نفساني - عرض مشاركة واحدة

27-10-2002, 12:07 PM

أخي الكريم ابن الكريم
أهلا بك مرة أخرى و مرحبا بتواصلك الرائع

المثالان اللذان ضربتهما سليمان .. صحيحان ، منطقيان بالفعل .

إليك تعليقي :

أولاً : الموقف في مثاليكَ .. هو نوع واحد أو شكل واحد .. من أشكال عديدة للمواقف الاجتماعية .

و لا يخفى عليك أخي الفاضل ان هناك رهاب اسمه ( رهاب الساحات ) .. و صاحبه يخاف الاماكن الفسيحة كالمجمعات التجارية مثلاً .. يشعر فيها بالتوتر ..

الشاب ( أحمد ) قاوم توتره حتى وصل الى المجمع التجاري .. و تجاوز البوابة و استمر يقاوم و يقاوم حتى شعر بانخفاض توتره ..
هذا يعتمد على السبب الذي من أجله يتوتر أحمد .. و الذي بمجرد زواله زال التوتر

هذا السبب ما هو ؟

ليس بالضرورة أن يعرف .. و قد لا يريد أن يعرف ( أحمد ) ذاك السبب ..
فهو قد زال توتره .. و بالطبع لا يرغب في التفكير به مجدداً ..

حسناً .. معه حق أحمد في ذلك .. لسنا نلومه .. و لكن !

تخيل أخي الكريم ( قيس ) لو ان كل شخص مثل أحمد يزول توتره و يفضل أن ينساه تماما و لا يتذكره أبدا .. فلن يتقدم علم النفس اذن خطوة واحدة أبداً !

لو جلس أحمد يتذكر و يحاول أن يفتش عن السبب و أخذ يكتب تجربته مع ذاك الرهاب .. فإن تجربة كتجربته تلك هي المَعين الذي يستقي منه علماء النفس أفكارهم و التي على أساسها يضعون فرضياتهم .

- - -

لا يخفى عليك .. إن النفس ليست جسما ماديا تستطيع وضعه على مائدة التشريح و تُعمل فيه مشرطك لتتعرف أسراره ، لا سبيل - على الأقل حالياً - لحل ألغازها .. الا بالاستماع الى ما تبوح به هذه النفس .

- - -

أغلب المواضيع التي يكتبها الأطباء عن هذا الرهاب أو ذاك .. لا تشفي الغليل .. و غالبا هي تطيل شرح الأعراض المرضية لكنها توجز في الحديث عن العلاج ..

المواضيع أو بمعنى أدق التجارب التي يكتبها أصحاب المرض .. قد لا تختلف كثيرا عن ذلك السيناريو لكنها على الأقل تصف الأعراض بطريقة أخرى ..

أنا لا يهمني معرفة التغيرات الكيميائية التي تحدث داخل دماغي بقدر ما تهمني الأسباب و الظروف التي صنعت هذه التغيرات ..

لذا أخي الكريم ان القراءة في هذا المجال لها فائدة أكثر من مجرد ( انخفاض التوتر اللحظي ) ..
فلن تتعالج بالطريقة السليمة من مرضك الا عندما تعرف جيدا ما هو ذلك المرض ..

و معرفة ما هو ذلك المرض تحديدا ليست بالعملية السهلة ..

اسأل أي طبيب .. ما هي أصعب خطوة تواجهه ..

سيجيبك .. إنها ( التشخيص ) .

- - -

من غير المعقول أن تعالج جميع حالات الرهاب الاجتماعي بنفس الطريقة بنفس الدواء .. هذا أمر غير منطقي و أرفضه تماما !

صحيح إنهم يشتركون في أمر واحد و هو المنبه ..
فالمنبه لمخاوفهم هو ( الأشخاص ) لكن مخاوفهم تلك ليست واحدة .

- - -

( رهاب الساحات ) هو أكثر تحديدا من ( الرهاب الاجتماعي )

لأنك في النوع الأول تخشى الأماكن الفسيحة أما في النوع الثاني فأنت تخشى الناس ..

لا يهم أين يكونوا هؤلاء الناس .. في مكان متسع .. في مكان ضيق .. مقفل .. مفتوح .. مرتفع .. منخفض ... لا يهم .

و مرة أخرى ليس ( الناس ) لذاتهم هم من نخشاهم و انما لأنهم المنبه الذي يثير في نفوسنا مخاوف مجهولة .. لها أعراض مرضية شديدة .

كذلك كما ان الشابان فيصل و أحمد ليس ( المكان ) لذاته هو ما يخشونه و انما لما يثيره في نفوسهم ذاك المكان من مخاوف مجهولة .. لها أعراض مرضية شديدة .

- - -

في الرهاب الاجتماعي لا نتحدث عن < أماكن > , و انما عن < أشخاص >

- - -

أخيراً أخي الكريم .. لا تظلم الشاب ( فيصل ) ..
فهو ليس جبانا أو ضعيفا أو غير قادر على المواجهة

لا أبدا ..

و انما .. ( المواجهة ) ليست خطوة واحدة .. بل خطوات أو مراحل .. تنتقل من احداها الى الأخرى بانسجام .. دون أن تشعر .. الى أن تصل الى المرحلة الأخيرة و التي يعقبها انخفاض مستوى التوتر ..

الآن ..

المشكلة التي تعترض طريق بعض المرضى النفسيين - و أنا منهم - هي أنهم يعلقون في احدى تلك المراحل ..

الآن ..

وظيفة الطبيب أو الأخصائي النفسي كما أتخيلها هي أنه يساعدني لتحديد ذلك السبب الذي يعرقلني و يوقفني في تلك المرحلة بالذات دون غيرها ..

لا أن يثني على أولئك الذين تتم عملية المواجهة عندهم بسلاسة و انسجام ..!

لا أن يُسمعني نصائح عامة و عبارات تشجيع و مواساة !

و الا فإن قراءة تجارب و مواضيع عن الرهاب الاجتماعي أفضل اذ على الأقل تساعدني لتحديد السبب الذي من أجله تعرقلت و علقت في تلك المرحلة .

- - -

أرجو أن يكون وصلك ما أعنيه أخي الكريم ..

أنتظر مداخلتك
و لك أجزَل الشكر على تواصلك
تقبل أطيب التحايا .