14-07-2009, 11:07 PM
|
#2
|
عضـو مُـبـدع
بيانات اضافيه [
+
]
|
رقم العضوية : 28244
|
تاريخ التسجيل : 07 2009
|
أخر زيارة : 17-07-2011 (06:26 PM)
|
المشاركات :
526 [
+
] |
التقييم : 50
|
|
لوني المفضل : Cadetblue
|
|
المُرَاك: كُرارة عملية، أي عمل يتكرر كثيرا، بحيث يستولى على صاحبه، فلا يجد فكاكا منه.. سببه أنَّ صاحبه ينسى ما إذا عمل عمله أو لا، وهذا يتعلق بمدى انصياع المريض للمرض، فكلما كان المريض، دائم التفكير في مرضه، بحيث يُزاد مرضه وألمه من تفكيره في المرض؛ فإنَّ نسيانه يرتفع، والعكس بالعكس، ولكن هذا لا يعني أنَّ النسيان ينقطع عنه تماما، بل يمكن أنْ يبقى منه، لأنَّ وجود المرض دون أنْ يُدِيم التفكير فيه، وينتج عنه زيادة مرض من أتجاه، وتألم من اتجاه آخر، كاف لأنْ يجعله ينسى، والنسيان هنا ينصب على الأحداث القريبة دون البعيدة، ولكن إنْ كان المريض يعرف سلوك المرض جيدا، فإنَّه يتخلص من المُراك ، بإستثناء لو عَمِل في شيء خطير – الكهرباء مثالا -، ولم يكن متأكدا من صحة عمله، فإنَّه يكرر التأكد من أنَّه عمل عمله على الوجه الصحيح، وربما بعد تأكده عدة مرات، لا يُتَمِّم العمل، ويوكله إلى شخص مختص بالعمل الذي يقوم به، كما ترون فهذا الأخير المراك عنده منصب على عمل شيء خطير غير متأكد من صحة عمله فيه، لأنَّه علمه فيه قليل، وهذا يمكننا ألا نسميه مراكا، ولكن المرض يلعب دوره؛ فهو يُضَخَِّم من الخوف الناتج عن خطأ في العمل..
النسيان ناتج عن الإنشغال الشديد بالمرض، فغير المريض عندما ينشغل بشيء كثيرا بشيء معين، وعَمِلَ عملا آخر، بلا أنْ يديم تفكيره فيه، فإنَّ العمل الثاني معرض كثيرا للنسيان، فإذا كان هذا يحدث مع غير المريض، فكيف يكون الأمر مع المريض، المشغل بالمرض من اتجاه، وزيادته من اتجاه، والتألم الناتج من اتجاه، والأفكار التي تدعوه للإنتحار من اتجاه، والأفكار التي تدفع الأفكار الإنتحارية، كما ترون فالمريض دائم التفكير عن المرض ولوازمه..
يمكن للناس أنْ يستولوا على حقوق المريض الذي يعاني من المرض، فأبناء الحرام كثيرون في هذا الزمان..
د- سافر سابر "د س" إلى إحدى الدول طلبا للعلم، ولكن ماله الذي يصله شهريا، يكاد لا يكفي أجرة غرفة شهريا، فكيف بأجرة جامعة؟!، ومواصلات، إلخ، فلم يُفَكِّر بالعودة إلى بيت أهله، بل بقيَّ هناك، فأخذ يَحْزَن على حاله من حاله، وداوم على حُزْنِه، إلى أنْ صار حُزَانا، فصار أعراض المرض تظهر الواحدة تلو الأخرى، كأنَّها في سباق، وكان الدُغَاد من بينها، فأخذ يحك مكان الدغاد كثيرا، حتى أصيب بملل، من كثرة الحك، ولكن حاله هذا لم يغيبه تماما عن وضعه المالي، وقد سافر إلى مدينة غير التي كان يسكنها، لعل الحال فيها يتحسن، ولكنَّه لم ينال مطلوبه، فذهب ذات يوم إلى مسجد لأهل الدعوة، في المدينة التي سافر إليها، لا ليُصَلِّي، بل ليَبْحَث له عن مأوى، فماله لا يكفي لسد تكاليف غرفته التي استأجرها، وبقية لوازم الحياة الضرورية، ولكنه لمَّا دخل المسجد صَلِّى مع المصلين، ولمَّا انتهى من الصلاة جلس جانبا، وسأل الذي بجانبه: هل يُسْمَح بالنوم في المسجد، فقال اسئل ذاك الرجل المسؤول، فسأله، وكان جوابه: إذا أردت الخروج - أقل أيام الخروج المنظمة ثلاثة أيام، وأكثرها أربعة أشهر، وأوسطها أربعين يوما - فنعم، وإلا فلا، فاستغل الأولى لا ليَخْرُج، بل لينام في المسجد، بضعة أيام على الأقل، فلم ينسَ أنَّه جاء للدراسة، فنام ليلته الأولى، وذهب ليبحث عن مدرسة، ليتعلم فيها "دروس لغة" بقدر ما تسمح له ميزانيته، ولمَّا وصل كلية تدريس اللغة الإنجليزية، استبشر خيرا، فسألهم عن ثمن الدروس، ولم يكن ثمنها أكثر من ثمن الدروس، في الكلية التي درس فيها ثلاثة أسابيع - ولم يدفع لهم، لأنَّ ثمن الدروس التي تعلمها في واحد وعشرين يوما، تساوي مبلغ المال الذي يصله من أهله، فإذا دفعها لهم، فلن يجد مأوى يأويه، خرج منها ولم يعد -، ولكنه بَحَث عن كلية أخرى أجرتهم أرخص، ولم يجد فارقا يُذكر، وذهب إلى المسجد لينام ليلته الثانية، ولما طلع الصباح، خرج من المسجد مهموما، وصار يدور هناك على غير هُدى، ورجع قبل صلاة المغرب إلى المسجد، وصلى المغرب مع المصلين، وكان يوم خميس، فأهل الدعوة يلقون دروسا بعد صلاة المغرب كل خميس، وكان الدرس بإحدى لغات الهنود، فلم يفهم شيئا، وهو على هذا الحال سمع شخص يتكلم باللغة العربية، فتعرف إليه، وكان فلسطيني، فأخذ سابر يسرد له قصته، ووضعه الصعب، لا ليحصل على مال، إنما تنفيس هموم، فقال له الفلسطيني – وكلاهما فلسطيني -: ولماذا لا تطلب لُجُوء سياسي؟ واستدرك، لو حصلت على لجوء سياسي لحصلت على مأوى، وستدرس على حسابهم!
فجن جنون سابر من هذا الكلام، وقال: وما اللجوء السياسي؟
قال الفلسطيني: هو حماية لك من موقف متخذ ضدك، من الدولة التي أتيت منها، في الدولة التي تحصل منها لجوء سياسي؟
فقال سابر: صحيح أنَّ هناك تَمْياز، وعنصرية، ولكن لو فعلت، فسأُوَرِّطُ نفسي، وبعدها فَسَّن سابر، وأصيب بدغاد في كفه، فحكها على السجادة، ولم يستغرب الفلسطيني من فسنه، ولكن استغرب من حكه، ولكنه لم يولِ اهتماما كثيرا بالأمر، وقال: إنَّ ما ذكرته كاف.. ولكن سابر رأى أنَّه لو فعل فإنَّه عُرْضَة للملاحقة، ولكن الفلسطيني لم يَدَع سابر يُفَكِّر كثيرا، وأعطاه رقم محام يعمل بمجال اللجوء السياسي، وفي اليوم التالي، هاتف المحامي، وقال له المحام، أنَّه يكون في منطقة كذا وكذا، فوصل سابر بعد معاناة شديدة، وتكالما، وسأله سابر: ماذا يعنى اللجوء السياسي بالضبط؟ فأجاب بما لا يختلف عن الإجابة التي حصل عليها في المسجد، وقال: هناك غير اللجوء السياسي، ولكن سابر كان مشوشا من المرض، حتى أنَّه بصعوبة تَمَّم حواره مع المحام، وبعد أنْ كَلَّم المحام، لفلف في المنطقة التي كلمة المحام فيها، وقُبَيْل المساء عاد إلى المسجد، ولكن المسؤول علم ما في نفس الذي طلبه النوم في المسجد، أنَّه لا يريد الخروج، فقال له: خُذ ملابسة وإياك أنْ تعود إلى هنا، وقال: "ومكروا ومكر الله والله خير الماكرين"..
لمَّا خَرَجَ المريض سابر من المسجد، أصيب بمغاص، وضياق، وخناق، وصداع، ورفاف، وثقال، إلخ، فماله لا يكفيه، ولكنَّه استأجر غرفة، واتفق مع صاحب الغرفة على أنْ يُعْطيه بقية الأجر بعد عدة أيام، وفي الأيام التي قضاها في غرفته التي استأجرها، وأخذ يُفَكِّر في ما يمكن أنْ يقوله، وقال والخُناق يعتريه: لو ادعيت أنهم أرادونني حراسة حدود، وأبيت، فستكون ورطتي كبيرة، لو علموا بهذا، فلا شيء من هذا قد حصل، ولكنَّها يمكن أنْ تكون مقبولة أكثر - عند الذين ألجأ إليهم - ممَّا لو ادعيت أمر أهون، وانتهت المسألة عند الادعاء المَوْرَطي..
حاول سابر أنْ يَكْبَح جماح هذا الإدعاء، ولكن للأسف فقد استحال رُفاكا (كرارة فكرية)، وما لبث الرفاك أنْ طُبِّقَ، تحت مرض يعتري المريض من كل اتجاه، وإنْ لم يَشْعُر به غيره، ولكن يمكنهم معرفة حاله إلى حد ما، في بعض الأحيان..
بعد أنْ حَصَل على لجوء سياسي، بعد أنْ صار ادعاءه رفاكا، لم يَسْكُن مرضه، بل اشدت، فهو لا يعرف سلوك المرض، ولا يبالي بالتفكير في المرض، والتألم منه؛ وهذا ما جعل دُغاده يَحْتَد، فصار الدغاد يَحْدُث في جل مواطن الجسد تقريبا، وهذا أحد الحوائل التي حالت بينه واتمام اللغة التي جاء ليدرسها، فقد كان يَظُن أنَّ المرض يمكن أنْ يسكن، ولكنَّه للأسف، فالمغاص صار تمغاصا، والضياق صار تضياقا، والخناق صار تخناقا، والحمام صار تحماما، والعراق صار تعراقا، بحيث يجعل رائحة صاحبة تكراهية، والفسان صار تفسانا، والصداع صار تصداعا، والشقاق صار تشقاقا، والقلاق (عدم الاستقرار في مكانه) صار تقلاقا، والشكاذ صار تشكاذا، العباس صار تعباسا، والهمام صار تهماما، والقُناط صار تقناطا، والحراك صار تحراكا، والحضاك صار تحضاكا، والسراع صار تسراعا، والهياذ صار تهياذا، والدغاد صار تدغادا..
في أحد الأيام عندما عَلِم أنَّ المرض أصبح جزء من جسده، ولا يمكن فصله عنه، خصوصا أنَّه قد بلغ القمة في المرض، قال في نفسه: حياتي قد توقفت تماما، فلا دراسة ولا غيرها، فحالي يحيل بيني والدراسة، فلو كان بإمكاني أنْ أحفظ عشرة كلمات في اليوم الواحد، فالآن لا يمكنني أنْ أحفظ عُشْر كلمة، قال هذا وهو لا يعرف سلوك المرض جيدا، وقد صدق، فالذي لا يعرف سلوك المرض، ويريد قضاء شيء معين، واعتراه وهو في هذا الحال - تضياق مثلا -، فإنَّه يجعل بقية الأعراض تتلوه الواحدة تلو الأخرى؛ لأنَّه يتألم كثيرا..
بعد أنْ قال أنَّه لا يمكن أنْ يَدرس أي شيء، أراد فَرْط ادعاءه الذي ادعاه، وحصل بموجبه على لجوء سياسي، وكان له ما أراد، ولكن جواز سفره مختوم عليه، أنَّه كان لاجئ، فمزق الأوراق من الترفاك (فرط تكرير فكرة مرضية) الذي طُبِّق، وقدمه إلى مسؤولين في السَّفَارة، وحصل على غيره، بعد عدة أيام، عاد والتدغاد يعتريه من جل جسده، وقدمه على وجه الخصوص، التي لا يفتر يحكها في الأشياء الخشنة..
مَدْغَدَة مُقْدِيحية: هي إفرازات رُواتية حادة في مواطن معينة من الجسد، منها: القدم، والكف، وبعض المواطن الأخرى، فهي هنا قد تمددت، واستحكمت، بعكس الفروع السابقة، والفئة السابقة..
دُغَاد مُقْدِيحي: هو دغد مرضي، يتردد كثيرا، ويَحْدُث ليس في القدم، والكف فحسب، بل يتجاوز هذه المواطن إلى غيرها..
صاحبه يحك الموطن المعترى بالدُّغاد بشيء خشن، لكي يزيله، أو يشتته، أو يخفف من شدته..
|
|
|