عرض مشاركة واحدة
قديم 12-07-2009, 01:25 PM   #3
سمير ساهر
عضـو مُـبـدع


الصورة الرمزية سمير ساهر
سمير ساهر غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 28244
 تاريخ التسجيل :  07 2009
 أخر زيارة : 17-07-2011 (06:26 PM)
 المشاركات : 526 [ + ]
 التقييم :  50
لوني المفضل : Cadetblue


فقالت أم مظفر: يا كذَّابة، ومن أين جاء الصُّداع الذي في رأسي؟
قامت أم حليم من كرسيها وقالت: ماذا دهاك يا جارتي، لماذا تصفينني بالكذَّابة، ثم لماذا تتهمينني بأنني سبب صُداعك، ولا تتهمي زوجك الذي يُصَدِّع مدينة بأكملها، ولا أدري كيف تصبرين عليه؟!
قامت أم مظفر وقالت: أنت يا كخة، تقولي على زوجي هذا الكلام؟!، لقد بانت حقيقتك، فقد كنتِ تريدي أنْ تُؤذي زوجي بالجزر، وها هو قد آذاني، وذَهَبَتْ إلى المطبخ وأخَذَتِ الجزر، وقالت وهي ترمي الجزر بجانب أم حليم: ها هو جزرك الذي وضعتِ فيه حجاب صداع، خُذِيه وانصرفي يا من تسعي في إذاء الناس، فأنتم لا تخشون الله، وقالت لأم حليم: ما لك واقفة: خُذي جزرك قبل أنْ تَخْرُجِي، وإلا سَألُم عليك نساء الحارة.
فقالت أم حليم: سامحك الله، ولا داعي للم نساء الحارة، فما حصل يكفي، بل فاض الكيل..

لقد ظنت أم مظفر أنَّ أم حليم أرادت بها وببيتها شرا، والحقيقة أنَّ هذا غير صحيح، فأم مظفر تعاني من صُداع من حين إلى آخر، ولمَّا أكلت جزرا، فقد تحرك الصداع، فالذي يعاني من صُداع لا يحتمل الأصوات المزعجة الخارجة البعيدة، فكيف عندما يكون الصوت المزعج قريبا، لا بل كيف إذا كان الصوت المزعج يَحْدُث بين الأسنان، من مضغ الجزر؟!، فمضغ الجزر يُحْدِثُ صوتا مزعجا، وهو الذي حرَّك الصُّداع أوَّلا، وجعله حادا ثانيا، فليس في القصة حجاب عُمِل عند الدرويش مُفَسِّد، ولا عند درويش غيره..


مثال ثانٍ: جاء هيثم إلى قاضٍ يشكوه أنَّ زوجته قد زنت!.
فقال له القاضي: هل لك شهداء؟
قال هيثم: لا يوجد معي شهداء، فأنا الشاهد على ما حَدَث لا غير!.
قال القاضي: يا بني، لا تعرض نفسك للعنت الله، فالشاهد بالكذب، في حالتك، يُعَرِّض نفسه للعنت الله..
قال هيثم: ما جئت لأشهد كذبا.
قال القاضي: إذًا أنت وزوجتك محكومان بقوله تعالى:"وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ (6) وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ (7) وَيَدْرَؤُاْ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ (8) وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ (9)" النور.
وقال القاضي: أين زوجتك؟
قال هيثم: في بيتي؟
قال القاضي: استدعِها للمثول أمام القاضي، لتدرأ عن نفسها شهادتك إنْ أرادت ذلك..
قال هيثم: سأفعل الآن، وقد ذهب وعاد إلى القاضي ومعه زوجته سميرة.
قال القاضي: لزوجته ما رؤيك في اتهام زوجك لك.
قالت سميرة: اتهامه باطل.
قال القاضي لهيثم: تقدم واشهد اربع شهادات بالله إنك لمن الصادقين.
قال هيثم: اشهد بالله إنني لمن الصادقين في اتهامي لها بالزنى.. وقد قالها اربع مرات..
قال القاضي: اشهد الشهادة الخامسة، وهي: لعنت الله عليك إنْ كنتَ من الكاذبين.
قال هيثم: لعنت الله عليَّ إنْ كنتُ من الكاذبين.. قالها وقد اعتراه شيء من الاضطراب.
قال القاضي لسميرة: تعالي لتدرئي عن نفسك العذاب، بالشهادة بالله اربع مرات إنَّه لمن الكاذبين.
قالت سميرة: أشهد بالله إنَّه لمن الكاذبين.. وقد كررتها اربع مرات.
قال القاضي: بقيت الشهادة الخامسة، وهي: أنَّ غضب الله عليك إنْ كان من الصادقين.
قالت سميرة: أشهد أنَّ غضب الله عليَّ إنْ كان من الصادقين.
بعد أنْ شهدا، ذهب هيثم إلى بيته، وذهبت سميرة إلى بيت أهلها، فإتهامه لها بالزنى كرَّهها في البقاء معه في بيت واحد.
وقد قضى هيثم اسبوعا في العمل بعد شهادته، وكانت أموره على ما يرام، بإستثناء بعض الانشغال بشهادته ضد زوجته!، ثم أخذ إجازة لمدة اسبوع، وقد قضى اسبوع الإجازة في بيته، وكان منشغل كثيرا في شهادته ضد سميرة، حتى أنَّه لم يعُد يحتمل أحد من حوله، فهو دائم التوتر، وبعد أنْ انتهت إجازته، وعاد إلى العمل، رأى صاحب العمل أنَّ هيثم لم يعُد يحتمل النقد في عمله، بعد أنْ كان يَطْلُب انتقاده، بل حاول أكثر من مرة الاعتداء على عمال في المصنع الذي يعمل فيه، ولهذا أعطاه صاحب العمل إجازة لمدة اسبوع، فهو قد عَلِمَ بالمشاكل حَدَث معه وزوجته.
في اليوم الثاني من إجازته بدأ هيثم يَشْعُر بصداع في رأسه، ودغد في كفه وخُفه، وفي نهاية الاسبوع كان يَشْعُر أنَّ الدنيا تدور من حوله، وقال في بيته بصوت مسموع: يا ويلي، فقد حلت لعنت الله عليَّ باتهامي زوجتي ظلما وعدوانا بالزنى، وهي أطهر مني.. ولم يسمعه أحد عندما قال كلامه، فلم يكن في بيته أحد غيره، فهو يسكن فيه وحده، بعد أنْ ذهبت زوجته إلى أهله.
وقد ذهب إلى صديق له وهو في حاله هذا يكلمه عمَّا حَدَثَ له، وأنَّه في طريقه إلى الجنون، بسبب لعنة الله التي حلت عليه، بعد اتهامه زوجته بالزنى كذبا، وقال: لقد قلت أمام القاضي: أنَّ لعنة الله عليَّ إنْ كنتُ لمن الكاذبين.
فقال صديقه شيبان: ويلك هذه لعنت بتاء مفتوحة، وليست لعنة بتاء مغلقة.
فقال هيثم: وما الفرق؟
قال شيبان: إنَّ لعنت بتاء مفتوحة، تجعل لعنت الله عليك لا تتوقف، أما لعنة بتاء مغلقة ؛ فإنَّ اللعنة تتوقف، ولها حدود.
فقال هيثم: يا ويلي، ثم لماذا لم يُغْلِقُوا التاء لتكون لعنة وليس لعنت، يبدو أنَّهم سيجنَّنُونني؟! إذن حتما سأصاب بالجنون من العنت ذات التاء المفتوحة التي لم يُغْلِقُوها، بل سأصاب بالجنون من ظُلْمِي لزوجتي، وليس من لعنت ذات التاء المفتوحة، ثم ماذا عليَّ أنْ أفعل، يبدو أنَّه عليَّ أنْ أعترف باتهامي لها ظلما، وذهب إلى القاضي، وقال له: لقد اتهمتُ زوجتي ظلما، فماذا عليَّ أنْ أفعل.
فقال القاضي: اخبر زوجتك وأهلها بهذا، وسَنَنْظُر في شأنك.
وذهب هيثم وأخبرها بما حصل، فعفَت عنه، فهي طيبة القلب، تسامح بسرعة..
وقالت له: لنذهب سياحة لمنطقة مجاورة لنخفف عن أجسادنا الأثقال التي حَدَثت من اللعنت.
لقد ذهب الصداع والدغد عن هيثم بعد اسبوع واحد من سياحته، ولم يَشْعُر بصداع، حتى بعد خمس سنوات من وقت سياحته مع زوجته..

ما حَدَث لهيثم، لا يختلف عن ما حَدَثَ لغيره من الذين ذكرناهم في القصص، فمشكلته مع نفسه، فهو لمَّا كان منشغل بما حَدَث، وتوتر كثيرا، بحيث صارت أيامه كلها توتر؛ فإنَّ المرض دخل عليه بسرعة، فلعنت الله يطبقها اللاعن بنفسه، ولا يجيء أحد من بعيد ليطبقها عليه، فخوف الإنسان في هذا الشأن يجب أنْ يكون من نفسه، ثم يجب عليه من الأساس أنْ يخاف الله، فالخوف من الله؛ لا يجعله يخاف من نفسه، لأنَّ الذي يخاف من نفسه ربما اقترف ذنبا، والذي يخاف الله لا يميل إلى اقتراف الذنواب، وإنْ اقترف ذنبا؛ فإنَّه يُعَجِّل بالتوبة.. والله يقول الحق وهو يهدي السبيل.


مثال ثالث: عانى ص من الاسهال عدة أيام، ولأنَّ ص لا يحب الذهاب المشفى فقد سأل عن بديل للدواء الكيمائي، فقيل له: البطاطة المسلوقة ممتازة.. فاشترى بطاطة تكفي عائلة متوسطة لمدة اسبوعين، فأخذ يسلق بطاطة ويأكل، فإذا بالحُمام عندما كان يجلس في المرحاض يرتفع، فالوضع ليس على ما يرام كما شَعَر، ولم يدرِ ما السبب، وفي اليوم التالي، أكل بطاطة مسلوقة، ولما جلس على المرحاض، فإذا بالأمور تُزَاد تعقيدا، والحُمام يرتفع أكثر، بل حدث صداعا، وشقاقا، وأهافا أيضا، فبدأ يربط البطاطة بصعوبة التبرز، التي ترفع الحُمام، ويمكن أنْ تُحْدِث صداعا، وشقاقا، وأهافا، فقد كان يظن أنَّ البطاطة ستزيل الاسهال دون أنْ تكون مَصْعَبة تبرز، وقد سأل عن ما يمكن أنْ تُحْدِثه البطاطة في المرحاض، فأكدوا له ما توصل إليه؛ ولهذا ترك أكل البطاطة المسلوقة عدة أيام، فعادت الأمور مقبولة.. كما نرى فالبطاطة وبقية مَصْعَبَات التبرز، تُفْضِي إلى حُمَام أولا، خصوصا في الكَوَف والساق، وتُفْضِي ثانيا - وهو موضوعنا هنا - إلى صداع، وشقاق، وأهاف.. الذي حدث في هذا المثال يمكن أنْ يَحْدُث للفوبليين، ولكن بحدة أقل..

يتبع


 

رد مع اقتباس