16-05-2009, 01:51 PM
|
#226
|
الزوار
بيانات اضافيه [
+
]
|
رقم العضوية :
|
أخر زيارة : 01-01-1970 (03:00 AM)
|
المشاركات :
n/a [
+
] |
|
لوني المفضل : Cadetblue
|
|
الليلة الثالثة والتسعين بعد المئة
قالت شهرزاد :
بلغني أيها الملك السعيد أن شمس النهار قالت للجواهرجي :
لا تحصل راحة إلا من بعد تعب ولا يظهر نجاح إلا من ذوي مروءة ، وقد أطلعتك الآن على أمرنا وصار بيدك هتكناً ولا زيادة لما أنت عليه من المروءة ، فأنت قد علمت إن جاريتي هذه كاتمة لسري وبسبب ذلك لها رتبة عظيمة عندي وقد اختصصتها بمهمات أموري فلا يكن عندك أعز منها وأطلعها على أمرك وطب نفساً فأنت آمن مما تخافه من جهتنا ومما يسد عليك موضع إلا وتفتحه لك وهي تأتيك من عندي بأخبار علي بن بكار وتكون أنت الواسطة في التبليغ بيني وبينه .
ثم إن شمس النهار قامت وهي لا تستطيع القيام ومشت فتمشى بين يديها الجواهرجي حتى وصلت إلى باب الدار ، ثم رجع وقعد في موضعه بعد أن نظر من حسنها ما بهره وسمع من كلامها ما حير عقله وشاهد من ظرفها وأدبها ما أدهشه ، ثم استمر يتفكر في شمائلها حتى سكنت نفسه وطلب الطعام فأكل ما يمسك رمقه ، ثم غير ثيابه وخرج من داره وتوجه إلى علي بن بكار غلمانه ومشوا بين يديه إلى أن وصلوا إلى سيدهم فوجدوه ملقى على فراشه .
فلما رأى الجواهرجي قال له :
أبطأت علي فزدتني هماً على همي .
ثم صرف غلمانه وأمر بغلق أبوابه وقال له :
والله ما غمضت عيني من يوم ما فارقتني فإن الجارية جاءتني بالأمس ومعها رقعة مختومة من عند سيدتها شمس النهار .
وحكى له علي بن بكار على جميع ما وقع له معها وقال :
لقد تحيرت في أمري وقل صبري وكان لي أبو الحسن أنيساً لأنه يعرف الجارية .
فلما سمع الجواهرجي كلام ابن بكار ضحك فقال له :
تضحك من كلامي وقد استبشرت بك واتخذتك عدة للنائبات ؟
ثم بكى وأنشد هذه الأبيات :
وضاح من بكائي حين أبصرنـي ........ لو كان قاسى الذي قاسيت أبكاه
لم يرث للمبتلي ممـا يكـابـده ........ إلا شبح منه قد طـال بـلـواه
وجدي حنيني أنيني فكرتي ولهي ........ إلى حبيب زوايا القلب مـأواه
حل الفؤاد مقيمـاً لا يفـارقـه ........ وقتاً ولكنه ضعيف قد عز لقياه
ما لي سواه خليل أرتضي بـدلاً ........ وما اصطفيت حبيباً قط إلا هو
فلما سمع الجواهرجي منه هذا الكلام وفهم الشعر والنظام بكى لبكائه وأخبره بما جرى مع الجارية من حين فارقه فصار ابن بكار يصغي إلى كلامه وكلما سمع منه كلمة يتغير لون وجهه من صفرة إلى احمرار ويقوى جسمه مرة ويضعف أخرى ، فلما انتهى إلى آخر الكلام بكى ابن بكار وقال له :
يا أخي أنا على كل حال هالك فليت أجلي قريب وأسألك من فضلك أن تكون ملاطفي في جميع أموري إلى أن يقضي الله ما يريد وأنا لا أخالف لك قولاً .
فقال الجواهرجي : لا يطفئ عنك هذه النار إلا الإجتماع بمن شغفت بها ولكن في غير هذا المكان وإنما يكون ذلك عندي في بيت جنب بيتي الذي جاءتني فيه الجارية هي وسيدتها وهو الموضع الذي اختارته لنفسها والمقصود اجتماعكما ببعضكما وفيه تشكوان لبعضكما ما قاسيتما .
فقال علي بن بكار :
افعل ما تريد والذي تراه هو الصواب .
فأقام الجواهرجي عنده تلك الليلة يسامره إلى أن أصبح الصباح ، ثم صلى الصبح وخرج من عنده وذهب إلى منزله فما استقر إلا قليلاً وجاءت الجارية وسلمت عليه فرد عليها السلام وحدثها بما كان بينه وبين علي بن بكار ، فقالت الجارية :
اعلم أن الخليفة توجه من عندنا وإن مجلسنا لا أحد فيه وهو أستر لنا وأحسن .
فقال لها الجواهرجي :
كلامك صحيح ولكنه ليس كمنزلي هذا .
فقالت الجارية :
إن الرأي ما تراه أنت ، وأنا ذاهبة إلى سيدتي لأخبرها بما ذكرت وأعرض عليها ما قلت .
|
|
|