The Clash of Civilisations أو ايجاد عدوا وهميا
بسم الله الرحمن الرحيم.
توفي أمس 27/12/2008" صامويل هنتنجتون" عن 81 سنة من عمره... و قد اشتهر بتحليله لنظرية إعادة صياغة النظام العالمي ...
فأرتأيت أن أعرف اعضاء نفساني عن هذا الاكاديمي الصهيوني و نظرته لكل ما هو اسلامي و عربي .
لقد التفتَ في أواخر القرن الماضي بعض المنظّرين الأكاديميين الغربيين ، المؤثرين في سياسة بلدانهم، الى الاسلام ليصوّروه " عدوّاً " بديلاً لايقل تأثيرًا و"خطورةً " عن الشيوعية على الغرب... وبهذا الإستنتاج خرج الاكاديمي الامريكي "صامويل هنتنجتون" (Samuel Huntington) بنظريتــــــه حـــــــول"صدام الحضـــــــارات " ( The Clash of Civilisations ) التي ينظر من خلالها على ان هناك حربًاسوف تستعر ، وسيشمل مداها مستويين: الاول كوني عام ، تتصارع فيه الحضارات على خلفية دينية بهدف الهيمنة العسكرية والسياسية...والآخر اقليمي، مناطقي، بل وحتى وطني ، أي داخل نطاق البلدِ الواحدِ.
وتتصارع في هذا الاطار ثقافات وخلفيات اثنية ودينية مختلفة ، وستشهد هذه الثقافات والاديان تصدعاً في بنيتها الداخلية، لتعاد صياغتها وفق مفهومٍ جديدٍ... هذا باختصار جوهر مفهوم الصراع "الكوني" الجديد الذي اجتهد في ابرازه الفكر الغربي الحديث ، الذي بنى عليه المحافظون الجدد تصورهم لهذا العالم تحت ثنائية " الخير و الشر" . وقد استندت نظرية "صامويل هنتنجتون " الى فرضيةٍ مفادها : ان المصدر الرئيسي للصراعات فى عالمِ ما بعد الحرب الباردة لن يكون ايديولوجيّاً او اقتصاديّاً ـ بل سيكون ثقافيّاً...
وقد اشارت النظريةُ الى حضارات مختلفة . فهى جميعًا فى مواجهة الحضارة الغربية مع التركيز على حضارتين سوف يكون لهما دورٌ كبيرٌ في هاته المواجهة...الا وهما الاسلام والحضارة الصينية "الكنفوشوسية "... وهذه النظريةُ انطلقت من مفهوم بنيوي ، أي ان للحضارات بنى ثابتة . وبما ان الحضارات ظواهر تاريخية فالتفسير الغائي لنهاية التاريخ يكون اقرب الى المنطق على حسب ما ذهب اليه " فوكوياما " في انصهارالقيم الكونية في نمودج واحد هو الاكثر تقدمًا وهو ما يعرف بالدولة الليبرالية حسب مفهوم "هيغل"... و من هنا اطلق المفهوم الخاطىء للاسلام عند" هنتنجتون"...
فـ "هنتنجتون" و امثاله يمثّلون لما عرف بين الدوائر الاكاديمية فى الغرب بالمستشرقين الجدد. وما يميّز هؤلاء عن اسلافهم من المستشرقين ، انهم اقل فهمًا للاسلام واكثر التصاقًا باسرائيل ، فهذان العاملان يدفعان بكثير من المستشرقين الجدد الى التخلى عن المعايير العلمية والاكاديمية عندما يتعلق الامر بدراسة الاسلام ، فتتحول الدراسة الاكاديمية عند هؤلاء الى مجرد اطلاق احكامٍ اقرب ما تكون الى النظرة العنصرية الدونية الى الحضارات والشعوب الاخرى. .. ولـ "هنتنجتون " رؤيةٌ محورها أن اسس الاختلاف بين الغرب والاسلام ليست الأصولية الاسلامية فقط ، وانما الاسلام نفسه الذي يمثل حضارة مختلفة ... والاسلام فى نظر" هنتنجتون": (( لا ينسجم مع القيّم الديمقراطية وهو "عدوانى" بطبعه حيث انتشر بحد السيف ويحاول فرض قيّمه على الاخرين بالقوة))... و الغريب ان بعض المثقفين العرب لم يقارعوا هؤلاء بالحجة و البرهان .ومازالوا يأخذون كل ما يأتي من الغرب و كأنه " قرآن ".
|