15-05-2009, 07:17 PM
|
#185
|
الزوار
بيانات اضافيه [
+
]
|
رقم العضوية :
|
أخر زيارة : 01-01-1970 (03:00 AM)
|
المشاركات :
n/a [
+
] |
|
لوني المفضل : Cadetblue
|
|
الليلة الثانية والستين بعد المئة
قالت شهرزاد :
بلغني أيها الملك السعيد أن العجوز قامت وتركت تاج الملوك على النار وتوجهت إلى السيدة دنيا فرأتها متغيرة اللون من غيظها بمكتوب تاج الملوك فناولتها الكتاب فازدادت غيظاً ، وقالت للعجوز :
أما قلت لك أنه يطمع فينا ?
فقالت لها :
وأي شيء من هذا الكتاب حتى يطمع فيك ?
فقالت لها السيدة دنيا :
اذهبي إليه وقولي له إن راسلتها بعد ذلك ضربت عنقك .
فقالت لها العجوز :
اكتبي له هذا الكلام في مكتوب وأنا آخذ المكتوب معي لأجل أن يزداد خوفاً .
فأخذت ورقة وكتبت فيها هذه الأبيات :
أيا غافلاً عن حادثـا الـطـوارق ........ وليس إلى نيل الوصال بسـابـق
أتزعم يا مغرور أن تدرك السهـا ........ وما أنت للبدر المنير بـلا حـق
فكيف ترجينا وتأمـل وصـلـنـا ........ لتحظى بضم للقدود الـرواشـق
فدع عنك هذا القصد خيفة سطوتي ........ بيوم عبوس فيه شيب المـفـارق
ثم طوت الكتاب وناولته للعجوز فأخذته وانطلقت به إلى تاج الملوك فلما رآها قام على قدميه وقال :
لا أعدمني الله بركة قدومك .
فقالت له العجوز :
خذ جواب مكتوبك .
فأخذ الورقة وقرأها وبكى بكاء شديداً ، وقال :
إني أشتهي من يقتلني الآن فإن القتل أهون علي من هذا الأمر الذي أنا فيه .
ثم أخذ دواة وقلماً وقرطاس وكتب مكتوباً ورقم هذين البيتين :
فيا منيتي لا تبتغي الهجر والجفـا ........ فإني محب في المحبة غـارق
ولا تحسبيني في الحياة مع الجفا ........ فروحي من بعد الأحبة طالـق
ثم طوى الكتاب وأعطاه للعجوز وقال لها :
قد أتعبتك بدون فائدة .
وأمر عزيز أن يدفع لها ألف دينار وقال لها :
يا أمي إن هذه الورقة لا بد أن يعقبها كمال الاتصال أو كمال الانفصال .
فقالت له :
يا ولدي والله ما أشتهي لك إلا الخير ومرادي أن تكون عندك فإنك أنت القمر صاحب الأنوار الساطعة وهي الشمس الطالعة وإن لم أجمع بينكما فليس في حياتي فائدة وأنا قد قطعت عمري في المكر والخداع حتى بلغت التسعين من الأعوام فكيف أعجز عن الجمع بين اثنين في الحرام .
ثم ودعته وطيبت قلبه وانصرفت ولم تزل تمشي حتى دخلت السيدة دنيا وقد أخفت الورقة في شعرها .
فلما جلست عندها حكت رأسها وقالت :
يا سيدتي عساك أن تفلي شوشتي فإن لي زماناً ما دخلت الحمام .
فكشفت السيدة دنيا عن مرفقيها وحلت شعر العجوز وصارت تفلي شوشتها فسقطت الورقة من رأسها فرأتها السيدة دنيا فقالت :
ما هذه الورقة ?
فقالت :
كأني قعدت على دكان التاجر فتعلقت معي هذه الورقة هاتيها حتى أوديها له .
ففتحتها السيدة دنيا وقرأتها وفهمت ما فيها فاغتاظت غيظاً شديداً وقالت :
كل الذي جرى لي من تحت رأس هذه العجوز النحس .
فصاحت على الجواري والخدم وقالت :
أمسكوا هذه العجوز الماكرة واضربوها بنعالكم .
فنزلوا عليها ضرباً بالنعال حتى غشي عليها .
فلما أفاقت قالت لها :
والله يا عجوز السوء لولا خوفي من الله تعالى لقتلتك .
ثم قالت لهم :
أعيدوا الضرب .
فضربوها حتى غشي عليها ثم أمرتهم أن يجروها ويرموها خارج الباب فسحبوها على وجهها ورموها قدام الباب .
فلما أفاقت قامت تمشي وتقعد حتى وصلت إلى منزلها وصبرت إلى الصباح ثم قامت وتمشت حتى أتت إلى تاج الملوك وأخبرته بجميع ما جرى لها ، فصعب عليه ذلك وقال لها :
يعز علي يا أمي ما جرى لك ولكن كل شيء بقضاء وقدر .
فقالت له :
طب نفساً وقر عيناً فإني لا أزال أسعى حتى أجمع بينك وبينها وأوصلك إلى هذه العاهرة التي أحرقتني بالضرب .
فقال لها تاج الملوك :
أخبريني ما سبب بغضها للرجال ?
فقالت :
إنها رأت مناماً أوجب ذلك .
فقال لها :
وما ذلك المنام ?
فقالت :
إنها كانت نائمة ذات ليلة فرأت صياداً أنصب شركاً في الأرض وبذر حوله قمحاً ثم جلس قريباً منه فلم يبق شيء من الطيور إلا وقد أتى إلى ذلك الشرك ، ورأت في الطيور حمامتين ذكراً وأنثى .
فبينما هي تنظر إلى الشرك وإذا برجل الذكر تعلق في الشرك وصار يتخبط فنفرت عنه جميع الطيور ومرت فرجعت إليه امرأته وحامت عليه ثم تقدمت إلى الشرك والصياد غافل فصارت تنقر العين التي فيها رجل الذكر وصارت تجذبه بمنقارها حتى خلصت رجله من الشرك وطارت الطيور هي وإياه فجاء بعد ذلك الصباح وأصلح الشرك وقعد بعيداً عنه فلم يمض غير ساعة حتى نزلت الطيور وعلق الشرك في الأنثى فنفرت عنها جميع الطيور ومن جملتها الطير الذكر ولم يعد لأنثاه فجاء الصياد وأخذ الطير الأنثى وذبحها فانتبهت مرعوبة من منامها وقالت :
كل ذكر مثل هذا ما فيه خير والرجال جميعهم ما عندهم خير للنساء .
فلما فرغت من حديثها لتاج الملوك قال لها :
يا أمي أريد أن أنظر إليها نظرة واحدة ولو كان ذلك مماتي فتحيلي لي بحيلة حتى أنظرها .
فقالت له :
اعلم أن لها بستاناً تحت قصرها وهو برسم فرجتها وإنها تخرج إليه في كل شهر مرة من باب السر وتقعد فيه عشرة أيام وقد جاء أوان خروجها إلى الفرجة ، فإذا أرادت الخروج أجيء إليك أعلمك حتى تخرج وتصادفها واحرص على أنك لا تفارق البستان فلعلها إذا رأت حسنك وجمالك يتعلق قلبها بمحبتك فإن المحبة أعظم أسباب الاجتماع .
فقال :
سمعاً وطاعة .
ثم قام من الدكان هو وعزيز وأخذا معهما العجوز ومضيا إلى منزلهما وعرفاه لها ثم إن تاج الملوك قال لعزيز :
يا أخي ليس لي حاجة بالدكان وقد قضيت حاجتي منها ووهبتها لك بجميع ما فيها لأنك تغربت معي وفارقت بلادك .
فقبل عزيز منه ذلك ثم جلسا يتحدثان وصار تاج الملوك يسأله عن غريب أحواله وما جرى له وبعد ذلك أقبلا على الوزير وأعلماه بما عزم عليه تاج الملوك وقالا له :
كيف العمل ?
فقال :
قوموا بنا إلى البستان .
فلبس كل واحد منهم أفخر ما عنده وخرجوا وخلفهم ثلاثة مماليك وتوجهوا إلى البستان فرأوه كثير الأشجار غزير الأنهار ورأوا الخولي جالساً على الباب فسلموا عليه فرد عليهم السلام فناوله الوزير مائة دينار وقال :
أشتهي أن تأخذ هذه النفقة وتشتري لنا شيئاً نأكله فإننا غرباء ومعي هؤلاء الأولاد وأردت أن أفرجهم .
فأخذ البستاني الدنانير وقال لهم :
ادخلوا وتفرجوا وجميعه ملككم واجلسوا حتى أحضر لكم بما تأكلون .
ثم توجه إلى السوق ودخل الوزير وتاج الملوك وعزيز داخل البستان بعد أن ذهب البستاني إلى السوق ثم بعد ساعة أتى ومعه خروف مشوي ووضعه بين أيديهم فأكلوا وغسلوا أيديهم وجلسوا يتحدثون فقال الوزير :
أخبرني عن هذا البستان هل هو لك أم أنت مستأجره ?
فقال الشيخ :
ما هو لي وإنما لبنت الملك السيدة دنيا .
فقال الوزير :
كم لك في كل شهر من الأجرة ?
فقال :
دينار واحد لا غير .
فتأمل الوزير في البستان فرأى هناك قصراً عالياً إلا أنه عتيق فقال الوزير :
أريد أن أعمل خيراً تذكرني به .
فقال :
وما تريد أن تفعل من الخير ?
فقال :
|
|
|