عرض مشاركة واحدة
قديم 10-06-2009, 06:09 AM   #340
الفجر البعيد
الزوار


الصورة الرمزية الفجر البعيد

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية :
 أخر زيارة : 01-01-1970 (03:00 AM)
 المشاركات : n/a [ + ]
لوني المفضل : Cadetblue


تكملة حكاية تتعلق ببعض مدائن الأندلس التي فتحها طارق بن زياد
وحكاية هشام بن عبد الملك مع غلام من الأعراب
وبداية حكاية اسحق الموصلي وتزوج المأمون بخديجة بنت الحسن بن سهل

الليلة التاسعة عشرة بعد الثلاثمائة

قالت شهرزاد :

بلغني أيها الملك السعيد أن أهل المملكة بذلوا لذلك الملك جميع ما في أيديهم من الأموال والذخائر على عدم فتح ذلك القصر فلم يرجع عن فتحه ، ثم أن أزال الأقفال وفتح الباب فوجد فيه صورة العرب على خيلهم وجمالهم وعليهم العمائم المسبلة وهم متقلدون بالسيوف وبأيديهم الرماح الطوال ووجد كتاباً فيه فأخذه وقرأه فوجد مكتوباً فيه :
إذا فتح هذا الباب يغلب على هذه الناحية قوم من العرب وهم على هيئة هذه الصور فالحذر ثم الحذر من فتحه ، وكانت تلك المدينة بالأندلس .
ففتحها طارق بن زياد في تلك السنة في خلافة الوليد بن عبد الملك من بني أمية وقتل ذلك الملك أقبح قتلة ونهب بلاده وسبى بها من النساء والغلمان وغنم أموالها ووجد فيها ذخائر عظيمة فيها ما ينوب عن مائة وسبعين تاجاً من الدر والياقوت ووجد فيها أحجاراً نفيسة وإيواناً ترمح فيه الخيالة برماحهم ووجد بها من أواني الذهب والفضة ولا يحيط به وصف ووجد بها على المائدة التي كانت لنبي الله سليمان بن داود عليه السلام ، وكانت على ما ذكر من زمرد أخضر .
وهذه المائدة إلى الآن باقية في مدينة روما وأوانيها من الذهب وصحافها من الزبرجد ونفيس الجواهر ووجد فيها الزابور مكتوباً بخط يوناني في ورق من الذهب مفصص بالجواهر ووجد فيها كتاباً يذكر فيه منافع الأحجار الكريمة والبيوت والمدائن والقرى والطلاسم وعلم الكيمياء من الذهب والفضة ووجد كتاباً آخر يحكي فيه صناعة اليواقيت والأحجار وتركيب السموم والترياقات وصورة شكل الأرض والبحار والبلدان والمعادن ، ووجد فيها قاعة كبيرة ملآنة من الأكسير الذي الدرهم منه يقلب ألف درهم من الفضة ذهباً خالصاً ووجد بها مرآة كبيرة مستديرة عجيبة مصنوعة من أخلاط صنعت لنبي الله سليمان بن داود عليه السلام إذا نظر الناظر فيها رأى الأقاليم السبعة عياناً ووجد فيها ليواناً فيه من الياقوت البهرماني ما لا يحيط به وصف ، فحمل ذلك كله إلى الوليد بن عبد الملك وتفرق العرب في مدنها وهي من أعظم البلاد .

حكاية هشام بن عبد الملك مع غلام من الأعراب

ومما يحكى أيضاً أن هشام بن عبد الملك بن مروان كان ذاهباً إلى الصيد في بعض الأيام فنظر إلى ظبي فتبعه الكلاب فبينما هو خلف الظبي إذ نظر إلى صبي من الأعراب يرعى غنماً فقال هشام له :
يا غلام دونك هذا الظبي فاتني به .
فرفع رأسه إليه وقال :
يا جاهلاً بقدر الأخبار لقد نظرت إلي بالإستصغار وكلمتني بالإحتقار فكلامك كلام جبار وفعلك فعل حمار .
فقال هشام :
ويلك أما تعرفني ?
فقال الغلام :
قد عرفني بك سوء أدبك إذ بدأتني بكلامك دون سلامك .
فقال له هشام :
ويلك أنا هشام بن عبد الملك .
فقال له الإعرابي :
لا قرب الله ديارك ولا حيا مزارك فما أكثر كلامك وأقل إكرامك .
فما استتم كلامه حتى أحدقت به الجند من كل جانب وكل واحد منهم يقول :
السلام عليك يا أمير المؤمنين .
فقال هشام :
اقصروا عن هذا الكلام واحفظوا هذا الغلام .
فقبضوا عليه ورجع هشام إلى قصره وجلس في مجلسه وقال :
علي بالغلام البدوي لإتي به .
فلما رأى الغلام كثرة الحجاب والوزراء وأرباب الدولة لم يكترث بهم ولم يسأل عنهم بل جعل ذقنه على صدره ونظر حيث يقع قدمه إلى أن وصل إلى هشام فوقف بين يديه ونكس رأسه إلى الأرض وسكت عن السلام وامتنع عن الكلام ، فقال له بعض الخدام :
يا كلب العرب ما منعك أن تسلم على أمير ?
فالتفت إلى الخادم مغضباً وقال :
يا بردعة الحمار منعني من ذلك طول الطريق وصعود الدرجة والتعويق .
فقال هشام وقد تزايد به الغضب :
يا صبي لقد حضرت في يوم حضر فيه أجلك وغاب عنك أملك وانصرم عمرك .
فقال الغلام :
والله يا هشام لئن كان في المدة تأخير ولم يكن في الأجل تقصير .
فقال له الحاجب :
هل بلغ من مقامك يا أخس العرب أن تخاطب أمير المؤمنين كلمة بكلمة .
فقال الغلام مسرعاً :
لقيت الخبل ولا فارقك الويل والهبل أما سمعت ما قال الله تعالى :
يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها .
فعند ذلك اغتاظ هشام غيضاً شديداً وقال :
يا سياف علي برأس هذا الغلام فإنه أكثر بالكلام ولم يخش الملام .
فأخذ الغلام ونزل به إلى أن نطع الدم وسل سيفه على رأسه وقال :
يا أمير المؤمنين هذا عبدك المذل بنفسه السائر إلى رمسه هل أضرب عنقه وأنا بريء من دمه ?
قال هشام :
نعم .
فاستأذن ثانياً ففهم الفتى أنه إن أذن له هذه المرة يقتله فضحك حتى بدت نواجذه فازداد هشاماً غضباً وقال :
يا صبي أظنك معتوهاً أما ترى أنك مفارق الدنيا فكيف تضحك هزءاً بنفسك ?
فقال الغلام :
يا أمير المؤمنين لئن كان في العمر تأخير لا يضرني قليل ولا كثير ولكن حضرتني أبياتاً فاسمعها فإن قتلي لا يفوتك .
فقال هشام :
هات وأوجز .
فأنشد هذه الأبيات :
نبئت أن الباز صادف مـرة .......... عصفور بر ساقه المقدور
فتكلم العصفور في أظفاره .......... والباز منهمك عليه يطير
مثلي ما يغني لمثلك شبعة .......... ولئن أكلت فإنني حقـير
فتبسم الباز المذل بنفـسـه .......... عجباً وأفلت ذلك العصفور
فتبسم هشام وقال :
وحق قرابتي من رسول الله صلى الله عليه وسلم لو تلفظ بهذا اللفظ من أول كلامه وطلب مادون الخلافة لأعطيتها إياه ، يا خادم احش فاهه جوهراً وأحسن جائزته .
فأعطاه الخادم حلة عظيمة ، فأخذها وانصرف إلى حال سبيله .

حكاية اسحق الموصلي وتزوج المأمون بخديجة بنت الحسن بن سهل

ومما يحكى أن اسحق الموصلي قال :
خرجت ليلة من عند المأمون متوجهاً إلى بيتي فضايقني حصر البول فعمدت إلى زقاق وقمت أبول خوفاً أن يضر بي شيء إذا جلست في جانب الحيطان فرأيت شيئاً معلقاً من تلك الدور فلمسته لأعرف ما هو فوجدته زنبيلاً كبيراً بأربعة آذان ملبساً ديباجاً ، فقلت في نفسي :
لابد هذا من سبب .
وصرت متحيراً في أمري فحملني السكر على أن أجلس فيه فجلست فيه وإذا بأصحاب الدار جذبوه بي وظنوا انني الذي كانوا يترقبونه .
ثم رفعوا الزنبيل إلى رأس الحائط وإذا بأربع جوار يقلن لي إنزل على الرحب والسعة ومشت بين يدي جارية بشمعة حتى نزلت إلى دار فيها مجالس مفروشة لم أر مثلها إلا في دار الخلافة فجلست فما شعرت بعد ساعة إلا بستور قد رفعت في ناحية الجدار وإذا بوصائف يتماشين وفي أيديهن الشموع ومجامر البخور من العود القاقلي وبينهن جارية كأنها البدر الطالع فنهضت وقالت :
مرحباً بك من زائر .
ثم أجلستني وسألتني عن خبري .
فقلت لها :
إني انصرفت من عند بعض إخواني وغرني الوقت وحصرني البول في الطريق فملت إلى هذا الزقاق فوجدت زنبيلاً ملقى فأجلسني النبيذ في الزنبيل ورفع بي الزنبيل إلى هذا الدار ، هذا ما كان من أمري .
فقالت الجارية :
لا ضير عليك وأرجو أن تحمد عاقبة أمرك .
ثم قالت لي :
فما صناعتك ?
فقلت لها :
أنا تاجر في سوق بغداد .
فقالت الجارية :
هل تروي من الأشعار شيئاً ?
قلت لها :
شيئاً ضعيفاً .
قالت الجارية :
فذاكرنا فيه وأنشدنا شيئاً منه .
فقلت لها :
إن للداخل دهشة ولكن تبدأين أنت .
قالت الجارية :
صدقت .
ثم أنشدت شعراً رقيقاً من كلام القدماء والمحدثين وهو من أجود أقاويلهم وأنا أسمع ولا أدري أأعجب من حسنها وجمالها أم من حسن روايتها .
ثم قالت الجارية :
هل ذهب ما كان عندك من الدهشة ?
قلت لها :
أي والله .
قالت الجارية :
إن شئت فأنشدنا شيئاً من روايتك .
فأنشدتها شعر الجماعة من القدماء ما فيه الكفاية فاستحسنت ذلك ، ثم قالت :
والله ما ظننت أن يوجد في أبناء السوقة مثيل هذا .
ثم أمرت بالطعام .
فقالت لها أختها دنيازاد :
ما أحلى حديثك وأحسنه وأطيبه وأعذبه .
فقالت شهرزاد :
وأين هذا مما أحدثكم به الليلة القابلة إن عشت وأبقاني الملك .


 

رد مع اقتباس