نفساني - عرض مشاركة واحدة

25-10-2002, 03:33 AM

بحيرة الحبانية ...العراق 1984
جميل مشهد الماء وهو يتموج ..كمخلوق حي غامض
جلست على صخرة كبيرة وليس بيني وبين الامواج الا الامواج نفسها ..فجاءة سمعت بكاء..التفت حولي..رايتها فتاة في العشرينات ..تخفي وجهها بكفيها وتبكي..كانت السماء ملونه بالغروب تركت مشهدي المفضل واقتربت منها
-مرحباَ
رفعت راسها كانت ملامحها بريئة ومعذبة ..دموع حارة ..لم ترد على لابد انه خائفة..
- عفوا ..اعذريني هل استطيع المساعدة ؟
قالت بشئ من التردد:- انا طالبه وقد تهت عن زميلاتي ..اعتقد انهم غادرو وتركوني هنا !
- لا تخافي ..سنذهب ونكلم ادارة البحيرة ..ما اسمك؟
- سعاد وجدي
- وانا اسمي احمد..لا تخافي اين تسكنين:
- اسكن في بغداد
- طيب لا تقلقي ..اذا لم نجد حلا ساخذك بنفسي الى البيت ..لانني اسكن في بغداد ايضا ..
ابتسمت وكانها ارتاحت لكلامي..
وبعد ان لم نجد اسم المدرسة في قائمة المقيمين ..قررت ان اخذها بنفسي الى بيتها..اخرجت من جيبي دفتر ملاحظاتي وكتبت عنوانها ..بغداد شارع الزهور ...لخ
واخذنا سيارة اجرة ..وفي الطريق ..وبينما السيارة واقفه على الاشارة الحمراء..بدات سعاد بالبكاء من جديد..
- لماذا البكاء؟
- قريب من هنا توجد مقبرة..مدفون فيها اخي..لم ازره من زمن طويل ..
- لكنه الليل ..
- اعرف القبر جيدا ..هل من الممكن ان ازوره مجرد دقائق ..ارجوك..ارجوك
سكت ..وقد وافق السائق ..ونزلت وهي سعيدة ..عند باب المقبرة وبينما الظلام خافت وكئيب شاهدتها تركض..ركضت خلفها ..لكنني فقدتها ..وتاخرت كثيرا..سالت حارس المقبرة ..قال لا يوجد احد هنا لقد مشطت المقبرة وهي صغيرة كما ترى ..احترت وتعبت ..رجعت الى السائق وفي راسي ازيز حاد ..
في البيت لم انم ما سر هذه الفتاة..وبينما انا ساهم اذا بنظري يقع على قميص
وتذكرت العنوان الذي اعطتني اياه..
وفي اليوم التالي..وقفت اطرق الباب , واذا بشاب في العشرينات من عمره يفتح لي الباب مرحبا :
- السلام عليكم ..اخلا لا تواخذني هل هذا بيت سعاد وجدي؟
- نعم انا اخوها محمد ..تفضل بالدخول يبدو عليك التعب ..
دخلت البيت..وبعد ان شربت ماء باردا : قلت :
- في الحقيقة لا اعرف من اين ابدا ..ولكنني جئت فقط كي اطمئن على الاخت سعاد ..هل وصلت بالسلامة ؟
حدق فيء..باستغراب ..وابتسامه غبية على محياه
- هل اخطئت في شئ ؟
- لا يا اخي ولكنك تاخرت اربع سنوات ..فاختي رحمها الله توفيت منذ اربع سنين!
صرخت في وجهه:- ماذا تقول ؟ لقد كانت معي بالامس ..و...و..
ثم نظرت حولي ورايت صورتها على المنظدة الجانبية..انها هي ..كما كانت بالامس..تعب محمد مني ..: طيب ساخذك الى قبرها لكي تتاكد انه ميته ومدفونه هناك؟
ذهبت انا ومحمد الى نفس المقبرة ..وامام احد القبور ..وقف امامي وقراء الفاتحة على روحها ..بينما وقفت كالابكم ..لا اعرف شيئا ..
قال :- هل تاكدت ؟
لم ارد ..كنت مصمم ان نحفر القبر كي اتاكد..لكنه رفض ذلك ..وتركني وحدي امام القبر..ورايت الحارس..وببعض النقود اقتنع ان ينبش القبر..
وتم كل شئ..ولم نجد ميت ..
كان مجرد قبر فارغ..
..............................................انته ت.............................

المصدر: نفساني