عرض مشاركة واحدة
قديم 21-03-2009, 12:24 PM   #54
اسامه السيد
عضومجلس إدارة في نفساني


الصورة الرمزية اسامه السيد
اسامه السيد غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 19648
 تاريخ التسجيل :  03 2007
 أخر زيارة : 10-11-2020 (02:43 AM)
 المشاركات : 12,794 [ + ]
 التقييم :  94
لوني المفضل : Cadetblue


نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةنقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةنقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةg


نشأة الدوله الفاطميه :


كان مقتل الإمام على رضى الله عنه كما اسلفنا سبباً لإنقسام المسلمين
فريقين : فريق يُشايع علياً ؛ ويرى وجوب بقاء الخلافه فى نسله ؛ وهؤلاء
سُمُّوا بالشيعه ؛ وفريق يُناصر معاويه ؛ ويرى بقاء الخلافه له ؛ وحرمان
أبناء على منها ..
ولما كانت شوكة الفريق الثانى قويه فى تلك الآونه بتمكنهم من سُدَّة
الحُكم والخلافه ؛ فقد سعى الأولون ( سراً ) لإعادة الخلافه الى بيت على ..
ولما سقطت الدوله الأمويَّة وقامت من بعدها الدوله العباسيه استمر عمل
هؤلاء الشيعه فى الخفاء ؛ ورحل فريق منهم الى أقصى الشمال الأفريقى
بعيداً عن متناول الخليفه العباسى ؛ واستطاعوا أن ينتزعوا هذه المنطقه من
قبضته لمَّا اعترى الدوله العباسيه الوهن ؛ وأنشأوا لهم دوله أطلقوا عليها
( الدوله الفاطميه ) نسبةً الى السيده فاطمة الزهراء ابنة رسول الله صلى
الله عليه وسلَّم وزوج على بن أبى طالب ..وكان عُبيد الله الفاطمى مؤسس هذه
الدوله يدَّعى الإنتساب اليها ..
ويُعد المُعز لدين الله رابع خلفاء هذه الدوله أعظمهم شأناً ؛ وأبعدهم همةً ؛
ويُعد عصره أزهى عصور هذه الدوله ؛ تولى الخلافه سنة 953م. وكان على
جانب كبير من العلم وحُسن السياسه وبُعد النظر ..
بدأ بتوسيع أملاكُه فى شمالى افريقيا ؛وإخضاع جميع البربر لسلطانه ؛ الذى امتد
من غرب مصر الى ساحل المحيط الأطلسى ؛ شاملاً برقه وتونس والجزائر
ومُراكش وكثير من جزر البحر المتوسط مثل صقليَّه وسردينيا ومالطه ؛ وأنشأ
المدن الكبرى كالقيروان والمهديه والمنصوريه ..


الفاطميون فى مصر :

شرع المُعز فى محاولات عديده لفتح مصر ؛ إلا أن محاولاته باءت بالفشل ؛ حتى
سنحت له فرصه عندما اختلف حُكامها فيما بينهم ؛ فسيَّر إليها جيشاً قِوامه مائه
ألف جندى مُزوَّد بكامل العدد والأدوات ؛ وبالمال الوفير ؛ وجعل على رأسه أكبر
قواده "جوهر الصِّقلى " وحفر الآبار على طول الطريق حتى الحدود المصريه
الغربيه ؛ وبنى الإستراحات اللازمه لجنوده ..
وصل جوهر بجيشه هذا الى حدود مصر أوائل عام 969م. فاجتازها ؛ واستمر فى
طريقه دون مقاومه حتى بلغ الفسطاط ؛ فأخلى له الجنود الطريق ؛ واستقبله
السكان بالبشر والترحاب ؛ آملين أن يُخلصهم من الفوضى التى كانت منتشره فى
البلاد بسبب تنازُع الحكام كما أسلفنا ..


القاهره :


ومُنذ أول يوم ؛ شرع القائد جوهر فى بناء مدينه جديده له ؛ اختار لها موقعاًَ
شمال شرق الفسطاط ؛ وأسماها المنصوريه فى بادىء الأمر ثم تحولت الى
القاهره تيمُناً بمرور كوكب القاهر ( المريخ ) وقت وضع حجر أساسها كما قيل ..
ثم شرع جوهر فى بناء قصر فخم للمعز يكون بمثابة قلعه عظيمه ؛ يتكوَّن من
بناءين : أحدهما يسمى القصر الشرقى الكبير ويُخصص لإقامة المعز وأهله ؛
والغربى ويُسمى بالقصر الغربى الصغير لإجتماعه بحاشيته وجنوده ووزرائه ؛
ويفصل بينهما ميدان بين القصرين ( الموجود حتى الآن بالنحاسين) يتسع لعشرة
آلف جندى .. وزيَّن جوهر قصر المعز بأبهى زينه وحلاَّه بأفخر التحف وأندرها ..


الأزهر الشريف :


ثم شرع عام971م. فى بناء الجامع الأزهر ( نسبةً الى الزهراء ) والذى قُصِد من
إنشائه بادىء الأمر إقامة الصلوات طبعاً ثم تدريس الفقه على المذهب الشيعى
إلا أنه تحول بمرور الأيام الى جامعه إسلاميه عالميه ؛ دُرِّست بين جنباتها أصول
وفروع الشريعه الإسلاميه وفق المذاهب جميعها ؛ وخاصةً المذاهب الفقهيه
الأربعه الشهيره ؛ ووفد إليها طًلاب العلم من جميع أنحاء العالم ؛ وتخرَّج منها
حملة مشاعل النور والعلم ؛ وانساحوا فى كافة الأرجاء ينشرون شريعة
الإسلام السمحه الغرَّاء ؛ بلا تعصُّب ولا تحَيُّز ولا طائفيه ؛ بل نشروا علما غضاً
نقياً نهل منه العالم الإسلامى خاصةً ؛ والدنيا بأسرها عامةً ؛ وخرج من أروقة
الجامعه الأزهريَّة قُراء القرآن الكريم الذين برعوا فى التلاوه بطريقه جذبت غير
المسلمين لسماع آيات الذكر الحكيم ؛ وكانت علامة بارزه لقُرَّاء مصر بين سائر
حملة كتاب الله أجمعين ..والى الأزهر يرجع الفضل فى الحفاظ على اللغه العربيه فى مصرنا الحبيبه فى عصور الظلام والجهل التى مررنا بها والتى
سيأتى ذكرها لاحقاً بإذن الله ..


المُعز لدين الله الفاطمى فى مصر :

بعد أن أتم جوهر تنظيم شؤون البلاد أرسل الى سيده المُعز يطلب قدومه الى
مصر فدخلها هذا الأخير عام973م. مُصطحباً معه أهله وعشيرته ؛ وجثث
أسلافه !!ووصل الى الإسكندريه ومنها الى القاهره ؛ حيث استقبله قائده
استقبالاُ فخماً ؛ ونزل فى قصره العظيم ..
ولما استقر فى ملكه الجديد علم أن الناس يشكون فى صحة نسبه وإنتمائه
الى على بن أبى طالب والسيده فاطمه ؛ فجمع العلماء وزعماء البلاد ؛ وأخرج
لهم سيفه ووضعه قائلاً : هذا نسبى ..ثم نثر فوقه الذهب وقال : وهذا حسبى!!
فهابه الناس ؛ ولم يجسر أحد على مراجعته ..
ثم شرع فى الإهتمام - كشأن الحُكام جميعاً- بالشؤون الداخليه ؛ فأصلح الرى
وأنشأ إداره له جعل عليها أمهر المهندسين ؛وشجَّع العلماء ؛ فقامت فى عصره
نهضه علميه كبيره ؛ واهتم بالإنشاءات العظيمه والمبانى الفخمه والمساجد
السامقه ؛ كما قامت فى عصره الكثير من الصناعات فى القاهره والمدن الأُخرى
مثل صناعات المنسوجات بإختلاف أنواعها ؛ والخزف ؛ والزجاج ؛ كما ضرب نقوداً
باسمه ..
ولكى يُثبِّت المعز مركز الفاطميين فى مصر ويأمن من الإغارات المجاوره قام
بإخضاع بلاد النوبه فى الجنوب ؛ وبلاد الشام فى الشرق لسلطانه ؛ كما ضم مكه
والمدينه الى مصر ..
وكان المعز يُشارك فعلياً فى إدارة شؤون البلاد ؛ وإليه ينُسب إحياء عادات مصريه
قديمه مثل الإحتفال بوفاء النيل ؛ كما أنه أدخل إحتفالات أُخرى مثل الإحتفال
بالمولد النبوى الشريف وبليلة عاشوراء ورأس السنه الهجريه ..
ولم تطل إقامته بمصر ؛ إذ توفى بعد ثلاث سنوات من قدومه اليها وعمره 45 عاماً


صلاح الدين الأيوبى :

أخذت الدوله الفاطميه بعد المعز لدين الله فى الضعف والإضمحلال ؛واستبد
الوزراء بالحكم ؛ فاستنجد المستنصر ( أحد خلفاء المعز ) ببدر الجمالى حاكم عكا ؛ فحضر بجيشه ؛ وأعاد الأمن الى البلاد ؛ وحصَّن القاهره وبنى بها ثلاثة أبواب
عظيمه هى أبواب : الفتوح والنصر وزويله والتى لاتزال آثارها حتى اليوم ..
لكن الفوضى عادت من جديد فى عهد العاضد ( آخر الخلفاء الفاطميين ) وتنازع
اثنان من الوزراء على الحكم هما : " شاور " و"ضرغام " وسعى كل واحد منهما
للإنتصار على صاحبه بالإستعانه بقوه خارجيه ؛ فاستعان "شاور " بنور الدين حاكم
حلب فى الشام ؛ بينما استعان "صرغام " بالصليبيين فى بيت المقدس ..
فأرسل نور الدين أكبر قواده " أسد الدين شيركوه "وابن أخيه " صلاح الدين "
وقامت بمصر حروب انتهت بقتل شاور وضرغام ؛ وتمكن صلاح الدين من الإستيلاء
على مصر لنفسه ؛ وأنشأ فيها ( الدوله الأيوبيه )
وصلاح الدين تكريتى الأصل ( بلده بالعراق ) وكان أبوه نجم الدين أيوب ضابطا بقلعة تكريت ؛ ربى ابنه صلاح الدين تربيه عسكريه ؛ فتعلم فنون القتال ؛ واشتهر
بالبساله والشجاعه وعلو النفس ..


الدوله الأيوبيه :

ولما خلف عمه أسد الدين شيركوه بعد وفاته فى الوزاره من قِبل العاضد ؛حقد
عليه رجال القصر ؛ وقامت حاشية الخليفه ضده ؛ نظراً لصغر سنه ؛إلا انه
استطاع بحسن سياسته الإنتصار عليهم ؛وقام بعزلهم ؛ واستقدم أهله واقاربه
وعينهم فى مناصبهم ليضمن وفاءهم واخلاصهم له ؛فاشتدت بهم قوته ؛ وشرع
يستميل قلوب المصريين نحوه ؛ ويُحسن معاملتهم ؛ ويستقوى بهم ؛ ولما رأى
المصريون فيه القدره على إصلاح أحوالهم وتنظيم بلادهم انضموا اليه وشجَّعوه..
ولما خلا له الجو ؛ أراد أن يستقل بمصر ؛ فجعل يأخذ السلطه من يد العاضد
شيئاً فشيئاً ؛ الى أن توفى العاضد ؛ فدانت له البلاد ؛ وتحققت رغبته ؛ وصار له
ولنسله من بعده حكم مصر ..


أعماله وحروبه :

بدأ صلاح الدين بتحصين بلاده ضد المُغيرين ؛ فأنشأ سوراً يُحيط بالقاهر وضواحيها
وشيَّد على جبل المُقَطَّم قلعه كبيره تحميها ؛ ثم ارسل الجيوش لإخضاع الأُمم
المُحيطه به ؛ ففتح بلاد العرب ؛ وشمالى افريقيه والشام حتى وصل أعالى نهر
الفرات ..
وبعد توليه الحكم بقليل هاجم الصليبيون مصر ؛ وحاصروا دمياط ؛فأسرع اليهم
وصد هجماتهم ؛ حتى ألجأهم الى الجلاء والعوده الى إمارتهم التى أنشأوها فى
بيت المقدس ..
إلا أنه ؛ وبعد تحصينه للقاهره ؛ لم يكتفِ بإجلاء الصليبيين المٌغيرين على الأراضى
المصريَّه ؛ بل شرع يهاجمهم فى الشام ؛ وحدثت بينهم معارك عديده انتهت بعقد
هُدنه بين الطرفين سنة 1180م. لكنهم خرقوا شروطها وانتهكوها فحمل عليهم
حملة شديده ؛ وهزمهم فى موقعة حطين ؛ رحلوا بعدها عن بيت المقدس ..

وسنأتى بإذن الله بذكر حقيقة الحروب الصليبيه ؛ وإغارات القبائل التتريه ؛ والدور
المصرى الكبير فى صد هؤلاء وأؤلئك بشىء من التفصيل عقب انتهاء الحديث عن دولة المماليك؛ وقبل الإنتقال الى الخلافه العثمانيه ..

ورغم أن فترة حكم صلاح الدين كانت ملأى بالحروب ؛ تارة مع الصليبيين ؛ وتارةً
مع أُمراء الشام ؛ إلا أنه لم يٌهمل الإصلاحات الداخليه ؛فاعتنى بالزراعه ؛ وأنشأ
الترع والمصارف ؛ وأقام الجسور ؛ ونظَّم الضرائب تنظيماً عادلاً ؛ وعُنى بالتعليم
فأدخل لأول مره نظام المدارس بمصر ؛ ونشر السلام والطمأنينه فى أرجائها ؛
فطاب العيش ؛ وانتشر الرخاء وحلت مصر فى مقدمة الأُمم الإسلاميه ؛ واحترمتها
الدول الأوربيه ؛ وامتد نفوذ صلاح الدين من أعالى الفرات حتى جنوب النوبه ؛ إلا
أن كثرة الحروب المتواصله أضعفت قواه ؛ فساءت صحته ؛ حتى توفى بدمشق
عام1193 من الميلاد ..


فى الحلقه المقبله سيكون حديثنا عن "دولة المماليك " ثم نُفصِّل ماأجملناه
عن الحروب الصليبيه ..
فكونوا معنا ...


 

رد مع اقتباس