عرض مشاركة واحدة
قديم 16-05-2009, 01:15 PM   #223
نجلاء الهاجري
الزوار


الصورة الرمزية نجلاء الهاجري

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية :
 أخر زيارة : 01-01-1970 (03:00 AM)
 المشاركات : n/a [ + ]
لوني المفضل : Cadetblue


الليلة التسعين بعد المئة

قالت شهرزاد :

بلغني أيها الملك السعيد أن أبا الحسن ودع الجارية ورجع إلى دكانه فلما جلس فيه وجد قلبه انقبض وضاق صدره وتحير في أمره ولم يزل في فكر بقية يومه وليلته وفي اليوم الثاني ذهب إلى علي بن بكار وجلس عنده حتى ذهبت الناس وسأله عن حاله فأخذ في شكوى الغرام وما به من الوجد والهيام وأنشد يقول :
شكا ألم الغرام الناس قبلـي ........ وروع بالنوى حي ومـيت
واما مثل ما ضمت ضلوعي ........ فإني لا سمعـت ولا رأيت
فقال أبو الحسن :
أنا ما رأيت ولا سمعت بمثلك في محبتك كيف يكون هذا الوجد وضعف الحركة ، وقد تعلقت بحبيب موافق فكيف إذا تعلقت بحبيب مخالف مخادع فكان أمرك ينكشف ؟
فركن علي بن بكار إلى كلامه وشكره على ذلك .
وكان أبو الحسن له صاحب يطلع على أمره وأمر علي بن بكار ويعلم أنهم متوافقان ولم يعلم أحد ما بينهم غيره وكان يأتيه فيسأله عن حال علي بن بكار وبعد قليل يسأله عن الجارية فقال أبو الحسن له :
قد دعته إليها ، وكان بينه وبينها ما لا مزيد عليه وهذا آخر ما انتهى من أمرهما ولكن دبرت لنفسي أمر أريد عرضه عليك .
فقال له صاحبه :
ما هو ؟
قال أبو الحسن :
اعلم أني رجل معروف بكثرة المعاملات بين الرجال والنساء وأخشى أن ينكشف أمرهما فيكون سبباً لهلاكي وأخذ مالي وهتك عيالي وقد اقتضى رأيي أن أجمع مالي وأجهز حالي وأتوجه إلى مدينة البصرة وأقيم بها حتى أنظر ما يكون من أحوالهما بحيث لا يشعر بي أحد فإن المحبة قد تمكنت منهما ودارت المراسلة بينهما ، والحال أن الرسول بينهما جارية وهي كاتمة لأسرارهما وأخشى أن يغلب عليها الضجر فتبوح بسرهما لأحد فيشيع خبرهما ويؤدي ذلك إلى هلاكي ويكون سبباً لتلفي وليس لي عذر عند الناس .
فقال له صاحبه :
قد أخبرتني بخبر خطير يخاف من مثله العاقل الخبير كفاك الله شر ما تخافه وتخشاه ونجاك مما عقباه وهذا الرأي هو الصواب .
فانصرف أبو الحسن إلى منزله وصار يقضي مصالحه ويتجهز للسفر إلى البصرة ، وقد قضى مصالحه وسافر إلى البصرة فجاء صاحبه بعد ثلاثة أيام ليزوره فلم يجده فسأل عنه جيرانه فقالوا له :
إنه توجه من مدة ثلاثة أيام إلى البصرة لأن له معاملة عند تجارها فذهب ليطالب أرباب الديون وعن قريب يأتي .
فاحتار الرجل في أمره وصار لا يدري أين يذهب وقال :
يا ليتني لم أفارق أبا الحسن .
ثم دبر حيلة يتوصل بها إلى علي بن بكار فقصد داره وقال لبعض غلمانه :
استأذن لي سيدك لأدخل أسلم عليه .
فدخل الغلام واخبر سيده به ثم عاد إليه وأذن له بالدخول فدخل عليه فوجده ملقى على الوسادة فسلم عليه فرد عليه السلام ورحب .
ثم إن الرجل اعتذر إليه في تخلفه عنه تلك المدة ، ثم قال له :
يا سيدي إن بيني وبينك وبين أبي الحسن صداقة وإني كنت أودعه أسراري ولا أنقطع عنه ساعة فغبت في بعض المصالح مع جماعة من أصحابي مدة ثلاثة أيام ثم جئت إليه فوجدت دكانه مقفلة فسألت عنه الجيران فقالوا :
إنه توجه إلى البصرة ولم أعلم له صديقاً أوفى منك، فبالله أن تخبرني بخبره .
فلما سمع علي بن بكار بكلامه تغير لونه واضطرب وقال :
لم أسمع قبل هذا اليوم خبر سفره وإن كان الأمر كما ذكرت فقد حصل لي التعب .
ثم أفاض دمع العين وأنشد هذين البيتين :
قد كنت أبكي على ما فات مني من فرح ........ وأهل ودي جميعاً غـير أشتات
واليوم فـرق مـا بـيني وبـينـهم ........ دهري فأبكي على أهل المودات
ثم إن علي بن بكار أطرق رأسه إلى الأرض يتفكر وبعد ساعة رفع رأسه إلى خادم له وقال له :
امض إلى دار أبي الحسن واسأل عنه هل هو مقيم أم مسافر ؟ فإن قالوا :
سافر فاسأل إلى أي ناحية توجه ؟
فمضى الغلام وغاب ساعة ثم أقبل إلى سيده وقال :
إني لما سألت عن أبي الحسن أخبرني أتباعه أنه مسافر إلى البصرة ولكن وجدت جارية واقفة على الباب فلما رأتني عرفتني ولم أعرفها وقالت لي :
هل أنت غلام علي بن بكار ؟
فقلت لها :
نعم .
فقالت :
إني معي رسالة إليه من عند أعز الناس عليه فجاءت معي وهي واقفة على الباب .
فقال علي بن بكار :
أدخلها .
فطلع الغلام إليها وأدخلها فنظر الرجل الذي عند علي بن بكار إلى الجارية فوجدها ظريفة ثم إن الجارية تقدمت إلى علي بن بكار وسلمت عليه .


 

رد مع اقتباس