أريد أن أكون رجـــلا ... ... صرخات نسائية مكتومة من أروقة العيادة النفسية !!
أهلا بالجميع ...
تحقيق تم إنجازة مع أخي الفاضل / أسامة السيد مرسي
الذي كان له دور الأخراج الصحفي في مجلة أبعاد الشهرية لهذا التحقيق .. 8
*
*
*هي ظاهرة اجتماعية يكاد لا يخلو منها مجتمع. أما حجمها ومدى انتشارها فيرجع إلى صفات المجتمع الذي تظهر فيه وقيمه وعاداته واقترابه من الدين أو بعده عنه.
هي حالة مرضية من منظور علم النفس... ولها دوافعها وأعراضها وأسبابها العديدة التي تدخل فيها ثقافة المجتمع... والبعد عن الدين وطبيعة العلاقات الاجتماعية داخل الأسرة.
وهي مسألة شرعية من حيث هي نوع من التمرد على سنة الله في خلقه.. الذي خلق الذكر والأنثى وخص كلاً منهما بطبيعة وسمات تلائم التكليفات الشرعية المكلف بها.
في هذه الصفحات نستطلع رأي نساء روادتهن الفكرة.. وتحركت في قلوبهن الأمنية.
ونفتح ملفات المعالج النفسي لنعرف أين يقع الخلل.. في النساء اللاتي يتمنين الرجولة؟ أم في المجتمع الذي دفعهن دفعاً للاسترجال؟ ونرسو على ضفاف الشرع الإسلامي الحنيف.. يحدد لنا أسباب الظاهرة.. وأعراضها على النساء وطرق علاجها.
يقول العلماء: الزمن يحوي الليل والنهار، وجنس الإنسان يحوي الذكر والأنثى، ولكل منهما مهمته، فكما أن الليل للسكنى والهدوء والنهار للكدح والعمل، فالرجل بمنزلة النهار، والمرأة بمنزلة الليل.
لذا جمع بينهما رب العزة سبحانه فقال: والليل إذا يغشى والنهار إذا تجلى، وما خلق الذكر والأنثى، إن سعيكم لشتى {الليل: 1-4}.
ولا ينبغي أن يتمنى الرجل أن يكون امرأة، ولا المرأة أن تكون رجلاً، وصدق الله العظيم: ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض {النساء: 32}. يقول ابن كثير: نزلت في نسوة قالوا: ليتنا كنا رجالاً فنغزو كما يغزون ونجاهد كما يجاهدون، جاءت امرأة رسول الله عليه الصلاة والسلام تقول: يا رسول الله، إن الله كتب الجهاد على الرجال، فإن يصيبوا أجروا وإن قتلوا فهم أحياء عند ربهم يرزقون، ونحن نقوم على شؤونهم فما لنا في ذلك؟ فقال عليه الصلاة والسلام: "أبلغي من لقيت من النساء أن طاعة الزوج واعترافاً بحقه يعدل ذلك وقليل منكن يفعله".أعراض الظاهرة:
من المظاهر التي تتصف بها المرأة المسترجلة :
- التشبه بالرجال في اللباس ، من لبس ثياب تشبه تفصيل ثياب الرجل ، ولبس البنطال وهو من ألبسة الرجل أصلاً.
- عدم الالتزام بالحجاب الشرعي ، الذي هو غطاء الوجه الساتر والعباءة الفضفاضة التي توضع على الرأس من أعلى
- كثرة خروجها من البيت لغير حاجة.
مزاحمة الرجال ومخالطتهم في الأسواق والأماكن العامة ، بل بعضهن لا تستحي أن تصافّ الرجال في صف الانتظار ، وتدخل وتجلس بينهم وخاصة في المحلات التجارية، وتتكلم مع البائع وكأنه أحد محارمها ، وتشترك في البيع والشراء وحدها ، وفي أحد تعريفات المسترجلة : ( اللاتي يتشبهن بالرجال في الحركة والكلام والمخالطة ونحو ذلك ).
رفع الصوت بالكلام ومجادلة الرجال : بصوت عال يسمع، وفي تعريف للمسترجلة : ( التي تتشبه بالرجال في رفع صوتهم ) .
- تقليد الرجال في المشية و الحركات.
- التشبه بهم في الشكل والهيئة : من قص للشعر كشعر الرجل ، وتطويل الأظفار ، وهيئة الوقوف والجلوس ونحوها.
- ترك الزينة : الخاصة بالنساء كالحناء والكحل وغيره ، فتصبح كالرجل في شكلها وهيئتها.
نبذ قوامة الزوج أو رعاية الولي : فهي لا تقبل أن تكون تحت قوامة رجل أو تصرف ولي ، تريد حرية التصرف المطلقة ، دون إذن أو مراعاة رجل البيت .
السفر دون محرم : بوسائل النقل المختلفة.
قلة الحياء : المرأة المسترجلة قد نزعت الحياء من شخصيتها ومن أخلاقها ، وبذلك أصبحت كالشجرة بلا لحاء ، مصيرها إلى العطب أو الموت سريعاً.
**أسباب الظاهرة:
للتشبه أسباب عديدة يمكن إجمالها فيما يلي :
نقص الإيمان وقلة الخوف من الله.
التربية السيئة : المرء ابن لبيئته كما يقال ، فإذا كانت البيئة التي يعيش فيها صالحة كان صالحاً.
وسائل الإعلام : بمختلف أشكالها وأنواعها ، المرئية والمسموعة والمقروءة ، فيها تبث وتنشر الأفكار الضالة والمنحرفة التي تغوي المرأة وتشجعها على التمرد على الدين والمبادئ السليمة ، وعلى رفض سلطة الرجل كما يزعمون وتشجع المرأة على المطالبة بحقها في التصرف والحرية.
- التقليد الأعمى ورفيقات السوء : مما لاشك فيه أن الصاحب له تأثير كبير في شخصية من يصاحبه سلباً أو إيجاباً.
فالمرأة المجالسة للمسترجلات من النساء لابد أن تتأثر بهن في لبسهن وتصرفاتهن ، مجاملة أو تقليداً لهن كي لا تكون شاذة بينهن .
النقص النفسي ولفت الأنظار : بعض النساء تشعر بنقص نفسي ، ومحاولة منها لسد ذلك النقص تفرض شخصيتها عن طريق التشبه بالرجال في اللبس والتصرفات ، وبعضهن تتشبه بالرجال للفت الأنظار إليها ، وشد الانتباه لها ، وذلك بتسريحة الشعر أو لبس ملابس الرجل.
القدوة السيئة : والقدوة من أهم عناصر التربية ، فقد تكون الأم مسترجلة تتصرف كالرجل ، فيقتدي بها بناتها ، وفي الغالب أن البنات يكتسبن شخصيتهن من أمهاتهن ، فالأم التي لا تقدر الأب ولا تحترمه ، غالباً ما تكون بناتها كذلك لا يقدرن أزواجهن ، والأم التي تكون شديدة اللهجة في الخطاب ، ترفع صوتها في الكلام ، وتكتسب البنت منها هذه الصفة ، وكذلك التشبه بالرجال وباقي الصفات.
انعدام الغيرة من زوجها أو وليها : فلا يمنعها من مخالفتها لأمر الله في الحجاب واللباس ، ولاينهاها عن تصرفات لا تليق بها كمجادلة الرجال ونحوها ، فتجد أحياناً الزوج أو الأخ يرى تصرفات خارجة عن الحياء والأدب ولا تتحرك الغيرة في نفسه.
الاختلاط: عندما يختلط الذكور والإناث في المدارس والجامعات يأخذ كل جنس من صفات وأخلاق الآخر، فيتخنث الرجال ويسترجل النساء، وهذا ما لاحظه المسؤولون عن التعليم: فقد أعلن وزير التعليم الفلبيني (ريكارد جلوديا) أنه يرغب في تعيين عدد أكبر من المدرسين الذكور لتدريس التلاميذ الذكور! حتى يتحلوا بصفات الرجولة بدلاً من الصفات الأنثوية التي يكتسبونها من مدرساتهم.
كما أن اختلاط الطلاب بالطالبات في المدارس يؤدي إلى استرجال النساء، وفي الدراسة التي أعدتها النقابة القومية للمدرسين البريطانيين اتضح أن السلوك العدواني يزداد لدى الفتيات اللائي يدرسن في مدارس مختلطة، وتخنث الرجال يقضي على الرجولة لديهم، فيصاب بعضهم برقة وميوعة تتجاوز ذلك إلى التشبه بالنساء، كما أن استرجال المرأة يجعلها تفقد حياءها الذي هو بمثابة السياج المنيع لصيانتها وحفظها، ثم تتدرج إلى محاكاة الرجال في تصرفاتهم وأفعالهم ونتيجة ذلك النهائية الشذوذ في كلا الجنسين، واكتفاء الرجال بالرجال والنساء بالنساء، كما هو الواقع في كثير من البلاد، التي كثر فيها الاختلاط.
**شهادات:
- (س. ع) أنا فتاة أبلغ من العمر 24 سنة غير متزوجة: دائماً تلح علي فكرة أن أكون رجلاً، لشعوري بالقهر والظلم من التعامل الذي يحدث من أبي وأخوتي علي، ومن تفضيل وتقبل لكل الأخطاء التي تقع من أخوتي الأصغر، وكثيراً ما تزعجني جملة (أنت امرأة) كلما طلبت شيئاً أو أبديت رأياً، رغم أني في لبسي وتعاملي امرأة لكن تفكيري ورغبتي في أن أكون رجلاً تلح علي ولا أقدر على نسيانها.
- (هدى. ن): أنا زوجة وأم تجاوزت سن ال25 ولدي أربعة أولاد لكن فكرة أن أتحول يوماً إلى رجل أمنية أتمناها ولدي الاستعداد أن أدفع كل ما أملك من المال لأن أكون رجلاً. في تعاملي اليومي مع زوجي أشعر بالدونية كأن الكرامة والمعاملة الكريمة خلقت فقط من أجل الرجال... ومن قبل تعامل الأهل.. ومن بعد تعامل الأولاد.. كل الاحترام والتقدير للرجل.
- (ر. ع) أنا زوجة عمري 39 سنة (من الإمارات): بعدما تزوجت، وأنجبت الأطفال فإن سلبية زوجي وتعامله، ولا مبالاته، وعدم شعوره بأنثوتي أجبرتني على ممارسة دوره في معظم الأشياء فأنا من يتعامل مع العمال في صيانة البيت، وأنا من يحجز للسفر ومن يؤمن كل أغراض البيت، ومع السائق أذهب بالأطفال للمدرسة وأحياناً للسفر.. ابتليت بزوج بقاؤه أو عدمه سواء.. لذا الكل من حولي يتعامل معي كرجل واضطررت إلى ذلك مع كل شرائح المجتمع رغم أن هذا قتل فيّ أنوثتي وكأني آلة توفر الراحة لأطفالي.
- (نبيلة. أ) مهندسة كمبيوتر - مصر - عمري 35 سنة: لم أتزوج بعد.. طبيعة عملي واختلاطي بالرجال جعلتني رجلاً وحذرة في التعامل معهم وأجبرتني على التعامل بأسلوب الرجل مع الرجل، دائماً جافة وكلمات معهم محدودة على قدر السؤال ولبسي خالٍ من الأنوثة لدرجة أني نسيت المساحيق وما تضعه المرأة على معصميها أو رقبتها من ذهب.. حتى أني أسمع وأعرف أن الكثير من الرجال يقولون (عني هذه المرأة رجل في صوت امرأة). في بادئ الأمر لم يكن لدي رغبة حقيقية في التخلي عن أنوثتي ولكن مع الوقت تكيفت مع هيئة الرجل وطريقته في التعامل وبدأت أتمنى أن تزول هذه الازدواجية من داخلي وأن أصبح رجلاً.. مجتمعنا يعطي للرجال كافة الحقوق ويرفع عنهم كل المحاذير.. أنا أتمنى أن أعيش الحرية الكاملة التي يعيشها الرجال ولكن في إطار إحساسي بالمسؤولية.
- (رنا) 16 سنة - الأولى بين أخوتي: والدي كان يتمنى أن أكون ذكراً ودائماً يكرر علي هذه العبارات وهو يتعامل معي في معظم الوقت كرجل وفي حواراته دائماً مع والدتي يقول دعيها تتصرف كالرجال كي لا تخدع ويضحك عليها أحد.. هذا المنطق الذي يعاملني به والدي منحني الكثير من الثقة في ممارسة معظم الأشياء وأجده مبسوطاً لما يرى اهتماماتي ذكرية فأنا أحب الكرة وأحب اللعب مع الأولاد في معظم طفولتي وأحب أفلام الرعب والقوة ولا أقرأ القصص الغرامية أو أشاهد الأفلام الغرامية.
الذكورة فرضت علي ولكني أعترف أنني أحبها وأتمناها.. لذلك لم أجد مشكلة في ارتداء ملابس الذكورة.. أنا سعيدة بالحرية والتعامل الواثق.. ولكني بدأت أستشعر مشكلة تلوح في الأفق عندما تقدم ابن عمي لخطبتي.. فأنا بإحساس الذكور الذي نشأت عليه أميل إلى البنات.. وأعجب بهن وأتأثر بالجمال الأنثوي.. لا أعرف كيف سيكون ارتباطي مع الآخر؟.. هي أكيد مشكلة.
- (س. ي) 22 سنة: نعم كنت أتمنى أن أكون رجلاً عندما كان عمري 18 و19 و20، كنت عندما أرى الرجال لديهم الحرية الكاملة في الخروج من المنزل، للذهاب إلى المطاعم وفي السيارات وفي تجمعات الشباب بشكل عام كنت دائماً أقول لأمي (إنني أريد أن أكون رجلاً) ولكن الأمر لم يصل معي إلى أبعد من ذلك.. كل ما كنت أتمناه أن أحظى بما يحظى به الرجال من حرية في الخروج والدخول ورفع المساءلة.. والمراقبة.. حتى خوف أهلي علي كأنثى كان يزعجني.. ولكن لم يكن في تصرفاتي ما يتعلق بالرجولة لأن كل ما كان يعجبني هو الحرية بحد ذاتها.
- (خ. د): نعم أتمنى أن أكون رجلاً ولا زلت أريد ذلك، إني أشعر بأن شكلي ليس فيه أنوثة بقدر ما فيه خشونة فملامحي ليس فيها نعومة وكذلك صوتي، وطريقة مشيتي، عندي أعضاء أنثوية.. ولكن إحساس الأنثى في داخلي غائب تماماً.. لأن الأعضاء ليست هي التي توجد الإحساس.. فملامحي جادة وتكوين جسدي مستقيم وصوتي خشن. سمات الرجولة هي الأرجح عندي ولذلك فهي التي تشكل إحساسي، لذلك فأنا أحب أن أكون رجلاً وأستكمل ما غاب من مستلزمات الرجولة، أفضل دائماً أن أقص شعري بحيث يكون قصيراً جداً مثل الرجال، وملابسي دائماً مثل ملابس الرجال، حيث إنني لا أفضل لبس البنات الذي فيه نعومة، وكذلك طريقة كلامي وألفاظي، كذلك لا أحب أن ألبس إكسسوارات مطلقاً.
*
*
*
نشرت في مجلة أبعاد / العدد / 15
يوليو / أغسطس 2002م
يتبع ....
|