عرض مشاركة واحدة
قديم 11-06-2009, 09:43 AM   #358
الفجر البعيد
الزوار


الصورة الرمزية الفجر البعيد

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية :
 أخر زيارة : 01-01-1970 (03:00 AM)
 المشاركات : n/a [ + ]
لوني المفضل : Cadetblue


الليلة السابعة والثلاثين بعد الثلاثمائة

قالت شهرزاد :

بلغني أيها الملك السعيد أن الخليفة هارون الرشيد قال :
أحضروا الجارية في هذا الوقت فإني شديد الشوق إليها .
فأحضروها وقال للقاضي أبي يوسف :
أريد وطأها في هذا الوقت فإني لا أطيق الصبر عنها إلى مضي مدة الإستبراء وما الحيلة في ذلك ?
فقال أبو يوسف :
ائتوني بمملوك من مماليك أمير المؤمنين الذي لم يجر عليه العتق .
فأحضروا المملوك فقال أبو يوسف :
أتأذن لي أن ازوجها منه ثم يطلقها قبل الدخول فيحل وطؤها في هذا الوقت من غير استبراء ?
فأعجب هارون الرشيد ذلك أكثر من الأول .
فلما حضر المملوك قال الخليفة للقاضي :
أذنت لك في العقد .
فأوجب القاضي النكاح ثم قبله المملوك وبعد ذلك قال له القاضي :
طلقها ولك مائة دينار .
فقال المملوك :
لا أفعل .
ولم يزل يزيده وهو يمتنع إلى أن عرض عليه ألف دينار ثم قال للقاضي :
هل الطلاق بيدي أم بيد أمير المؤمنين ?
قال القاضي :
بيدك .
قال المملوك :
والله لا أفعل أبداً .
فاشتد غضب أمير المؤمنين وقال :
ما الحيلة يا أبا يوسف ?
قال القاضي أبو يوسف :
يا أمير المؤمنين لا تجزع فإن الأمر هين ملك هذا المملوك للجارية .
قال الرشيد : ملكته لها .
قال القاضي : قولي قبلت .
فقالت الجارية : قبلت .
فقال القاضي :
حكمت بينهما بالتفريق لأنه دخل في ملكها فانفسخ النكاح .
فقام أمير المؤمنين على قدميه وقال :
مثلك من يكون قاضياً في زماني .
واستدعى بأطباق الذهب فأفرغت بين يديه وقال للقاضي :
هل معك شيء تضعه فيه ?
فتذكر مخلاة البغلة فاستدعي بها فملئت ذهباً فأخذها وانصرف إلى بيته فلما أصبح الصباح قال لأصحابه :
لا طريق إلى الدين والدنيا أسهل وأقرب من طريق العلم فإني أعطيت هذا المال العظيم في مسألتين أو ثلاث .
فانظر أيها المتأدب إلى لطف هذه الوقعة فإنها اشتملت على محاسن منها دلال الوزير على هارون الرشيد وعلم الخليفة وزيادة علم القاضي فرحم الله أرواحهم أجمعين .

حكاية خالد بن عبد الله القسري مع الشاب السارق

ومما يحكى أن خالد بن عبد الله القسري كان أمير البصرة فجاء إليه جماعة متعلقون بشاب ذي جمال باهر وأدب ظاهر وعقل وافر وهو حسن الصورة طيب الرائحة وعليه سكينة ووقار فقدموه إلى خالد فسألهم عن قصته فقالوا :
هذا لص أصبناه البارحة في منزلنا .
فنظر إليه خالد فأعجبه حسن هيئته ونظافته فقال :
حلوا عنه .
ثم دنا منه وسأله عن قصته فقال :
القوم صادقون فيما قالوه والأمر على ما ذكروا .
فقال له خالد :
ما حملك على ذلك وأنت في هيئة جميلة وصورة حسنة ?
قال الشاب :
حملني على ذلك الطمع في الدنيا وقضاء الله سبحانه وتعالى .
فقال له خالد :
ثكلتك أمك ، أما كان لك في جمال وجهك وكمال عقلك ، وحسن أدبك زاجر يزجرك عن السرقة ?
قال الشاب :
دع عنك هذا أيها الأمير وامض إلى ما أمر الله تعالى به فذلك ما كسبت يداي وما الله بظلام العبيد .
فسكت خالد ساعة يفكر في أمر الفتى ، ثم أدناه منه وقال له :
إن اعترافك على رؤوس الأشهاد قد رابني وأنا ما أظنك سارقاً ولعل لك قصة غير السرقة فأخبرني بها ?
قال الشاب :
أيها الأمير لا يقطع نفسك شيء سوى ما اعترفت به عندك وليس لي قصة أشرحها إلا أني دخلت دار هؤلاء فسرقت ما أمكنني فأدركوني وأخذوه مني وحملوني إليك .
فأمر خالد بحبسه وأمر مناد ينادي بالبصرة :
إلى من أحب أن ينظر إلى عقوبة اللص وقطع يده فليحضر من الغداة إلى المحل الفلاني .
فلما استقر الفتى في الحبس ووضعوا في رجليه الحديد تنفس الصعداء ، وأفاض العبرات وأنشد هذه الأبيات :
هددني خالد بقـطـع يدي ........ إذا لم أبح عنده بقصتهـا
فقلت هيهات أن أبوح بما ........ تضمن القلب من محبتها
قطع يدي الذي اعترفت به ........ أهون للقلب من فضيحتها
فسمع ذلك الموكلون به فأتوا خالداً وأخبروه بما حصل منه فلما جن الليل أمر بإحضاره عنده فلما حضر لمنطقته رآه عاقلاً أديباً فطناً لبيباً فأمر بطعام فأكل وتحدث معه ساعة كاملة ثم قال له خالد :
قد علمت أن لك قصة غير السرقة فإذا كان الصباح وحضر الناس وحضر القاضي وسألك عن السرقة فأنكرها واذكر ما يدرأ عنك حد القطع فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
ادرؤوا الحدود بالشبهات .
ثم أمر به إلى السجن .


 

رد مع اقتباس