عرض مشاركة واحدة
قديم 05-07-2009, 02:46 PM   #1
أد. عادل خضر
(مستشار)استاذ علم النفس الاكلينيكي


الصورة الرمزية أد. عادل خضر
أد. عادل خضر غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 28101
 تاريخ التسجيل :  06 2009
 أخر زيارة : 10-07-2009 (05:58 PM)
 المشاركات : 19 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
في سيكولوجية الشحاتة



في سيكولوجية الشحاتة
( حسنة لله ربنا يخلي لك الست )


نسمع الكثير من تعبيرات المتسولين ، والتي منها ، لله يا محسنين لله ، حسنة قليلة تمنع بلاوي كثيرة ، هنيالك يا فاعل الخير والثواب ، وأكثرها شيوعاً قول بعض المتسولين : " حسنة لله " ..
ونلاحظ أن كل المتسولين لا يطلبون الحسنة لأنفسهم ، إنما هم دوماً يطلبونها لله .. وطلب الحسنة إنما هو إقرار من المتسول بافتقاره إلى المال ، وهو وإن كان يطلب المال في الأساس ، إلا أنه ينطق بالحسنة في الطلب بدلاً من المال ، وهو يطلب الحسنة ( المال ) لله ، وهذا الطلب بهذه الصيغة يعد تذكرة للغني بأن المال مال الله ، وأن الله أمر الغني أن يعطي الفقير من هذا المال الذي استخلفه الله فيه .. وفي هذا يقول المولى عز وجل : " وَأَنفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُم مُّسْتَخْلَفِينَ فِيهِ " ( الحديد : 7 ) ، وهذا الأمر الإلهي يجعل عطاء الإنسان حسنة ( مال ) للمتسول إنما هو عطاء لله ، أي ابتغاء مرضاة الله ، وأن الله سوف يجازيه عن الخير الذي أنفقه بما هو خير منه ، ويقول الله في ذلك : " وَمَا تُنفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ فَلأنفُسِكُمْ وَمَا تُنفِقُونَ إِلاَّ ابْتِغَاء وَجْهِ اللّهِ وَمَا تُنفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ " ( البقرة : 272 ) ..
والمتأمل للأقوال الشائعة التي يستخدمها المتسولون ، يجد أن هناك بعض الأقوال الشائعة للشحاتة ، والتي يمكن الوقوف عليها لتحليلها ، ومنها ما يصدر عن النساء دون الرجال ... ومن الشائع مثلاً لدى بعض النساء اللاتي تحترفن التسول ، أن يقلن للرجل المصاحب لسيدة في الطريق : " حسنة لله ربنا يخلي لك الست " ، ويمكن لنا تحليل هذه المقولة الشهيرة للشحاتة من زاويتي التحليل النفسي والسلوكية وذلك على النحو التالي :
فمن زاوية التحليل النفسي يمكن تحليل هذه المقولة بأن المتسولة تدافع عن ذاتها لوجود رغبات شريرة لديها تجاه النساء ، حيث تقول لكل رجل معه سيدة : " ربنا يخلي لك الست " ، وهذا تأكيد مبالغ فيه ، فوفقاً لميكانيزم التكوين العكسي ، فالمبالغة في إظهار شيء إنما هي دليل على إخفاء عكسه ، فالأصل لدى هذه المتسولة هو وجود رغبة عدوانية دفينة تجاه السيدات بشكل عام ، ولمشاعر الذنب تتبدل هذه الرغبات بحيث تكبت الرغبة المميتة للست وتظهر الرغبة في طول العمر لها .. وعلى هذا يكون قولها : " ربنا يخلي لك الست " إخفاء لقولها : " ربنا ياخد منك الست " ..
أمام من زاوية السلوكية ، فوفقاً للإشراط الإجرائي ، حيث الاستجابة تتبعها استجابة ، فإن استجابة الرجل بإعطاء حسنة للمتسولة ( كاستجابة منه )، يترتب عليه استجابة المتسولة بالدعاء له إن ربنا يخلي له الست ( كاستجابة منها ) ، وهذا يعني أن عدم إقدام الرجل على إعطائه الحسنة ، سيكون استجابته عدم دعاء المتسولة له ببقاء الست معه وأن يفقدها ، ويمكن تمثيل ذلك بهذا الشكل : ــ
إعطاء حسنة بقاء الست
عدم إعطاء حسنة فقدان الست
ونلاحظ مما سبق أن العلاقة شرطية ، وأن تحقيق جواب الشرط مترتب على فعل الشرط .. فالدعاء من قبل المتسولة ببقاء الست مرهون بإعطائها الحسنة ، أما عدم إعطاء الحسنة لها فيترتب عليه عدم دعائها له ببقاء الست معه ، مما يرتبط برغبة في فقدان الرجل للست .. وفي هذا يتلاقى التفسير السلوكي مع التحليلي ، حيث يرى التحليل النفسي أن الرغبة تساوي الفعل ، ذلك أن الدعاء رغبة تساوي البقاء ( للست ) ، وعدم الدعاء رغبة تساوي الفناء ( للست ) ..
ومن جهة أخرى يمكن لنا تحليل سلوك الرجل والست في حال إعطاء أو عدم إعطاء الحسنة للمتسولة التي تقول للرجل المصاحب لسيدة : " حسنة لله ربنا يخلي لك الست " ..
فإذا كانت استجابة الرجل المصاحب لسيدة في الطريق ( سواء امرأته أو خطيبته ، أو زميلته ) هي دوماً المبادرة بإعطاء حسنة للمتسولة ، فذلك دليل على أنه يطمع فيما يترتب على العطاء وهو البقاء ( بقاء امرأته أو خطيبته أو زميلته ) . فحيث أنه قام بفعل الشرط فإنه يرغب في أن يتحقق جواب الشرط ( ولو على المستوى اللاشعوري ) .. وهذا يدل على حبه لها وتقديره لأهميتها في حياته .. أما إذا كانت استجابة الرجل عدم إعطاء حسنة للمتسولة فربما يدل على أنه لا يرغب في تحقيق جواب الشرط ، ولا يهمه بقاء الست ( المرأة ، الخطيبة ، أو الزميلة ) ، وقد يكون لديه رغبة شعورية أو لا شعورية في التخلص منها ..
ومن جهة أخرى ، إذا كانت المبادرة من الست المصاحبة للرجل في الطريق ( سواء كانت الزوجة ، أو الخطيبة ، أو الزميلة ) ، بأن قامت هي وليس الرجل بإعطاء حسنة لهذه المتسولة التي قالت : " ربنا يخلي لك الست " ، فهذا يدل على رغبة هذه الست بأن تكون مصاحبة لهذا الرجل كدليل محبتها وتقديرها له ( فإذا كانت زوجته فهي تتمسك به زوجاً لها ، وإذا كانت خطيبته فذاك دليل على حبها له ، أما إذا كانت زميلته فهذا يدل على رغبة هذه الزميلة أن تصبح الست الخاصة بهذا الرجل ) ..

المصدر: نفساني



 
التعديل الأخير تم بواسطة الحوراني ; 14-04-2016 الساعة 08:17 AM

رد مع اقتباس