عرض مشاركة واحدة
قديم 12-03-2009, 04:12 AM   #28
اسامه السيد
عضومجلس إدارة في نفساني


الصورة الرمزية اسامه السيد
اسامه السيد غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 19648
 تاريخ التسجيل :  03 2007
 أخر زيارة : 10-11-2020 (02:43 AM)
 المشاركات : 12,794 [ + ]
 التقييم :  94
لوني المفضل : Cadetblue


نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةنقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةنقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةg


من المُسَلَّم به عقلاً ونقلاً أن الإنسان مُنذُ بدء الخليقه قد تدَيَّن ..
فالدين شرعه الله لآدم أبى البشر قبل أن يأذن له بعمارة الأرض ومزاولةأسباب الخلافه فيها .. إلا أنه فى الزمن السحيق مرت بأُمم
من الناس مايُمكن أن نُطلق عليها " زمن الفترة " وهى المسافة الزمنيه
بين رسالتين سماويتين .. فى هذه الفتره كان الخلق يعيشون على آثار
الرساله السابقه ؛ والتى عادةً مايدخلها التحريف والتعديل والتبديل بفعل مرور
الزمن بمُعاصريها الأولين ؛ وبفعل الأهواء البشريه والرغبات التى تنزع للخروج
من ربقة الأوامر والتكاليف ..
هذا المُناخ تجلَّى واضحاً فى الديانه المصريَّة القديمه .. فالدارس بعُمق لها يجد
أنه بالرغم من التعدد الكبير لآلهة المصريين القدماء ؛ إلا أنهم ينقسمون الى ثلاثة
أنواع : آلهة الكون الكبرى التى تُدير هذا العالم بسمائه وأرضه وشمسه وقمره
ونجومه . وهذه الآلهه كانت " أصل تعبُّدى " لديهم ؛ تنبثق عنه الأنواع الأُخرى ..
النوع الثانى : آلهه محليَّة تخص كل مدينه وإقليم ؛ ويُعتبر الإله فى هذه الحاله
حامى المدينه أو الإقليم بتفويض من الآلهه الكونيه الكبرى ..
النوع الثالث : آلهة الدولة الرسميَّة ؛ وعادةً ماتكون عباره عن إله المدينه أو الإقليم
الذى خرجت منه الأُسره الحاكمه كالإله " حورس " والإله " بتاح " ..
ويُكمل هذا الفكر أن الملك أو الفرعون كان يُعد إلهاً تجسيدياً للإله المعنوى
الرسمى للدولة ؛ ويكون أى الفرعون مُختاراً من قِبل الآلهه الكُبرى لحكم مصر ..
ومن العقائد التى لعبت دوراً هاماً فى حياة المصريين القدماء عقيدة البعث والحياة
بعد الموت ؛ فقد آمن المصرى القديم أن الموت ماهو إلا قنطرة برزخيه يعبرها الى
الدار الآخره .. لذا نجد أن المقابر قد اشتملت على أشياء الميت الضرورية من طعام وشراب وسلاح شخصى وثياب ؛ إضافةً للأشياء الترفيهيه من حُلى وجواهر
اعتاد التزيُّن بها فى حياته الأولى ؛ كما تم الإعتناء بالجثه وتحنيطها ولفها فى
لفائف الكتَّان صوناً لها من التلف والفساد ؛ حتى إذا ماعادت الروح ( كا ) لها
وجدتها بحالة جيده يصلُح معها استئناف الحياة الأخرويه ؛ كل ذلك بإعتبار أن
الحياة الثانيه ستكون على شاكلة الحياة الأولى ...
كذلك اعتقد المصرى القديم فى الحساب على ماقدمته يداه فى دنياه ؛ وتصوَّر
ذلك واقعاً فى " محكمة أوزيريس" الذى يقوم بوضع قلب الميت بما فيه من نوايا
وأعمال فى كفة ميزان ؛ وتوضع فى الكفه الأُخرى رمز الإله " ماعت " وهو الحق
والصدق والخير والعدل والإستقامه .. فإن كان الميت شريراً بطبعه وأعماله هوت
الكفه التى بها قلبه ؛ وأُدين ؛ وهنا يتقدم الوحش " اماتيت " لإلتهام قلب هذا
المُذنب ؛ ويُعاقب بأن يُبعث الى الحياة مرة أُخرى بلا قلب ..
أما إذا كان الميت خيْراً ؛ فإنه يُكافأ بدخول " مملكة أوزريس " حيثُ يُمنح قطعه من
الأرض الخصبة التى لاتُماثل أرض الدنيا ؛ بل تنمو فيها المزروعات بدون جهد شاق
من زارعيها ؛ مُكافأةً له على إحسانه فى الدنيا .. وفى إعتقاد آخر ان الميت
الصالح يُصبح نجماً فى السماء ..
وكلها كما نرى معتقدات يُمكن " تجذيرها " سماوياً ونسبة أصولها لرساله ربانيه
مع الأخذ فى الإعتبار ما ألمَّ بها من تحريف و" تخريف " فى فروعها وجزئياتها ..


أول ثوره دينيه :
----------------


حدث أول إنقلاب فى الفكر الدينى على هذه المُعتقدات حوالى عام 1347 ق.م.
عندما تولى حكم مصر الملك " أمنتحب الرابع " حيث قاد حركه دينيه هائله ضد
كل التقاليد والموروثات ؛ ونبذ جميع تلك الآلهه ؛ ودعا الى عبادة إله واحد "رءوف
رحيم ؛ خفى لا يُرى ؛ سوى نفسه بنفسه " ورمز له بقرص الشمس ؛ وأطلق
عليه " آتون " وأسمى نفسه " إخناتون " أى عبد آتون ؛ وجعل مبادىء الدين
الجديد قائمه على الدعوه الى تحقيق العدل والمساواه والقيم الخيره ونبذ الشر
وتحريم عبادة الآلهه المتعدده الأُخرى ..
فهل كا ن " إخناتون " هذا نبياً من جملة الأنبياء الذين لم يقُص الله قصصهم
علينا فى القرآن الكريم وتم تحريف رسالته والعبث بأصول نبوَّته ؟؟!!
سؤال ليس هنا مجال الإجابه عنه ..
المهم أن كهنة الديانه السابقه القائمه على التعدد لم يرق لهم الدين الجديد ؛
والذى نزع عنهم " السلطه الزمنيَّه " التى اكتسبوها عبر العصور والتى كانت
عندهم أثمن من الحقيقه المُجرَّده ؛ فعارضوا " إخناتون " أشد المعارضه ؛ وقاوموا
دعوته ماوسعتهم المقاومه ؛ حتى إذا ما وافته المنيَّه إنقلبوا بالبلاد الى انتكاسه
شديده ؛ وأعادوا الوثنيه الى سابق عهدها الأول ...

مصر واليهوديَّه :

من المعلوم ان فدوم ابو الأنبياء ابراهيم الى مصر كان حوالى القرن 18 ق.م. ؛
وأنه أمضى فترةً من الزمن بمصر ثم غادرها ومعه جاريةً زوجته "سارَّه " وهى
المصريَّة "هاجر " والتى تزوجها فيما بعد وأنجب منها اسماعيل جد العرب كما
سيأتى ذكره ؛ وبعد مولد " اسماعيل " بنحو 14 سنه ولدت " ساره " لإبراهيم
ابنه الثانى " اسحاق " فى جنوب فلسطين حيث كان يستقر هناك ..
وأنجب " إسحاق " ولدين : " عيصو " و "يعقوب " المسمى " إسرائيل " والذى
أنجب 12 ولداً ( الأسباط ) ومنهم يوسف الذى بيع الى وزير مصر ؛ وأنعم الله
عليه بالنبوه والملك فى مصر ؛ فاستقدم أبيه " أسرائيل " وبنيه لتُصبح مصر
مُستقراً ومُقاماً لـ " بنى إسرائيل " ردحاً من الزمن يُقارب 400عاماً مُتتاليه ؛ ولدت
أجيال وماتت أُخرى حتى أظل زمن موسى بن عمران ..
وهنا نقطه نود الإشاره إليها وهى أن دخول بنى اسرائيل الى أرض مصر تزامن
مع جثوم إحتلال بغيض على صدر المصريين ؛ فنظروا الى هؤلاء الوافدين
الجدد على أنهم أتباع المستعمر وربيبته وأعوانه ؛ فبدأ الكُره والحقد الموجه الى
أُؤلئك القادمين .. وما إن أمكن للمصريين التحرر من ربقة المستعمر ؛ حتى
استداروا الى " الأعوان " وأذاقوهم النكال والعذاب لقاء تعاونهم مع الإستعمار ؛
وكان ممن بالغ فى تعذيب بنى إسرائيل " فرعون موسى " ..
هذا الفرعون اختُلف فى تحديده على وجه اليقين ؛ وإن اتجه بعض الباحثين
والمؤرخين الى أنه " رمسيس الثانى " قاهر الحيثيين ومُطهر أرض مصر منهم ..
ويوجد هنا فى المنتدى فى باب " الفضفضه " صفحة 31 بحث قيم لأختنا الفاضله
نجلاء الهاجرى حرى بالقراءه ؛ هاكم رابطه :
http://www.nafsany.cc/vb/showthread.php?t=42128
ومعلوم أن الوحى السماوى والإصطفاء الإلهى قد انزل الى موسى وهو فى رحلة
عودته من أرض مدين ؛ حيث قضى هناك زمناً خوفاً من بطش الفرعون ؛ وتيسر
لموسى فى أرض مدين الزواج من ابنة نبى الله شعيب ..
كانت الرساله الموحى بها من الحق تبارك وتعالى لكليمه موسى دعوة فرعون
وقومه الى نبذ الآلهه وعبادة الله الواحد الأحد ؛ والكف عن تعذيب بنى اسرائيل..
لكن الفرعون الذى طغى وتجبَّر أبى صلفه وعناده وغروره الإنصياع لكلمة الحق
ولم ترض نفسه بأن ينزل عن ملكه والوهيته المزعومه لقول أحد رعاياه ؛ فناصب
موسى وأتباعه العداء واستكرههم على الفرار بدينهم ليلاً الى أن وصلوا الى
بحيره جاء ذكرها فى العهد القديم باسم " بام سوف " إلا أن الفرعون وجنوده وقد
أقلقهم هرب هؤلاء قد تابعوهم حتى أدركوهم على مشارف البحيره ؛ وصار هلاك
موسى ومن معه أمراً محتوما ؛ لامفر منه ...
لكن اين الله ؟؟!!
أيرسل رسولاً ويتركه لقمه سائغه فى أفواه أعدائه ؟؟!
لقد تجلت القدره الإلهيه فى أوضح صورها بأمر الرب تبارك وتعالى لعبده وكليمه
موسى بأن يضرب البحر بعصاه فانشق وكان كالطود العظيم ؛ وأمر موسى أتباعه
بالمرور بين الماء الذى انقطعت عنه بأمر الله خاصية السيال ؛ حتى وصلوا البر
الآخر ؛ وأراد فرعون بعنجهيته وغروره الغير محسوب العواقب اقتفاء أثار
العابرين ؛ فكان أن انطبق الماء عليه وجنوده ؛ وكان هلاكه من حيث أراد النصر ..
سار موسى ومن معه جنوباً باتجاه مدين ؛ والتى تقع بين طابا ودهب حالياً حيث
كان يوجد أصهار نبى الله وعشيرة زوجته ..وفى هذه الأرض تلقى موسى من ربه
الوصايا والشرائع للدين الجديد ؛ وتلقى الأمر بدخول أرض فلسطين ؛ فتأبَّى قومه
خشية قتال العماليق الذين كانوا يحكمونها لهم ؛ فعاقبهم الله على النكوص عن
أمر نبيه " بالتيه " فى سيناء لمدة 40 سنه مات فى أثنائها موسى ثم هارون ؛ ودُفنا بها ..
وحوالى القرن 12 ق.م. دخل بنو اسرائيل أرض فلسطين بقيادة " يوشع " أحد
أصفياء موسى ؛ وبقوا فيها تحت حكم نبى الله داود الذى أسس بها دولة واتخذ
من " أورشليم " عاصمةً لها ؛ ثم خلفه ابنه نبى الله سليمان ؛ حتى هاجم ملك
بابل " بختنصَّر " مملكة أورشليم وخرَّبها وشتت شمل أهلها ؛ الذين لم يجدوا
مفراً من العوده الى مصر مرة أُخرى ؛ وكان ذلك فى القرن السابع قبل الميلاد
وبنوا مسعمرة لهم فى مدينة " الفنتين " قرب أسوان الحاليه .. وعندما بنى
اسكندر المقدونى " الأسكندريه " خصص لهم حياً يُقال انه حى الإبراهيميه
الحالى حيث توجد به أقدم مقابرهم ..كما انتشرت معابدهم فى ارجاء مصر فى
العهدالبطلمى الذى تلا الإسكندر ..
وفى عهد "كورش " ملك فارس وبابل عام 538 ق.م . سُمح لبنى اسرائيل
بالعوده الى فلسطين ؛ وأطلق عليهم الفرس أسم " اليهود " نسبةً الى يهوذا
أحد كبرائهم فى ذلك العهد ؛ كما أطلقوا على عقيدتهم " اليهوديه " ..
ومنذ ذلك التاريخ أصبحت كلمة " اليهود " تعنى من اعتنق الديانه " اليهوديه "
ولو لم يكن من بنى اسرائيل ؛ وهذا هو الفارق بين اليهودى والإسرائيلى ..
كان من بين العائدين أحد كهنة اليهود والمسمى " عيزرا " والذى بدأ فى كتابة
أجزاء من العهد القديم ؛ وكان ذلك بعد موسى بحوالى 700سنه ..
وتمت ترجمة " التوراة " بالإسكندريه الى اللغه اليونانيه أوائل القرن الثالث ق.م
على يد 70 حاخاماً وهى الترجمه المعروفه " بالسبعينيَّه " والتى تُرجمت بدورها
الى عدة لغات أُخرى ...
وهكذا ..
كانت مصر منبتاً ومنشأً ومماتاً لنبى اليهوديَّه ؛ كما نزلت بأرضها كل تعاليم وشرائع
الديانه اليهوديَّة بالكامل ..
وايضاً أصبحت مصر ملجأً لكل يهودى يلقى إضطهاداً أو تعسفاً من الوثنيين ..
وفوق ذلك ؛ أنه على بقعه طاهره مباركه من ارض مصر فى سيناء ؛ تجلَّى
الرحمن الرحيم خالق الرض والسموات لعبده وكليمه موسى بن عمران على
نبينا وعليه وعلى جميع رسل الله الصلاة والسلام ....

فى الحلقه القادمه بإذن الله نتحدث عن " مصر والمسيحيَّة "
الى اللقاء ...


 

رد مع اقتباس