16-05-2009, 01:51 PM
|
#225
|
الزوار
بيانات اضافيه [
+
]
|
رقم العضوية :
|
أخر زيارة : 01-01-1970 (03:00 AM)
|
المشاركات :
n/a [
+
] |
|
لوني المفضل : Cadetblue
|
|
الليلة الثانية والتسعين بعد المئة
قالت شهرزاد :
بلغني أيها الملك السعيد أن الجواهرجي ودعه وانصرف وهو لا يدري كيف يعمل في إسعاف علي بن بكار ومازال ماشياً وهو متفكر في أمره إذ رأى ورقة مطروحة في الطريق فأخذها ونظر عنوانها وقرأها فإذا هي من المحب الأصغر إلى الحبيب الأكبر ففتح الورقة فرأى مكتوباً فيها هذين البيتين :
جاء الرسول بوصل منك يطمعني ........ وكـان أكثر ظني أنـه وهـمـا
فما فرحت ولكن زادني حـزنـاً ........ علمي بأن رسولي لم يمن فهمـا
وبعد فاعلم يا سيدي أنني لم أدر ما سبب قطع المراسلة بيني وبينك فإن يكن صدر منك الجفاء فأنا أقابله بالوفاء وإن يكن ذهب منك الوداد فانا أحفظ الود على البعاد كما يقول الشاعر :
به أحتمل وأستطل أصبر وعزاهن ........ وول أقبل وقل اسمع ومر اطلع
فلما قرآها إذا بالجارية أقبلت تتلفت يميناً وشمالاً فرأت الورقة في يده فقالت :
إن هذه الورقة وقعت مني .
فلم يرد عليها جواباً ومشى ومشت الجارية خلفه إلى أن أقبل على داره ودخل والجارية خلفه فقالت له :
يا سيدي رد لي هذه الورقة فإنها سقطت مني .
فالتفت إليها وقال :
يا جارية لا تخافي ولا تحزني ولكن أخبريني الصدق فإني كتوم للأسرار وأحلفك يميناً أنك لا تخفي عني شيئاً من أمر سيدتك فعسى الله أن يعينني على قضاء أغراضك ويسهل الأمور الصعاب على يدي .
فلما سمعت الجارية كلامه قالت :
يا سيدي ما ضاع سر أنت حافظه ولا خاب أمر أنت تسعى في قضائه ، اعلم أن قلبي مال إليك فانا أخبرك بحقيقة الأمر لتعطيني الورقة .
ثم أخبرته بالخبر كله وقالت :
والله على ما أقول شهيد .
فقال لها الجواهرجي :
صدقت فإن عندي علم بأصل الخبر .
ثم حدثها بحديث علي بن بكار وكيف أخذ ضميره وأخبرها بالخبر من أوله إلى آخره .
فلما سمعت ذلك فرحت واتفقا على أنها تأخذ الورقة وتعطيها لعلي بن بكار وجميع ما يحصل ترجع إليه وتخبره به فأعطاها الورقة فأخذتها وختمتها كما كانت وقالت :
إن سيدتي شمس النهار أعطتها إلي مختومة فإذا قرأها ورد جوابها أتيتك به .
ثم إن الجارية ودعته وتوجهت إلى علي بن بكار فوجدته في انتظار فأعطته الورقة وقرأها ثم كتب لها ورقة رد للجواب وأعطاها لها فأخذتها ورجعت بها إلى الجواهرجي حسب الإتفاق ففض ختمها وقرأها فرأى مكتوباً فيها :
إن الرسول الذي كانت رسائلـنـا ........ مكتومة عنده ضاقت وقد غضبـا
فاستخلصوا لي رسولاً منكم ثـقة ........ يستحسن الصدق لا يستحسن الكذبا
وبعد فإني لم يصدر مني جفاء ولا تركت وفاء ولا نقضت عهداً ولا قطعت وداً ولا فارقت أسفاً ولا لقيت بعد الفراق إلا تلفاً ولا علمت أصلاً بما ذكرتم ولا أحب غير ما أحببتم وحق عالم السر والنجوى وما قصدي غير الإجتماع بمن أهوى وشأني كتمان الغرام وإن أمرضني السقام وهذا شرح حالي والسلام .
فلما قرأ الجواهرجي هذه الورقة وعرف ما فيها بكى بكاءً شديداً ثم إن الجارية قالت له :
لا تخرج من هذا المكان حتى أعود إليك لأنه قد اتهمني بأمر من الأمور وهو معذور وأنا أريد أن أجمع بينك وبين سيدتي شمس النهار بأي حيلة فإني تركتها مطروحة وهي تنتظر مني رد الجواب .
ثم إن الجارية مضت إلى سيدتها ولم تغب إلا قليلاً وعادت إلى الجواهرجي وقالت له :
احذر أن يكون عندك جارية أو غلام ؟
فقال الجواهرجي :
ما عندي غير جارية سوداء كبيرة السن تخدمني .
فقامت الجارية وأغلقت الأبواب بين جارية الجواهرجي وبينه وصرفت غلمانه إلى خارج الدار ثم خرجت الجارية وعادت ومعها جارية خلفها ودخلت دار الجواهرجي فعبقت الدار من الطيب فلما رآها الجواهرجي نهض قائماً ووضع لها مخدة وجلس بين يديها فمكثت ساعة لا تتكلم حتى استراحت ثم كشفت وجهها فخيل للجواهرجي أن الشمس أشرقت في منزله ثم قالت لجارتها :
هذا الرجل الذي قلت لي عليه ؟
فقالت الجارية :
نعم .
فالتفتت إلى الجواهرجي وقالت له :
كيف حالك ؟
قال الجواهرجي :
بخير .
ودعا لها ، فقالت :
إنك حملتنا المسير إليك وإن نطلعك على ما يكون من سرنا .
ثم سألته عن أهله وعياله فأخبرها بجميع أحواله وقال لها :
إن لي داراً غير هذه الدار جعلتها للإجتماع بالأصحاب والأخوان ليس لي فيها إلا ما ذكرته لجاريتك .
ثم سألته عن كيفية اطلاعه على أصل القصة فاخبرها بما سألته عنه من أول الأمر إلى آخره فتأوهت على فراق أبو الحسن وقالت :
يا فلان اعلم أن أرواح الناس متلائمة في الشهوات والناس بالناس ولا يتم عمل إلا بقول ، ولا يتم غرض إلا بمعين ، ولا تحصل راحة إلا بعد تعب .
|
|
|