عرض مشاركة واحدة
قديم 08-03-2009, 03:51 AM   #20
اسامه السيد
عضومجلس إدارة في نفساني


الصورة الرمزية اسامه السيد
اسامه السيد غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 19648
 تاريخ التسجيل :  03 2007
 أخر زيارة : 10-11-2020 (02:43 AM)
 المشاركات : 12,794 [ + ]
 التقييم :  94
لوني المفضل : Cadetblue
ياحبيبتى يامصر (2)



نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةنقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةنقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةg

نبدأ حديثنا فى هذه الحلقه عن الجيش المصرى .. ونُشير بادىء
ذى بدء الى أنه قد مرت فترة ليست بالقصيره لم يكن المصريون
فيها بحاجه الى جيش يحمى حدودهم ؛ نظراً لمنعتها الطبيعيه ؛
حيثُ كانت صحراء سيناء فى الشرق والصحراء الغربيه عائقان فى
وجه من تُسوِّل له نفسه إقتحام مصر ؛ كماأن أرض النوبه القاحله
فى الجنوب كانت مانعه من أى هجوم ؛ ونظراً لعدم وجود أساطيل
بحريه فى ذلك الزمن السحيق إنعدم الخطر من جهة البحر فى الشمال ...وهكذا عاش المصرى القديم ردحاً من الزمن ينعم
بالأمن والأمان ؛ ويوجه طاقته وجهده لزراعة أرضه وإعمار بلده ؛ وفى
إعمال عقله وفكره ؛ حتى نشأت المُقاطعات التى تبلورت فى
مملكتى الوجه البحرى والوجه القبلى ؛ وبدأت بينها الصراعات من
أجل الإستيلاء على المُقدرات الطبيعيه والمُكتسبه التى تتمتع بها
فكان لِزاماً وجود القوة المُسلَّحة التى تدفع العُدوان ؛ وتفرض
الأمن والسلام بالقوَّة ..
تم تكوين جيش لمملكة الوجه البحرى والتى اتخذت مدينة منف
عاصمةً لها ؛ وجيش لمملكة الوجه القبلى وعاصمتها مدينة طيبه
وكان كل جيش منهما يتكوَّن من داخله من فرق تُمثِّل
المُقاطعات التى تنتمى لها هاتين المملكتين ؛ وقامت بينهما
حروب مُتعدده انتهت بقيام الملك " مينا " بتوحيد مصر نهائياً عام
3425 قبل الميلاد ؛ لتنتهى هذه التمزُّقات الداخليه ويتفرغ
الجميع لصد غارات البدو والتى بدأت حوالى عام 2286 ق.م.


طبيعة الجيش :
---------------
تلك الغارات التى دعت الفرعون " زوسر " لوضع الخطوات الأولى
فى سبيل تكوين جيش مصرى ثابت .. وتم تقسيم حدود مصر
الى مناطق أُطلق عليها " أبواب المملكه " يحكُم كل منطقه منها
"سشم تا " أى مُرشد الأرض ؛ وتشتمل كل منطقه على حصن
مُستطيل الشكل به حاميه ثابته ..
كما تواجد جيش ملكى بقيادة الفرعون نفسه ؛ وتم تقسيم هذا
الجيش الى فيالق ؛ وكل فيلق يقوده قائد " أمرا مشع " وهذه
الفيالق مُقسَّمه بدورها الى فرق حربيه "عبرو" يُشرف على كل فرقه رئيس ؛ وتتألف الفرقه من سرايا تعداد السريَّه 200فرد
تحت قيادة حامل العلم " تاى سريت " مُجزئين الى أربعة فصائل
كل فصيله 50 فرداً تحت قيادة ضابط صغير ؛ وأُطلق على أفراد
الجيش المُجنَّدين " نفر " أى الشباب الجميل ..
أما إدارة الجيش العامل فكانت لها مصلحة خاصه تُسمَّى بيت
الأسلحة " برعحا " وكانت تتبعها أقسام التموين والتسليح وبناء
السُّفُن والمُكاتبات العسكريَّة ..


الأسطول البحرى :
-------------------
كما أن الأسطول وُضِع تحت إشراف رئيس يُلقَّب " مدب دبت " أى
بانى السُّفُن ؛ وكانت بعض السُّفُن تصل الى 50 متراً طولاً وتُسمَّى
"دبت عات " أى سفينه عظيمه ؛ وبلغ عدد السُّفُن التى أرسلها
" الفرعون زوسر " الى لبنان لإحضار خشب الأرز اللازم لبناء سُفُن
الأسطول 40 سفينه فى البعثه الواحده ..


سلاح الجنود :
--------------
كان سلاح الجنود فى تلك الآونه عباره عن الرماح والسهام ..أما
حملة الرماح فكانوا يسيرون فى أقسام يتكون كل منها من عشرة
صفوف قِوام كل صف خمسة جنود يتسلَّح كل منهم برُمحٍ طوله
70 سم برأس مُدبب وخنجر ودرع واقيه ..
أما الرُّماه فكانوا مُسلَّحين بقوس وبضعة سهام من النحاس أو
الحجارة الصلبه .. وتطوَّر تكوين الجيش بعد ذلك لتُضاف اليه
العجلات الحربيه التى تُعَد سلاحاً هجومياً يتميَّز بالقُدره على
مُفاجأة العدو وسرعة إقتحام صفوفه ؛ وكانت العجله الحربيه
مُكوَّنة من جسم ( صندوق ) فوق عامود مُتَّصِل بعجلتين على
جانبى الصندوق ؛ ويجُر الجميع زوج من الخيول .. كما أُضيفت
الى أسلحة الجنود الشخصيَّة الهرَّاوات والسيوف القصيره والأقواس
المُرَكَّبة بعيدة المدى ..
كما استخدمت الجيوش المصريَّة القديمه الأعلام والشارات التى
تُميِّز الفيالق والفرق والفصائل ؛ وتنوَّعت هذه الأعلام مابين صغيره
تحمل رمزاً بسيطاً الى كبيرة مُثقله بالرموز والعلامات ...


شخصيات لامعه :
----------------
وقبل أن نُسدل الستار على هذه الحقبه البعيده ؛ نورد ترجمةً
موجزة لشخصيتين ؛ كان لهما أكبر الأثر فى الأحداث التى
عاصروها ؛ لا على أنهما الوحيدان فى تاريخنا العريق اللذان كان
لهما هذا التأثير البالغ ؛ ولكن كمثال فقط .. أولاهُما :


الملكة " أباح حتب " :
---------------------
وتعنى بالمصريَّة القديمه " القمر يولد " .. تُعّد من أعظم ملكات
مصر القديمه كلها ؛ وعلم من أعلام الوطنيه فى كل العصور ؛
حفظ لها شعب مصر صنيعها فى توحيد صفوفه وحمل راية
الكفاح نحو الحريَّة والإستقلال وطرد الأجنبى الغاصب ؛ فلقَّبها
" بطلة الجهاد " ورفعها الى أعلى مراتب المجد والرفعه ..
عاصرت هذه الملكه العظيمه أحلك فترات الأُمَّة المصريَّة والتى
رزحت فيها ولأول مره تحت الإحتلال الأجنبى الذى عُرِف باسم
" الهيك سوس " أى ملوك الرُّعاة والذى استمر حوالى 150سنة
من عام 1725 الى عام1575 ق. م.
ولقد وقع عبء تحرير مصر من نير الإحتلال الأجنبى على عاتق
أُسرة هذه الملكه ؛ بدءً من والدها " سقنن رع الكبير " الذى مات
قبل أن يُتم هذا الواجب ؛ فراحت " اباح حتب " تدفع زوجها "سقنن
رع الثانى " الى مُقاتلة الهكسوس وطردهم من مصر ؛ وقد امتلأ
قلبها وطنية وإيمان بحق مصر فى الإستقلال ؛ وراحت تجمع حُلى
ومصاغ نساء طيبه لتجهيز جيش التحرير ..
وعندما سقط زوجها " سقنن رع " فى ميدان الجهاد والشرف صريعاً
لم تيأس من النصر ولم تتوقف عن العطاء ؛ بل راحت تُشجِّع
ابنها البكر " كاموزا " على استكمال مابدأه جده وأباه ؛ وقام هذا
البطل الذى رضع الوطنيَّة من أُمه " بطلة الجهاد " بالكفاح فى سبيل
نيل شرف الإستقلال حتى سقط هو الآخر شهيد الوطنيَّة ؛ ومات كأبيه قبل أن يستكمل مهمته ؛ ووضعته أُمه الملكه " أباح حتب "
فى تابوته ومعه خنجر طوله 31 سم مربوط على ذراعه اليمنى بمعنى
الفداء والبذل فى سبيل الوطن ..
ثم التفتت الى ابنها الثانى الصغير " أحموسا" ؛ وراحت تتعهده وتُعده
لإستكمال الجهاد المقدس .. وكما بثت الوطنيه وحب مصر فى نفس
زوجها وابنها البكر ؛ راحت ثبُث هذه المعانى العظيمه فى نفس
"أحموسا" حتى ينشأ ويشتد عوده على هذه المبادىء التى وهبت
نفسها لإحيائها ؛ وعاشت بأمل تحقيقها ؛ ثم راحت تدعو فى معابد
طيبه لتحرير بلدها ؛ وتحث النساء على تشجيع رجالهن ..
استكمل " أحموسا " تحت رعاية أُمه أدواته ؛ واتخذ أُهبته واستعداده
ثم انقض على أعدائه وأعداء بلده الهكسوس ؛ فشدد الهجوم على
عاصمتهم " أواريس " حتى سقطت بعد ثلاث حملات ؛ ثم طاردهم
حينما فروا أمامه عبر سيناء حتى لحقهم فى حصن " شاروهين "
فى منطقة غزَّة ؛ وحاصرهم هناك ثلاث سنوات مُتتاليه ؛ ثم اقتحم
????? وفر من بقى من الهكسوس ؛ ولم يظهر اسمهم مرة ثانيه
فى التاريخ ..
عاشت " أباح حتب " حتى سن الثمانين ؛ ورأت حفيدها " أمنحُتُب
الأول " مُتمتعةً بحفاوة شعب مصر الوفى الذى لم ينس لها ما
قدمته من نضال وتضحبات حتى وافتها المنيَّة ؛ ودُفنت فى مقبرتها
بطيبه ...


تُحتمُس الثالث:
شخصيتنا الثانيه هو أعظم ملوك مصر القديمه ؛ وأقدر قوَّدها فى
تاريخها القديم ؛ كان سياسياً بارعاً ورجل دولة مُحنكاً ؛ لعب دوراً هائلاً
فى تسطير أنصع الصفحات من تاريخ بلاده ؛ وقد تولى حُكم مصر
عام 1468 ق.م. حتى توفى عام 1436 ق.م. وفى خلال فترة حكمه
التى استمرت 32 عاماً امتشق حُسامه بعد75 يوماً فقط من توليه
الحُكم ؛ ولم يخمد هذا الحُسام حتى مماته ؛ وانطلق يُحارب على
رأس جيش مصر خائضاً أكثر من 16 حملة عسكريه لتوطيد سلطان
مصر ؛ وليُكوِّن امبراطوريه من أعظم امبراطوريات العالم القديم ؛ لم
يعرف جيشه طعم الهزيمه إطلاقاً ؛ ولم تخفض إعلام النصر طوال
حياته ..
بكل معايير التحليل العسكرى لمبادىء الحرب فى العالم القديم
تعتبر معركة " مجدو " التى خاضها "تحتمس الثالث" واحده من أعظم
المعارك فى التاريخ القديم إن لم تكن أعظمها ؛ منذ بداية تحركه
من " ثارو " حتى " مجدو " شمال فلسطين قاطعاً تلك المسافه وهى
حوالى 230ميلاً فى 21 يوماً على مرحلتين ؛ وهى سرعة تعتبر من
المعجزات بمعايير الفن العسكرى القديم ؛ حيثُ أن هذا التقدُّم
كان يلزمه توفير امدادات للجيش من مياه وطعام بسرعه تُماثل
سرعة تقدُّمه ؛ فى وقت لا تتوافر فيه معدات النقل وفى أرض
صحراوية جرداء ..
وفى المعركه وضع " نحنمس الثالث" اسمه كأعظم القاده العسكريين فى التاريخ القديم ؛ وبرزت موهبته وكفاءته وشجاعته
العاليه ؛ وانتهت باستيلاء الجيش المصرى على تلك المدينه ذات
الأهمية الإستراتيجيه الفائقه ؛ وكانت غنائم الجيش المصرى من
الكثرة بحيث أنها دوِّنت على جدران المعابد ؛ وكان منها 924 عجله
حربيَّة و2238 حصاناً ..
وصل "تحتمس الثالث" فى حملته الى شمال نهر الفرات ؛ حيث
عبره وأقام لوحه على الضفه الشرقيه منه .. كما امتد نفوذه حتى
"كوش " شمال السودان ؛ ووصلت السُّفُن المصريَّة الى بلاد "بنت"
فى الجنوب ؛ وشمل سلطان مصر بلاد "تحنو" أى ليبيا ؛ وكان
جيش مصر فى عهد "تحتمس الثالث " أقوى جيوش العالم تنظيماً
وتسليحاً ؛ كما أنشأ هذا الملك المُظفَّر اسطولاً بحرياً على أعلى
المستويات ..
ولقد استن " تحتمس الثالث" سنه دبلوماسيَّة رائعه تدل على حنكته
وبراعته السياسيه ؛ عندما كان يعفو عن أعدائه الأُمراء بعد انتصاره
عليهم ؛ بشرط أن يُقسموا له يمين الولاء والطاعة ؛ ثم يأخذ أبناءهم
ويقوم بتعليمهم وتربيتهم على العادات والثقافات المصريَّه ويسقيهم
الولاء وحُب مصر ؛ حتى إذا ماشبُّوا وعادوا الى بلادهم حكاماً خلفاً
لآبائهم كان ضامناً لولائهم ونصرتهم له ..كما أنه بذلك ساهم فى نشر
الثقافه والحضاره المصريه عن طريق هؤلاء الأُمراء الصِغار ..
ولم يقتصر نشاط هذا الملك العظيم على الفتوحات الخارجيه فقط
بل راح يُنظم الإداره الداخليه لمصر ؛ ويوطد دعائم الأمن والإستقرار
ويُشيِّد من المعابد والآثار المصريَّة ما جعل منه واحداً من أعظم
ملوك مصر كلها .....


فى الحلقه القادمة إن شاء الله سنتناول " مصر والأديان" ..
فكونوا معنا ...


 

رد مع اقتباس