عرض مشاركة واحدة
قديم 10-06-2009, 06:29 PM   #350
الفجر البعيد
الزوار


الصورة الرمزية الفجر البعيد

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية :
 أخر زيارة : 01-01-1970 (03:00 AM)
 المشاركات : n/a [ + ]
لوني المفضل : Cadetblue


التاسعة والعشرين بعد الثلاثمائة

قالت شهرزاد :

بلغني أيها الملك السعيد أن الخليفة هارون الرشيد قال للشيخ :
خذ هذه العشرة دنانير ومر بنا في محاذاتهم .
فقال : سمعاً وطاعة .
ثم أخذ الدنانير وسار بهم وما زالوا سائرين في ظلام الزورق إلى البساتين .
فلما وصلوا إلى البستان رأوا زريبة ، فرسي عليها الزورق وإذا بغلمان واقفين ومعهم بغلة مسرجة بلجمة فطلع الخليفة الثاني وركب البغلة وسار بين الندماء وصاحت المشاعلية واشتغلت الحاشية بشأن الخليفة الثاني هارون الرشيد هو وجعفر ومسرور إلى البر وشقوا بين المماليك وساروا قدامهم فلاحت من المشاعلية التفاتة فرأوا ثلاثة أشخاص لبسهم لباس تجار وهم غرباء الديار فأنكروا عليهم وغمزوا وأحضروهم بين يدي الخليفة الثاني ، فلما نظرهم قال لهم :
كيف وصلتم إلى هذا المكان وما الذي أتى بكم في هذا الوقت ?
قالوا له :
يا مولانا نحن قوم من التجار غرباء الديار وقدمنا في هذا اليوم وخرجنا نتمشى الليلة وإذا بكم قد أقبلتم فجاء هؤلاء وقبضوا علينا وأوقفونا بين يديك وهذا خبرنا .
فقال الخليفة الثاني :
لا بأس عليكم لأنكم قوم غرباء ولو كنتم من بغداد لضربت أعناقكم .
ثم التفت إلى وزيره وقال :
خذ هؤلاء صحبتك فإنهم ضيوفنا في هذه الليلة .
فقال الوزير :
سمعاً وطاعة لك يا مولانا .
ثم ساروا معه إلى أن وصلوا إلى قصر عال عظيم الشأن محكم البنيان ما حواه سلطان قام من التراب وتعلق بأكتاف السحاب وبابه من خشب الصاج مرصع بالذهب الوهاج يصل منه الداخل إلى إيوان بفسقية وشاذروان وبسط ومخدات من الديباج ونمارق وطاولات ، وهناك ستر مسبول وفرش يذهل العقول ويعجز من يقول وعلى الباب مكتوب هذان البيتان :
قصر عليه تـحـية وسـلام ........ خلعت عليه جمالـهـا الأيام
فيه العجائب والغرائب نوعت ........ فتحيرت في فنهـا الأقـلام
ثم دخل الخليفة الثاني والجماعة صحبته إلى أن جلس على كرسي مذهب مرصع بالجواهر وعلى الكرسي سجادة من الحرير الأصفر وقد جلست الندماء ووقف سياف النقمة بين يديه فمدوا السماط وأكلوا ورفعت الأواني وغسلت الأيادي وأحضروا آلة المدام واصطفت القناني والكاسات ودار الدور إلى أن وصل إلى الخليفة هارون الرشيد فامتنع من الشراب فقال الخليفة الثاني لجعفر :
ما بال صاحبك لا يشرب ?
فقال الوزير جعفر :
يا مولاي إن له مدة ما شرب من هذا .
فقال الخليفة الثاني :
عندي مشروب غير هذا يصلح لصاحبك وهو شراب التفاح .
ثم أمر به فأحضروه في الحال فتقدم الخليفة الثاني بين يدي هارون الرشيد وقال له :
كلما وصل إليك الدور فاشرب من هذا الشراب .
وما زالوا في انشراح وتعاطي أقداح الراح إلى أن تمكن الشراب من رؤوسهم واستولى على عقولهم .


 

رد مع اقتباس