02-03-2009, 10:48 PM
|
#3
|
مراقب إداري سابق
بيانات اضافيه [
+
]
|
رقم العضوية : 22257
|
تاريخ التسجيل : 12 2007
|
أخر زيارة : 24-10-2009 (08:34 PM)
|
المشاركات :
1,614 [
+
] |
التقييم : 10
|
|
لوني المفضل : Cadetblue
|
|
في تقاليد الحكم، يقول:" إن ظروف العراق الاستثنائية التي جابهته بغتةً عند تشكيل دولته، خلقت فيه طبقة متحذلقة مغرورة، هي طبقة [الأفندية] .. كانت موجودة في العهد العثماني ولكنها كانت آنذاك قليلة العدد .. أما بعد تشكيل الدولة العراقية، فقد بدأت طبقة الأفندية بالتضخم على نطاق واسع، وأصبحت تستوعب أفراداً من أبناء العامة، لم يكونوا يحلمون بأنهم في يوم من الأيام سيصبحون من الطبقة الحاكمة. ان هذا الصعود المفاجئ إلى مراتب الحكام والضباط، نفخ فيهم شعوراً زائفاً بالعظمة أو العبقرية أو المقدرة على المعجزات.. ان النجاح المفاجئ يؤدي إلى الشعور بالمقدرة الخارقة والبطر، ولهذا نجد أغنياء الحرب لا يُحتملون وأصحاب الشهادات في مجتمع جاهل لا حد لتحذلقهم وغرورهم".
يقول المثل الإنجليزي إذا كان بيتك يحترق لاتسأل عن هوية رجال الإطفاء، أما العراقي فهو يوقف رجال الإطفاء ويرمى عليهم القسم: والله ما تطفون قبل ما تتغدون! والفارق بين المعنيين ينطوي على قصة مأسأوية تحدثنا عن تطرف الشخصية العراقية، سواء في كرمها أو في بخلها، في شجاعتها أو في جبنها، في إقدامها أو في ترددها، في عقلانيتها أو في إنفلاتها وجنونها. ومن بين أكثر علماء الإجتماع دقة، في توصيف الشخصية العراقية، كان الباحث الراحل علي الوردي. والعراقي، إذا ما قارنت عاداته وتصرفاته ومشاعره، مع أشقائه، فستكتشف طبيعته المتنافرة والمتوترة. فهو أقل ليونة من اللبناني، وأدنى تسامحاً من السوري، وأضعف حيلة من المصري. وإذا كان العراقي بخشونة الأردني أو الليبي فهو أسرع غضباً من جميع هؤلاء. فاللبناني قد ينزعج ويغضب لكن لهجته الهفهافة وسماحة طبعه، قد تجعل من غضبه ناعماً وشفافاً. واللبناني لا يستخدم مفردات جارحة ومهينة عندما يتشاجر، في حين يمتلك العراقي فائضاً من هذه المفردات، التي تبدأ من الحزام وما تحت. والفرد العراقي لا يسأل ولا ينتظر جواباً، بل يعالج الموضوع فوراً مستخدماً أطرافه العليا والسفلى معاً. والسوري قد يقرضك مبلغاً من المال لكنه لا ينساه أبدأً وقد يستعيده بعد سنوات، أما العراقي فهو يقرضك المال وينسى لكن عندما يتذكر يسحب عليك سكيناً كي يستعيد دينه في الحال. وعندما يقدم لك السوري أو السورية فنجانا من القهوة وتنزل منه قطرة في الصحن، صدفة، يذهب لينظف الصحن ويعود ليقدمه لك مع إبسامة خجولة، في حين يمكن أن يدلق العراقي على قميصك نصف فنجان القهوة ثم يقول لك: آسف أستاد، مع تكشيرة. أما شقيقنا المصري فهو مثال للفهلوة والحيلة، والمصري صاحب نكتة تحضره في أصعب المواقف. وليس أدل على ذلك من تصريح أحد الرهائن المصريين ممن أطلق سراحهم مؤخراً، في بغداد. فعندما سأله مراسل الفضائية عن العصابة التي أختطفتهم، قال، وهو يبتسم: والله دول ناس بتوع دين ومحترمين وربنا يحفظهم!! ولو كان المختطف عراقياً لما شاهدناه على الفضائيات أصلاً، لأنه سيتشاجر معهم ويقتلونه. ويحتاج المصري الى فترة طويلة قبل أن يغضب ويستخدم يده في مشاجرة، في حين لا يجد العراقي الوقت الكافي لمعرفة المذنب من غير المذنب. وهو يمكن أن يعتذر منك ويتوسل إليك كي تسامحه، ولكن بعد أن يكون وجهك قد تورم وإزرق وأمتلأ بالكدمات!
أن الحديث عن (الشخصية العراقية) لا يعدو أن يكون كلاما أدبيا لا يمت للعلم بصلة فلا توجد هناك شخصية عراقية وشخصية أمريكية وأخرى فرنسية أو غيرها من تلك المسميات , وأنما هناك تصنيفات علمية لأنماط الشخصية تدخل فيها جميع القوميات والمذاهب وحتى الكيانات الأنتخابية التي لا عدّ ولا حصر لها!
أن نوع الشخصية (س ) مثلا هي نفسها تجدها في العراق أو أمريكا والهند واليابان وحتى في بوركينوفاسو, وكذلك أنواع الشخصيات الأخرى السوية وغير السوية فهي تضم المسلم والمسيحي والبوذي وغيره من الأديان والأجناس والألوان .
اذن لا توجد أبتداءا ما أصطلح على تسميته ب(الشخصية العراقية)وهو كلام غير علمي مطلقا أتمنى حذفه من سلسلة المصطلحات الحديثة أمثال الشفافية والنزاهة والتوافق السياسي والتي دائما تعني الضد تماما كما يطلق على الأعمى بالبصير!
المقصود –بأعتقادي – هو الأشارة الى ملامح مشتركة ومحددة تطبع غالبية المجتمع العراقي وهذه الملامح تكون لها أحيانا لونا عراقيا بارزا لاتشترك بقية الشعوب في أبراز هذه الملامح.
أن بروز تلك الملامح في مجتمع ما هي عملية طويلة ومعقدة تحتاج الى تعرض المجتمع الى ظروف وتحديات كبيرة ومزمنة مما تجعل بعضا من سلوكيات أفراد هذا المجتمع مطبوعة و يتشارك فيها معظم من عاش تلك الظروف معا.
أن الظروف (الأجتماعية والبيئية ) والزمن هما العاملان الحاسمان في بروز سمات مشتركة لدى الشعوب.
بعد ان وضحنا الموضوع نعود الى ما كان يرمي اليه الباحثون في مفهوم الشخصية العراقية وهو الأشارة الى مواضيع محددة من أبرزها أرتباط العنف بالعراق والعراقيين.
لقد تتبعت تأريخ العراق القديم ووجدت ما يشير الى أن أول جبهة حرب عرفتها الأنسانية كانت في العراق ولكن ذلك لا يعني بالضرورة أننا قوم عنيفون ولكن ربما يشير الى أننا أقدم الحضارات في العالم والتي عرفت وأختبرت –كأنسانية- كل شيء ومن ضمنها العنف.
أن أرتباط العراقيين بالعنف هو موضوع شائك ومعقد ويحتاج – انشاء الله- الى مقالة خاصة لتسليط الضوء على هذه المفاهيم الخطيرة .
لقد أحيط العراق بظروف قاهرة كثيرة ساهمت في حفر ملامح حادة لدى العراقيين وصبغتهم بصبغة لا أعتقد أن لها مثيلا حتى لدى جيراننا لأنها ببساطة صبغة (عراقية) أصيلة من زمن نبينا العراقي أبراهيم (ع) والى الان وهي بالتأكيد ليست الصبغة التي صبغت بها المدارس والمستشفيات الحالية التي تتساقط ما أن تجف وبقدرة قادر وبعد ان تكون قد ألتهمت جميع أموال الميزانية الأنفجارية , سبحان الله!
كان لديّ شك يتاخم اليقين أن الشخصية العراقية أكثر ميلا الى الخلاف مع الآخر منه الى الاتفاق. وتحول هذا الشك الى يقين بعد أحداث السنوات التي تلت عام 2003 ، فرحت أبحث عن اسبابه فوجدت أن هذه الصفة ليست من صنع حاضر قريب او بعيد ، انما تعود الى تاريخ يمتد الاف السنين ، وانها ليست ناجمة عن سبب بعينه ( القول ان العراقيين جبلوا على هذه الصورة مثلا ) انما عن شبكة معقدة من الأسباب تفاعلت فيما بينها فأنتجت الشخصية العراقية بهذه الصورة .وقبل استقصاء عدد من هذه الاسباب اودّ ذكر معلومة قد تبدو جديدة للبعض.
هنالك نظرية في الشخصية تسمى النظرية التطورية Evolutionary ترى أن المورّثات " الجينات" السلوكية تخضع لقانون الانتخاب الطبيعي فتعمل – عبر التاريخ التطوري للانسان -على تقوية مورّثات "جينات" سلوكية معينة واضعاف مورّثات اخرى (مقارب لقانون دارون :البقاء للأصلح). وهذا يعني أن الأحداث التي عاشها الانسان عبرتاريخه التطوري تدخلت في عمل المورّثات "الجينات " بثلاث صيغ : تقوية مورّثات معينة ، واضعاف أخرى ، ودثر أخرى .
تأسيا على ذلك فاننا – أبناء هذا الجيل من العراقيين – لسنا فقط نتاج تكويننا البيولوجي الخالص،انما ايضا نتاج ما صنعته الأحداث من تأثير في مورّثات " جينات " أسلافنا العراقيين . ولك أن تقول : ان " جيناتنا "الحالية مشّفرة أو مسجّل عليها الأحداث التي عاشها أجدادنا ، وأننا نقرأ عناوين هذه الأحداث ونرى صورا منها عبر سلوكنا وتصرفاتنا.
ولكي لا يساء الفهم او يستنتج من قولي هذا أنني أميل الى تغليب العوامل البيولوجية في تكوين الشخصية ، فانني أعدّ الموروث الثقافي من أهم عوامل تكوين الشخصية . وأعني بالثقافة : القيم "بأنواعها الستة " والاتجاهات والمعتقدات والمعايير والفنون والآداب والعلوم ..وكل ما ينتجه المجتمع وينتقل عبر اجياله . وأزعم أن الثقافة - بالمفهوم أعلاه – تعمل على تكوين " مركز سيطرة" داخل الفرد يقوم بتوجيه سلوكه نحو أهداف محددة ، وأن الاختلاف بين الأفراد ، في سلوكهم وتعاملهم مع الناس والأحداث ، يعود في واحد من أهم أسبابه الى مركز السيطرة الثقافي هذا .
نعود الى الموضوع فنقول ان اتصاف الشخصية العراقية بسيكولوجيا الخلاف مع الآخر يعود الى أن العراق ينفرد عن بلدان المنطقة بأمور وأحداث لها تاريخ يمتد الاف السنين يتمثل أهمها بالآتي :
1. انه البلد الذي تؤخذ فيه السلطة بالقوة المصحوبة بالبطش بمن كانت بيده .
2. وأنه البلد الذي سفكت على أرضه أغزر دماء المحاربين من العراقيين والعرب والأجانب، لاسيما : المغول والأتراك والفرس والانجليز...وأخيرا ، الامريكان .
3. وأنه البلد الذي نشأت فيه حضارات متنوعة ومتعاقبة ، انهارت أو أسقطت بفعل صراع داخلي أو غزو أجنبي .
4. وأنه البلد الذي تنوعت فيه الأعراق والأديان والمذاهب ، في مساحة مسكونة صغيرة نسبيا.
5. وأنه البلد الذي كان مركز الشرق الاسلامي حتى الهند والسند ، وحيث عاصمته كانت مدينة الخلافة الاسلامية .
لقد عملت هذه الأحداث على تكوين شخصية الفرد العراقي بخصائص سيكولوجية وعقد نفسية معينة نوجز أهم ما له علاقة بالموضوع ، بالآتي :
1 . عقدة البارانويا .
تعني البارانويا : اسلوبا مضطربا من التفكير يسيطر عليه نوع غير منطقي " أو غير عقلاني " من الشك وعدم الثقة بالناس ، ونزعة دائمة نحو تفسير أفعال الأخرين على أنها تآمر أو تهديد مقصود أو مهين .
وقد نجمت هذه العقدة عن تواتر الاستيلاء على السلطة في العراق بالثورات والانقلابات الدموية والانتقامية ، فأصيب بها كل من أخذ السلطة ،وسيطرت على أغلبهم حالة هوسية من التآمر عليهم والشك بالآخر حتى لو كان بريئا.
وبالمقابل ، تولّد لدى الناس اقتران شرطي بين السلطة والظلم ، ناجم عن تكرار السلطات المتعاقبة لممارسة الظلم على الناس .
ومن هذه العلّة النفسية تحديدا (عقدة اليأس من مجيء سلطة عادلة ) نشأت فكرة " المخلّص المنتظر " الذي سيأتي ويملأ الأرض عدلا ، والتي يؤمن بها معظم العراقيين بغض النظر عن العرق والدين والمذهب والمستوى الثقافي سواء كان أمّيا أم حامل الدكتوراه .
2 . عقدة الاستهداف .
ان تكرار غزو العراق من قوى اجنبية ( لخيراته وموقعه الاستراتيجي ) ولّد لدى الفرد العراقي حالتين نفسيتين ، الأولى : يقينه أن العراق سيبقى مستهدفا وأنه " الضحيه " في كل غزو. وادراكه بالتجربة المتكررة أن كل غزو يحصل يشطر العراقيين الى ثلاثة أقسام : متعاونون مع الغزاة ، ومحايدون أو من جماعة " الياخذ أمّي يصير عمّي " ، ومعارضون ..يحكمهم جميعا : الخلاف مع الآخر .
والثانية : كره العراقي للحكومة وتعمّق الهوة النفسية بينهما ، الناجمة عن اعتقاده بأن أية حكومة تتولى السلطة لابد أن تكون مسنودة من قوة أجنبية ، وأنها تخدم مصالح الأجنبي أكثر مما تخدم مصالحه ، الأمر الذي أدى الى أن تكون نظرة العراقي للأمور في حال يشبه فيه حصان العربة : النظر باتجاه واحد هو الخلاف مع السلطة والعمل على اسقاطها .
3 . عقدة أخذ الثأر.
ان جسامة ما وقع من احداث وبطش الآخر بالآخر ، سواء بسسب الصراع على السلطة او بسبب معتقد او مذهب او فكرة ، عملت على توريث عقدة ( أخذ الثأر أو الحيف ) من الآخر ، وتحكّمت بسلوك العراقي في أزمات الحاضر ، بانفعالية تعطّل التفكير العقلاني بأسباب هذه الأزمات أو بمن يخلقها .
4 . عقدة التعصب لــ" الهوية ".
سكنت العراق أقوام متعددة : عرب ، كورد ، تركمان ، كلدان ، آشوريون ، يزيديون ، شبك..ونشأت فيه أديان ومذاهب متنوعة : اسلام ،مسيح ، يهود ،صابئة ،مجوس..،شافعي ، جعفري ، حنفي ، مالكي ، حنبلي .
وتفيد الاحداث أن هذه الأقوام والأديان والمذاهب تعايش أهلها بسلام حيثما كانت السلطة بعيدة عن التدخل في شؤون خصوصياتهم ، وأن الصراعات تنشأ فيما بينها ، حدّ ابادة الآخر ، حين تكون السلطة او قوة غازية محرضّا بشكل علني او خفي .
ولأن الانسان به حاجة نفسية الى (هوية ) فأنه يضطر الى الدفاع عن هويته حين تتعرض الى الخطر . ولأن كل ( هويات ) الجماعات العراقية لحقها أذى وتعرضت الى هذا القدر او
|
|
|