عرض مشاركة واحدة
قديم 30-10-2002, 04:43 AM   #2
TheDarkness
عضو جديد


الصورة الرمزية TheDarkness
TheDarkness غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 2886
 تاريخ التسجيل :  10 2002
 أخر زيارة : 07-12-2002 (10:32 PM)
 المشاركات : 6 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
تكملة الموضوع



يفسر لنا ... رمي الظلام بجميع صفات الشر من جهل ومرض وتخلف ... لأن النفس ( الأنا العليا ) قد وصفت بذلك ما منعته واضطهدته من أفكار ومشاعر ... ثم ساوته بالظلام ...


لكن ...

لاحظ معي ...

هناك نقطة مهمة جدا ...

أنه رغم هذه المساواة بين الأفكار المكبوتة والظلام ... إلا أن النفس تعلم أن ظلام العالم الخارجي يختلف عن ظلام ما داخل الجسد ...

كونك شربت كأس ماء ... هذا لا يعني أن مياه البحار كلها في جوفك ...

ولا يعني أن ما شربته هو نفسه كل مياه البحار ...

لذلك ... لا مانع أمام النفس من التعايش مع الظلام ... فتتطلع إليه في سماء الليل ... تراه خارج المنزل عبر النافذة ... وتشاهده في كفيها المضمومتين ... وجفنها المغمض ...

تذكر أن الوجود المكاني هو سبب مساواة الظلمة بالأفكار الشريرة ... لكن مادامت ظلمة داخل الجسد والظلام الخارجي لا يجتمعان في المكان ... فلا مساواة ... فلا خوف ...

لكن الرعب والمصيبة والكارثة أن تجد النفس جسدها بأكمله في الظلام ... فلن تدخل غرفة مظلمة أبدا ... ولن يجلس المصاب برهاب الظلام في الدار بدون أن يشعل النور ...

لماذا؟

لنعد إلى مثال شربة الماء والبحر... ففيه آلية دقيقة عجيبة ...

فجسد الإنسان المملوء بالظلمة ... نمثله بكيس بلاستيكي ... مملوء بالماء ...

ووجود ذلك الجسد وسط كهف مظلم ... يعني إلقاء ذلك الكيس في البحر ...

أي لا فرق بين الماء داخل الكيس ... والماء خارجه ... كلهما بحر ... وكلهما ماء الكيس ... فمكانها واحد ( سبب المساواة ) ...

والجسد القابع في كهف أو غرفة مظلمة ... هو كيس مرمي في البحر ... لافرق بين ظلام الداخل ... وظلام الخارج ... ((( مكانها واحد ))) ... كلاهما واحد ...

كلاهما شرير !!

كلاهما مخيف !!


هنا تجد الأنا العليا نفسها وسط الأفكار والمشاعر التي طالما اضطهدتها وحبستها ...تجدها أمام عينيها وجها وجها ... بل وبصورة متضخمة جدا ... كبيرة ... ومحيطة بها من جميع الإتجاهات ...

ويزيد طين النفس بلة اختفاء القشرة الضوئية على الجلد ( أنظر إلى كفك الآن – لولا قشرة الضوء تلك لما تمكنت من رؤيتها )... ذلك الغشاء الذي يقبع تحته الظلام... تماما كما تحجب الأنا العليا الأفكار المكبوتة ... نجد أن الأخيرة ساوت نفسها بقشرة الضياء بعد أن ساوت الظلام بالأفكار المكبوتة ( إسقاط ناتج عن تشابه في الوظيفة) ... لذلك اختفاء الغشاء يرمز إلى اختفاء وتلاشي الأنا العليا ( حسب ما تظنه هي )... تنعدم ...تموت ... مما يزيد خوفها ورهبتها ... هذه النقطة بالذات يؤكدها تصرف الإنسان (سواء كان مصابا برهاب الظلمة أم لا) عندما يجد نفسه في مكان معتم ... إذ أنه تلقائيا ( وبحركة أشبه باللاإرادية ) يرفع كفه أمامه ... يبحلق فيها ... فإن لم يكد يراها جزع وازداد خوفه... وما صراخه إلا صراخ الأنا العليا الساذجة التي ظنت بنفسها الفناء ...


إنه كابوس المصاب بجنون الإضطهاد ... إذ من المعروف أن مجنون الإضطهاد شخص أدمن اضطهاد غيره وتعذيبه والتعدي عليه ... ومصدر جنونه هو خوفه من انتقام هذا المضطهد في يوم من الأيام ...


وهذه الـلأنا العليا "ما قصرت" في تلك الأفكار والمشاعر ... حبستها عن الظهور ... سخرت منها ... رمتها بكل شر ونقيصة ... بل ونفت وجودها ... لذلك تصورت أن وجودها وسط الظلام هي فرصة تلك الأفكار للإنتقام ...

لذلك ... فالوحش الذي يتربص لك في الظلمة يريد افتراسك ... هي أفكارك ومشاعرك الحبيسة ... تريد قتل هذه الأنا العليا التي أذاقتها صنوف العذاب ... لايهم إن كان ذاك حقيقة أم لا ... يكفي أن النفس تؤمن بذلك ... فتخاف ...

شخصية الآدمي المتشيطن الذي تخاف ظهوره لك في الظلام (لدرجة أنك تغمض عينك من شدة الوسواس) ... هو أنت ولا أحد غيرك !! ... فشخصيته الشريرة مستمدة من أفكارك ومشاعرك أنت ... أوليست الشخصية عبارة عن كومة أفكار ومشاعر؟ ... ألم تحبسها وتتضطهدها؟ ... أتستغرب حقدها عليك ورغبتها في إيذائك؟

وأخيرا نقول ...خوف الإنسان من الظلام .. في حقيقته هو خوف من نفسه هو ...

الشر والرعب والأساطير التي توجنا بها هامة الظلماء ... موجودة في ذاتنا نحن ...

نسبناها إليه ... لا إلينا ... كعادتنا في التملص من النقائص والشرور تعتلج بداخلنا ...

من كلمة " الظلام" اشتققنا كلمة " الظلم" بمعناها الشرير ... فكان الظلام أول مظلوم قط!

وستظل تخاف الظلام وسيظل يبدو لك مخيفا كالحا ... مادمت تتهرب من نفسك ...

واجه ذاتك الشريرة ... الغريبة ... أنفك منك وإن كان إجدع ... تلك الأفكار والمشاعر هي نتاجك أنت وأنت وحدك ... هي منك ... وإن خالفت المألوف من قيم ومعتقدات سائدة ... أم تريد روحك نسخة كربونية لآخرين؟

هذا الكلام لا يحس به ولا يفهمه إلا من احتضنت جوانحه صنفا من تلك الأنفس الشريرة العنيدة التي قد لا نلوم الأنا العليا في حجبها عنا... ما إن تسائلها وتناقشها " لم تريدين هذا؟ " و " لم تفكرين هكذا؟ " تجيبك بـ " ذرني فإني ملعونة !! " ... تجيبك: " طبعي هكذا على الشر!!" ...


لكن أن تتقبل شرورية نفسك وتحتضنها ... تعترف بها ... لهو أول خطواتك نحو الكمال ... وإلا ستظل تشعل النيران والمصابيح أبد الدهر ... ولن ينبلج صبحك أبدا ...

مهما كانت هذه الروح شريرة ملعونة أمارة بالسوء والخطيئة ... هي روحك أنت ولا أحد غيرك ... هل أقول لك أطعها دائما؟ ... لا ... أطعها أحيانا واعصها أكثر الأحيان ... لكن إياك ونفيها ... إياك والتهرب منها ... صارعها وعاركها ... حاورها وناقشها ... وإلا ظهرت لك في الظلماء كتوأم لك يبحلق فيك بأعين كالجمر ينتفض حقدا وضغينة على تجاهلك له ...

ذلك كان الكابوس يطارد الجبان الرعديد "محمد" الصغير... لم يكتف بالهرب من توأمه المظلم فقط ... بل صيره كبش محرقة لكل خطيئة جديدة يقترفها ...كان يقول له: "الحسنات لي والسيئات ستعذب بها وحدك" ... فهرب من كل مواجهة مع الذات ... هرب من كل تأنيب للضمير ... وكلما ازداد هربا ازداد من الظلام هلعا ورعبا ... حتى صحا متأخرا على حقيقة أن الشر منه وفيه ... فعاد نادما معترفا يحتضن شروره وآثامه ... يحتضن (( الظلام )) ... ويوقع باسمه أفكاره ...



نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة


 

رد مع اقتباس