15-05-2009, 07:19 PM
|
#190
|
الزوار
بيانات اضافيه [
+
]
|
رقم العضوية :
|
أخر زيارة : 01-01-1970 (03:00 AM)
|
المشاركات :
n/a [
+
] |
|
لوني المفضل : Cadetblue
|
|
الليلة السادسة والستين بعد المئة
قالت شهرزاد :
بلغني أيها الملك السعيد أن السياف رفع يده وأراد أن يضرب عنقه وإذا بزعقات عالية والناس أغلقوا الدكاكين فقال للسياف :
لا تعجل .
ثم أرسل من يكشف الخبر فمضى الرسول ثم عاد إليه وقال له :
رأيت عسكراً كالبحر العجاج المتلاطم بالأمواج وخيلهم في ركض وقد ارتجت لهم الأرض وما أدري خبرهم .
فاندهش الملك وخاف على ملكه أن ينزع منه ثم التفت إلى وزيره وقال له :
أما خرج أحد من عسكرنا إلى هذا العسكر ?
فما أتم كلامه إلا وحجابه قد دخلوا عليه ومعهم رسل الملك القادم ومن جملتهم الوزير فابتدأه بالسلام فنهض لهم قائماً وقربهم وسألهم عن شأن قدومهم فنهض الوزير من بينهم وتقدم إليه وقال له :
اعلم أن الذي نزل بأرضك ليس كالملوك المتقدمين ولا مثل السلاطين السالفين .
فقال له الملك :
ومن هو ?
قال الوزير :
هو صاحب العدل والأمان الذي سارت بعلو همته الركبان السلطان سليمان شاه صاحب الأرض الخضراء والعمودين وجبال أصفهان وهو يحب العدل والإنصاف ويكره الجور والاعتساف ويقول لك :
إن ابنه عندك وفي مدينتك وهو حشاشة قلبه وثمرة فؤاده ، فإن وجده سالماً فهو المقصود وأنت المشكور المحمود وإن كان فقد من بلادك أو أصابه شيء فأبشر بالدمار وخراب الديار لأنه يصير بلدك قفراً ينعق فيها البوم والغراب ، وها أنا قد بلغتك الرسالة والسلام .
فلما سمع الملك شهرمان ذلك الكلام من الرسول انزعج فؤاده وخاف على مملكته وزعق على أرباب دولته ووزرائه وحجابه ونوابه فلما حضروا قال لهم :
ويلكم انزلوا وفتشوا على ذلك الغلام .
وكان تحت يد السياف وقد تغير من كثرة ما حصل من الفزع ، ثم إن الرسول لاحت منه التفاتة فوجد ابن ملكه على نطع الدم فعرفه وقام ورمى روحه عليه وكذلك بقية الرسل ثم تقدموا وحلوا وثاقه وقبلوا يديه ورجليه ففتح تاج الملوك عينيه فعرف وزير والده وعرف صاحبه عزيز فوقع مغشياً عليه من شدة فرحته بهما .
ثم إن الملك شهرمان صار متحيراً في أمره وخاف خوفاً شديداً لا تحقق مجيء هذا العسكر بسبب هذا الغلام فقام وتمشى إلى تاج الملوك وقبل رأسه ودمعت عيناه وقال له :
يا ولدي لا تؤاخذني ولا تؤاخذ المسيء بفعله فارحم شيبتي ولا تخرب مملكتي .
فدنا منه تاج الملوك وقبل يده وقال له :
لا باس عليك وأنت عندي بمنزلة والدي ولكن الحذر أن يصيب محبوبتي السيدة دنيا شيء .
فقال الملك شهرمان :
لا تخف عليها فما يحصل لها إلا السرور .
وسار الملك يعتذر إليه ويطيب خاطر وزير الملك سليمان شاه ووعده بالمال الجزيل على أن يخفي من الملك ما رآه ، ثم بعد ذلك أمر كبراء دولته أن يأخذوا تاج الملوك ويذهبوا به إلى الحمام ويلبسوه بدلة من خيار الملابس ويأتوا بسرعة ففعلوا ذلك وأدخلوه الحمام وألبسوه البدلة التي أفردها له الملك شهرمان ثم أتوا به إلى المجلس .
فلما دخل على الملك شهرمان وقف له هو وجميع أرباب دولته وقام الجميع في خدمته .
ثم إن تاج الملوك جلس يحدث وزير والده وعزيز بما وقع له ، فقال له الوزير وعزيز :
ونحن في تلك المدة مضينا إلى والدك فأخبرناه بأنك دخلت سراية بنت الملك ولم تخرج والتبس علينا أمرك ، فحين سمع بذلك جهز العساكر ثم قدمنا هذه الديار وكان في قدومنا الفرح والسرور .
فقال لهما :
لا زال الخير يجري على أيديكما أولاً وآخراً .
وكان الملك في ذلك الوقت قد دخل على ابنته السيدة دنيا فوجدها تبكي على تاج الملوك وقد أخذت سيفاً وركزت قبضته إلى الأرض وجعلت ذبابته على رأس قلبها بين نهديها وانحنت على السيف وصارت تقول :
لابد أن أقتل نفسي ولا أعيش بعد حبيبي .
فلما دخل عليها أبوها ورآها على هذه الحالة صاح عليها وقال لها :
يا سيدة بنات الملوك لا تفعلي وارحمي أباك وأهل بلدتك .
ثم تقدم إليها وقال لها :
أحاشيك أن يصيب والدك بسببك سوء .
ثم أعلمها بالقصة وأن محبوبها ابن الملك سليمان شاه يريد زواجها وقال لها :
إن أمر الخطبة والزواج مفوض إلى رأيك .
فتبسمت وقالت له :
أما قلت لك إنه ابن سلطان فأنا أخليه يصلبك على خشبة لا تساوي درهمين .
فقال لها :
بالله عليك أن ترحمي أباك .
فقالت له :
رح إليه وائتني به .
فقال لها :
على الرأس والعين .
ثم رجع من عندها سريعاً ودخل على تاج الملوك وشاوره بهذا الكلام ، ثم قام معه وتوجها إليها فلما رأت تاج الملوك عانقته قدام أبيها وتعلقت به وقالت له :
أوحشتني .
ثم التفتت إلى أبيها وقالت :
هل أحد يفرط في مثل هذا الشاب المليح وهو ملك ابن ملك ?
فعند ذلك خرج الملك شهرمان ورد الباب عليهما ومضى إلى وزير أبي تاج الملوك ورسله وأمرهم أن يعلموا السلطان شاه بأن ولده بخير وعافية وهو في ألذ عيش ، ثم إن السلطان شهرمان أمر بإخراج الضيافات والعلوفات إلى عساكر السلطان سليمان شاه والد تاج الملوك فلما خرجوا جميع ما أمر به أخرج مائة من الخيل ومائة هجين ومائة مملوك ومائة عبد ومائة جارية وأرسل الجميع إليه هدية ، ثم بعد ذلك توجه إليه هو وأرباب دولته وخواصه حتى صاروا في ظاهر المدينة .
فلما علم بذلك السلطان سليمان شاه تمشى خطوات إلى لقائه وكان الوزير وعزيز أعلماه ففرح وقال :
الحمد لله الذي بلغ ولدي مناه .
ثم إن الملك سليمان شاه أخذ الملك شهرمان بالحضن وأجلسه بجانبه على السرير وصار يتحدث هو وإياه ثم قدموا لهم الطعام فأكلوا حتى اكتفوا ثم قدموا لهم الحلويات ولم يمض إلا قليل حتى جاء تاج الملوك وقدم عليه بلباسه وزينته ، فلما رآه والده قام له وقبله وقام له جميع من حضر وجلس بين أيديهم ساعة يتحدثون .
فقال الملك سليمان شاه :
إني أريد أن أكتب كتاب ولدي على ابنتك على رؤوس الأشهاد .
فقال له :
سمعاً وطاعة .
ثم أرسل الملك شهرمان إلى القاضي والشهود فحضروا وكتبوا الكتاب وفرح العساكر بذلك وشرع الملك شهرمان في تجهيز ابنته .
ثم قال تاج الملوك لوالده :
أن عزيزاً رجل من الكرام وقد خدمني خدمة عظيمة وتعب وسافر معي وأوصلني إلى بغيتي ولم يزل يصبر لي حتى قضيت حاجتي ومضى معنا سنتان وهو مشتت من بلاده ، فالمقصود أننا نهيء له تجارة لأن بلاده قريبة .
فقال له والده :
نعم ما رأيت .
ثم هيأوا له مائة حمل من أغلى القماش وأقبل عليه تاج الملوك وودعه وقال له :
اقبل هذه على سبيل الهدية .
فقبلها منه وقبل الأرض قدامه وقدام والده سليمان شاه ثم ركب تاج الملوك وسافر مع عزيز قدر ثلاثة أميال وبعدها أقسم عليه عزيز أن يرجع .
وقال :
بالله لولا والدتي ما صبرت على فراقك ، فبالله عليك لا تقطع أخبارك عني .
ثم ودعه ومضى إلى مدينته فوجد والدته بنت له في وسط الدار قبراً وصارت تزوره ، ولما دخل الدار وجدها قد حلت شعرها ونشرته على القبر وهي تفيض دمع العين وتنشد هذين البيتين :
بالله يا قبر هل زالت محاسنـه ........ أو قد تغير ذات المنظر النضر
يا قبر ما أنت بستان ولا فلـك ........ فكيف يجمع فيك البدر والزهر
ثم صعدت الزفرات وأنشدت هذه الأبيات :
مالي مررت على القبور مسلما ........ قبر الحبيب فلم يرد جـوابـي
قال الحبيب وكيف رد جوابكـم ........ وأنا رهين جـنـادل وتـراب
أكل التراب محاسني فنسيتكـم ........ وحجبت عن أهلي وعن أحبابي
فلما أتمت شعرها إلا وعزيز داخل عليها ، فلما رأته قامت إليه واحتضنته وسألته عن سبب غيابه فحدثها بما وقع له من أوله إلى آخره وأن تاج الملوك أعطاه من المال والأقمشة مائة حمل من القماش ففرحت بذلك وأقام عزيز عند والدته متحيراً فيما وقع له من الدليلة المحتالة التي خصته .
هذا ما كان من أمر عزيز .
وأما ما كان من أمر تاج الملوك فإنه دخل بمحبوبته السيدة دنيا وأزال بكارتها ، ثم إن الملك شهرمان شرع في تجهيز ابنته للسفر مع زوجها وأبيه فأحضر لهم الزاد والهدايا والتحف ، ثم حملوا وسار معهم الملك شهرمان ثلاثة أيام لأجل الوداع فأقسم عليه الملك سليمان شاه بالرجوع فرجع وما زال تاج الملوك ووالده وزوجته سائرين في الليل والنهار حتى أشرفوا على بلادهم وزينت لهم المدينة .
|
|
|