من ملفات المعالج النفسي !!
- (ت. ك) 17 سنة: كنت أتمنى أن أكون رجلاً، لأن الرجل يشعرني بالقوة والسلطة، والمرأة بالضعف وقلة الحيلة، لذلك كنت أتمنى أن أكون رجلاً أمارس القوة.. وآخذ ما أريد من القرارات.. أشكل حياتي وفق ما أريد أنا.. وليس وفق ما يريد الآخرون. أكون أنا التي أختار.. ولا أكون موضع اختيار.. وباختصار أحب أن أكون الطرف الفاعل.. ولكن هذا الإحساس لم يؤثر على مظهري، ربما يظهر في تصرفاتي هذا الإحساس، فأنا دائماً أحب أن أكون صاحبة السلطة والقرارات في أي تجمع سواء في المنزل أو مع صديقاتي.
- (فرح. م) 15 سنة: أنا بنت بين خمسة أخوة.. ووالداي يتعاملان معي كرجل، وألفاظي كما هي ألفاظ الأولاد أخواني. وأنا مثلهم أحب الرياضة ومتعصبة لفريقي الذي أشجعه وأرتدي شعار النادي وأحب ارتداء الأحذية الرجالية. وأحياناً أنام في ملابس النوم لأخي الذي في سني. ووالدتي تقص شعري كالأولاد.. لا يتقبل البيت وجودي كأنثى، وأنا كذلك أشعر أنني لو تمسكت بأنوثتي فسأفقد المساواة التي أتمتع بها.
*
*
*من ملفات المعالج النفسي
الحالة:
أريد أن أطرح عليكم أغرب مشكلة وأغرب أمنية على الإطلاق. ولكنها مع ذلك أحلى أمنية فأنا أفكر فيها كل يوم مليون مرة أتمناها في كل ثانية وكل دقيقة لا أنفك عن التفكير فيها بتاتاً.
أمنيتي يا سيدي - قبل ذلك "روّق" أعصابك وهدئ حالك واستوعب الموضوع "وبليز" لا تنزعج منه - أمنيتي أن أصبح شاباً. أن أتحول من فتاة إلى شاب. سيدي لاتتفاجأ ولا تنزعج منها. أرجوك قدر المشاعر والأسباب الداخلية التي دفعتني لذلك.
أنا فتاة في ال16 من عمري - أساس مشكلتي يا سيدي الكبت والظلم والضيق والإجحاف الذي تتعرض له الفتيات، أرجوك يا سيدي ويا سيدتي القارئة أنا أعرف أنني أسئ إليكم أنتم الاثنين أو أزعجكم.
في ذهابي وإيابي بالباص إلى المدرسة أتأمل الشوارع وأقول: لو كنت شاباً لكنت خرجت وذهبت للمدرسة مشياً وتأملت روعة الصباح وتأملت الدنيا وخلق الله واستمتعت بالجو الصافي والحرية الساحرة، وكلما تعرضت لمشكلة عائلية أو ضغوط نفسية يتكرر إحساسي بالحاجة إلى المزيد من الحرية الرجالية التي لو كنت أملكها ما كنت حبست همومي داخلي أو انتظرت حتى التقائي بصديقتي لأبثها لها.
في هذه الفترة، كلما تعرضت لضيق أو لكبت أو لانزعاج أذهب وأجلس على نافذة منزلي أنظر إلى الدنيا أنظر وأتأمل أتفكر وأقول: لو كنت شاباً لكنت خرجت فوراً أتمشى في الحديقة وحدي، لما كنت تأخرت وأنا أرتدي عباءتي وأهتم بأناقتي وأهتم بسترتي وحجابي.. لما كنت تعطلت حتى يأخذني أبي أو أخي، أو أنتظر محرماً يخرج معي.. ولكني: لا أنسى عندما أشعر بضيق وكرب أن التجئ لكتاب الله أو أذهب وأصلي ركعتين وهنا أيضاً أجد بعض الإحساس بالضيق: فتخطر ببالي فكرة: لو كنت شاباً لكنت تمشيت للمسجد وصليت الجماعة مع الإمام وقرأت القرآن واعتكفت بالمسجد. يا ليتني أستطيع أن أجرب الاعتكاف بالمسجد.
حلمي في هذه الفترة: أن أتمشى في الشارع أو في الحديقة وحدي. لا أحتاج أحداً، ولا أحد يحتاجني.
امنــح الخــيـارات :
هذا أبسط حقوقك، أنك تعبرين عن أفكارك التي تؤرقك وعن مشاعرك التي تعتمل في داخلك، ومن ذا يحجر عليك ما دامت تراودك ولديك المبرر الذي فرضته ثقافة المجتمع وجعل الكثير تراودهم مثل تلك الأفكار لأن حقوق بعض النساء ليست مهملة ومعطلة فقط وإنما مسلوبة منها، ولا تجرؤ على الحديث فيها.. علاقة تحكمها ذكورية مفرطة تستمد قوتها من نوع الجنس الذي يؤطر لتعامله وحياته ليس وفقاً لشرع الله وما له وما عليه.. لا أعتقد أن تلك المشاعر والأفكار كانت ستراودك لو أن أنثوتك احترمت وقدراتك قدرت، وشجعت.
مسألة الذكورة والأنوثة بيولوجية قبل كل شيء.. نعم هناك نوع من الرجال تحول إلى امرأة، والعكس حدث.. لوجود استعداد لذلك بيولوجي ونفسي.
الاستعداد النفسي الذي لديك غرسته ثقافتنا وغيرك كثير وهذا يحتاج إلى مزيد من الدراسة لمعرفة كم من أمثالك تلح عليه تلك الفكرة.
مشاعرك الهادرة والصادقة لم أنزعج من قراءتها.. الفرق بينك وبين غيرك أنك صريحة وواضحة، وأبديت ما تتحدثين به مع نفسك، وشيء رائع أنك كتبته وأخرجته من داخلك كي لا تتراكم العقد. فبوحي بما تشعرين به دون خوف أو تردد.
عزيزتي.. هناك أشياء تحدث فينا لا نقدر على التحكم فيها.. كضربات قلبنا، وارتداد أنفاسنا في رئتينا...وأشياء مسيرين فيها لانملك فيها التغيير أو التبديل كوالدينا ولون بشرتنا وطولنا ونوع جنسنا، وأشياء تقع منا ونحن من يفعلها.. تلك نحاسب عليها في علاقتنا مع الآخرين ومع خالقنا.
في الجاهلية كانت المرأة توأد وأنفاسها تترنح بين أضلعها، وفي جاهلية القرن العشرين توأد المرأة نفسياً، وهذا ما تعانيه أنت وهذا ما دفعك إلى أن تتمني أن تكوني رجلاً.. يكون قادراً على ممارس حياته دون أي تساؤل!
بينما الإسلام كرم المرأة ومنحها حقوقها لدى أبيها ولدى زوجها.. وجعل الجنة تحت أقدام امرأة.. ومن رعى بنتاً له من الأجر الكثير، قال الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم "خيركم خيره لأهله وأنا خيركم لأهلي".
إذن المشكلة الحقيقية فيمن ينتمي للإسلام، ونتصور أن سلوكه، وأوامره هي التي يقول بها الإسلام، فالدين ومبادئه ليس مرتبطاً بالأشخاص فهم أفراد قد يخطئون وقد يكذبون وقد يطوعون الدين لما يريدون حتى لو كان أبي أو أباك أو زوجاً أو أخاً.
حالتك كِمٌّ من الأعراض لرفض لنوعك الذي سلبت حقوقه.
نصيحتي أن تسقطي كل ما تشعرين به.. فاستمري في الكتابة عن أفكارك تجاه ما تتمنينه وعبري عن مشاعرك وما تعانينه. وأكثري من السجود لله وتقربي إليه إذا هاجت عليك تلك الأفكار وتذكري أن الله حين منح الرجال أشياء منح المرأة أشياء أخرى لا تقل عنها.. لم يطالبها بالجهاد وأشرع لها أبواب الجنة أياً منها تدخل:
إذا صلت فرضها.
إذا صامت شهرها.
إذا أطاعت زوجها.
إذا حفظت فرجها.
أتريدين أكثرمن الجنة؟!.
نشرت في مجلة أبعاد / العدد / 15
يوليو / أغسطس 2002م
|