عرض مشاركة واحدة
قديم 24-03-2009, 12:40 AM   #55
اسامه السيد
عضومجلس إدارة في نفساني


الصورة الرمزية اسامه السيد
اسامه السيد غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 19648
 تاريخ التسجيل :  03 2007
 أخر زيارة : 10-11-2020 (02:43 AM)
 المشاركات : 12,794 [ + ]
 التقييم :  94
لوني المفضل : Cadetblue


نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةنقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةنقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةg


الملكه شجرة الدُّر :

كان صلاح الدين الأيوبى يستعين بالمماليك ؛ يشتريهم من بلاد التركستان فى آسيا ؛ ويستخدمهم فى جيشه ؛ ويختار من بينهم من يصلُح للقيام بالأعمال الهامه .. وقد سلك مسلكه خلفاؤه من بعده ؛ وبخاصة ( الصالح نجم الدين
أيوب )الذى اشترى عدداً عظيماً منهم ؛ كانت من بينهم " شجرة الدُّر "
الأرمينية الأصل المسيحية الديانه ؛ والتى جُلبت الى مصر مع من جُلب
من العبيد ؛ فاعتنقت الإسلام وتعلمت العربيه ؛ واصطفاها الملك الصالح
زوجةً له ..
تتجلى عظمة هذه المرأة حينما اشتد المرض على الملك نجم الدين حتى
وافته المنيَّة فى قلعة المنصوره ؛وفقدت مصر سلطانها فى ساعة شدَّة
وكرب ؛ إذ أن الحملة الصليبيه السابعة كانت إذ ذاك بقيادةلويس التاسع
ملك فرنسا قد أغراها ضعف خلفاء صلاح الدين فعاودت مهاجمة مصر ؛
وقامت بالتمركُز فى دمياط ..
هنا سارعت شجرة الدر بإخفاء موت الملك ؛ وأرسلت سراً الى ابنه توران
شاه تدعوه لسرعة الحضور لتولى عرش مصر وقيادة الجيش المصرى فى
حربه ضد الصليبيين .. وفى نفس الوقت وضعت جثة زوجها فى صندوق كبير ؛
وخرجت ليلاً من قلعة المنصوره فى مركب شراعى فى النيل ؛ حيث وصلت الى قلعة الروضه ؛ وقامت بدفن زوجها هناك ( نقل بعد ذلك بمدة الى ضريحه
الحالى بجوار المدرسة الصالحيه بالقاهرة ) ثم عادت ثانيةً الى قلعة المنصوره
؛ ورتبت الأمور بحيث يُظن أن الملك مازال حياً لكنه مريض ومُعتكف فى
فراشة ويُدير شؤون الدوله منه ؛ ولم يعلم بهذا الأمر إلا ثلاثه فقط منهم الأمير
فخر الدين قائد الجيش ..ثم راحت تُدير إعمال وشؤون الدوله من ورا الستار
باسم الملك ؛واستمرت فى ذلك حتى عاد توران شاه بعد وفاة أبيه بثلاثة أشهر
ونودى به سلطاناً على مصر ؛ ودخل الجيش المصرى تحت لوائه فى معارك
ضاريه مع الصليبيين انتهت بهزيمه نكراء للحمله الغازيه ؛ وبأسر قائدها لويس
التاسع ولم يُطلق سراحه إلا بعد دفع فديه ضخمه بلغت 400000ديناراً ؛ لتنتهى
والى الأبد أطماع الصليبيين فى أرض مصر ؛ وليرحلوا منها الى غير رجعه ..


المٌناداه بها سلطانه :


إلا أن السلطان " توران شاه " قد تعرَّض لمكيده ولقى حتفه ؛ فاجتمع الأُمراء
والقواد وكلهم من المماليك ؛ ورأوا فى شجرة الدُّر الكفاءة والقدره على
تسيير أمور البلاد كما كانت تفعل قبل قدوم توران شاه ؛ فنصَّبوها سلطانه
على مصر إول مره فى العالم الإسلامى ؛ ونودى بها من فوق منابر المساجد ومذابح الكنائس والمعابد ؛ ودُعى لها :( واحفظ اللهم الجنَّه الصالحيَّة
ملكة المسلمين ؛ عصمة الدنيا والدين ؛ ذات الحجاب الجميل ؛ والستر الجليل
والدة المرحوم خليل ؛ زوجة الملك الصالح نجم الدين أيوب ) ..
ولما كانت الدوله الأيوبيه لم تزل تحت لواء الخلافه العباسيه ؛ وإن استقلت
بحكم مصر وماحولها ؛ فإن تولية شجرة الدُّر لم يرُق للخليفه العباسى آنذاك ؛
وأرسل مُستنكراُ الى الأُمراء : إن كانت رجالكم قد فنيت ؛ فأعلمونا حتى نرسل
لكم من لدنَّا رجلاً يسوسكم !!!
فرأت شجرة الدُّر بحكمتها أن تضع حداً لأطماع الخليفه العباسى ؛ وتقطع عليه
السبيل لإستعادة السيطره على حكم مصر ؛ فانتقت من بين أُمرائها من
توسمت فيه الضعف واللين ؛ والقدره على تسييره حسب هواها ؛ فكان "عز
الدين أيبك قائد الجيش ؛ الأمير المملوكى هو زوجها المختار ؛ وهو السلطان البارز أمام العيان ؛ أما السلطه الحقيقيَّه فكانت فى يدها هى ؛ تُعيِّن من شاءت
وتعزل من شاءت ..وبهذا كان قيام


دولة المماليك :

كما أسلفنا القول ؛ فإن صلاح الدين الأيوبى وخلفاؤه قد أسرفوا فى جلب
هؤلاء المماليك من البلاد الآسيويَّه ؛ والإستعانه بهم فى تسيير شؤون الدوله
فقويت شوكتهم بعد أن سُمح لهم بالترقى فى المناصب حتى كرسى الوزاره
وصار لكل مملوك حاشيه وأتباع ممن هم أقل منه فى " السلك الوظيفى "
وكان لعز الدين أيبك تابعاً نجيباً اسمه "قطز " كان فى بادىء أمر ه من بيت سلطنه ومُلك فى فارس قبل أن تدهمهم وتُشتت شملهم جحافل التتار وتقتل
عمه وتضطره وابنة عمه " جهاد " الى الهرب ؛ حيث وقعوا فى أيدى تجار
الرقيق الأبيض ( إذ كانت تجارة العبيد مازالت قائمه ) فباعوهما الى الأُمراء فى
مصر ؛ فاصطفى عز الدين أيبك مملوكه قطز وقربه منه لما لمس فيه من نجابة
ونبل وحصافه وشجاعه وعقل رزين ..
وكان من الأُمراء المُنافسين لعز الدين أيبك الأمير " أقطاى " الذى أوغر صدره
اختيار شجرة الدُّر لغريمه اللدود أيبك ؛ وأحنقه أن يستأثر بالسلطنه من بين
جموع امرا المماليك ؛ وهو فى نظره لايزيد عنهم شيئاً يؤهله لهذا الكرسى
العالى ؛ فاستعان بتابعه " بيبرس " وكان مملوكاً نابهاً يكاد يُماثل قطز فى القوه
والبساله إ إلا أنه لم تكن له اصول نبيله ؛ وإنما كان من عامة الشعب ومن
الطبقة الدنيا الذين كُتب عليهم الرِّق ؛ فلم تكتمل سماته بالخق الرفيع كقطز؛
ولم تسمُ روحه الى الشهامه والشرف مثله ؛ فقد أعان " استاذه " كما كانوا
ينادون أسيادهم من الأمراء على إثارة الفوضى وتحرض الناس على العصيان
مُهدداً بذلك مكانة السلطان أيبك ..
لكن أيبك لم يكن بالسذاجة التى ظنتها فيه شجرة الدُّر ؛ فقد عقد اجتماعاً للماليك فى قصره فى ظاهره للتباحُث فى امور البلاد ؛ وفى باطنه لمكيده
دبَّرها للتخلُّص من خصومه وعلى رأسهم أقطاى ؛ فقد أغرى به من قتله ورمى
برأسه المقطوع تحت أقدام أنصاره المتجمهرين خارج القلعه لنصرته ؛ فدب
الرعب فى قلوبهم ؛ واستكانوا لحكم أيبك ..


سيف الدين قظز :


لكن ذلك لم يُطفى النار المٌستكنَّة تحت الرماد ؛ إذ بنفس طريقة الكيد
والدسائس لقى أيبك مصرعه ؛ وكذا شجرة الدُّر ؛ وأصبح كرسى السلطنه
خالياً حينما دقت طبول رسل التتار أبواب مصر مهددين متوعدين ؛ فأرعب
ذلك اللأمراء بعدما سمعوا عن الفظائع التى يرتكبها هؤلاء الهمج بالبلاد التى
تُبتلى بحلولهم ؛ فسارعوا الى تنصيب " سيف الدين قطز "سلطاناً على البلاد ..
وسيأتى بسط هذا الأمر والحديث عن انتصار قطز على التتار لاحقاً ..


الظاهر بيبرس :


خلف قطز بعد مقتله " الظاهر بيبرس " الذى أشرنا له آنفاً ..فلما صار سلطاناً
على مصر عمل على تدعيم موقفه ونيل حب المماليك والمصريين جميعا له
فقلل الضرائب التى كان الناس يشكون منها ؛ وأصلح المساجد ؛ وأكثر من
إنشاء المبرات لعلاج الفقراء ؛ وأقام الجسور ؛ وحفر الترع ؛ واصلح ثغرى رشيد
والإسكندريه وأنشأ بهما منارين ؛ ثم بنى القلاع والحصون وحشد فيها الجنود
واهتم بالتعليم ؛ وأحسن معاملة امراء الشام فتمكَّن من إخضاعهم لنفوذه
وسلطانه ؛ وربط مصر بالشام بطريق البريد ..
ولما كان التتار قد قتلوا الخليفه العباسى فى بغداد ودمروا المدينه ؛ فقد دعا
بيبرس أحد أبناء الخلفاء العباسيين الى مصر ونصَّبه خليفه عباسى جديد
واستمد منه سلطات حكم مصر ؛ فازداد نفوذه تباتاً ؛ وأمن كيد منافسيه من
المماليك ..
ثم شرع يوثِّق علاقته بالأُمم المجاوره ليأمن شرهم ؛ وقام بغزو الصليبيين فى معاقلهم بالشام ؛ وأجهز على البقيَّه الباقيه من التتار ؛ فحفظ البلاد من خطرهم
ثم اتجه جنوباً الى بلاد النوبه ليوقف إغارات أهلها على جنوبى مصر ..
ومن آثاره مدرسته بجوار بين القصرين ؛ وجامعه المعروف بميدان الظاهر ؛ كما
أنه جدد الجامع الأزهر بعد أن مسته الشيخوخه بفعل السنين ..وقد استمرت حروبه الى آخر لحظه فى حياته ؛ حتى وافاه الأجل وهو عائد من آسيا حيثُ كان
يُحرب الأٌمراء هناك ..


 

رد مع اقتباس