16-05-2009, 02:11 AM
|
#197
|
الزوار
بيانات اضافيه [
+
]
|
رقم العضوية :
|
أخر زيارة : 01-01-1970 (03:00 AM)
|
المشاركات :
n/a [
+
] |
|
لوني المفضل : Cadetblue
|
|
الليلة الحادية والسبعين بعد المئة
قالت شهرزاد :
بلغني أيها الملك السعيد أن الفارس المجروح قال لكان ما كان :
فخرج على العجوز ومن معها كهرداش ثم أحاط بهم وهاش وناش فلم تمض ساعة حتى ربط العشرة عبيد والعجوز وتسلم الحصان وسار بهم وهو فرحان فقلت في نفسي :
قد ضاع تعبي وبلغت أربي ثم صبرت حتى أنظر ما يؤول الأمر إليه .
فلما رأت العجوز روحها في الأسر بكت وقالت لكهرداش :
أيها الفارس الهمام والبطل الضرغام ماذا تصنع بالعجوز والعبيد وقد بلغت من الحصان ما تريد ?
وخادعته بلين الكلام ، وحلفت أنها تسوق له الخيل والأنعام فأطلقها هي والعبيد ، ثم سار هو والعبيد وأصحابه وتبعتهم حتى وصلت إلى هذه الديار وأنا ألاحظه .
فلما وجدت إليه سبيلاً سرقته وركبته ، وأخرجت من مخلاتي سوطاً فضربته ، فلما أحسوا بي لحقوني وأحاطوا بي من كل مكان ورموني بالسهام والسنان وأنا ثابت عليه وهو يقاتل عني بيديه ورجليه إلى أن خرج بي من بينهم مثل النجم الطارق والسهم الراشق ، ولكن لما اشتد الكفاح أصابتني بعض الجراح وقد مضى لي على ظهره ثلاثة أيام ولم أستطعم بطعام وقد ضعفت مني القوى وهانت علي الدنيا أحسنت إلي وأشفقت علي وأراك عاري الجسد ظاهر عليك الكمد ، ويلوح عليك أثر النعمة فما يقال لك ?.
فقال كان ما كان :
أنا يقال لي كان ما كان ابن الملك ضوء المكان بن الملك عمر النعمان قد مات والدي وربيت يتيماً وتولى رجل لئيم وصار ملكاً على الحقير والعظيم ثم حدثه بحديثه من أوله إلى آخره .
فقال الرجل السلال وقد رق له :
إنك ذو حسب عظيم وشرف جسيم وليس لك شأن وتصير أفرس هذا الزمان فإن قدرت أن تحملني وتركب ورائي وتوديني إلى بلادي يكن لك الشرف في الدنيا والجر في يوم التناد فإنه لم يبق لي قوة أمسك بها نفسي وإن أمت في الطريق فزت بهذا الحصان وأنت أولى به من كل إنسان .
فقال له كان ما كان :
والله لو قدرت أن أحملك على أكتافي لفعلت ولو كان عمري بيدي لأعطيتك نصفه من غير هذا الجواد لأني من أهل المعروف وإغاثة الملهوف وفعل الخير لوجه الله تعالى يسد سبعين باباً من البلاء .
وعزم على أن يمله على الحصان ويسير متوكلاً على اللطيف الخبير ، فقال له :
اصبر علي قليلاً .
ثم أغمض عينيه وفتح يديه وقال :
أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن سيدنا محمد رسول الله .
وتهيأ للممات وأنشد هذه الأبيات :
ظلمت العباد وطفـت الـبـلاد ........ وأمضيت عمري بشرب الخمور
وخضت السيول لسل الـخـيول ........ وهدم الطلول بفعل الـنـكـور
وأمري عظيم وجرمي جـسـيم ........ وفاتول منـي تـمـام الأمـور
وأملت أنـي أنـال الـمـنـى ........ بذاك الحصان فأعيا مـسـيري
وطول الحـياة أسل الـخـيول ........ فكانت وفاتي عـنـد الـغـدير
وآخر أمـري أنـي تـعـبـت ........ لرزق الغري اليتيم الـفـقـير
فلما فرغ من شعره أغمض عينيه وفتح فاه وشهق شهقة ففارق الدنيا فحفر له كان ما كان حفرة وواراه التراب ، ثم مسح وجه الحصان ورآه لا يوجد في حوزة الملك سلسان ، ثم أتته الأخبار من التجار بجميع ما جرى في غيبته بين الملك سلسان والوزير دندان خرج عن طاعة الملك سلسان هو ونصف العسكر وحلفوا أنهم ما لهم سلطان إلا كان ما كان واستوثق منهم بالأيمان ودخل بهم إلى جزائر الهند والبربر وبلاد السودان واجتمع معهم عساكر مثل البحر الزاخر لا يعرف لهم أول من آخر وعزم على أن يرجع بجميع الجيوش إلى البلاد ويقتل من يخالفه من العباد وأقسم أنه لا يرد سيف الحرب إلى غمده حتى يملك كان ما كان .
فلما بلغته هذه الأخبار غرق في بحر الأفكار ، ثم إن الملك سلسان علم أن الدولة انحرفت عليه الكبار والصغار فغرق في بحر الهموم والأكدار وفتح الخزائن وفرق على أرباب الدولة الأموال والنعم وتمنى أن يقدم عليه كان ما كان ويجذب قلبه إليه بالملاطفة والإحسان ويجعله أميراً على العساكر الذين لم يزالوا تحت طاعته لتقوى به شرارة جمرته ، ثم إن كان ما كان لما بلغه ذلك الخبر من التجار رجع مسرعاً إلى بغداد على ظهر ذلك الجواد .
فبينما الملك سلسان في ربكته حيران إذ سمع بقدوم كان ما كان فأخرج جميع العساكر ووجهاء بغداد ولاقوه ومشوا قدامه إلى القصر ودخلت الطواشية بالأخبار إلى أمه فجاءت إليه وقبلته بين عينيه ، فقال :
يا أماهد عيني أمضي إلى عمي السلطان سلسان الذي غمرني بالنعمة والإحسان . ثم إن أرباب الدولة تحيروا في وصف ذلك الحصان وفي وصف صاحبه سيد الفرسان وقالوا للملك سلسان :
أيها الملك إننا ما رأينا مثل هذا الإنسان .
ثم ذهب الملك سلسان وسلم عليه .
فلما رآه كان ما كان مقبلاً عليه قام إليه وقبل يديه ورجليه وقدم إليه الحصان هدية فرحب به وقال :
أهلاً وسهلاً بولدي كان ما كان ، والله لقد ضاقت بي الأرض لأجل غيبتك والحمد لله على سلامتك .
|
|
|