عرض مشاركة واحدة
قديم 15-05-2009, 07:06 AM   #2
ينظرون
عضو جديد


الصورة الرمزية ينظرون
ينظرون غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 27755
 تاريخ التسجيل :  05 2009
 أخر زيارة : 19-05-2009 (06:13 PM)
 المشاركات : 8 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue


اقترحت على نفسي أن أزيد من الطاعة وأقتحم عالم العبوديّة وأزاحم الصالحين لعلني أجد تحسنا أكبر. فأوّل ما بدأت في هذه المرحلة المتقدمة هو تحطيم جميع ما أملك من أشرطة الغناء ، فخضت معركة شرسة مع الشيطان الرجيم استطعت ان أتغلب فيها عليه ، فأتلفت جميع الأشرطة وحذفت جميع المواد الصوتية من جهازي. وهنا وصلت إلى نقطة تحول كبيرة ، فقد اكتشفت أنّ الغناء واللهو كان سببا كبيرا في رهابي ، فقد فحالتي تحسنت حالتي بنسبة 50% والمفاجئ يا أحبابي أنّني وجدت هدايا عظيمه من الله سبحانه وتعالى , بمعنى أن ما حصلت عليه بسبب تركي للمعاصي وتقرّبي من الله ليس زوال الرهاب فقط ، بل حصلت على أشياء عظيمه جدا جعلتني أشعر بحسافة وحسرة وألم وندم شديد على ماضاع من عمري الماضي. وفي نفس الوقت جعلني أشعر بعطف وشفقة ورحمة على أهل المعاصي الذين كنت واحدا منهم. رأيت الكنوز العظيمة في البكور الى المسجد ، وذقت حلاوة تدبّر القران ، وشاهدت جمال مراقبة الله وبر الوالدين والصدقة والاحسان.
لقد سمعت كثرا من العلماء والمشايخ والوعّاظ يقولون بأنّ القرب من الله مفتاح السعادة ، ولكني أفسّر ذلك بأنّه وهم ، فإذا أقنع الإنسان نفسه بشيء حصل عليه ، بل لو أقتنع بأن الحجر ينفع وأكله لانتفع به ، وكان كلامهم هذا بالنسبة لي مجرد دعاية وتسويق للالتزام لا أقل ولا أكثر.
الاستقامة من وجهة نظري تمرّ بثلاث مراحل: البداية وهي سهلة نوعا ما ، ثمّ الطريق وهو الذي يجب أن تشدّ الحزام فيه وتعزم على قطعه رغم طوله وكثرة عقباته ، ثم الوصول وهناك النعيم والراحة وجنّة الدنيا التي من لم يدخلها لم يدخل جنة الآخرة كما قال شيخ الإسلام. وللاستزادة حول هذه المدارج والمسالك التي يتدرّج فيها العبّاد أنصحكم بقراءة ( مدارج السالكين ) لابن القيم.
ليس من سمع كمن رأى ، عندما جربت بنفسي ووصلت إلى تلك المرحلة أعني درجة الوصول وجدت أمرا آخر. فلم اجد ذلك الوهم و الملل ولم اجد القهر والتزمّت والتشدد الذي كان أوّل ما بتيادر إلى ذهني عند رؤية الملتحي أو الإمام والشيخ. بل إنني ازددت يقينا بأنّ هذه هي الحياة الحقيقية وأنّ هناك درجات أعلى وأكبر يجب على مجاهدة نفسي للوصول إليها إذا ما أردت مزيدا من النعيم والأنس والراحة والطمأنينة. فبدأت بفعل الطاعات واحدة تلو الأخرى والابتعاد عن السيّئات والذنوب وحتى المتشابه الذي فيه خلاف وبعض من فضول المباحات. وكلما وصلت الى درجة من الايمان والتقوى وجدت الكنوز والهبات والكرامات والسعادة التي لن يفهمها الا من عاشها. وهنا يجب أن أنبّهكم بأنّ هذه الاستقامة يجب أن تكون وفق السنّة ، فعليك أن تلاحظ الإخلاص والمتابعة. تخلص عملك لله وتتبع سنّة نبيك عليه الصلاة والسلام.
جاهدت نفسي في قيام الليل بركعيتن خفيفتين في بداية الأمر حتى صرت أقوم زيادة على الساعة ، وهناك حصلت لي العجائب ، وانكشفت لي الأمور ، ورأيت ما لم يره إلا القليل القليل ، فيا خسارة المحرومين ويا ضيعة الغافلين!!. ويعلم الله أنّني لا ابالغ ولا أتكلّف ولا أتصنّع فيي كلمة قلتها ولكن من جرّب عرف.
أعلم أنّك ستسأل عن العجائب؟ فأقول لك: إنّ بعضها قد يعجز لساني عن وصفه ، فكيف تريدني أن أصف لك حال نشوة وفرحة وأنس في جوف الليل مع رب العالمين!!. إنّه شعور سماوي روحاني لا علاقة لها بالأرض والمادّة.
والله الذي لا إله الا هو أنّه لا يتسقيم لي يوم ولا يهنأ لي أكل ولا يطيب لي عيش اذا فقدت قيام ليلة واحدة. وأما لو تركت صلاة جماعة - ولو عن غير تعمّد - فمصيبة عظيمة حصلت لي بسبب ذنب.
بدأت أبحث عن سنة النبي عليه الصلاة والسلام بلهفة وشوق فقصّرت ثوبي ، واعفيت لحيتي , وبدأت أكثر من صوم التطوّع , والصلاة على الجنائز , وصلة الرحم ، وتركت الرفقه السيّئة ، والغيبه والخوض فيما لايعنيني ، على الرغم مما حصلي لي قبل ذلك وبعده من شياطين الانس والجن ، ولكنني كنت أطلب من الله المعونة والتوفيق مع الإخلاص وأجد ذلك ولله الحمد.
من ضمن هذه الهبات والكرامات ما يتعلق بالرهاب الاجتماعي. والله الذي فطر السماء بغير عمد لولا أنني قد عانيت أشد المعاناة من هذا المرض وما صاحبه من وسواس قهري ، لقطعتت يقينا بأنّه لا يوجد مرض بهذه المواصفات على كوكب الأرض. لقد نسيته تماما وامتسح من ذاكرتي وكأنني ولدت من جديد ، لقد ذهب وولّى إلى غير رجعة ، بل إنّني لا أستطيع تصوّر نفسي بهذا المرض.
أصحبت رجلا مهيبا ذو كلمة مسموعة ، لمست من أقراني أنهم يحبّون كلامي أكثر من غيري. صرت فصيح اللسان طليق الكلمة بليغ الخطاب ، أشعر بأنني أستيطع أن اقنع الشخص الذي أمامي ، وإذا أردت وصف شيء أو إضحاك أحد أجدني قادرا على فعله بأكمل وأتم ما يمكن ، و في بعض الأحيان أرى أنني أسيطر على أي شخص امامي بشكل سريع مهما كانت مرتبته. زد على ذلك أنني أحيانا أفتعل الخجل حتى لا يشعر الذي أمامي بأنني جبار أومتكبّر ، ولكي أتيح له المجال بأن يأخذ ويعطي معي سيّما إذا كان والدي او رجل ذو مكانة عندي.
بدأ أهلي ومجتمعي وأقاربي وزملائي يتعجبون من تغير شخصيتي هذا التغيّر التام والمدهش والمذهل، أشعر أنهم يتساءلون مالذي حصل لي؟ الشخص الخجول بالأمس أصبح البشوش الفصيح الطليق اليوم. وليتهم يعلمون أن سرّ ذلك هو القرب من الله.
أنا الآن لدي أسرة وأطفال وبيت ووظيفة مرموقة ولله الحمد. أتصدّر المجالس وأتكلّم أمام جمع من الناس ، وأحيانا ألقي موعظة في مسجد ، وإن رأيت منكرا أنكرت على فاعله بالمعروف وهكذا.
وأخيرا أصبحت الرجل المهيب ذو الشخصية الحاضرة المؤثرة في مجتمعي وبدون طبيب او دواء دنيوي ، وأنشغل الآن بمجاهدة نفسي على البقاء والاستزادة من الخير. فكلما رأيت في نفسي تقصير وتفريط لحقوق الله وجدته في نفسي وعملي وأهلي ، فيحثّني ذلك على مراجعة علاقتي بالله. أسأل الله أن يهديني وإياكم لكل خير ويثبنا على طاعته.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد.


 

رد مع اقتباس