسئولين عما حدث ، بل

ويستحقون الشفقة والتعاطف بل والإحساس بالذنب من جانبنا

نحوهم . ولكن هذا التعميم _ حين عرضه على النظرة الموضوعية _

يبدو ضعيفاً ، حيث لا يستطيع أحد أن يقول بأن كل مريض انتحر كان

فاقد الاختيار أو فاقد الوعى والبصيرة على الرغم من ضغوط المرض

القاسية . وحتى على المستوى القانونى لا يعفى المريض من

المسئولية فى كل الحالات ، بل يعفى فقط فى حالة عدم البصيرة

بالفعل وعواقبه وعدم القدرة على التمييز وعدم القدرة على الاختيار

واضطراب الوعى أو الارادة ، ولهذا نجد كثير من المرضى النفسيين

عرضة للمساءلة القانونية ولكن تتدرج المسئولية حسب تأثير المرض

على العناصر المذكورة سلفاً من المسئولية الكاملة إلى انتفاء

المسئولية وبينهما درجات تقدر بقدرها . وعلى أية حال سنترك هذا

الاستطراد الذى استدرجنا إليه لنعود إلى باقى الأرقام ، والتى تقول

بأن 1000 شخص ينتحرون كل يوم على مستوى العالم أى حوالى 42

شخص كل ساعة وأن الإنتحار هو ثامن سبب للوفاة فى مجموع

السكان فى أمريكا وهو ثالث سبب للوفاة بين المراهقين عموماً ،

وثانى سبب للوفاة بين المراهقين البيض ، ففى أمريكا ينتحر 75

شخص كل يوم ، أى شخص كل 20 دقيقة ، أى 25 ألف حالة انتحار

فى السنة .وقد وجد أن أشهر مكان للانتحار فى العالم هو جسر

البوابة الذهبية فى سان فرانسيسكو ، فقد انتحر من أعلى هذا

الجسر 900 شخص منذ إنشائه عام 1937 .

والرقم العالمى المتوسط لمعدل الإنتحار هو 12,5 شخص لكل

100,000 من مجموع السكان ، وهناك ما يسمى بحزام الإنتحار وهو

يضم الدول الاسكندنافية وسويزرلاند وألمانيا والنمسا ودول أوروبا

الشرقية بالإضافة إلى اليابان حيث يبلغ معدل الإنتحار فى هذه الدول

25شخصاً لكل 100,000 من السكان .

وأعلى معدل للانتحار قد سجل فى هنجارى ( المجر ) وهو 35 منتحر

لكل 100,000 من السكان .

وفى المقابل وجد أن أقل معدلات الانتحار 10 لكل 100,000 من

السكان توجد فى مصر وأيرلندا وأسبانيا وايطاليا .

وقد تختلف معدلات الانتحار داخل البلد الواحد لأسباب اجتماعية أو

اقتصادية أو عقائدية فمثلا وجد أن ولاية نيوجرسى فى أمريكا هى

أقل الولايات من حيث معدل الإنتحار مقارنة بولاية نيفادا التى سجلت

أعلى معدل بين الولايات الأخرى .

وعلى الرغم من أن النساء هن أكثر تهديدا بالانتحار وأكثر قياماً

بالمحاولات الانتحارية إلا أن الرجال أكثر تنفيذاً للانتحار فعلاً . وبالمثل

فإن صغار السن يهددون كثيراً بالانتحار ولكن كبار السن ينفذونه أكثر ،

فقد وجد أن أعلى نسبة انتحار فى الرجال تحدث بعد سن 45 سنة

وفى النساء بعد سن 55 سنة . والمنتحرين من كبار السن الذين تعدوا

65 عاماً يشكلون 25 % من حالات الانتحار على الرغم من أنهم

يشكلون 10 % فقط من السكان .


الانتحار بين الاسويــاء

ونقصد هنا بالأسوياء أنهم غير مصابين بأمراض نفسية أو عضوية ، ولا

نعنى بها أنهم أسوياء فى التفكير أو الاعتقاد أو السلوك ، لأن دوافع

الإنتحار فى هذه الفئة التى تشكل 2 % من المنتحرين تكون فى

صورة أفكار أو معتقدات أو عادات ، ولذلك يكون الفعل الانتحارى سلوكاً

مختاراً ، ونذكر من أمثلة الإنتحار فى هذه الفئة ما يلى :-

الإنتحار الوجودى :-

ويقوم به من يعتنقون الفكر الوجودى والذى يعلى من قيمة إرادة

الإنسان واختياره ومسئوليته بالدرجة التى تجعله مسئولاً عن كل

شئ فى حياته مسئوليه مطلقه ، وأن عليه أن يحقق ذاته ويطلق

إمكاناته كما يريد ، وإذا عجز عن ذلك فعليه أن يختار توقيت إنهاء حياته

بالطريقة التى يريدها .وفى بعض مدارس الفكر الوجودى المتطرفة

يعتبرون قرار الإنتحار شجاعة وسلوكاً شريفاً ونبيلاً من الشخص حيث

قرر الانسحاب فى اللحظة التى شعر فيها أنه غير قادر على العطاء .

وليس بالضرورة أن يكون الشخص المنتحر طبقاً لهذه المفاهيم منتمياً

إلى الفكر الوجودى بشكل أكاديمى أو فلسفى ، وإنما يمكن أن

تتسرب هذه الأفكار إلى أشخاص بسطاء لم يقرأو حرفاً عن الوجودية

وإنما تشربوا أفكارها من الحياة اليومية ، أو من القصص

والمسلسلات والأفلام والبرامج الإعلامية المختلفة .

الإنتحار لفقدان عزيز:-

مثل انتحار كليوباترا بعد موت أنطونيو ، أو انتحار أى محب بعد موت

حبيبه . وفى هذه الحالة يكون هناك نوع من التوحد بين الحبيبين

بحيث أن موت أحدهما يعنى موت الآخر معنوياً فيلجأ هذا الآخر إلى

تفعيل موته المعنوى إلى موت حسى . وتزيد احتمالات الإنتحار هنا إذا

كان المحبوب قد مات منتحراً ، وليس بالضرورة أن تكون العلاقة هنا

علاقة حب عاطفى بالمعنى المعروف ، ولكن يمكن أن تكون علاقة

أخوة أو علاقة أستاذيه أو أى علاقة أخرى قوية ، فقد انتحرت مثلاً أحد

المطربات الإستعراضيات بعد موت أستاذها الشاعر الغنائى الذى كان

مؤلف لها أغانيها ، لأنه كما كان مثلاً أعلى لها فى حياتها فإنه يصبح

مثلاً أعلى لها فى طريقة موتها .

المشكلات العاطفية :-

وجد أن 30 % من حوادث الإنتحار عند البالغين سببها مشاكل الحب .

الإنتحار الإيثارى :-

مثل انتحار كبار السن فى الإسكيمو الذين يشعرون أنهم أصبحوا عالة

على ذويهم ولم يعودوا قادرين على العمل فيدفن الواحد منهم نفسه

فى الثلج ويظل هكذا حتى يموت وهدفه من ذلك أن لا يكون عالة أو

عبئاً على أبنائه .


يتبـــــــــــــع
المصدر: نفساني



 

رد مع اقتباس