الموضوع: الشك والشكذ
عرض مشاركة واحدة
قديم 12-07-2009, 12:26 PM   #2
سمير ساهر
عضـو مُـبـدع


الصورة الرمزية سمير ساهر
سمير ساهر غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 28244
 تاريخ التسجيل :  07 2009
 أخر زيارة : 17-07-2011 (06:26 PM)
 المشاركات : 526 [ + ]
 التقييم :  50
لوني المفضل : Cadetblue


الشك المنهجي والشك المذهبي

بناء على كل ما سبق، فإنَّ الشك ينقسم إلى قسمين:
شك منهجي: أي شك يستعمل لمعرفة ما إذا كان المشكوك فيه، كما يقال عنه، أو كما يبدو في الظاهر، أو لا، وليس بالضرورة أنْ يكون المشكوك فيه: شيئان متكافئان في الأدلة، بحيث لا يُرَجَّح أ على ب، أو العكس، فهذا مرتبة من مراتب الشك، وليست كل المراتب، فعندما يُشَك في تكافؤ الأدلة، وثبت في الوقت د أنَّ أ يرجح على ب بنسبة معينة، وفي وقت هـ زاد ترجيح أ، وفي وقت و زاد أكثر، وفي وقت ز تراجع مرتبه.. كما ترون فمراتب الشك كثيرة..

شك مذهبي: الشك المذهبي لا ينتهي، وذلك لقول أصحابه بتكافؤ الأدلة، فلا يمكن أنْ يرجح أ على ب، ويتميز اللاأدرية بهذا الشك في الطَّبْعُوَان (ما وراء الطبيعة)، لأنَّ الطَّبْعُوَانيات لا تقع تحت الحس، وما لا يقع تحته، ولا يمكن رصده، فالأدلة فيه تتكافأ، فنحن لا نعرف إلا ما هو حسي، وما ليس بحسي فلا يمكن ترجيح مركز على آخر، في المشكوك فيه، فأدلة وجود الله تساوي أدلة عدم وجوده، وكذلك الملائكة إلخ..

نحن نستعمل في كتابنا هذا وفي شؤون حياتنا الشك المنهجي، أما الشك المذهبي فننظر إليه على أنَّه عبث في الطَّبعوانيات..
مثال على الشك المنهجي: كانَ سامر يعاني من الحرق الممريوي، ولا يخرج إلى الناس إلا نادرا، ولكن ذات يوم جاءه أحد أصدقاءه القدماء، ولم يكن يعلم أنَّ سامرا مصاب بالتروات عموما، وطلب من سامر أنْ يذهب معه، فأبى، ولكن بعد تصرار حامد (صديق سامر القديم)، ذهب معه سامر، فركب سامر سيارة حامد الجديدة، وذهبا، فشم حامد رائحة حرق في السيارة، فشك شكا متكافئا أنَّ الحرق في محرك السيارة، فالسيارة جديدة، ولكنه توقف ونزل، وفتح نافذة المِحْرَاك، فوجد المحراك تمام، ولكن لمَّا ركب السيارة وجد الرائحة في داخل السيارة، فاعتذر من سامر ليذهب إلى مصلح السيارات، فأخذ سامر إلى بيته، ولمَّا ذهب، فتح النوافذ لتغيير رائحة السيارة، ثم أغلقها، وعلى مسافة خمس دقائق لم يشم رائحة الحرق، ولكن مع هذا ذهب إلى المصلح، ولمَّا فحصها المصلح، وجدها بلا مشاكل، فاطمئن حامد، وعاد إلى سامر، ليذهبا، فأبى سامر، فسامر عرف أنَّ رائحة الحرق منه، ولكن تصرار حامد جعله يذهب معه، ولكن يا للعجب فحامد بدأ يشم نفس الرائحة، فقال حامد في نفسه: ربما سامر لم يستحم منذ مدة طويلة، بدلالة قول صديقة: أنَّ سامر لا يستحم بدلالة رائحته.. فقال سامر في نفسه: إذا كان الأمر كذلك فسنذهب إلى البركة لنسبح ويتنظف سامر، ولكن لم يكن معهما ملابس سباحة، فاشتروا ملابس سباحة وبعض المُسَلِّيات من حانوت لا يَبْعُد كثيرا عن البركة التي أرادا الذهاب إليها، ولمَّا لبسا ملابس السباحة، ودخلا البركة، وسبحا خمس دقائق تقريبا، بدأ حامد يَشْعُر بأنَّ رائحة سامر بدأت تتغير فأيقن أنَّ سامر سيتنظف اليوم في البركة، ولكن آنَما ذهبا للغداء شعر حامد برائحة دخان، فشك، وقال أكيد ليست من سامر، وقد قام ليرى ما إذا كان بالقرب من المكان الذي يجلسا فيه سيارة تعمل، فلمَّا ابتعد عن سامر لم يشم رائحة الحرق، فقال: ربما في بقية الإتجاهات، فدار عليها كلها ولم يشم فيها رائحة حرق، فلمَّا عاد واقترب من سامر وجد رائحة الحرق نشطة، فقال حامد لسامر: سأذهب لأليِّف نفسي، فلدى هذه البركة حمامات ممتازة، فما رأيك أنْ ترافقني؟ فدخلوا الحَمَّام، وبدأ حامد يتليف، وأشْعَرَ سامر أنَّ التليف ماتع، وطلبه أنْ يجرب، فخاض سامر التجربة وبقوا يتليفوا أكثر من ساعة، فحامد لم يدخل ليتليف، فهو في غنى عن التليف، ولكنه فعلها لكي يفعلها سامر، فيتنظف من دخانه، ولمَّا انتهياء، شَعَرَ حامد برائحة سامر الجميلة وقد كانت من الصابون الجميل، ولكن بعد نصف ساعة، شمَّ حامد رائحة دخان، ولكن حامد لا يفتر يشك في أنَّ الدخان ليس من سامر بل من مكان آخر، فسامر الآن استحم ولم يبقَِ على جلده دخانا، ولكن بعد الملاحظة تأكد أنَّ الدخان من سامر، فذهب واشترى عبوة عطر من أجود العطور، فوضع حامد على جلده منها، لكي لا يُحْرِج سامر، رغم أنَّ سامر شَبِعَ حرجا، ولكن لا يمكن لسامر أنْ يقضي على الرائحة الدخانية، فهي من التروات التحمامي الذي يأبى أنْ يزول، وطلب حامد من سامر أنْ يَضَع عطرا على جلده، فهو ذو رائحة جميلة، فوضع سامر عطر على جلده، ولم يُكْثِر، فإذا بحامد يُكْثِر من وضع عطر على جلده، لكي يُشَجِّع سامر على وضع المزيد على جلدة، فوضع سامر الكثير من العطر، فأيقن حامد أنَّ سامر حصل على يوم العمر، فلم يَعُد جسده يُدَخِّن، ولكن بعد ربع ساعة أصيب سامر بتوتار لمدة خمس دقائق تقريبا، فإذا بحامد يَشْعُر برائحة غريبة جدا من عند سامر، وهي رائحة دخان مخلوط بعطر، حيث لا يمكن احتماله اطلاقا، فتحيَّر حامد بشأن سامر، فقال حامد: سأدخل لأسبح ودخل، ولم يدخل سامر، فهو يريد أنْ يبتعد عن حامد لئلا يشم رائحة أكثر، فما شمه يكفي الإنس والجان، ولكن حامد طلب منه أنْ يتسابقا في السباحة، فدخل بعد تصرار حامد، فأيقن حامد أنَّ رائحة العطر يمكن أنْ تزول، فهي قد زادت الرائحة شينا، وقد صدق فبعضا من رائحة العطر قد زالت، ولكن حامد قال في نفسه: زوالها مرهون بتليف، وذهبوا ليتليفوا، فذهب الكثير من رائحة العطر بعد التليف، فقال حامد في نفسه: أنا أقدر على احتمال دخان بلا عطر، أما دخان بعطر فهذه طامة الطامات، ولمَّا خرجوا من الحمام، جلسوا على تلة تطل على البركة حيث الريح الجميل، ولكن دخان جسد سامر كان يتداخل مع الريح فيلوثه، وهذا ما نغص على حامد سياحته، فقد قال في نفسه: يبدو أنَّ سامر سيارة قديمة ولكن بلا مِدْخَان مرئي.. هذه القصة تظهر الشك المنهجي، وقد ألبسناها أحد مواضيع كتابنا..


يتبع


 

رد مع اقتباس