عرض مشاركة واحدة
قديم 16-05-2009, 02:25 AM   #209
نجلاء الهاجري
الزوار


الصورة الرمزية نجلاء الهاجري

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية :
 أخر زيارة : 01-01-1970 (03:00 AM)
 المشاركات : n/a [ + ]
لوني المفضل : Cadetblue



الليلة الثامنة والسبعين بعد المئة

قالت شهرزاد :
بلغني أيها الملك السعيد أن الطاووسة لما سمعت من البطة هذا الكلام تعجبت منه غاية العجب وقالت :
يا أختي إنك أمنت من بني آدم لأننا في جزيرة من جزائر البحر وليس لابن آدم فيها مسلك فاختاري المقام عندنا إلى أن يسهل الله أمرك وأمرنا .
قالت البطة :
أخاف أن يطرقني طارق والقضاء لا ينفعك عنه آبق .
فقالت الطاووسة :
اقعدي عندنا وأنت مثلنا .
ولا زالت بها حتى قعدت وقالت :
يا أختي أنت تعلمين قلة صبري ولولا أني رأيتك هنا ما كنت قعدت .
فقالت الطاووسة :
إن كان جبيننا شيء نستوفاه وإن كان أجلنا فمن يخلصنا ولن تموت نفس حتى تستوفي رزقها وأجلها .
فبينما هما في هذا الكلام إذ طلعت عليهما غبرة فعند ذلك صاحت البطة ونزلت البحر وقالت :
الحذر والحذر وإن لم يكن مفر من القدر .
وكانت الغبرة عظيمة فلما انكشفت الغبرة ظهر من تحتها ظبي فاطمأنت البطة والطاووسة ، ثم قالت البطة :
يا أختي إن الذي تفزعين منه ظبي وها هو قد أقبل نحونا فليس علينا منه بأس لأن الظبي إنما يأكل الحشائش من نبات الأرض وكما أنت من جنس الطير هو الآخر من جنس الوحوش فاطمئني ولا تهتمي فإن الهم ينحل البدن .
فلم تتم البطة كلامها حتى وصل الظبي إليها يستظل تحت الشجرة ، فلما رأى البطة والطاووسة سلم عليهما وقال لهما :
إني دخلت هذه الجزيرة اليوم فلم أر أكثر منها خصباً ولا أحسن منها مسكناً .
ثم دعاهما لمرافقته ومضافاته ، فلما رأت البطة والطاووسة تودده إليهما أقبلتا عليه ورغبتا في عشرته وتحالفوا على ذلك وصار مبيتهم واحد ومأكلهم سواء ولم يزالوا آمنين آكلين شاربين حتى مرت بهم سفينة كانت تائهة في البحر فأرست قريباً منهم فطلع الناس وتفرقوا في الجزيرة فرأوا الظبي والطاووسة والبطة مجتمعين فأقبلوا عليهم فشرد الظبي في البرية وطارت الطاووسة وبقيت البطة مخبلة ولم يزالوا بها حتى صادوها وصاحت قائلة :
لم ينفعني الحذر من القضاء والقدر .
وانصرفوا بها إلى سفينتهم .
فلما رأت الطاووسة ما جرى للبطة ارتحلت من الجزيرة وقالت :
لا أرى الآفاق الأمر أصدر لكل أحد ولولا هذه السفينة ما حصل بيني وبين هذه البطة افتراق ولقد كانت من خيار الأصدقاء .
ثم طارت الطاووسة واجتمعت بالظبي فسلم عليها وهنأها بالسلامة وسألها عن البطة فقالت له :
قد أخذها العدو وكرهت المقام في تلك الجزيرة بعدها .
ثم بكت على فراق البطة وأنشدت تقول :
إن يوم الفراق قطع قلبي ........ قطع الله قلب يوم الفراق
وأنشدت أيضاً :
تمنيت الوصال يعود يوماً ........ لأخبره بما صنع الفراق
فاغتم الظبي غماً شديداً ، ثم رد عزم الطاووسة عن الرحيل فأقام معها في تلك الجزيرة آمنين آكلين شاربين غير أنهما لم يزالا حزينين على فراق البطة فقال الظبي الطاووسة :
يا أختي قد علمت أن الناس الذين طلعوا لنا من المركب كانوا سبب فراقنا ولهلاك البطة فاحذريهم واحترسي منهم ومن مكر ابن آدم وخداعه .
قالت الطاووسة :
قد علمت يقيناً أن ما قتلها غير تركها التسبيح ، ولقد قلت لها :
إني أخاف عليك من تركك التسبيح لأن كل ما خلقه الله يسبحه فإن غفل عن التسبيح عوقب بهلاكه .
فلما سمع الظبي كلام الطاووسة قال :
أحسن الله صورتك .
وأقبل على التسبيح لا يفتر عنه ساعة وقد قيل أن الظبي يقول في تسبيحه :
سبحان الملك الديان ذي الجبروت والسلطان .
وورد أيضاً أن بعض العباد كان يتعبد في الجبال وكان يأوي إلى ذلك الجبل زوج من الحمام وكان ذلك العابد قسم قوته نصفين .


 

رد مع اقتباس