16-05-2009, 02:23 AM
|
#207
|
الزوار
بيانات اضافيه [
+
]
|
رقم العضوية :
|
أخر زيارة : 01-01-1970 (03:00 AM)
|
المشاركات :
n/a [
+
] |
|
لوني المفضل : Cadetblue
|
|
فقال :
يا ابن السلطان أنا جنسي حمار وسبب قدومي إلى هذا المكان هروبي من ابن آدم .
فقال له الشبل :
وهل أنت خائف من ابن آدم أن يقتلك ?
فقال الحمار :
لا يا ابن السلطان وإنما خوفي أن يعمل حيلة علي ويركبني لأن عنده شيئاً يسميه البردعة فيجعلها على ظهري وشيئاً يسميه الحزام ، فيشده على بطني وشيئاً يسميه الطفر فيجعله تحت ذنبي وشيئاً يسميه اللجام فيجعله في فمي ويحمل منخاساً ينخسني به ويكلفني ما لا أطيق من الجري وإذا عثرت لعنني وإذا نهقت شتمني وبعد ذلك إذا كبرت ولم أقدر على الجري يجعل لي رجلاً من الخشب ويسلمني إلى السقائين فيحملون الماء على ظهري من البحر في القرب ونحوها كالجرار ولا أزال في ذل وهوان وتعب حتى أموت فيرموني فوق التلال للكلاب فأي شيء أكبر من هذا الهم ، وأي مصيبة أكبر من هذه المصائب ?
فلما سمعت أيتها الطاووسة كلام الحمار اقشعر جسدي من ابن آدم وقلت للشبل :
يا سيدي إن الحمار معذور وقد زادني كلامه رعباً على رعبي .
فقال الشبل للحمار :
إلى أين أنت سائر ?
فقال له الحمار :
إني نظرت ابن آدم قبل إشراق الشمس من بعيد ففررت هرباً منه ، وهاأنا أريد أنطلق ولم أزل أجري من مدة خوفي منه فعسى أن أجد لي موضعاً يأويني من ابن آدم الغدار .
فبينما ذلك الحمار يتحدث مع الشبل ذلك الكلام وهو يريد أن يودعنا ويروح إذ ظهرت لنا غبرة فنهق الحمار ونظر بعينيه إلى ناحية الغبرة وضرط ضراطاً عالية وبعد ساعة انكشفت الغبرة عن فرس أدهم بغرة كالدرهم وذلك الفرس ظريف الغرة مليح التحجيم حسن القوائم والصهيل ولم يزل يجري حتى وقف بين يدي الشبل ابن الأسد .
فلما رآه الشبل استعظمه وقال له :
ما جنسك أيها الوحش الجليل وما سبب شرودك في هذا البر العريض الطويل ?
فقال :
يا سيد الوحوش أنا فرس من جنس الخيل وسبب شرودي هروبي من ابن آدم .
فتعجب الشبل من كلام الفرس وقال :
لا تقل هذا الكلام فإنه عيب عليك وأنت طويل غليظ وكيف تخاف ابن آدم مع عظم جثتك وسرع جريك ? وأنا مع صغر جسمي قد عزمت على أن ألتقي مع ابن آدم فأبطش به ، وآكل لحمه وأسكن روع هذه البطة المسكينة وأقرها في وطنها وها أنت لما أتيت في هذه الساعة قطعت قلبي بكلامك وأرجعتني عما أردت أن أفعله فإذا كنت أنت مع عظمك قد قهرك ابن آدم ولم يخف من طولك وعرضك مع أنك لو رفسته برجلك لقتلته ولم يقدر عليك بل تسقيه كأس الردى .
فضحك الفرس لما سمع كلام الشبل وقال :
هيهات أن أغلبه يا ابن الملك فلا يغرك طولي ولا عرضي ولا ضخامتي مع ابن آدم ، لأنه من شدة حيله ومكره يصنع لي شيئاً يقال له الشكال ويضع في أربعة من قوائمي شكالين من حبال الليف الملفوفة باللباد ويصلبني من رأسي في وتد عال وأبقى واقفاً وأنا مصلوب لا أقدر أن أقعد ولا أنام وإذا أراد أن يركبني يعمل لي شيئاً في رجلي من الحديد اسمه الركاب ويضع على ظهري شيئاً اسمه السرج ، ويشده بحزامين من تحت إبطي ويضع في فمي شيئاً من الحديد يسميه اللجام ويضع فيه شيئاً من الجلد يسميه السرج فإذا ركب فوق ظهري على السرج يمسك السرج بيده ويقودني ويهمزني بالركاب في خواصري حتى يدميها ولا تسأل يا ابن السلطان فيما أقاسيه من ابن آدم ، فإذا كبرت وانتحل ظهري ولم أقدر على سرعة الجري يبيعني للطحان ليدورني في الطاحون فلا أزل دائراً فيها ليلاً ونهاراً إلى أن أهرم فيبيعني للجزار فيذبحني ويسلخ جلدي وينتف ذنبي ويبيعها للغرابلي والمناخلي ويسلي شحمي .
فلما سمع الشبل كلام الفرس ازداد غيظاً وغماً وقال له :
متى فارقت ابن آدم ?
قال :
فارقته نصف النهار وهو في أثري .
فبينما الشبل يتحدث مع الفرس في هذا الكلام وإذا بغبرة ثارت وبعد ذلك انكشفت الغبرة وبان من تحتها جمل هائج وهو يبعبع ويخبط برجليه في الأرض ولم يزل يفعل كذلك حتى وصل إلينا ، فلما رآه الشبل كبيراً غليظاً ظن أنه ابن آدم فأراد الوثوب عليه فقلت له :
يا ابن السلطان هذا ما هو ابن آدم وإنما هو جمل وكأنه هارب من ابن آدم .
|
|
|